عزيزي العربي
عزيزي العربي
الأستاذة الكريمة الأخت سعدية مفرح المحترمة.. يسرّني كثيراً أن أكتب إلى سيادتكم المحترمة كتابي هذا والذي يعبّر لكم عن أسمى آيات التقدير راجياً أن يصلكم وأنتم بخير وعافية. - أكتب لك بعدما قرأت الكثير مما ينشر لك في سلسلة شاعر العدد في مجلة العربي الغراء، والتي أطلب وأقترح أن تنشر في كتاب مستقل. وتبدأ حلقات عن شواعر وشاعرات العرب في العصر الحديث وفي الجزيرة العربية. كما علمت أنك تشرفين على الصفحة الثقافية لجريدة «القبس»، والتي كانت في وقت من الأوقات تصلنا ونطالع ما تتضمنه من كتب مسلسلة ثقافية وسياسية ملفات لأهل الفكر والثقافة. وقرأت في مجلة العربي العدد (588) شهر نوفمبر 2007 صفحة 68 مقابلة قيّمة مع العلامة محمود شاكر والتي أعتز بها. ولك ألف ألف شكر عليها وعلى أمثالها. إذا كانت هناك مقابلات نادرة لأعلام الفكر والثقافة والتي نتمنى أن تخرج للنور وتطبع في كتاب حتى يستفاد منها الجميع. وهل هناك من قصة مترجمة موسعة، ودراسة أعماله الجليلة (اسم المؤلف والكتاب وأين طبع)، وما قيل فيه من رثاء وتأبين من أعلام مصر وتلامذته رحمه الله. قرأت كذلك أن الدكتور عادل العبد المغني يكتب في جريدة القبس زاوية (سور الديرة) وتهتم بتراث الكويت. وفي الختام تقبّلي أختي الكريمة فائق احتراماتي وتقديري. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. الحاج قويدر محمد القارئ العزيز .. أوصلنا رسالتك إلى الاستاذة الشاعرة سعدية مفرح التي سوف تتواصل معكم بخصوص ما طلبت.
من أرض الكنانة من مصر الحبيبة، أكتب إليك هذه الرسالة: قرأت بحثك المنشور بمجلتنا الحبيبة «العربي» العدد (607) تحت عنوان «البحث عن الإنسان». لست أدري لماذا تأثرت جداً بكلماتك، والتي أحسبها صادقة، وشعرت وكأنك أخرجت ما بداخلي من مشاعر وأحاسيس تجسّدت في هذا المشهد الرائع (تمرّد على القيود) فأنا عشت هذه اللحظات مقيّد اليدين، معصوب العينين. ولقد حاولت جاهداً مثلك أن أتمرّد على القيود ليس بتحطيمها ولكن بتحطيم الجدار الذي يتستّر خلفه الطواغيت. تجسيدك لهذا المشهد يمثل عندي ليس تحطيم القيود، فالقيود مازالت تحاصرنا من كل جانب ولكن تحطيم الجدار المقيّد به الإنسان، ذلك هو أهم ما في الموضوع، وأنتقل بعد ذلك للمشهد الثاني (مَن الذي يستطيع أن يكتم صرخة معذّبة). أخي الكريم: ليتك لم تعنون لهذه اللوحة اسماً وتركتنا نحن المعذبين نختار لهذا المشهد ما نشاء من اسم بل من أسماء. وأخيراً أستأذن حضرتك بصفتي فناناً سابقاً أو كنت مشروع فنان أن أقوم بتكبير تلك المشاهد عن طريق إعادة رسمها أو تكبيرها بالوسائل الحديثة لأني أرغب أن أقتني بمكتبتي هاتين اللوحتين المعبّرتين عن ذاتي. لك خالص سلامي وتحياتي وأسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد. سعيد عبدالحميد سعيد
