قصيدة المبالغة والافتعال

قصيدة المبالغة والافتعال

أوراق أدبية

المبالغة والافتعال من الصفات التي تتميز بها القصيدة التقليدية في أحوال رداءتها, خصوصا حين يغلب التقليد وتظهر آثاره السلبية

وترجع هذه الخاصية إلى سببين مباشرين فيما أتصور. يرتبط أولهما بعلاقة الشاعر الإحيائي بأسلافه وحرصه على الاستفادة من معانيهم وصورهم فضلا عن منافسته لهم فيها, ويرتبط ثانيهما بالوظيفة الاجتماعية للشاعر, وما فرضته عليه ظروفه بوصفه صانعا محترفا يعمل في خدمة قوة اجتماعية خاصة مطالب بإرضائها وإشباع رغباتها ونزواتها.

لقد انتهت علاقة الشاعر بأسلافه ـ كما رأينا ـ إلى تنكره لتجاربه الخاصة وإلغائه لشخصيته واعتماده على ذهنه الذي يولد به صورا جديدة يحاكي بها الأسلاف وينافسهم.

وإذا كانت عملية التوليد قد حققت للشاعر الإحيائي مفهومه عن المعني المبتكر وكيفية تكوينه إلا أنها غالبا ما كانت تنتهي بصوره إلى المبالغة والافتعال. ويتكشف ذلك عندما نضع في اعتبارنا أن حياة الصورة الشعرية بوجه عام ترجع إلى سياقها, وأن الصور القديمة بوجه خاص عندما تُفصل عن سياقها الذي تستمد منه حياتها, تفقد جزءا كبيرا من قدرتها الإيحائية وثرائها العاطفي, وعندما يحور الشاعر التقليدي في عناصرها ويضيف إليها عناصر جديدة ـ طلبا للبراعة والابتكار ـ فإن النتيجة لن تكون إلا مسخا مشوها ينطق بالافتعال والمبالغة. خذ مثلا صورة أبي العلاء التي قالها في مرثيته المشهورة للفقيه الحنفي:

خفِّفْ الوطء ما أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد

تجد أن الصورة الشعرية لا يمكن تقدير ثرائها إلا في داخل سياق القصيدة الذي تستمد منه حياةً وقوةً لها ما يناظرها في باقي شعر أبي العلاء, ولكن الصورة تتحول على الفور ـ عندما يعزلها حافظ إبراهيم عن سياقها ويعبث بها محاولا توليد صورة جديدة ـ إلى هذا المسخ المشوه:

لست أدعوك بالتراب ولكن بخدود الملاح والأجياد
بقدود الحسان بالأعين النجـ ـل بتلك القلوب والأكباد

وعندما يقول أبوفراس الحمداني:

تكاد تضيء النار بين جوانحي إذا هي أذكتها الصبابة والفكر

تجد أن الصورة الشعرية لا يمكن تقدير توترها الدلالي إلا داخل سياق القصيدة التي تستمد منه طاقتها, هذه الطاقة التي تتبدد على الفور عندما يعزلها محمود سامي البارودي, بعد تذكرها, عن سياقها الخاص, ويضيف إليها ما ينتهي بها إلى أن تصبح شيئا من قبيل:

ولكنه الحب الذي لو تعلقت شرارته بالجمر لاحترق الجمر
على أنني كاتمت صدري حرقة من الوجد لا يقوى على مسها صدر

عناصر الموروث

ولم تكن صور التقليد في الشعر الإحيائي توليدا مباشرا على هذا النحو, إذ يحدث كثيرا أن يكون المصدر القديم الذي تولدت عنه الصور الإحيائية مولَّدا بدوره من مصادر أقدم منه. فذاكرة المقلدين الكبار من شعراء الإحياء ذاكرة هائلة من حيث قدرتها على استيعاب عصور الموروث المختلفة وطبقات شعرائه المتباينين, وذلك على النحو الذي كان يبين لهذا الشاعر عن سلاسل متتابعة من توليدات الصورة البلاغية الواحدة. وفي هذه الحالة, كان الشاعر الإحيائي, إثباتا لبراعة التقليد وطلب الجديد من هذا المنظور, يكمل دورة التوليد التي مرت بها الصورة الواحدة عشرات المرات عبر عصور الموروث. قد ينطوي المصدر الأصلي الذي تفرعت منه كل عمليات التوليد المختلفة على قيمته الشعرية, ولكن تقلبه من شاعر إلى آخر, فضلا عما نتج عن عملية الانتقال من مقلد إذا شئنا التحديد, أو تتابع عمليات التحوير في عناصر الأصل, كان ينتهي بهذا الأصل إلى المبالغة التي غدت سمة عامة في أغلب الشعر المتأخر زمنيا. وطبيعي أن يزداد الطين بلة, عندما كان الشاعر الإحيائي المقلد يقوم بعمليات التوليد مما حفظته ذاكرته من هذا الشعر المتأخر المتولد, بدوره, عن شعر أقدم منه. ومثال ذلك ما قاله محمود سامي البارودي في وصف الخمر:

ألا عاطنيها بنت كرم تزوجت على نغمات العود بابن سماء
إذا اتقدت في الكأس خلت وميضها على وترات الكف نضح دماء

حيث تجد أن الإيحاء البشع الذي يثيره في نفوسنا (نضح الدماء) يتنافر تماما مع ما يفترض أنه سياق مبهج يستدعي الخمر, ولكن إتيان البارودي بمثل هذه الصور نتيجة محاولة توليد صور الخمر عند المقلدين من الشعراء المتأخرين أمثال السري الرفاء الذي أغرم بهذه الصور البشعة الإيحاء على نحو ما نجد في قوله:

يسيل فم الزق الروى كأنه جراحة زنجى يسيل نجيعها

أو:

كأنها إذا مجها مقهقها يبكي دما

ومنطقي أن يكون التشبيهان في بيتي السري مولدين من تشبيهات قديمة, متولدة بدورها عن تشبيهات أقدم, وهكذا دواليك إلى أن نصل إلى ما قد نحسبه المصدر الأصلي عند الأعشى:

وسبيئة مما تعتق بابل كدم الذبيح سلبتها جريالها

وشبيه بذلك ما نجده في شعر أحمـد شوقي التقليدي الذي كان له غرامه الشاذ, هو الآخر, ببعثرة الدم في كثير من تشبيهاته الوصفـية, طـرافة وابتكارا, وذلك إلى درجة أن نقرأ في إحدى قصائده عن الربيع:

والجلنار دم على أوراقه قاني الحروف كخاتم السفاح

تجاهل الذات

ولعل في هذا كله ما يوضح لنا أن المبالغة لم تكن خاصية ينفرد بها الشاعر الإحيائي التقليدي بالقياس إلى أقرانه من شعراء الموروث بل هي أمر طبيعي أنتجه موقف الشاعر المتأخر الذي لم يخرج عن دائرة تقليد المتقدم, متجاهلا خصوصية تجربته وتفرد انفعاله وأصالة مشاعره. وأحسبني في حاجة إلى القول إنه عندما يتجاهل الشاعر ذاته, ويتقوقع في حدود الموروث المقفلة, فإنه لا سبيل أمامه لتحقيق ما يتغياه من ابتكار وتفوق إلا بالعمل الذهني في المعاني والصور الموروثة, فيولد منها مجموعة من التلفيقات الذهنية التي تغير الصور القديمة بشيء من الإضافة أو التحوير أو التعديل أو التهويل. ولا فارق في هذه العملية بين تقليد الشاعر الإحيائي وتقليد أسلافه من شعراء الموروث, فعلاقة كل منهم بما قبله من الشعراء علاقة واحدة في النوع وإن اختلفت في الدرجة.

ومع ذلك يقول أستاذنا الدكتور شوقي ضيف, متحدثا عن العناصر الجديدة في شعر محمود سامي البارودي وذلك في كتابه الذي يحمل اسم (البارودي) حيث نقرأ: (ولم نتحدث عن أثر الآداب التركية في أشعاره, لأنها حتى هذا التاريخ كانت تعد فرعا يانعا من شجرة الآداب الفارسية الكبيرة. وقد أثرا معا في شعره أثرا معنويا عاما هو المبالغة, إذ يغرق في أخيلته ومعانيه إغراقا بعيدا. وحقا, في شعرنا القديم إغراق ومبالغات كثيرة, غير أنها فيه وليدة الذوق الفارسي, وكأنما اضطرم هذا الذوق مرة ثانية عند البارودي بسبب قراءاته في الآداب الفارسية والتركية مباشرة, ومن ثم انتشر في أطراف أشعاره في الفخر وفي الغزل وفي غيرهما من الأغراض, كأن يقول في وصف انهمار دموعه:

وما زاد ماء النيل إلا لأنني وقفت به أبكي فراق الحبائب

والفكرة التي يطرحها أستاذنا الدكتور شوقي ضيف تستحق وقفة, فضلا عما تستحقه من اعتراضات. فالمبالغات في الشعر القديم لم تكن وليدة ذوق أجنبي ـ وهو الفارسي في نظر المؤلف ـ بقدر ما كانت تطورا طبيعيا لحرفية الشاعر واتباعه لصور القدماء وتوليدها مما انتهى به إلى المبالغة, فلم يكن الشاعر العربي القديم في حاجة إلى الشعر الفارسي ليتعلم منه المبالغة, خصوصا بعد أن أصبحت هذه المبالغة نتيجة طبيعية لموقف الشاعر الذي تباعد عن تجاربه الخاصة, واستغرق في تجارب السابقين عليه. أما المثل الشعري الذي يضربه أستاذنا الفاضل برهانا على فكرته, فهو قديم قدم الشعر العربي نفسه. فالمبالغة في وصف الدموع موجودة في الشعر الجاهلي ذاته, خصوصا عند امريء القيس الذي يقول:

فعيناك غربا جدول في مفاضة كمر الخليج في صفيح المصوب

قد تكون المبالغة هنا مقبولة لأنها جزء من تهويل البدوي الساذج عندما يعبر عن مشاعره وانفعالاته, ولكن الصورة الشعرية التي صاغها امرؤ القيس الجاهلي ـ وهذا هو المهم ـ أخذت تدور بين الشعراء العباسيين نتيجة لحرصهم على التقوقع في حدود المعاني القديمة وتوليدها, الأمر الذي دفع البحتري إلى أن يقول:

وسأستقل لك الدموع صبابة ولو أن دجلة لي عليك دموع

وهو من الأبيات المشهورة التي امتدحها عبدالقادر في كتابه (دلائل الإعجاز) لأنها تدخل فيما يسمى بحسن التعليل.

مبالغات سقيمة

قد نرى نحن في هذه الصور مبالغات سقيمة, أما البارودي فقد كان كأبناء جيله, أو كغيره من شعراء التقليد, لا يرى أي سقم في مثل هذه الصورة, بل كان يرى فيها صورا تستحق الفخر بدليل أنه ظل يكررها كثيرا في شعره, فقال مثلا:

وكفكفت دمعا لو أسلت شؤونه على الأرض ما شك امرؤ أنه البحر

أو:

ودموعا أسالها الوجد حتى غلبت أدمع الغمامة سبقا

ولا يختلف البارودي في ذلك عن شوقي الذي يقول:

نفسي مرجل, وقلبي شراع بهما في الدموع سيرى وأرسى

أو:

والخد من دمعي ومن فيضه يشرب من عين ومن جدول

أو:

وتواريت بدمعي عن عيون الرقباء

وإذا كان توليد الصور القديمة قد جر الشاعر الإحيائي التقليدي إلى المبالغة, فإن وظيفة الشاعر الاجتماعية ـ على نحو ما فهمها هذا الشاعر التقليدي ـ قد انتهت بهذا الشاعر إلى النتيجة نفسها, بل إننا يمكن أن نقول إن هذه الوظيفة كانت تدفعه دفعا إليها. فعندما يصبح الشاعر محترفا يعمل في خدمة قوة اجتماعية خاصة ـ مثل الخديو أو السلطان العثماني أو سلطة الاحتلال أو القوى المصرية النامية ـ فإن عليه أن يكون داعية لهذه القوة, فيكيل الثناء المسرف لها من جانب, ويبلغ في مدح سجايا ممثليها, وصفاتهم ويهول من أعمالهم, كما يلجأ ـ من جانب آخر ـ إلى مجموعة من الحيل المضادة للتحقير من شأن أعدائهم, فيبالغ في نقائصهم ويهول من عيوبهم. وهو في هذا الجانب أو ذاك إنما يهدف إلى استثارة جماهير السامعين لتقف موقفا سلوكيا مقصودا من قبل, فتلتف حول ممدوحيه وتنفض عن أعدائهم.

ولو أخذنا علاقة أحمد شوقي وحافظ إبراهيم, مثلا, بقصر الخديو وجدنا, من هذا المنظور, أنها كانت علاقة تقوم على هذا الأساس النفعي ذاته, فكلاهما كان يمدح طلبا للعطاء والنوال, بل إنهما لا يستنكفان عن التصريح بذلك, فقد قال أحمد شوقي للخديو توفيق:

وإنى لأرجو أن جاهك مسعفي فبيني وبين الدهر فيما أرى عسير

أو:

يا عزيز الزمان سمعا لناءٍ قد دعاكم على النوى وتوكل
أتجد الأيام في هدم بيتي ونداكم بكل بيت موكل
أي عذر للدهر عندي, وركني أنت, مهما تكلف الدهر يفعل
نظرة نظرة وعذرا لعبد عهده فيك منعما ليس يسأل

وما قاله شوقي لتوفيق قاله لابنه الخديو عباس حلمي الثاني:

وطني قبلتي وأنت إمامي بل فيها بوجه ربي اقتدائي
راعني وارعني وكن لي أصفى لك حبي وخدمتي وولائي
ولساني فإنه لم إرثا عن أبيك اشتراه بالالاء

وقال له في مرة أخرى:

فاسمع لعبدك وابن عبدك منطقا متطايرا قل في القوافي صيته

وعلى الأساس نفسه قال حافظ إبراهيم للخديو عباس حلمي الثاني:

عسى ذاك العام الجديد يسرني ببشرى وهل للبائسين بشير
وينظر لي رب الأريكة نظرة بها ينجلي ليل الأسى وينير

أو:

أغليت بالعدل ملكا أنت حارسه فأصبحت أرضه تشري بميزان
جرى به الخصب حتى أنبتت ذهبا فليت لي في ثراها نصف فدان

المنفعة لا المتعة الشعرية

وإذا كانت المبالغة في المديح هي نتاج لموقف اجتماعي يقوم في جوهره على المنفعة والتملق, والبحث عن المنفعة المادية أكثر من المتعة الشعرية الخاصة, فإن الرثاء هو نتاج للمـوقف نفسه بمعنى أو بآخر, ولذلك كان ينتهي إلى النتيجة نفسها. ولست في حاجة إلى الكثير من الأمثلة لإثـبات ذلك, حسبي التوقف عند صورة واحدة يكررها شعراء الإحياء دون استثناء, وهي صورة دموع المشيعين لنعش المرثي, تلك الدموع التي تنهمر على الأرض كما لو كانت بحارا. وكما كانت مثل هذه الصور في مجال الغزل عملا من أعمال المبالغة الزائفة.

والتهويل المفتعل فإنها لا تتعدى ذلك في المراثي:

ودليل ذلك ما قاله إسماعيل صبري في رثاء بطرس غالي:

يا مجريا دمع الملا أبحرا أدركهم يا مرقيء الأدمع

وما قاله أحمد شوقي في رثاء علي أبي الفتوح:

فانظر سريرك هل جرى فوق الدموع الهطل

وما قاله كذلك في رثاء سعد زغلول:

زورق في الدمع يطفو أبدا عرف الضفة إلا ما تلاها

إفراط في المبالغة

أما حافظ إبراهيم فقد بلغ الغاية التي ليس وراءها لراغب في المبالغة غاية أخرى. خذ مثلا رثاءه لمصطفى كامل:

تسعون ألفا حول نعشك خشع يمشون تحت لوائك السيار
خطوا بأدمعهم على وجه الثرى للحزن أسطارا على أسطار
غلب الخشوع عليهم فدموعهم تجرى بلا كلح ولا استئثار
قد كنت ـ تحت دموعهم وزفيرهم ـ ما بين سيل دافق وشرار
أسعى فيأخذني اللهيب فأنثني فيصدني متدفق التيار
لو لم ألذ بالنعش أو بظلاله لقضيت بين مراجل وبحار

ولم يكن رثاء حافظ إبراهيم لسعد زغلول بعيدا عن هذا النوع من المبالغة, خصوصا قوله:

حملوه على المدافع لما أعجز الهام حمله والرقابا
حال لون الأصيل والدمع يجري شفقا سائلا وصبحا مذابا
وسرى النيل عن سراه هولا حين ألفى الجموع تبكي انتخابا
ظن يا سعد أن يرى مهرجانا فرأى مأتما وحشدا عجابا
لم تسق مثله فراعين مصر يوم كانوا لأهلها أربابا
خضب الشيب شيبهم بسواد ومحا البيض يوم الخضابا
واستهلت سحب البكاء على الوا دي فغطت خضراءه واليبابا

ورغم أن كل هذه النماذج بمنزلة مبالغات ممقوتة, لا يمكن للذوق المعاصر أن يسيغها بحال, فإن القاريء يمكن أن يلاحظ أن أبيات حافظ تجاوز حدود المعقول في إفراطها, فهو لا يكتفي بأن يدعي أن دموع المشيعين لغزارتها تنهمر مخططة على سطح الأرض أسطرا حزينة, بل يجعلها أنهارا وبحارا تجرف كل ما يقابلها, أما زفير المشيعين فهو نار هائلة تحرق كل ما يقابلها, وحافظ مسكين, يحاول الهرب من الاحتراق بنار الأسى فتصده بحار الدمع, وهي صور تبعث على الضحك لسذاجة افتعالها, رغم أن المقام مقام حزين. أما النموذج الثاني ـ لحافظ ـ فتصل المبالغة فيه إلى غايتها, فجثمان سعد ثقيل (وهذا أقرب إلى الهجاء منه إلى الرثاء) ينوء بحمله البشر, لذا حملوه على المدافع. ولما كان المشيعون يبكون دما غزيرا لا نهاية له, فإنهم يخضبون الكون كله بدموعهم الدامية الحمراء, بل يتوقف النيل عن سراه مذهولا لهذا الموكب الذي لم ير مثله حتى في عهد الفراعنة, بل يدهش لمنظر الشيب الذين سودوا بياض شعرهم بسواد الحزن, والشابات اللائي محون خضابهن فأصبحن بيضاً كالشيب (تأمل طرافة المفارقة والحرص على الاستطراف) فضلا عن سحب الدموع المنهمرة التي أغرقت الوديان والصحاري.

 

جابر عصفور