مجلة العربي - العربي العلمي.. ما هي الأنتروبيا؟

مجلة العربي - العربي العلمي.. ما هي الأنتروبيا؟

تعقيبا على ما ورد في باب بريد العربي العلمي «العمليات التلقائية واللاتلقائية في الظواهر الطبيعية والاجتماعية» للدكتور يوسف عبدالله شهاب في العدد 44 من ملحق العربي العلمي أولا:

انطلاقا من أن النظم تتحكم بكل ما في الخليقة لابد من تعريف بعض المصطلحات التي تدخل في كل الأنظمة ولنعتمد على علم السيبرنيتيكا وهو علم المبادئ العامة للتحكم ووسائل التحكم واستخدامها في التكنيك وفي الأجسام الحية.

وقد ورد ذكر هذ المصطلح في مؤلف ضخم بعنوان «مقالات في فلسفة العلوم» لعالم الفيزياء والرياضيات الفرنسي «أندريه ماري أمبير».

وقد استعار العالم هذا العلم من اللفظة الإغريقية القديمة «سيبرنيتيس» وتعني «ماسك الدفة»، «الربان»، وكان علم قيادة السفن يسمى في اليونان القديمة «سيبرنيتيكا».

وفي العام 1948 نشر العالم الرياضي الأمريكي المعروف «نوربرت فينير» كتاباً بعنوان «السيبرنيتيكا»، أو التحكم والاتصال في الأجسام الحية والآلات، حيث يعتبر أبو السيبرنيتيكا.

ثانياً: وبما أن مدخلات كل نظام هي عبارة عن معطيات بيانات كانت أو معلومات فهنا لابد لنا من تعريف الأنتروبيا. الأنتروبيا: هو في نظرية المعلومات مقياس تحديد غموض الموقف «مقدار عفوي» كان العالم الألماني «رودلف كلاوزيوس» هو أول من استخدم كلمة أنتروبيا وذلك في العام 1865 عندما فسر استحالة انتقال الحرارة من جسم أكثر برودة إلى جسم أكثر سخونة، والترجمة الحرفية لكلمة أنتروبيا الإغريقية تعني التحول إلى الداخل، أنطوي على نفسي.

ولكي نفهم ما هي الأنتروبيا في نظرية المعلومات علينا أن نطرد من رءوسنا كل ما يتصل بأي شكل كان بمفهوم الأنتروبيا المستخدم بالفيزياء. إن العلاقة وثيقة بين الأنتروبيا ونظرية المعلومات، ولكي لا نخوض كثيراً في ذلك ونخرج عن الإطار العام لموضوع النظم، يمكننا القول إن النظام يسعى إلى عدم النظام، يسعى إلى زيادة الأنتروبيا الخاصة به وفي الوقت نفسه، وهذا معترف به، يسعى النظام إلى التوازن ويبحث عن أكثر حالاته احتمالاً، فإذا قيل إن إنتروبيا النظام تزداد فهذا يعني ببساطة أن النظام يسعى إلى التوازن.

ويمكننا أن نستنتج من علاقة المعلومات بالأنتروبيا وهو استنتاج مهم للغاية لأنه يتمخض عنه أن المعلومات تتناسب عكسياً مع الأنتروبيا.

وينظر العالم الأمريكي «كلود شينون» إلى المعلومات على أنها الشيء الذي يزيد عدم التحديد غموض الاختيار، ولقد قام «نوربرث فينر» بتحليل عميق ودقيق لمحتوى المعلومات والأنتروبيا وكان مهتماً بمعرفة السبب في ارتباط كمية المعلومات والأنتروبيا، ولذلك يقول فينر: الأنتروبيا هي مقياس لفوضى وكمية المعلومات هي مقياس التنظيم.

ثالثا: المرحلة الثانية من عمل كل نظام بعد الحصول على المعطيات هي عملية المعالجة وغالبا ما تكون صعبة الفهم، لذا يطلق عليها الصندوق الأسود: مادة الدراسة التي لا يؤخذ تركيبها الداخلي في الاعتبار أو لا يكون معروفا.

ومصطلح الصندوق الأسود يعتبر أحد المفاهيم الأساسية في السيبرنيتيكا. إن منهج الصندوق الأسود يدرس النظام من جهة واحدة فقط وهي العلاقة المتبادلة بين الدخل والخرج، وهنا يتضح السعي إلى فهم سلوك النظام والسلوك فقط دون الاهتمام بتركيب النظام أو مادته.

رابعا: وهي آخر مرحلة والأهم في عمل أي نظام وتدعى التغذية المرتدة.

التغذية المرتدة: تأثير متغير الخرج في نظام ما على متغير الدخل في النظام نفسه. وثمة في التكنيك مفهومان رمزيان خاصان هما دخل وخرج كل آلة، فعندما يكون الخرج متصلاً بالدخل تتحقق التغذية المرتدة، وتعتبر التغذية المرتدة أساس التكنيك الحديث، ومن الصعب أن نجد ميداناً من ميادينه لا تستخدم فيه التغذية المرتدة، ويمكن أن نميز بين تغذية عكسية موجبة فتحدث فيها عملية متصاعدة للتأثير المرتد، أما التغذية العكسية التي تضمحل فيها العملية فتسمى بالتغذية العكسية السالبة، وتشمل التغذية المرتدة علوما غير تكنيكية مثل البيولوجيا والاقتصاد، وربما كان الجسم الحي هو أعقد نظم التغذية المرتدة، وكلما ازداد تعقدالجسم بيولوجيا ازداد تعقد ونوع منظماته الأوتوماتيكية، وبوسعنا أن نقول إن التغذية المرتدة لا تشارك في الظواهر الفسيولوجية فحسب بل لا غنى عنها لمواصلة الحياة ومن دونها تصبح الحياة مستحيلة.

محمد خالد مصطفى
حلب - سورية