أحمل قلمي البسيط لأخطّ لكم هذه الأسطر المتواضعة المعبّرة عن مدى امتناني لهذه المجلة الغرّاء، التي كانت وستظل بمنزلة الزاد في المواد وخير جليس في الأنام، رافقتنا في السرّاء والضرّاء، وأعجبنا أسلوبها المتميز في عرض المواضيع ومعالجة الأحداث الراهنة والتي عرضت باحترافية وإبداع ممنهج مما لاشك فيه يدع القارئ يواصل نهمه في المطالعة، مطالباً بالمزيد، وشاكراً لكل مَن يساهم ويقف على إخراج هذا الموروث الثقافي العربي إلى النور وجعله باقياً في الريادة. بوزيان أحمد - الجزائر الصديق بوزيان - نشكر لك رسالتك وثناءك ونرجو أن نظل عند حسن ظن القارئ العربي، وبالنسبة لاقتراحاتك، فسوف يتم دراستها من قبل إدارة التحرير. تعقيباً على مقال «العالم العربي وإرهاصات ثورة الإعلام» جاء في مقال الأستاذ الكبير الدكتور سليمان إبراهيم العسكري - رئيس التحرير - في مقاله المنشور في العدد 609 -أغسطس 2009 ما يستحق تهنئة الشعب الكويتي الشقيق على إنجازاته العديدة، والتي أسفرت عن فوز أربع سيدات بعضوية مجلس الأمة ولأول مرة، وتبلغ نسبة اشتراكهن 8% من مجموع أعضاء المجلس البالغ خمسين عضواً. ومما يثير الفخر والاعتزاز بهذه الخطوة المباركة أنهن من حملة الشهادات العليا وتخرجن في جامعات عالمية مرموقة. إن جهود التنمية تتطلب إسهام المرأة بشكل فاعل، بوصفها نصف المجتمع. ولاشك أن دور الإعلام العربي الناهض والمتطور والحديث في قضايا الانتخابات البرلمانية يجب أن يكون في المحل الأول، صادقاً ومحايداً ونزيهاً وتوعوياً ومرشداً وموجهاً لما فيه خير المجتمع كله وصالحه. وأن يستهدف حث الناس وتشجيعهم على الذهاب إلى صناديق الاقتراع، وأن ينفرهم من «بيع» أصواتهم أو التصويت وفقاً لنوازع القبلية والعصبية الضيقة، وأن يوجههم لاختيار الأصلح والأنفع للأمة. ولقد كشفت الانتخابات النيابية الأخيرة في الكويت الشقيقة، كما عبّر عن ذلك أستاذنا الدكتور سليمان إبراهيم العسكري، عن فوز أصحاب المؤهلات العليا خريجات أرقى الجامعات العالمية، وخفوت صوت العصبية والقبلية، وإذا كان الأمر كذلك فإنه يقع على عاتقهن إثبات الوجود والتضحية والتفاني في خدمة أهداف أمتهن وتطلعاتها في التقدم والتطور والترقي والنهوض ودخول هذا العصر من أوسع أبوابه. ولقد بات من الصالح العام أن يدخل جيل الشباب إلى معترك الحياة السياسية والاجتماعية، وكسر حاجز الطائفية في لبنان مثلاً، وغض الطرف عن التيارات القديمة والتقليدية، وتقلد المناصب السياسية بالانتقال «الوراثي» بين أسر بعينها. يجب أن تتاح الفرص للجيل الصاعد مع ضرورة توفير التوجيه والإرشاد والنصح وتبادل الخبرات، وتحقيق التواصل الاجتماعي بين الأجيال المتعاقبة، وبين الطبقات الاجتماعية. المجتمع ملك الجميع ويجب أن يسهم الجميع في خيره ونفعه كل بحسب قدراته وإمكاناته وخاصة مَن يرغب في العمل التطوعي والخيري. وكما يدعو أستاذنا الدكتور سليمان العسكري في مقاله الرائد، هناك حاجة إلى مسايرة التيارات العالمية، ورفض التشدّد الزائد أو الجمود أو التمسك بالتخلف، ولكن مع الحذر من الاندفاع وراء التيارات أو النزعات العالمية الجديدة، فقد لا تتلاءم مع ظروفنا الثقافية والحضارية والسياسية والاجتماعية، لابد من التمسك بالقيم لأنها هي التي تحفظ على مجتمعنا وحدته وصلابته وتماسكه وانسجامه. القيم هي أداة اللحمة بين الأجيال. ومن حس الطالع أن يبرز دور الكمبيوتر الشخصي والهاتف المحمول في نقل المعلومات والأخبار والأحداث بسرعة البرق، وهي وسائل عصية على الضبط والقيد والرقابة الجامدة. وحتى لا تشيع الشائعات الضارة بالوطن، يقع على مؤسسات الدولة أن تكون صريحة وصادقة، وأن تخبر أبناء المجتمع بكل الحقائق فيما عدا أسرار الدولة، حتى لا يلجأ المجتمع إلى إشباع حاجته إلى المعرفة عن طريق الشائعات الضارة لتفسير الأحداث التي تتركها الدولة غامضة. وواضح، كما يذهب إلى ذلك أستاذنا الدكتور العسكري، أنه لا يمكن منع الثورة المعلوماتية وثورة الاتصال العارمة، ولكن يلزم ترشيد مَن يستخدمها، وحثّه على الحفاظ على سلامة وطنه، وعلينا أن نأخذ بسياسة التطوير والتنمية والتقدم والارتقاء وتحسين وجه الحياة العلمية والتربوية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والصحية والبيئية، ولكن بوعي وإدراك وفهم لعواقب الأمور ونتائج السلوك. وحتى لا نعطي الأعداء المتربّصين بالوطن الفرصة للنيل من مقدرتنا. الانتخابات تجرى، وهي ظاهرة صحية ومبشّرة بتداول السلطة، ولكن لوحظ أنه يعقبها انقسامات وصراعات ومظاهرات واحتجاجات، فليس مقبولاً أن كل مَن «يرسب» في الانتخابات يزعم تزويرها، ويفتح الباب أمام أعداء الوطن، ولسان حاله يقول إما أن أنجح أو أمزق المجتمع. ولحسن الحظ أنه كان من النتائج الإيجابية لثورة الاتصالات أن تم نشر الوعي بإسلامنا الحنيف وقيمه ومثله ومعاييره ومبادئه السمحة في دول الغرب، ومن حسن الطالع أيضاً أن يقدم الكثيرون من أهل الغرب على اعتناق الإسلام، وظهر ذلك جلياً في إسبانيا ولنا جذورنا التاريخية الأندلسية فيها، كما زاد عدد مَن يعتنقون الإسلام في أمريكا طواعية واختياراً. لا يمكن لمجتمع الآن أن يعيش منعزلاً أو منغلقاً على نفسه في عصر الانتفاح الثقافي والإعلامي والاتصالات السريعة الجماعية والفردية، ولذلك علينا الاستفادة من منجزات العصر، ولكن بوعي وإدراك، مع المحافظة على قيم إسلامنا السامية، ولابد من الاشتراك في «التسابق» في مجال العلم النافع والمعرفة والتكنولوجيا والثقافة، ولابد من الإيمان بأن التحوّل القادم هو بالضرورة نحو «الديمقراطية» تلك التي يتعين غرس جذورها أو بذورها الأولى عن طريق التعليم، وهو أمر يدعو إلى ضرورة القيام بحركة واسعة لإصلاح التعليم نفسه وتطويره وتجويده وتحسينه، من حيث محتواه أو مناهجه وطرائق التدريس وأساليب تقويم أعمال الطلبة، ومن حيث الإدارة والتمويل والإشراف والأبنية والمعامل والمختبرات والورش والمكتبات. د. عبدالرحمن محمد العيسوي
فتحت عيني, لم أر شيئا.. كبرت حدقتا عيني لعلي أجد شيئا.. أو ألمس شيئا.. لكن لا فائدة، فتحت فمي لأطلب من احد إشعال الأنوار أو إشعال شمعة على الأقل.. لكن قبل أن تخرج كلمة واحدة من فمي ثمة تراب دخل فيه, كما أن هواء ملوثاً قد دخل إلى انفي بلا استئذان, فصاحبني شعور بالاختناق. ومع ذلك حاولت تحريك قدمي.. لم اشعر بها.. خمنت أنها بترت.. لا ادري ما السبب؟ حاولت تحريك القدم الأخرى.. شعرت بها والحمد لله، ولكني لم استطع تحريكها فهناك شيء فوقها. حاولت دفعه بكل قوتي لكن لا قوة لدي.. لم يتحرك من مكانه شبراً واحداً. جرّبت أن أغير موضع رأسي, لكنه اصطدم بشيء ما فانساب الدم في شلال ليصب على الأرض. الآن بدأت أشعر بالضيق ينخر عظمي, ولم اعد احتمل، أريد أن أخرج من هنا, وأن تنتهي هذه اللحظات العصية على الوصف تماماً. أريد أن أصرخ بصوت عالٍ، آه.. حتى ريقي لا أكاد أستطيع بلعه. حضرت إلى بالي ومضة سحرية أخبرتني بأنني تحت أنقاض البيت.. نعم لقد كنت قبل ساعات في غرفتي ألهو بدميتي الصغيرة.. ثم سمعت صوت الطائرات تحوم وتقصف. إذن لا جدوى من أي حركة غبية أقوم بها, هناك حلان يحومان في ذهني الآن, أولهما أن أموت مكاني هذه الميتة البشعة.. وربما لا يعلم أحد بوجودي هنا. أما الحل الآخر فهو الانتظار.. ليت أحدا ينتشلني من تحت أنقاض المنزل الذي دمر في غارة إسرائيلية فظيعة على شمال قطاع غزة. أنس محمود أبوعريش
