عزيزي القارئ

   عزيزي القارئ
        

عين الرحلة وعقل التاريخ

          منذ صدورها في ديسمبر 1958 شكلت «العربي» نقطة انطلاق ثانية لأدب الرحلة العربي، كانت النقطة الأولى قد خطها رحالة عظام، عرب ومسلمون، مثل ابن خرداذبه واليعقوبي وابن الفقيه والأصطخري وابن حوقل والمسعودي والمقدسي وابن البلخي وياقوت الحموي وابن بطوطة. آمنت «العربي» ومؤسسوها ومن جاء على دربها لأكثر من نصف قرن بأهمية الرحلة وأدبها في المعرفة العالمية والتواصل الإنساني. وما أدل على نجاح «العربي» في مسعاها من أنها أسست لهذا الأدب، مما جعله ركنًا أساسيًا لدوريات ثقافية نشأت بعدها.

          لهذا يحتفي الأدب العربي بالرحلة، فيكتب رئيس التحرير في حديثه الشهري عن رحالة ومؤرخ كبير هو نقولا زيادة الذي اختط لنفسه مدرسة جمعت بين حرصه على أن يكون ابنًا نجيبًا لكبار رحالتنا العرب، مثلما أسس لنفسه نهجًا جعله ابنًا بارًا في مساءلة أوراق التاريخ ووثائقه وأدبياته بالمنطق والبرهان.

          كما يحتفل برحلة من جيل تلا، هو الأديب محمد المخزنجي، الذي ساهم مع رفاقه في تجديد دماء الرحلة العربية على صفحات «العربي»، ومن ثم يتناول محبوه أطرافًا من سير إبداعه في أدب الرحلة وأدب السرد، الذي لم يكن أقل إبداعًا أو تميزًا.

          ثم يأتي جيل ثالث، يجسد اليوم سعي «العربي» أن تصبح أهم ديوان للرحلة العربية المعاصرة، حيث يسرد أشرف أبواليزيد رحلة تاريخية وأدبية مغربية، بدأت في شفشاون، وانتهت في تطوان، على خطى الست الحرة، تلك الحاكمة المغربية الفريدة في زمانها ومكانها ومكانتها.

          وتكتمل الرحلة بين مشرق العالم العربي ومغربه بقراءة أخرى للتجارب التشكيلية التونسية، وهي تتجول مع روادها في عالم المدينة.

          فضلاً عن رحلات أخرى مع أعلام الأدب والفن والتاريخ، شرقًا وغربًا، من الأفغاني إلى أم كلثوم، ومن روجيه جاروديه إلى جيل ليبوفتسكي، وما تلك إلا إشارات لمتن جمعته رحلات كتاب في فضاءات المعارف والعلوم. سطور تتمنى للقارئ والقارئة الكريمين متعة البصر وامتاع البصيرة.

 

المحرر