مساحة ود.. الهروب إلى الأمام

مساحة ود.. الهروب إلى الأمام

أنا ما هربت.. تثيرني منذ القديم الحكايات الكبيرة.. أعشق التحديات..

.. ألهث وراء الجديد والغريب.. هكذا كانت دوماً حياتي.. أنا ما هربت.. لكن المكان أصبح مغلقاً تماماً.. وعندما وجدت منفذاً صغيراً تطل منه الشمس.. نادتني الشمس إلى أحضانها الدافئة.. فهرولت.. آه ما أجمل الدفء. بيتي بارد.. ذلك الرجل الذي ارتبطت به منذ سنوات.. تحول إلى خيال.. اسمه.. لا يهم. فقد أصبح وجها بلا ملامح.

كل البيوت أصبحت صحارى.. ذبلت الزهور في حديقتي.. ذبلت في الربيع.. أنا ما هربت.. حاولت أن أسقي الزرع.. لكن الماء كان مالحا.. تيار جارف من الخلافات حوّل سعادتي إلى أوهام.. لا بد من الاستقرار.. لا بد من الزواج.. هكذا قال لي الجميع.. أقبلت على التجربة دون تفكير.. الإنسان لا يفكر في قدره.. أنا ما هربت.. صمدت حتى النهاية.. كل الكتب قرأت.. كل الحكماء استشرت.. وزوجي يتحول إلى سراب.. أراه ولا أراه..وأنا أتحول إلى شيء ما.. كيف تزوجت.. ما هي مؤسسة الزواج.. هل هي ناجحة.. كم سجينا أو سجينة فيها؟ هل هي الأقدار.. هل هو الاختيار.. تتضارب في رأسي أقوال كثيرة, ما معنى أن يقول المثل المصري «ظِل راجل ولا ظِل حيطة» ويقول القدماء «أنت رجل والرجال قليل».. كيف لا نخسر حروبنا الكبيرة ونحن لسنا قادرين على حل حروبنا الصغيرة؟.. أنا ما هربت.. كنت أبحث عن ذاتي فلم أجدها.. تحول كل شيء حولي إلى ظلام.. ما الذي يربطني بهذا الرجل.. أين أفلام الحب التي شاهدتها في طفولتي؟ أين الرومانسية.؟ لماذا كل حياتنا كذب.. هل حقاً هناك حب؟ وماذا عن المودة والرحمة؟.. أنا ما هربت.. لكني أدركت فجأة أنني أخطأت.. وأن مواجهة التحديات لتحسين الحياة الزوجية قد تكون أحياناً أشبه بشجرة لا تثمر.. فبحثت عن حياة أخرى في مكان آخر.. لا يهم إن تزوجت مرة أخرى .. مادامت عيناي بدأت تغرق في زرقة البحر.. وتسعد كالطفل بغناء الطيور.. من قال إننا لسنا قادرات على أن نلملم جراحنا ونبدأ من جديد.. أنا ما هربت.. لكني سمعت الشمس تناديني.. ورأيت ملامحي واضحة في مرآة أخرى خارج بيتي.. وبعد.. لماذا يقول الجميع إنني هربت؟.

 

 

 

ريمة حلمي اللحام