هل جرّب أحدكم ذلك الإحساس الصعب الذي يفاجئنا وقت سقوط شجرة عملاقة كانت تظلنا بظلها الغامر، لحظات يختلط فيها الشعور بالألم والأسى والخوف ويغلف هذه المشاعر الشعور بالحزن فسقوط الشجرة أمام عينيك يجسد هذا الإحساس ويجعله بثاً حياً مباشراً لأحوال الدنيا العجيبة. إنه الموت حقيقة مؤكدة قريبة من أبصارنا نشاهدها كل يوم بل كل ساعة، جثث تسقط أمامنا، مثل أوراق الشجر ونحن في دنيانا نلهو ونلعب، وأحياناً نبكي ليس على من ذهبوا لأحضان الموت، ولكن على أحوالنا في الدنيا. وعندما تسقط شجرة من أشجار كثيرة حولنا كان ظلها يضمنا نتحسس برفق قوة الموت وقسوته نذوق مرارته ونخطو نحوه نمد أيدينا له نريده أن يأخذنا مع أحبائنا، ولكنه متكبر عنيد لا يأخذ مَن يتمناه، بل يمر على أوراق الشجر وجذوره في مواعيد حدّدها له الخالق دون زيادة أو نقصان. كل منا سوف يشرب من كأس الموت المر ولكن مَن منا يعد عدته ويملأ الحقيبة حتى يكون على أتم استعداد للسفر إلى عالم آخر، تظل الحقيبة خالية إلا أن يخطف الموت عزيزاً لدينا غالياً على قلوبنا، فنبدأ في التفكير وهذا هو حالي بعد موت أبي أكبر ظل وسند. أبى عمري كله كنت أشعر بالأمان لمجرد وجوده، أخشى لحظة فراقه وأراها بعيدة كنت أفرح عندما أرى عجوزا تجاوز الثمانين من عمره وأحدّث نفسي بأن هناك مَن يعيشون لعمر طويل عسى أن يكون أبي منهم ولكن ماحدث كان على خلاف ما تمنيت طول عمري سبقت يد الموت أحلامي له بالبقاء وجاءت لحظة القدر القاسية لتهدم كل أفراحي وآمالي في الدنيا ولم أر في لحظة موته سوى سقوط شجرة كبيرة فجأة كانت تسد جذورها القوية كل المخاطر عني. مَن لي اليوم بعده.. أشعر بالبرودة ونحن في أوج الصيف وكأنه يبعث في نفسي الأمان المطلق، مَن لي بعده وقد اختل توازني وضاقت حيلتي وأشعر أنني طفلة تتعلم السير في طرق مملوءة بالحصى والحجارة، من لي بعده وهو عمري كله، صديقي وأخي وأبي وسندي وظلي وصورتي وهوائي الذي أتنفسه. مرت أيام قليلة أشعر أنها سنوات طويلة بحسابات الناس، ومَن لي بعده إلا كلامه الذي أسمعه في كل وقت وذكراه الساكنة في قلبي. وكم من أشجار تسقط ونحن في غيبة عن حكمة الموت وحكمة الحياة، كم من أشجار تسقط ونحن لا نرى إلا مصالحنا وآمالنا وكأن الموت شبح من عينة «أمنا الغولة» ليس له وجود، ولانفيق من هذه الغيبوبة إلا بعد أن تسقط إحدى أشجارنا القريبة ونفقد ظلها الدافئ ونشعر بالاختناق في جو ليس فيه رائحة مَن نحب، وكم من أشجار تسقط ونحن نتمنى أن تكون بعيدة عمن نحب، ولكن الأمنيات في اللامعقول ليس لها وجود. كم أنت قريب أيها الموت تمد يديك فتخطف من نحب وترفض أن تمدها لنلحق بهم. مات أبى وانتهت الفرحة في قلبى حتى أراه وألحق به قد يمد الله في عمري لسنوات طويلة بعده ولكن كسر قلبي وزاد همي وغلف حياتي حزن لاينتهي بعد أن زار الموت بيتنا. نهلة أبوالعز وتريات
نَمْضي بلا جُمَل.ٍ. بلا وطَنٍ.. وَنـُدْرِكُ عرباوي مجذوب |