عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

نهاية العالم

عزيزي القارئ..

إنه ديسمبر، آخر شهور هذه السنة التي جاء وداعها غريبا، غرابة أمور كثيرة جرت على أرضنا العربية التي تبدو وكأنها لا تريد أن تعبر مخاضها الدامي الطويل والمرير. ففي الربع الأخير من هذا العام، وفي شهر واحد، تفجر حدثان مريران لكل منهما دلالته، وبينهما حبل متين من ملامح الأزمة العربية التي نعيشها.. أزمة النظام العربي، وأزمة الإنسان العربي. الحدث الأول هو حشد بقايا الآلة العسكرية لأحد غلاه الطغاة العرب - صدام حسين - على الحدود الكويتية، مما يعني إدخال العرب من جديد في دوامة ومحرقة لايجني العرب منها إلا رماد الحريق. أما الحدث الثاني فهو الاعتـداء الخسيس الـذي تعرض لـه أكبر الرموز الحيـة للأدب العربي، والثقافة العربية، نجيب محفوظ، على يد أحد من أعماهم وطمس عقولهم التطرف.

حدثـان عبثيان ومليئان بـالعدوانية والحـماقـة، يأتيان في نهاية عام ينسلخ من عمر العرب فكأنهما يؤكدان أقصى الرغبة في تدمير الـذات العربية، وبالمجان. وأقرب الانفعالات حيال ذلك هو اليأس. لكن اليأس يظل انفعالا دارجـا لا يليق بإدراكنا لقوة الحياة التي مازالت تؤكد روعـة وجودها حتى في حادث أثيم كـالذي تعرض له نجيب محفوظ، ونجا منه برغم عمق الطعنات الغادرة وإيغال الرجل الكبير في العمر. فاليأس، إذن، مغالطة لواقع الحال، وخروج عبثي ومجاني أيضا عن حركة التاريخ.

ومادمنا معنيين بأمر الثقافة التي هي طمـوح نحو الأفضل والأجمل، فإننا لن نستسلم لليأس، وندعو لعدم الاستسلام له، وسيكون وداعنا للعام - عبر هذا العدد - حيويا.. حيـوية المراجعة والنقد والاستشراف، كـما في افتتاحية رئيس التحرير: "هل أصبح اغتيال المثقفين هو (الفريضة الغائبة)؟"، ومقـال الدكتور محمد السيد سعيد: "إصلاح الفكر القـومي"، ومقال سامي خشبة عن كتاب: "العرب وعصر المعلومات،. كـما أننـا لن نيأس، فنذهب بعيدا بعيدا.. في المحيط الهندي - إلى آخر دولة انضمت إلى الجامعة العربية- لنستطلع مع مدير التحرير: "جزر القمر.. عرب في أرخبيل البراكين والعطور".

لن نستسلم لليأس، وندعو لعدم الاستسلام له، بل سنبتهج مـودعين هذا العام محتفلين - في عددنا هذا - بنجاة سيد الروايـة العربية نجيب محفوظ، ومهنئين إياه في عيد ميلاده الثالث والثمانين الذي يحل في الحادي عشر من هذا الشهر، قـائلين له في مقدمة مقال لحسين عيـد عن: "السياسة في طفولـة نجيب محفوظ ": كل سنة وأنت طيب يا منارة الأدب العربي.

ونقول لك - عزيزي القارئ - كل سنة وأنت معنا، ونحن معك.. وبلا يأس.

 

المحرر

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات