هل يصبح التعليم الافتراضي بديلا للتعليم التقليدي؟

هل يصبح التعليم الافتراضي بديلا للتعليم التقليدي؟

في الكثير من أرجاء العالم هناك اليوم، العديد من الصبية والأطفال الذين يمارسون اللعب طوال اليوم، الهوكي، كرة القدم، وربما «السيجة» أو حتى الورق والنرد، وغيرها، ليس فقط كنوع من النشاط الطبيعي المناسب لأعمارهم، وإنما لأنهم لا يمتلكون أية بدائل اخرى! فقد أشارت دراسة حديثة لليونسكو أن نحو 40% من الصبية الذين بلغوا أعمارا تسمح لهم دخول المدارس، لم يتمكنوا من الوجود داخل الفصول الدراسية، ويعود السبب في ذلك لغالبية هؤلاء إلى أن بلادهم تعيش حالة من العنف الطائفي أو الحروب الأهلية. وهناك نحو 800 مليون شخص بالغ في العالم جميعهم من الأميين. وهذا ما يشير إليه تقرير موثق نشرته مجلة «نيوزويك» الأمريكية أخيراً.

في الوقت نفسه فإن الجهود المطلوبة لإدخال هذا العدد الكبير من الأشخاص في النظام التعليمي لبلادهم قد أعاقته العديد من الظروف، بينها قلة عدد المعلمين، أو فقر الحكومات، أو نقص المساعدات الخارجية التي تحتاج إليها الدول التي يعيش فيها هؤلاء.

وفي إطار اهتمام المتخصصين في تقنيات الإنترنت والعوالم الافتراضية الجديدة بهذا الموضوع تبنت مؤسسة «اليونيسيف» التابعة للامم المتحدة، بالتعاون مع مؤسسة Roundbox Global المتخصصة في البرمجة، مشروعا يتبنى محاولة الوصول إلى الاشخاص الذين يفتقرون لوسائل تعليم منهجية، عبر الإنترنت، وباستخدام برامج التعليم الافتراضي Online.

الفكرة الأساسية للمشروع تقوم على تجميع الأطفال أو الشباب ممن لا تسمح ظروفهم بوجودهم في مساكنهم، لتشردهم؛ بسبب الحروب وغيرها من الكوارث، أن يجتمعوا في أماكن يتوافر بها جهاز كمبيوتر ويتابعون برامج تعليمية خاصة، وتتيح لهم الاطلاع على مصادر وكتب إلكترونية، خصوصا أنهم كمشردين بلا مأوى لن توجد لديهم أماكن يحتفظون فيها بكتبهم على نحو خاص.

والمشروع ليس جديدا تماما، فهو في الحقيقة امتداد لمشروعات التعليم عن بعد.

وفي سبيل تطوير هذه الخدمة مستقبليا فإن فكرة التعليم الافتراضي لم تعد حكرا على المحتاجين للتعليم والدارسين في المناطق النائية، وإنما تستخدم الآن من قبل المدرسين الذين يحتاجون إلى التدريب وتلقي مهارات التعليم الأساسية، وتدريبات التعليم الافتراضي، على السواء، لمواجهة النقص الشديد في المعلمين الذي يتسبب في أن نحو 75 مليون فرد في العالم الآن ليست لديهم فرصة في التعلم.

لكن العائق الذي يواجه تعميم هذه البرامج واستخدامها بالشكل الأمثل هو قلة عدد أجهزة الكومبيوترات، في المناطق الفقيرة. فوفقا لإحصائية أجرتها اليونسكو العام الماضي تبين أن كل 21 شخصا في المكسيك يستخدمون جهاز كمبيوتر فقط، وفي جواتيمالا يرتفع رقم مستخدمي جهاز واحد إلى 71 فردا، وأقل من جهاز واحد لكل 3000 شخص في مالاوي، والنيجر، ولا تزيد نسبة المدارس التي تضم توصيلات لبث شبكة الإنترنت في الدول الإفريقية وفي أمريكا اللاتينية عن نسبة 10 % من عدد المدارس في بلدان القارتين.

وفي سبيل تجاوز هذه العقبات بدأ المتخصصون في البحث عن وسائل تقنية جديدة أو مساعدة، وهنا بدأت الاستعانة بأجهزة المحمول سواء لاستخدامها في بث رسائل تتضمن المحتوى التعليمي المراد بثه، أو في استخدام هواتف حديثة تتضمن إمكانات تحميل أي برنامج إلكتروني وبثه.

وبالرغم من الكثير من الصعوبات والمعارضات التي تواجهها هذه التقنيات التعليمية الجديدة مثل القول أن ذلك لا يغني عن التعليم المباشر بحضور معلم يعقد صلة مباشرة مع الطلاب، أو أن إقبال الطلبة للدراسة للحصول على شهادات تعليمية غير معترف بها دوليا سيظل ضعيفا، فإن الخبراء في المجال ما زالوا يدرسون كيفية التغلب على تلك العقبات، دون أن يساورهم الشك في أنه مثلما نجحت الهواتف النقالة في القضاء على فكرة الهواتف الأرضية وأصبحت هي بديل الاتصال اليومي بين الأفراد، فسوف يلقى التعليم الافتراضي أيضا النجاح نفسه ليكون بديلا للتعليم التقليدي.

سوق سوداء للبيانات الشخصية على الإنترنت!

على مدى العامين الأخيرين تزايدت شكوى مستخدمي البطاقات الائتمانية على الإنترنت من تعرضهم لسرقة بياناتهم أو لسرقة حساباتهم، وهي ظاهرة تواجه مدا كبيرا، خاصة في أوربا وأمريكا حيث يزيد معدل استخدام البطاقات الائتمانية مقارنة بالمنطقة العربية بشكل كبير.

وربما توضح الأرقام حجم الظاهرة الكبير في الغرب، وخاصة في الولايات المتحدة، حيث أعلنت إحدى الشركات الائتمانية الكبرى في الولايات المتحدة أخيراً أن البيانات الخاصة بنحو 98 مليون بطاقة دائنة ومدينة قد تم السطو عليها من قبل قراصنة الكمبيوتر، كما أعلنت كبرى شركات الحجز بالفنادق في أوربا أن البيانات الائتمانية الخاصة بنحو 8 ملايين عميل لفنادق المجموعة قد تعرضت للسطو.

وبالرغم من الإجراءات الاحترازية التي تقوم بها البنوك وشركات الائتمان والتعديلات التي يتم إجراؤها على البطاقات، فما زالت الظاهرة في تزايد.

لكن السؤال هو: أين تذهب هذه المعلومات والبيانات الائتمانية الخاصة بالأشخاص والأفراد؟ وفقا لتقرير بينيامين سوذارلاند تبين أن هناك سوقا كبيرة لهذه البيانات، حيث إن الذين يقومون بالقرصنة للحصول على تلك البيانات لا يقومون بأي محاولة لاختراق حسابات الأشخاص أو أنظمة الشركات الائتمانية أو البنوك، بل يقتصر دورهم فقط على تسويق هذه البيانات لمن يحتاج إليها من القراصنة المتخصصين في سرقة حسابات الأشخاص من على الإنترنت؛ أي أنهم يقومون بعرض تلك البيانات للبيع، ويحصلون على نسبة من إجمالي المبالغ المتضمنة في حسابات الأشخاص الذين تعرضوا للاستيلاء على حساباتهم. ويقوم قراصنة البيانات بعرضها للبيع افتراضيا سواء في غرف الدردشة أوغيرها من المواقع الافتراضية التي تشبه ما يمكن تسميته بـ «السوق السوداء لبيانات الأشخاص».

وأعلن أحد المتخصصين في شئون تأمين سرية الإنترنت الفرنسيين أن هناك مئات من الأسواق السوداء من هذا النوع التي تتنافس في حرب أسعار يقدمونها للقراصنة المتخصصين في اقتحام الأنظمة الخاصة بحسابات العملاء على الإنترنت، والأشخاص الذين يقومون بالشراء عبر الإنترنت.

ويواجه رجال الشرطة المتخصصون في هذا النوع من الجرائم صعوبات تطور وسائل القراصنة الذين يمارسون عملهم أحيانا دون أن يثبت ظهورهم على الشبكة.

لكن الجهود الدءوبة في محاولة البحث عن حلول لهذه المشكلة أسفرت عن ابتكار جديد أنجزته شركة كندية تحت اسم سمارت سوايب للاستخدام المنزلي Smartswipe، مهمته هي استخدام آمن للبطاقة الائتمانية، وهو عبارة عن جهاز صغير بحجم كف اليد، يتم توصيله لجهاز الكمبيوتر، ويتم تمرير البطاقة به، دون الحاجة لكتابة أي بيانات ائتمانية للجهة التي يتم الشراء منها، وهو ما يتوقع أن يحدث ثورة في عالم تأمين الائتمان عبر الوسائط الافتراضية بشكل كبير خلال الفترة المقبلة.

الإنترنت.. يدخل قوائم الإدمان!

هل راقبت معدل استخدامك لشبكة الإنترنت أخيراً؟ هل لاحظت زيادة استخدامك للشبكة؟ هل استخدام الإنترنت أصبح جزءا أساسيا من نظام حياتك؟ إحذر، فربما تكون قد أصبحت مدمنا!

هكذا يرى المراقبون لتزايد معدلات استخدام الأشخاص لشبكة الإنترنت التي قد تتحول بالفعل إلى لون من ألوان الإدمان.

فقبل نحو عشر سنوات فقط كان الشخص الذي يجلس أمام شاشة الكمبيوتر لمدة تزيد على 12 ساعة هو غالبا واحد من المتخصصين أو ممن يتقاضون مرتبا عن العمل في قطاع البرمجة والإنترنت، لكن الوضع تغير الآن، بعد تعميم استخدام الكمبيوتر في كل مكان تقريبا، إضافة لتزايد أعداد الأجهزة الشخصية، أصبح التردد إلى شبكة الإنترنت لونا من ألوان الترفيه المشابه للتردد على دور العرض السينمائي لمشاهدة أحد الأفلام، أو القراءة ،أو مشاهدة التلفاز.

ومع تزايد استخدام الشبكة بدرجة تفوق الوضع الطبيعي تحول الأمر إلى نوع من الإدمان، تجلت بعض ظواهره المتطرفة من خلال حالة مرضية لأم كانت تستغرق يوميا 12 ساعة على شاشة الكمبيوتر على حساب عنايتها بأطفالها الثلاثة، مما اقتضى اعتبارها مدمنة تحتاج إلى علاج مثل المدمنين على التدخين او تعاطي الكحول أو المخدرات أو القمار، وهناك حالة أخرى شهيرة لرجل آسيوي استغرق نحو 42 ساعة متواصلة بلا أكل يواصل استخدام برنامج Second Life، وهو برنامج يمكن فيه للشخص ابتكار واقع افتراضي يختار فيه شخصية غير شخصيته وبلد وعمل وألوان من العلاقات وغيرها، وقد ظل الرجل على جهاز الكمبيوتر مستغرقا في مطالعة البرنامج حتى توفي!

ومع ارتفاع نسبة هذه الحالات اصبح مصطلح «إدمان الإنترنت» أحد المصطلحات الشائعة في مراكز العلاج النفسي، والإدمان.

الأطباء النفسيون والمتخصصون في علم النفس ممن اقترحوا هذا المصطلح فعلوا ذلك بناء على مقاربة وضع الأشخاص المفرطين في استخدام الكمبيوتر بالنسبة لوضع مدمني الجنس أو العقارات والقمار وغيرها، آخذين في الاعتبار ان المدمن يسلك سلوكا لا إراديا حيال أشياء بعينها على حساب العديد من الأمور الجوهرية في حياته مثل الواجبات أو المسئوليات التي ينبغي له الالتزام بها في العمل، أو الشئون الاجتماعية الخاصة بأسرته وعائلته وعلاقاته الاجتماعية وأصدقائه.

