الإنسان والبيئة

الإنسان والبيئة

مَن يخاف التكنولوجيا الحيوية?!

ليست التكنولوجيا الحيوية علماً بحتاً, وليست صناعة خالصة, ولكنها منظومة فنية, تتسع لتستوعب أسس العديد من العلوم, مثل الهندسة الكيميائية - الوراثة - الكيمياء الحيوية - المناعة - هندسة العمليات - الحاسوب ومعالجة البيانات - البيولوجيا الجزيئية, وتصنع من هذه العلوم المختلفة ضفيرة تخدم الصناعات التي تعتمد على نشاط بعض الوسائط الحيوية, مثل الكائنات الحية الدقيقة, والخلايا والأنسجة النباتية والحيوانية, والإنزيمات, والهورمونات, ساعية إلى توفير السلع والخدمات, في عالم يتزايد عدد سكانه, وتتدنى أحوال موارده الطبيعية, عاماً بعد عام.

وبالرغم من انحيازنا للعلم, وتيقننا من عبث الثبات في مهب التطور والتقدم العلمي, فإننا لا نملك إلا أن نشارك ملايين البشر في العالم مخاوفهم من هذا المجهول الذي يتسرّب إلى خلايانا ودمائنا: التكنولوجيا الحيوية, وهي - بلا شك - واحدة من القضايا الحيوية التي تشغل, أو يجب أن تشغل, بال صانعي السياسات في بلادنا النامية, وإننا لنضع بين أيديهم توجساتنا, مترجمة في أسئلة واقعية محددة, منها:

1- هل ستساعد التكنولوجيا الحيوية محدودي الموارد من المزارعين على زيادة إنتاجيتهم?

2- هل أبحاث الهندسة الوراثية الموجّهة لإيجاد بدائل للمنتجات القومية, التي يعتمد عليها الاقتصاد الوطني, لن يكون لها تأثير ضار على القطاع الزراعي, وعلى منتجات التصدير في البلدان النامية?

3- هل ستكون منتجات التكنولوجيا الحيوية آمنة?

وهل ستستغل البلدان النامية كساحات لاختبار الكائنات الحية التي تم تعديلها وراثياً, هرباً من القوانين الصارمة المطبّقة, بهذا الخصوص, في بعض الدول الصناعية?

إنني أصدّر حديثي بهذه الأسئلة المتخوفة, قبل أن أبدأ في قراءة تقرير عن التكنولوجيا الحيوية, والاقتصاد العالمي, أعدته لجنة حكومية متخصصة, بتكليف من الكونجرس الأمريكي والغريب, أن التقرير يبدأ, أيضاً, بمجموعة من الأسئلة ليجيب عنها:

1- إلى أي مدى يتحقق استخدام التكنولوجيا الحيوية كأداة في دفع برامج البحوث الأساسية, وفي تطوير المنتجات وعمليات التصنيع?

2- ما الصناعات التي تعتمد على التكنولوجيا الحيوية, وهل تلقى استخدامات تلك التكنولوجيا تشجيعاً من حكومات الدول المهمة بها? وما سبل تنظيم هذه الاستخدامات?

3- هل يتسنّى للولايات المتحدة الأمريكية أن تحتفظ بتفوّقها في مجال التكنولوجيا الحيوية? وهل ثمة فرصة لتسويق منتجات هذه التكنولوجيا, من سلع وخدمات, في الأسواق الخارجية?

4- ما قيمة الدور الذي تقوم به الشركات متعددة الجنسيات في مجال التكنولوجيا الحيوية, وما مصادر تمويل برامج أبحاث التكنولوجيا الحيوية على المستوى العالمي?

ملاحظة: قارن بين هذه الأسئلة, وبين أسئلتنا التي تشغل بالنا كمواطنين في عالمنا الثالث!

ويركز التقرير بالدرجة الأولى, على أن الولايات المتحدة الأمريكية سبقت العالم في مجال تطويع التكنولوجيا الحيوية (ت ح) تجارياً, وكان ذلك مردوداً طبيعياً للأنشطة البحثية في قاعدة علمية ضخمة, ولإقبال المستثمرين على تشجيع الأفكار الحديثة, وإنشاء شركات متخصصة, بدأت كمؤسسات بحثية غير منتجة, هدفها الأساسي التوصل إلى تقانيات متميزة, من أجل منتجات خاصة, تجد طريقها إلى السوق.

وقد اجتذبت الصناعات الدوائية المعتمدة على (ت.ح) اهتمامات المستثمرين, وبالرغم من هذا الاهتمام الشديد, فإن ظهور منتجات هذه الصناعات جاء متباطئاً, فمع بداية عقد التسعينيات من القرن العشرين, لم تعرف الأسواق الأمريكية سوى 15 عقاراً ولقاحاً من منتجات ت.ح, بلغت جملة مبيعاتها في عام 1990 مليوني دولار. وقد توصلت شركات الأدوية, بعد ذلك, إلى أكثر من مائة وخمسين عقاراً, ثبتت فعالية بعضها, ولايزال معظمها في مراحل الاختبارات المختلفة, وتعطي ت.ح لخطط وبرامج الأبحاث المعنية باكتشاف عقاقير جديدة دفعة كبيرة, فهي تفتح آفاقاً متجددة لمعرفة أعمق بطبيعة التفاعل بين الدواء ومسببات المرض, من خلال وعي أكبر في التعامل مع الخلية والأنسجة الحيّة.

وعندما دخلت ت.ح مجال الزراعة, استهدفت رفع إنتاج الأرض الزراعية, وخفض تكاليف الزراعة, بالإضافة إلى إيجاد وتطوير منتجات جديدة ذات صفات محسّنة, استجابة لحاجات المستهلكين ومتطلبات الصناعات الغذائية, ومن منجزات ت.ح في هذا المجال, تطوير المدخلات الزراعية, مثل التقاوي (البذور) والأسمدة, والمبيدات الحشرية, واكتشاف وسائل وأدوية بيطرانية متطوّرة لحماية الثروة الداجنة وحيوانات المزرعة. ويعتمد الرواج التجاري لمنتجات ت.ح الزراعية على عوامل عدة, منها حجم الأسواق التي تعرض هذه المنتجات, ووجود أو غياب البدائل المنافسة, ومدى تقبّل المستهلك لهذه المنتجات, وتختلف قوة تأثير كل عامل من هذه العوامل بين دول العالم, لذلك, كان انتشار التقانيات الحيوية الزراعية في العالم متفاوتاً, وإن كان متركّزاً في بعض البلدان المصدّرة للمحاصيل الزراعية, مثل أستراليا وكندا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.

ويهمّنا أن نتوقف قليلاً أمام إشارة مهمة في هذا التقرير, تفيد بأن تراجع أوربا خلف الولايات المتحدة الأمريكية في مجالات ت.ح لا يرجع إلى تباطؤ الأبحاث في المؤسسات العلمية, أو تخلّف الصناعة الأوربية, فالنشاط البحثي في بعض دول الشمال الأوربي, مثل ألمانيا والدنمارك, متقدم جداً, وإنما تجد ت.ح مقاومة من الرأي العام الأوربي, الذي يتوقف كثيراً أمام الملابسات الأخلاقية لهذه المسألة, واحتمالات المخاطر البيئية والصحية المرتبطة بما تضخّه تلك التكنولوجيا المستحدثة من منتجات, أما سبب محدودية قيمة برامج ت.ح الزراعية في دول آسيوية, مثل اليابان, فيعود إلى غموض مفهوم ت.ح لدى العامّة.

وتحاول ت.ح التقرّب إلى البيئة, فتولي جانباً من اهتماماتها لاكتشاف وتطوير وسائل آمنة أو خضراء.

ائتلاف الأخيار!

كان المتوقع أن يحظى العالم بسنوات من الهدوء, يلتقط خلالها أنفاسه, بعد أن انتهى خطر الصدام بين القوتين العظميين فيه بتقوّض أركان واحدة منهما, وذوبان كيانها العقائدي بسرعة مدهشة, لكن بؤر الصراع المحتدم, المنتشرة في بقع متعددة على سطح الكرة الأرضية, فوّتت على العالم أن ينعم بفترة من الراحة, واستمرت تعوقه - بدرجة أو بأخرى - عند التفرّغ لإصلاح أحوال معيشة سكانه من البشر الذين يتزايدون بسرعة, ولا يملكون إلا قدرات محدودة لتوفير متطلبات المعيشة الأساسية, وقد أصاب الإنهاك الأنظمة البيئية للأرض, من هول ما تحمّلت من جور.

ومن جهة أخرى, فقد خلق التقدم المذهل في مجال تكنولوجيا المعلومات, والذي تحقق في السنوات القليلة الماضية, نوعاً جديداً من المشكلات, أدّى إلى مزيد من القلقلة والفوضى في جنبات عالمنا, لقد تطوّرت تقانيات التحكم من البعد, وتزايدت سرعة وسائل الاتصال وتعقّدت, وظهرت وسائل جديدة تعالج البيانات بسرعة أكبر ودقة أعلى, وكان لذلك مردوده على أحوال العالم, فقد انتفت عزلة الأسواق المحلية, وانتظمت كلها في شبكة عالمية متداخلة, وأصبح للمشاكل المحلية امتداداتها, التي تحيلها إلى قضايا تمس أمن العالم, فأصبح الفقر - على سبيل المثال - مشكلة لا تخص دولاً بعينها, بل قضية تنمية ذات طبيعة عالمية. كما أن هذه الإنجازات الضخمة جعلتنا نفطن إلى حقيقة مهمة, وهي أن السلوكيات الفردية, في مجموعها, وعند تراكمها, يمكن أن تؤدي إلى أخطار بيئية تهدد استقرار الحياة على سطح الأرض, وبالإضافة إلى ذلك, فقد أدت ثورة المعلومات, وما اتصل بها من معطيات تكنولوجية, إلى تطلع كثير من المجتمعات لفرص حقيقية, من أجل النمو والتقدم الاقتصادي, وصوناً للهوية الثقافية الخاصة. من هنا, كانت الدعوة إلى نظام عالمي جديد, يعيد تنظيم بيتنا الأرضي.

ويقول هارلان كليفلاند, المفكر والسياسي والدبلوماسي الأمريكي, في كتابه (مولد عالم جديد), إنه من قبيل العبث أن نؤمل في إمكان احتواء هذه الاضطرابات والتحوّلات العالمية في كيان (رسمي) عالمي, مهما كانت مسمّياته, وهو لا يرى أن الكيانات الرسمية هي الأفضل كمؤسسات تحكم العالم في المستقبل, فالأصلح لهذه المهمة هو مجموعات العمل التعاوني غير الرسمي, المكونة من شخصيات مرموقة ذات خبرات طويلة متنوعة, ويقترح لهذه المجموعات اسم (ائتلاف الأخيار)!

ويتصور كليفلاند أن تلك المجموعات لن تعمل في فراغ, فيقترح أن تتوافر لها الصلاحيات التي تمكنها من جمع أنواع من الضرائب, على المستوى العالمي, لتمويل الجهود التي تقوم بها لإعادة النظام والاستقرار للعالم, كما يقترح أن تصاحبها دعوة قوية لحظر كل أنواع الأسلحة النووية, وأن يتبعها مجموعة من الأقمار الصناعية, مهمتها رصد بوادر الحرب, والعمل على وأدها في مهدها, كما يكون تحت إمرتها جيش من خبراء الشئون الدبلوماسية والمفاوضات, ويرى أن تتوافر لها ظروف العمل في عالم مفتوح, لجميع الناس فيه حق الحصول على المعلومات وحرية التجارة, ولا ينسى كليفلاند فقراء العالم, فيخصص لهم جانباً من تلك المجموعات غير الرسمية, يتمثل في هيئة, مهمتها تدبير الموارد اللازمة للتنمية في الدول الفقيرة.

هلاميات البحر الأسود

شهد عقد السبعينيات من القرن العشرين تدهوراً في الأحوال البيئية للبحر الأسود, إذ ارتفعت ملوحته, وضربه التلوث, وأضرّ الصيد الجائر بمخزونه الطبيعي من الكائنات البحرية الاقتصادية (أسماك - قشريات - رخويات). وفي الثمانينيات, كانت جهود إصلاح أحوال البحر قد بدأت تنجح في استعادة بعض قواه, ولم تلبث أن حلّت بالبحر كارثة تمثلت في دخول نوع من الأسماك الهلامية, هو (المشط), أشاع الفوضى والدمار في أنظمة البحر الأسود البيئية, لقد غزت أسماك المشط الهلامية مياه البحر الأسود عبر مخزون السفن العابرة من المياه التي تختزنها لتحتفظ بتوازنها, وتسمى (مياه الصابورة), ولم يكن ذلك البحر يعرف هذا النوع من الهلاميات المشطية, ذات الشهية الفائقة, والتي انطلقت تتكاثر بقوة في مياه البحر, وتستهلك كميات ضخمة من الهائمات الحيوانية, التي يتغذى عليها كثير من أنواع الأسماك, وتلتهم بيض ويرقات الأسماك الاقتصادية, مثل أسماك الأنشوجة, وفوجئ علماء البيئة البحرية بأعداد هائلة من الأسماك الهلامية المشطية, قدّر وزنها بحوالي بليون طن.

