عادات ضارة بالوِلدان

عادات ضارة بالوِلدان

الولدان على العموم مخلوقات ضعيفة خرجت لتوها من عالم سائل معزول نقي في الرحم, إلى عالم الهواء الطلق المليء بالأشياء الغريبة.. لتبدأ رحلة الحياة بالتعرف على المحيط بما فيه من خير وشر.. وأول خير يتعرف عليه الوليد ثدي والدته وحليبها, فيما قد يتعرف على شرور كثيرة كالعدوى بالجراثيم والفيروسات التي توجد بالملايين حوله, وذلك من خلال عدد من الإجراءات السيئة والضارة.. نتيجة العادات المتوارثة والأفكار الخاطئة.

إهمال الصمغة: والصمغة هي أول حليب يفرزه الثدي, صفراء لزجة غنية بالمغذيات والعوامل المناعية التي تحمي الوليد من الجراثيم والفيروسات المختلفة. من مسمياتها المختلفة اللبأ أو المسمار أو السرسوب.. ومن المؤسف أن بعض الناس يظنونها ضارة فيقومون بعصرها ورميها, مما يفوت على الوليد فرصة ذهبية لاكتساب الغذاء والمناعة.

إعطاء الماء والسكر عقب الولادة: وهو إجراء متوارث حتى عند كثير من الأطباء إلى وقتنا الحاضر.. واليوم تبين أن هذا الإجراء غير سليم, فلا حاجة بالوليد إلى الماء والسكر, وهو لا يفيد في حالة اليرقان (أبوصفار) أكثر من الحليب, ناهيك عن ضرورة منع أي رضاعة أو مصاصة خلافا لثدي الأم.

إعطاء العسل ومواد أخرى: يعطى العسل بمقادير قليلة مرتين يوميا لمدة 10 ـ 40 يوما من أجل تنظيف الباطن من العقي الأسود المخضر (والعقي Meconium هو أول براز للوليد), ولنذكر أنه لا ضرورة لهذا الإجراء فالصمغة تقوم بهذا الدور ناهيك عن الوثوق بعسل نقي صاف هذه الأيام.

تكحيل الولدان: ويتم مرتين يوميا لمدة أربعين يوما ثم مرة يوميا بعد ذلك من أجل تجميل العينين وحمايتهما من الرمد.. والواقع أن هذه الممارسة ليست سيئة فيما إذا كان الكحل من الإثمد الصافي, بل على العكس تكون مفيدة.. لكن الخطر قائم في الكحل التجاري الحجري المليء بالرصاص السام ـ وهو المتوافر في السوق لأن الإثمد غالي الثمن ـ وهذا الرصاص يمتص من الجلد ويتراكم في البدن ويؤذي الدماغ أذيات قد تكون خطيرة. أما الإجراء المؤذي المرافق فهو وضع الملح مع الكحل على العينين.

تمليح الولدان: حيث يفرك جلد الوليد بالملح عقب ولادته مباشرة اعتقادا بأن الجلد نجس أو وسخ, ويجب إزالة البشرة الناعمة كي يصبح الوليد قويا صلبا عندما يكبر, فلا ينحرف عن الحق والصواب!.. وفي هذه الممارسة يترك الملح إلى اليوم التالي حيث يغسل بعدئذ بالماء قليل الملوحة.

هذه الممارسة خطيرة جدا, فقد تؤدي إلى جفاف الوليد وتشقق جلده وتعرضه للاخماج والالتهابات الخطيرة, ذلك أن الطبـقـة الشحـمية المحيـطة بالوليد عقب الولادة, وهي ما ندعوها الطلاء الدهني,طبقة حامية للجلد تقيه وتغذيه, ويجب تركها حتى يمتصها الجلد, فلا يغسل الوليد قبل مرور أربع ساعات على ولادته.

التثدي وعصر الأثداء: من المألوف أن نرى ضخامة في أثداء بعض الولدان بسب هرمونات الحمل التي تكون عالية جدا.. وقد تفرز بعض الحليب.. والذي يحدث أن بعض الناس يعتبرونها مرضا فيقومون بعصرها مما يخلق ألما شديدا للطفل يتلوه بكاء حاد مزعج, وقد يؤدي إلى حدوث خراج في الثدي مما يستدعي علاجا مشددا في المستشفى بالمضادات الحيوية. لهذا ننصح بترك الأثداء على حالها فهي تصغر تدريجيا خلال ثلاثة أشهر.

لف الولدان وربطهم بإحكام: باستخدام القماط وهو قطعة قماش كبيرة يلف الوليد بها كالسندويشة, وليس هذا فحسب, بل يربط بعدها من عاليه إلى أسفله بأربطة أو حبال ويشد وثاقه, بداعي أن ذلك يقويه ويجعله أصلب عودا ليكون رجلا غير رخو في المستقبل. هذه العادة ضارة جدا لأنها تعيق الحركة الضرورية للنمو, والضرورية للمناورة إن حدث مكروه كالقيء أو انسداد الأنف بأي شيء مما يعرضه للاختناق, كما أنها تعيق الحركة الدموية والتنفس السليم الذي لا يتم من دون التمدد الكافي للقفص الصدري.

الخوف من المفرزات الدموية: والتي ترى في الأعضاء التناسلية عند بعض الإناث حديثات الولادة, وهذا (الطمث الصغير) ناجم عن الهرمونات الوالدية (كما في حالة التثدي المذكورة), ولا خوف منها ولا داعي إلى الجزع فهي تختفي تلقائيا.

حلاقة الشعر: من أجل تقويته.. علما أن ذلك لا يقوي الشعر, وقد يعرض الوليد إلى خطر التهاب الأجربة الشعرية بالمكورات العنقودية التي يمكن أن تحدث تسمما خطيرا.

إعطاء المنومات واللهايات: والغاية الرئيسية منها هي التخلص من بكاء الوليد. إن إعطاء المنومات يكاد يكون جريمة بحق الطفل من قبل الأم المشغولة بأشياء أخرى ولا تريد أن تتفرغ لأمومتها. هذه المنومات تجعل الطفل بحالة خبل وتسدير أو نوم دائم, مما يقلل من رضاعته وقد يعرضه للمخاطر.. والاعتياد على هذه المنومات. أما اللهايات فهي ممنوعة اليوم, ويأتي خطرها من أن الطفل يمص بلا فائدة فيدخل الهواء في جوفه وأمعائه مما يعرضه إلى مزيد من المغص, كما أنه قد يترك ثدي والدته نتيجة الاعتياد عليها. والخطر الإضافي المحتمل هو العدوى فكم من مرة تقع اللهاية على الأرض ويعاد تناولها من دون غسيل أو بغسيل سطحي مما يعرض الطفل للإسهالات والتهاب المجاري التنفسية.

تقبيل الوليد: وهذه عادة سيئة منتشرة وإن كان ظاهرها ودا ومحبة للطفل من قبل الغرباء والأصدقاء.. ومن مخاطرها انتقال العدوى إلى الوليد ذي الجلد الرقيق الحساس, فترى التهابات جلدية أو ترى أمراضا مختلفة كالزكام والإنفلونزا وغيرهما من الأمراض البسيطة أو الخطيرة. إن العلاقة الحميمة بين الوليد وغيره تترك للأم بالدرجة الأولى, ولا يجوز أن يصبح الوليد كاللعبة بين الأيادي مهما كانت درجة المحبة.. وكم من أهل عانوا من مرض أولادهم بسبب إهمال هذه النصيحة.

 

غالب خلايلي