عزيزي القارئ المحرر

عزيزي القارئ

أغسطس وحرارته

ترى هل تؤثر حرارة الشمس فينا نحن العرب بنفس القدر الذي تؤثر به في الآخرين، أم أن تأثيرها يكون أشد وأمضى؟ وإلا فلماذا هذه المعارك المحتدمة التي تثير الغيظ أكثر مما تعمل على إثارة الفكر؟. ففي الوقت الذي يتحول فيه أغسطس في كل بلاد العالم ألي شهر للإجازات والترويح عن النفس والبدن، تتصاعد فيه درجة الحماقات العربية، بدء من تصعيد التوترات السياسية، إلى دعاوي التكفير الدينية، وحتى النفخ في نيران المعارك القديمة دون داع. ولعل أكبر دليل على حماقات هذا الشهر هو ذكرى الغزو العراقي لدولة الكويت الذي تمر عليه أسر سنوات في !ذا الشهر. وقد كنا نأمل في أن تكون هذه الحادثة هي الفداء الأكبر لكل الخلافات العربية- العربية بحيث نعي جيدا الثمن الباهظ الذي ندفعه من تاريخنا ومستقبلنا. ولكن هذا لم يجد شيئا، يما زالت ذيول هذه الأزمة عالقة وما زالت التوترات العربية على نفس حدتها بل إنها قفزت إلى مناطق كنا نعتقد أدى العقل يسود فيها أكثر من غيرها.

كما أن حرارة الشمس ها زالت تلهب الحكم الذي صدر بحق الدكتور نصر حامد أبوزيد وقضى بتكفيره والتفريق بينه وبين زوجته. والدكتور أبو زيد الذي طالما احتضنت مجلة العرض كتاباته أو رمز للاجتهاد الفكري الذي يدعو لإعماله العقل وفتح باب الاجتهاد بدلا من الاتكال على مايو قديم وجامد 4 ولعل هذه هي جريمته الوحيدة. والمأساة أنها لم تعد حالة فردية، فعدد الكتاب والمفكرين الذين تمت مصادرة أفكارهم وإهدار دمائهم باسم الإسلام آخذ في الازدياد. وظاهرة تحويل الدين إلى سيف سيف مصلت على عنق الفكر هي ظاهرة خطيرة علينا أن نتصدى لها جميعا خاصة أن الإسلام بريء منها.

وسط هذا الالتهاب تحاول "العربي" أن تكون نسمة طرية تنعش العقل العرى المجهد قليلا. فهي تؤمن بأن الطريق إلى المستقبل لا يمر إلا من خلال إنارة دهاليز هذا العقل حتى لا يقع ضحية للأفكار المتعصبة والأحكام المغلقة. إننا نريد أن نعيد هذا العقل الذي أوشك على " السيحان " اسما برودة المنطق ورطوبة الاتزان قبل أن تحترق آخر جسوره مع المعرفة والقدرة على الاستبصار.

 

المحرر

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات