أدب الرحلة: الجولات الأولى في إمارات الخليج العربي: محمود زكريا عبدالرحيم

أدب الرحلة: الجولات الأولى في إمارات الخليج العربي: محمود زكريا عبدالرحيم
        

          حظيت الكويت في مسيرة تطورها التاريخي بعناية الكثير من الدارسين والباحثين، وكانت هدفا لتطلعات الرحالة الأجانب منهم والعرب، الطامعين لسبر أغوار هذه البلاد وجلاء طلاسمها، ولاشك أن أجدر الناس بدراسة هذه البلاد هم العرب الذين يحيطون بها إحاطة السوار بالمعصم.

          ولما كانت منطقة الخليج على العموم والكويت على الأخص تعيش فترة مزدهرة من التطور الحضاري، فإننا مدعوون لدراسة كل ما كتب عن هذه المنطقة قديمًا وحديثًا، بغية ربط الماضي بالحاضر، ثم التطلع إلى المستقبل.

          وبدافع الإسهام في إماطة اللثام عن بعض من هذه الكتابات المجهولة، فإننا نستعرض في إطلالة سريعة إحدى هذه الكتابات المهمة لأحد المثقفين العرب, الأستاذ/محمد عبدالفتاح عبود وهو أحد المؤلفين النجباء، الذي عاش بالعراق في خمسينيات القرن الماضي، وكان قد دون مشاهداته خلال عدة زيارات متتالية قام بها لإمارات الخليج العربي، والتي استغرقت حوالي الأربعة أشهر، انتهت في مارس عام1952، ثم قام بجمعها في رسالة صغيرة، أسماها «الجولات الأولى في إمارات الخليج العربية العشر»، وقد نشرت لمرة واحدة في إحدى المطابع العريقة في بغداد وهي مطبعة «النجاح» في فترة الخمسينيات، ومن المؤسف أنه لم يكن هناك ثمة أي جهد لإعادة طباعة هذه الرسالة من أجل إثراء المكتبة الخليجية والكويتية بهذا المصنف الذي وثق جانبًا ولو عابرًا من جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية بالكويت خلال المدة التي قضاها المؤلف، والتي تقارب العشرين يوما التقى خلالها بالعديد من وجهاء الكويت وعلمائها، وكان مؤمنا برباط العروبة فيقول عن الهدف من قيامه بهذه الرحلات «إن كلمة العروبة هي كلمة تجمع سائر العرب وهي تنطق بمعنى قوم تجلت بهم روح العزيمة الصادقة والشهامة الكبرى، ولكن لعدم وجود المواصلات بين هذه الشعوب ونهضة الجيل الجديد وهو لا يعرف عن إخوانه الموجودين في عشر إمارات عربية، فقمت متوكلاً على الله بزيارتي لمدة أربعة شهور، طفت خلالها هذه البلاد العزيزة واطلعت على أحوالها، ثم قمت بتدوين هذه الرحلات عسى أن تكون نقطة تعارف بين هذه البلاد العزيزة وباقي بلاد الشعوب العربية والإسلامية».

الكويت.. أول محطة

          وفي شتاء 19 ديسمبر من عام 1951، كانت الكويت هي أولى المحطات التي ابتدأ بها المؤلف مجموعة جولاته العشر.

في اليوم العشرين من ربيع الأول سنة 1371هـ، توكلت على الله قاصدًا إمارة الكويت من بغداد، ففي مساء ذلك اليوم توجهنا في قطار البصرة فوصلناها في صبيحة اليوم الحادي والعشرين، فأخذنا سيارة قاصدين فندق الأعيان في البصرة بالقرب من كراج الكويت، فاسترحنا قليلاً ثم ذهبنا لمراجعة القنصل البريطاني، للحصول على سمة مرور إلى الديار الكويتية، فجهزنا وسائل المرور وواصلنا سفرنا في اليوم السادس والعشرين، فوصلنا الكويت بعد ثلاث ساعات، فأخذتنا السيارة إلى فندق فخم يسمى بفندق الكويت، فكان في انتظارنا زميلنا الوجيه السيد إبراهيم أبو صالح فاسترحنا مدة يومين وبعدها - أي في اليوم الثامن والعشرين - توجهنا لزيارة صاحب السمو الشيخ عبدالله السالم الصباح أمير الكويت المعظم، فكان ذاهبًا في رعاية الله إلى الصيد، فعندها ذهبنا لزيارة سعادة الشيخ عبدالله الجابر رئيس معارف ومحاكم الكويت، وحين وصولنا عند سعادته تلقانا والابتسامة مشرقة على وجهه، وقد كانت زيارتنا له واستقبالنا بهذا الترحاب مما جعل في أنفسنا أحسن الأثر، وقد أمر سعادته بأن تكون زيارتنا ضيوفا على المعارف فذهبنا مع السكرتير إلى  أفخم فنادق الكويت وأرقاها ويسمى بـ«الفندق العصري»، وكان هذا الفندق ملتقى كبار العظماء ورجال الصحافة، وبه لقينا جميع وسائل الراحة، وبعدها قمنا بزيارة موظفي المعارف والأمن العام وشركات النفط والمساحة والأشغال، وفي اليوم الثلاثين من ربيع الأول قمنا بزيارة سماحة العلامة يوسف بن عيسى القناعي قاضي قضاة الكويت ومرجعها العلمي، فقدمنا له كتبًا زوّدنا بها بعض من زملائنا العلماء، فتلطف سماحته وحيّانا أحسن تحية، ونزولاً عند رغبته فقد أوصى الأهلين لكي يستمعوا الوعظ والإرشاد طيلة إقامتي في البلاد العزيزة، ولزيادة التعارف بيننا وبين إخواننا عرب الكويت الكرام فبدأت في ذلك اليوم وبعد صلاة العصر بالوعظ والإرشاد فهرعت جماهير المسلمين إلى  المسجد، وكانت وجوههم مكسوة بنور الإيمان، وخرجوا بعد انتهاء الوعظ وكلهم كانوا متكاتفي السعي في مصلحة العرب والإسلام، وفي صبيحة اليوم الأول من ربيع الثاني قمنا بزيارة المدارس وبصحبتنا أحد موظفي المعارف فطفنا على عشر مدارس فوجدنا نشاطًا كبيرًا وتقدما كبيرًا في العلم في هذه البلاد الزاهرة، وذلك بفضل جهود سمو أميرها المعظم، وقمنا كذلك بزيارة المعهد الديني وجميع المدرسين في المعهد المذكور من العلماء المصريين.

حوار مع الشيخ عبدالله الجابر

          وبعد انتهاء الزيارة قمنا بمقابلة سعادة الشيخ عبد الله الجابر وقد قمنا بطرح عدة أسئلة على سعادته وكان جوابه بلطف ورحابة صدر، وكانت الأسئلة ما يلي:

  • كم عدد المدارس جميعها بالكويت?

          - عددها ثلاثون مدرسة.

  • هل ترسل دائرة المعارف بعثات علمية للخارج؟

          - نعم أرسلنا لمصر ولندن وبيروت.

  • هل الحكومة عازمة على إنشاء مدارس أخرى أو تجديد شيء بالمدارس؟

          - نعم، الحكومة عازمة على افتتاح كلية للتجارة والاقتصاد كما قررت رصد مبالغ مالية لإكساء وإطعام جميع مدارس الكويت على نفقتها الخاصة.

  • كم عدد معلمي ومعلمات مدارس الكويت؟

          - عددهم يبلغ حوالي مئتين وعشرين معلمًا ومعلمة، وثلاثة أرباعهم من إخواننا الفلسطينيين.

  • هل رصدت الحكومة مبلغًا خاصًا للمعارف؟

          - إن أكبر مبلغ ترصده الحكومة كل سنة يقدم للمعارف وتقويتها.

  • إلى أين توجه نية الحكومة بخصوص العمران؟

          - متوجهة لجميع المشاريع العمرانية عامة وتوسيع نطاق الحركة العلمية خاصة.

          وفي صبيحة اليوم الثاني من ربيع الثاني ذهبنا لزيارة الجوامع والمساجد ومعنا أحد علماء الكويت، فزرنا حوالي خمسة عشر جامعًا ومسجدًا وأكبر هذه الجوامع مسجد الجمعة بالسوق وجامع سمو الشيخ عبدالعزيز الواقع على شاطئ البحر، وبه مئذنة شاهقة ذات منظر بديع، وفي كل يوم جمعة يحضر قراء مصريون جُلبوا خصيصًا لتلاوة القرآن الكريم، وبعد الزيارة رجعنا وتقابلنا بفضيلة الشيخ أحمد وهو من علماء الكويت الكرام، وبعد أن صافحناه دار الحديث بيننا وبينه، فتفضل فضيلته وأجاب على هذه الأسئلة:

  • كم عدد مساجد وجوامع الكويت؟

          - عدد مساجد الكويت يبلغ عشرين مسجدًا.

مَن يصرف على هذه المساجد؟

          - تصرف عليها دائرة الأوقاف.

كم راتب الإمام والخطيب؟

          إن علماء الكويت عامة ليس لهم راتب يذكر، ولكن قسمًا منهم يأخذ بالشهر مائة وخمسين روبية، وقسمًا منهم يأخذ مائة وعشرين وقسمًا يأخذ ستين روبية.

  • مَن رئيس رابطة العلماء ومرجع الإمارة الديني؟

          - إن المقدم الآن هو الشيخ يوسف بن عيسى القناعي فهو رئيس القضاة.

بأي مذهب يحكم القضاء الشرعي؟

          - حكم الإمارة مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه.

  • كم أعضاء المحكمة الشرعية؟

          - أعضاء المحكمة الشرعية ثلاثة أعضاء.

          وفي صبيحة اليوم الثالث من ربيع الثاني ركبنا سيارة وذهبنا لزيارة كمب نفط (الأحمدي)، وهي مدينة الذهب الأسود ومركز استخراج النفط فلما وصلنا زرنا حال وصولنا أحد أبناء المرحوم أحمد الجابر الصباح وهو مسئول عن إدارة محافظة الأحمدي وكمب النفط، فعند دخولنا في دائرة سموه الخاصة رأينا حرسًا جالسين حول سموه بلباسهم العربي على الأرض حسب العادات والتقاليد العربية المعروفة فأكرمنا، ورحب بنا غاية الترحاب وبعد تناول القهوة ودعنا سموه وهو برفقتنا إلى أن غادرنا الأحمدي.

مصافي النفط

          وفي صبيحة اليوم الرابع من شهر ربيع الثاني ركبنا سيارة قاصدين زيارة مصافي النفط، فعند وصولنا شاهدنا الأنابيب الممتدة عبر البحار والتي يبلغ طولها حوالي الألفي متر وقطرها يبلغ خمسين سنتيمترًا  كما شاهدنا أبنية ومصانع الشركة الفخمة فتلقانا  (الفورمن) المسئول عن قسم العمال، فتقدم وشرح لنا كيفية استخراج وتصفية النفط وبعدها وجهنا إليه هذه الأسئلة:

  • كم يبلغ عدد عمال ومستخدمي النفط؟

          لا أعرف عددهم بالضبط، ولكن حوالي خمسة آلاف تقريبًا.

  • كم راتب العامل والمستخدم؟

          - إن راتب العامل يتراوح بين مائة وخمسين ومئتي روبية والمستخدم بين الثلاثمائة والثمانين وذلك عدا الطعام والسكن.

  • هل يوجد أيام عطلة واستراحة خاصة للشركة؟

          - عطلة الشركة يوم الجمعة ومناسبات الأعياد الإسلامية عطلة أيضًا.

  • هل نفط الكويت غزير؟

          - خلال أول قدومنا للشركة كانت الآبار قليلة، ولكن من حوالي سنتين ظهرت غزارة قوية بالنفط مما حدا بالشركة أن تدفع نصف أرباحها لحكومة الكويت أي ما يعادل خمسين مليون باوند بالسنة، وهذه الأرباح تدل على أن صاحب السمو الشيخ عبدالله السالم أغنى رجل بالعالم العربي، وبعد أن اطلعنا على طرقها وشوارعها المبلطة والعمران المنتشر في جميع أرجاء الشركة ركبنا السيارة ورجعنا إلى الكويت فتناولنا الغداء ثم خرجنا إلى  شاطئ البحر، مبتدئين من عند جمرك الميناء فشاهدنا عمارة الجمرك ودوائرها، ثم مررنا على دائرة الميناء فزرنا دوائر الميناء ودخلنا إلى  رصيف الميناء حيث شاهدنا حركة تفريغ وتحميل السفن بواسطة رافعات الأثقال المسماة (ونش)، فقد رأينا الماء بعيدًا عن الرصيف، فسألنا عن السبب فقالوا إن ماء الخليج (مد وجزر) ثم خرجنا وتوجهنا إلى  الشارع المحاذي للبحر المتصل بالقنصلية البريطانية. وأثناء مرورنا بالشارع شاهدنا المستشفى الأميري الداخلي، وهو بناء على الطراز الحديث ومجهز بجميع الأدوات الطبية وأسرة النوم للمرضى، وتقدم أحد المستخدمين وسألناه:

  • كم دكتورًا موجودًا في المستشفى؟

          - موجود خمسة دكاترة مع رئيس المستشفى.

  • كم ممرضًا وممرضة بالمستشفى؟

          - لا أعرف عددهم لكثرتهم.

  • كم عدد الأسرة الخاصة بنوم المرضى بالمستشفى؟

          - المستشفى به حوالي عشرين غرفة لنوم المرضى، وبكل غرفة يوجد سريران.

          ثم ودعناه وتابعنا السير إلى أن وصلنا إلى عمارات الموظفين بالمستشفيات الكويتية العديدة، وهذه العمارات مشيدة على الطراز الحديث من حيث النظام والترتيب، ثم ركبنا السيارة قاصدين الفندق، وبعد أن انتهينا من الأسئلة زرنا ضواحي الإمارة فرأينا قرى عديدة، ولكن المزروعات والأشجار قليلة لقلة الماء، لأن ماء الكويت يكرر من ماء البحر بواسطة مكائن جلبتها الحكومة خصيصًا لهذه الغاية ثم رجعنا وتجولنا بداخل البلدة، فرأينا ثلاثة شوارع مبلطة أولا الشارع المؤدي لبيت المرحوم الشيخ أحمد الجابر حاكم الكويت السابق والشارع المؤدي إلى  السوق فالجمرك ملتفًا على سوق التجار الآخر، والشارع الآخر هو شارع شركة النفط المتصل بالأحمدي وقد علمنا من أحد موظفي دائرة الأشغال العامة أن الحكومة وضعت تحت تصرف دائرة الأشغال العامة أموالاً طائلة للإنفاق على فتح الشوارع الجديدة وتبليطها والتي يقدر عددها بـ15 شارعًا، وعلمنا أن قسمًا من هذه الشوارع يسع ثلاث سيارات فيما لو مرت مرة واحدة، وقد رأينا العمال تشتغل بفتح هذه الشوارع، وقمنا بعد ذلك بزيارة أسواق التجارة فشاهدنا نشاطًا كبيرًا بالأسواق التجارية لدرجة أدهشتنا، فسألنا أحد التجار عن سبب رواج البضائع بالكويت بهذه الكثرة، فقال إن الجمرك قليل جدًا لدرجة أنه لا يذكر فسألناه عن قيمة الجمرك، فقال تستوفي الحكومة ثلاثة بالمائة، ثم رجعنا للفندق.

          وفي صبيحة اليوم السادس خرجنا نتجول بالكويت فوصلنا دائرة المعارف، وزرنا سكرتير المعارف وهو من الشباب الكويتي المثقف فقابلنا بأحسن ترحاب وهو يبتسم، فأخذنا لدائرته فشاهدنا نظام دائرة المعارف ودائرة الأعضاء والرئيس ومعاونه ودائرة المحاسبات والرواتب فزرناهم، وجميعهم يتمتعون بالشهامة العربية الصادقة ثم ودعناهم.

التجهيزات لزيارة إمارة البحرين

          عند ذلك عزمنا على زيارة إمارة البحرين، فتقدمنا بطلب إلى  القنصلية البريطانية لمنحنا تأشيرة الدخول لإمارة البحرين وانتظرنا بالفندق مدة عشرة أيام بينما يأتي السماح من إمارة البحرين بدخولها، وقد قمنا خلال هذه المدة بزيارة العلماء والأدباء وأولي المعرفة والتأليف للوقوف على المعلومات التي عندهم عن إمارة الكويت، وبعدها خابرنا الموظف النشيط وهو سعادة السيد عبدالمحسن وكم كانت شهامة وبشاشة ومساعدة هذا العربي المخلص عندما شعر بزيارتنا فأبدى اهتمامه نحونا، وقدم لنا جميع التسهيلات اللازمة وتحمل عبء مساعدتنا فوق عمله الخاص، فأخبرنا أنه تمت الموافقة على طلبنا بدخول البحرين، وبعد ذلك وضع على جوازاتنا الطوابع القانونية فقدمنا لسعادته الرسوم المطلوبة فامتنع عن أخذها، وقال أنا أدفعها من جيبي الخاص، وبعد إلحاح قال إن لكم علينا حقوقًا كثيرة وفي مقدمتها حق العلم كما قال رسولنا الأعظم (صلى الله عليه وسلم) العلماء ورثة الأنبياء، ومن أكرم عالمًا فقد أكرمني ، فعند ذلك تسلمناالجوازات ورجعنا شاكرين لهذا الشاب شهامته الصادقة داعين الله عز وجل أن يكثر من أمثاله، وبعدها ذهبنا إلى مكتب سفريات أحمد العيسى السعد وهو من الشباب الذين يحافظون على راحة المسافرين وإنجاز معاملاتهم وتقديم التسهيلات اللازمة لهم، علاوة على بشاشة وجهه ومحياه الطيب، فسألنا سعادته عن موعد الطائرة التي تقصد البحرين فقال لنا غدًا فجهزنا أماكن لنا بالطائرة لنسافر غدًا ورجعنا إلى  الفندق حيث أخبرنا بأنه سيرسل لنا سيارة في الساعة التاسعة صباحًا تنقلنا للمطار، فذهبنا بعد تناول طعام الغداء لوداع الوجهاء والعلماء والأصدقاء وزرنا سعادة الوجيه الكبير السيد الملا عبدالله الملا وهو من أكبر تجار الكويت، كما أن أكبر الدوائر والتجارة والإنشاء والمقاولات والسفريات والوكالات العالمية بيد هذا الوجيه الكبير، هذا علاوة على أن سعادته معتمد حكومة الكويت وسكرتير الأمير الأعلى، كما قمنا بزيارة سماحة الشيخ يوسف بن عيسى القناعي وأخبرناه عن عزمنا للسفر لزيارة إمارة البحرين فشجعنا بكلامه العذب وأثنى على أمراء البحرين ثم أهدانا كتابًا من تأليفه اسمه «الملتقطات» فكانت كتب سماحته دالة على النهضة العلمية بالكويت وكان مما لفت نظرنا إليه بهذا الكتاب القصيدة التي قالها (راكان بن حثلين -  رئيس العجمان) عندما زار أمراء آل خليفة الكرام ويقول بمطلع القصيدة:

يقول المعيصي بالضمي يبدع
                              ابدار سمحين الوجوه الكرام

          ورأينا تعليق سماحته على مطلع القصيدة، إذ يقول:

          لقد أصاب راكان المرمى لأن البشاشة وسماحة الوجوه سجية لآل خليفة لا ينازعهم فيها منازع لأنه شتان بين من يكرم ببشاشة وبين من يكرم ووجهه مقطب كأنه غضبان ويذكر سماحة القناعي بختام كلمته قول الشاعر:

بشاشة وجه المرء خير من القري
                              فكيف إذا حاز القري وهو ضاحك

          فعندما انتهينا ودعنا سماحته وتملؤنا رغبة قوية لمشاهدة وجهه والاستمتاع بحديثه العذب، وتوجهنا صوب الفندق ونمنا تلك الليلة وفي صبيحة اليوم التالي حضرت سيارة مكتب السفريات ووضع الخدم أمتعتنا وسرنا تجاه المطار حيث وصلنا وتسلم مسئول الحمولات أمتعتنا وأخذ وزنها ثم شرح لنا ضابط المطار تأشيرة الخروج وبعد مرور ساعة من وصولنا المطار شاهدنا في سماء المطار الطائرة التي سوف تقلنا تحلق بأعلام العروبة فبدأت تهبط إلى أرض المطار حاملة الركاب من عرب الكويت والإمارات الأخرى فنزلوا وتوجهوا إلى إمارتهم العزيزة وعندها أشار علينا أحد موظفي المطار بالصعود إلى  الطائرة فصعدنا على السلم الخاص بالطائرة وأخذنا أماكننا حسب ترقيم التذاكر. وفي حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف تحركت الطائرة متابعة سفرها إلى  إمارة البحرين.
------------------------------------
* كاتب من مصر مقيم في الكويت.

 

محمود زكريا عبدالرحيم