ولما فكر العلماء في مقاومة هذا الهلام المشط, كانوا يعرفون أن له عدوّاً طبيعياً ينتمي إليه بصلة قرابة, فهو سمكة هلامية أيضاً, اسمها (بيروي أوفاتا), وهي ليست من سكان البحر الأسود, فهل يجلبونها ويجعلونها تسكن البحر, لتزاحم عدوّهم المشط? إن ذلك توجّه مستحب للمقاومة الطبيعية, يغني عن استخدام المبيدات, مثلاً, ولكن, مَن يضمن أن يقوم النوع (أوفاتا) بالمطلوب منه, فقط, ولا يتسبب في مشاكل أخرى, قد تكون أشد خطورة من الفوضى التي يسببها الهلام المشط في مياه البحر الأسود?!

وظل العلماء مترددين, حتى فوجئوا, مع نهاية القرن العشرين, بوجود الهلام أوفاتا في البحر الأسود, جاء دون دعوة!, والأغلب, أنه تسلل إلى مياه البحر بالطريقة نفسها التي جاء بها المشط! وتقول الدكتورة تامارا شيجانوفا, من معهد شيرشوف لعلوم البحار, في موسكو إن ذلك أمر غريب حقاً, وعلى أي حال, فإن القادم الجديد أظهر نشاطاً ملموساً, وأعطانا نتائج إيجابية لا بأس بها, فقد بدأنا نلاحظ تدني أعداد الهلام المشط, كما بدأت كثافة الهائمات الحيوانية في مياه البحر الأسود تزداد. وتقول, أيضاً, إن لدينا أملاً في ألا يتحوّل الهلام أوفاتا, بعد أن ينتهي من الهلام المشط, إلى سلوك غذائي آخر, قد يؤدي إلى نوع مختلف من الأذى, فنعود إلى البحث عن منقذ من الصديق الذي تحوّل إلى عدو, إن عليه أن يخلصنا من الأوفاتا, ويمضي لحال سبيله, لنتفرّغ نحن لخطط أخرى, هدفها تنمية وتحسين الخواص الإنتاجية لمياه البحر الأسود.

أمـل أخضر

ثمة إحصاءات تدعو للتشاؤم, ولا تنقصها الدقة, تتوقع لنصف مساحة الأراضي الزراعية في العالم أن يصبح مالحاً, بفعل السياسات الزراعية غير الرشيدة, وبعض المؤثرات البيئية, فيفقد البشر, في منتصف القرن الحادي والعشرين, قدراتها الإنتاجية التقليدية, في عالم ينمو سكانه بمعدلات تفوق قدراتهم على إنتاج الطعام, ومن جهة أخرى, فإن النقص في الموارد الطبيعية يزيد المشكلة تعقيداً, ويضاعف التحدي الذي يواجه العلماء في كثير من مراكز البحوث العالمية: كيف نزرع الأرض المالحة? وهل يصلح الماء المالح, في غياب المياه العذبة, للري?

والحقيقة أن سعي العلماء لإيجاد حلول لهذه المشكلة قد بدأ منذ زمن ليس بالبعيد, مستعينين بتقانيات الهندسة الوراثية, في توجهّ رئيس, هو: البحث عن سلالات نباتية جديدة, قادرة على تحمّل ظروف الملوحة العالية في الأرض الزراعية, وسلالات يمكن ريّها بالمياه المالحة. وقد تحققت, بالفعل, نجاحات عدة في هذا المجال, وهذه إحدى قصص النجاح, ترويها لنا الدكتورة دوروثيا بارتلز, من جامعة بون, حيث اكتشف فريق من العلماء سرّ قدرة نوع من الأشجار على تحمّل مستويات عالية من اللوحة, وترى الدكتورة بارتلز في ذلك خطوة طيبة, حيث كانت الجهود السابقة تركز على النباتات. وكانت بداية الاكتشاف بملاحظة أن شجرة الحور الأوربي تنتج نوعاً من البروتين, يشار إليه بالرمز (B sp A), عندما تنمو في أرض مالحة, ويعمل هذا البروتين على حماية الخلايا النباتية من الملح الزائد, باجتذاب مزيد من جزيئات الماء إلى داخل الخلية. تلا ذلك تحديد الجين المختص بإنتاج هذا البروتين في أشجار الحور الأوربي, ثم قام العلماء بحقن هذه الأشجار بمزيد من هذا الجين, لرفع قدرتها على تحمّل ظروف الملوحة, فتحقق لهم ما أرادوا, ثم نقلوا الجين نفسه إلى بعض النباتات الاقتصادية, مثل الطماطم والطباق. وتشير الدلائل إلى نتائج إيجابية, ننتظر الإعلان عنها قريباً.