مع ذلك فهناك العديد من الباحثين الذين يعتبرون أن إدمان الإنترنت مصطلح غير واقعي؛ على اعتبار أن المفرط في استهلاك الإنترنت، في حال توقفه عن استخدامه، لا يتعرض لنوع من الألم أو الاضطرابات التي قد تحدث لبعض مدمني المخدرات، أو القمار أو الجنس أو غير ذلك من ظواهر الإدمان المتعارف عليها عندما يتوقفون عن تناول أو ممارسة ما يدمنونه. كما أن هؤلاء الباحثين يدعون للتفريق في المسألة بين سلوكين مختلفين، وهو هل الإدمان هنا يتعلق بالجلوس أمام شاشة الكمبيوتر بشكل عام، أم يتعلق بتلقي نوع معين من المعلومات، مثل مشاهدة المواقع الإباحية مثلا، أو الدخول لمواقع الدردشة، أو حتى بعض المواقع التي تضم شبكات اجتماعية مثل الفيس بوك وما يشبهها.

ويعتقد هؤلاء الباحثون أن المفرطين في استخدام الإنترنت، يتعرضون بعد فترة لإحساس بالفتور تجاه الإنترنت، ويستعيدون المعدلات الطبيعية لاستخدام الكمبيوتر بشكل عام.

ويرون أنه ينبغي التفريق بين الإفراط في استخدام الكمبيوتر وبين الإفراط في التردد على مواقع بعينها مثل المواقع الإباحية، أو مواقع الدردشة أو المواقع المخصصة للمقامرة، أو للشراء، إذ يرون أن التردد المفرط على أي موقع من تلك المواقع بالشكل الذي يجعل منها إدمانا، لا يكون في هذه الحالة إدمان على الإنترنت، وإنما إدمان لنوع المادة المبثوثة، أي أنه يصنف إدمانا جنسيا، أو إدمانا على الدردشة، أو القمار أو الإدمان على الشراء والاستهلاك، كل حسب حالته.

ويواجه الباحثون اليوم بعض الصعوبات في قياس استخدام الأفراد للإنترنت كمؤشر على مدى تحولهم للإدمان، بسبب تغلغل استخدام الكمبيوتر في حياة الأفراد، كجزء من عملهم، أو حتى كجزء من اعتباره شبكة اتصال اجتماعية بين الفرد وعائلته وأصدقائه.

لكنهم بالرغم من ذلك يؤكدون أن كل فرد بإمكانه أن يدرك إذا ما كان استخدامه للشبكة وأجهزة الكمبيوتر يتماشى مع المعدلات الطبيعية أم أنه يتجاوز ذلك إلى درجة الإدمان، وذلك بإحساس الفرد بمدى إهماله لشئون حياته اليومية والاجتماعية وعمله، مقارنة بالمعدلات التي تسبق استخدامه للإنترنت، كما يرى المتخصصون أن بعض الظواهر المتعلقة باستخدام الكمبيوتر تحتاج أيضا إلى تدخل الطبيب وبينها مثلا إدمان بعض الرجال الدخول إلى المواقع الإباحية التي تحقق لهم الإثارة، بينما زوجاتهم يعانين البرودة العاطفية من قبل أزواجهن، وكل ما شابه ذلك من حالات.

وفي هذه الحالة يوصي الخبراء، خصوصا إذا شعر الفرد في عدم قدرته على ترشيد استهلاك الكمبيوتر أن يلجأ إلى أحد المتخصصين في العلاج النفسي، أو المتخصصين في علاج الإدمان، وأن يأخذ الموضوع بجدية حتى لا تؤثر الظاهرة سلبا في حياته الخاصة.

 

 

 

إبراهيم فرغلي