وتعتقد الدكتورة دوروثيا بارتلز أن الجين المسئول عن إنتاج بروتين (B sp A) موجود في كثير من النباتات المعروفة, ولكنه بحاجة إلى زيادة تركيزه في الخلايا, وإلى تنشيطه, ليجعل النباتات قادرة على تحمل الملوحة, ويمكن أن يتم ذلك بالوسائل التقليدية, دون حاجة إلى تقانيات الهندسة الوراثية.

وجهان لمنظّف جديد

سباق محموم يجري بين شركات المنظفات للترويج لمنتجاتها, والوسيلة هي الإعلانات, سمعنا عن المنظف الخارق, الذي يزيل كل البقع, وذلك الآمن, الذي يحافظ على سلامة النسيج, والآخر الذي يثبت الألوان ويزيدها بهاء! وهاهي إحدى الشركات العالمية, تعلن عن منظف جديد, قادر على التعامل مع مشكلة بيئية تؤرق البشر, وهي زيادة مستويات الأشعة فوق البنفسجية الساقطة علينا, فمسحوق الغسيل الذي أنتجته يرفع من قدرة الملابس على امتصاص مزيد من تلك الأشعة الضارة, فلا تخترقها إلى الجلد. ويبدأ الإعلان بما يشبه التهديد (!), فيدعو المستهلك ألاّ يطمئن إلى الحماية التي يعتقد أن ملابسه توفرها له ضد الأشعة فوق البنفسجية, إذ إن خمسين بالمائة من الأشعة يخترق الملابس, ويصل إلى الجلد, ويعرّضه لأخطار تبدأ بالتجعّدات والبقع وتنتهي بسرطان الجلد. ويقول خبراء تلك الشركة إن الملابس القطنية المبيّضة لها ما يسمى بـ (عامل حماية الجلد), لا تزيد قيمته على (7), بينما المتوسط القياسي لهذا العامل ينبغي ألا يقل عن (15). ويقولون, أيضاً, إن مسحوق الغسيل المستحدث كفيل برفع قيمة عامل الحماية هذا إلى (8), بعد استخدامه لأول مرة في غسيل الملابس, وتستمر القيمة في الارتفاع, لتصل إلى (25) بعد عشر (غسلات).

ومن مميزات المسحوق الجديد - تقول الشركة - سهولة استخدامه مع الماء البارد أو الساخن, على السواء, وهو لا يؤثر على سلامة النسيج, ولا يزول تأثيره مع الوقت, ويبقى فعّالاً إذا تبللت الملابس بالعرق, كما أنه لا يسبب الحساسية. ولا تنسى الشركة أن تؤكد على أنه مسحوق آمن, فهو غير سام, لعلنا ننسى أنه - في الأصل - مادة كيماوية تنتمي لعائلة المنظفات, التي هي - في الأساس - مواد ملوّثة, لها تأثيراتها الفادحة في البيئة البحرية!

السياحة تضرب الباندا!

لا تكف المصائب عن ملاحقة دب الباندا, الذي أصبح - مع حالته الحرجة - رمزاً على قضية صون الكائنات الحية المهددة بخطر الانقراض, وقد تضمنت جهود حمايته تخصيص محمية طبيعية في منطقة (وولونج) بالصين, حيث تعيش أكبر تجمعات طبيعية من هذا الدب المسكين, وظن علماء البيئة أن أحوال الباندا باتت مطمئنة ومؤملة, ولكنهم فوجئوا, أخيراً, بأن المحمية صارت مجرد اسم, إذ تدهورت أحوالها, وصارت أسوأ بمقدار أربعة أضعاف ما كانت عليه, قبل تخصيصها للباندا, منذ 26 سنة, وقد كان لذلك مردوده السالب على تجمعات الباندا في (وولونج) فتناقصت أعدادها بمعدلات خطيرة, بدلاً من أن تتكاثر.

ويرجع العلماء سبب ما حاق بالمحمية من تدهور إلى النشاط السياحي المكثف الذي تشهده محمية (وولونج), والذي لا يخضع للمراقبة, ولا يراعي الاعتبارات البيئية.

مصائب قوم...

كان عالم البيئة الكندي (مالكولم راماي) يقوم بأعمال المراقبة الاعتيادية لمنطقة قطبية, إلى الشمال من كندا, في شهر مايو الماضي, فلفت نظره وجود تجمع من الدببة القطبية, يزيد عددها على 25 دباً, فلما عاود مسح المنطقة, انتبه إلى وجود أربعين حوتاً من النوع الأبيض, تتخبّط بلا حول ولا قوة, في حفر بالغطاء الثلجي للمحيط الشمالي. كان الأمر يستحق التوقف, فالحيتان - في موقعها الحالي - تبعد عن المياه مسافة ثمانية أميال من الثلوج المتصلة, ومن المستحيل أن تكون جاءت إلى هذا الموقع سابحة تحت الجليد, فهي تحتاج إلى الصعود لالتقاط أنفاسها, من وقت لآخر, فكيف وقعت هذه الحيتان البيضاء في هذه المصيدة الثلجية?

ترك مالكولم طائرته المروحية, وقضى بعض الوقت بالمنطقة, لدراسة هذه الظاهرة العجيبة, فلاحظ أن عدداً كبيراً من الحيتان يعاني جروحاً عدة, كما وجد بعضها ميتا, فأدرك أن الدببة أقامت لنفسها مأدبة من الحيتان السمينة. قام مالكولم بتخدير دبّين, أحدهما ذكر, وجد وزنه أكثر من ألف رطل, والثاني أنثى, في ضعف وزنها المعتاد في هذا الوقت من العام, وكان لبعض الطيور البحرية نصيب من هذه المأدبة, التي لم تكن على البال.

ولما عاد مالكولم إلى مختبره, سعى إلى تفسير لتكوّن هذه المصيدة الجليدية, فلجأ إلى صور الأقمار الصناعية للمنطقة, وتبين منها أن الحيتان كانت تبحث عن مناطق غنية بالغذاء, فاتجهت شمالاً, ولم يكن الغطاء الجليدي تامّاً, فكانت تجد فرصة للتنفس من خلال شقوق فيه. وقبل شهرين, هبّت على المنطقة عاصفة قوية, عملت على التحام الشقوق, وتركت للحيتان بعض الحفر في الغطاء الثلجي, كانت هي المصيدة التي أهدتها فرائس مستسلمة للدببة القطبية وطيور البحر!

في القائمة الحمراء حمامة فيكتوريا المتوّجة

لعلك تدهش حين تعلم أن هذا الطائر الجميل, الذي يمتلك هذا التاج الفريد, هو من فصيلة الحمام نفسه الذي تراه عند نافذة غرفتك. إنه نوع بري من الحمام يعيش بالغابات الاستوائية المطيرة, في إندونيسيا, وهي حمامة جفول, ولها صوت متميز, عبارة عن ترددات منخفضة من الدويّ, كصوت رعد قادم من بعيد, مشكلة حمامة فيكتوريا المتوّجة أنها شديدة الندرة, حتى أن العلماء يعتقدون أنها مهددة بخطر الانقراض, وأنها تستحق برنامجاً خاصاً لرعايتها وحمايتها من ذلك الخطر.

 

رجب سعد السيد

 
 




لا يزال البعض يتخوف من تأثير البدائل التي تأتي بها الهندسة الوراثية في القطاع الزراعي





جزئ حمض (دنا) كلمة السر إلى عالم التكنولوجيا الحيوية





الهلام المشط.. أفسد أحوال البحر الأسود





دب تلاحقه المشاكل...





حمامة فيكتوريا المتوّجة





تطويع التكنولوجيا الحيوية يتطلب قاعدة علمية ضخمة





تفتح التكنولوجيا الحيوية آفاقا متجددة في مجال صناعة الدواء





أصبح العالم شبكة متداخلة واستجدت مشاكل تهدد أمن البشرية





أمل جديد في أن تخضر الأرض البور وأن تنمو النباتات بغير الماء العذب





دب وطائر.. وفريسة من الحيتان البيضاء