المغالطات المعرفية على «ويكيبيديا».. إبراهيم فرغلي

المغالطات المعرفية على «ويكيبيديا».. إبراهيم فرغلي

عندما تناولت موضوع الموسيقى على الإنترنت، في هذه الزاوية، قبل عدة أشهر، لفت الانتباه إلى المغالطات التي تتضمنها الموسوعة الإلكترونية العالمية (وكيبيديا) فيما يتعلق بالموسيقى العربية، في القسم العربي من الموسوعة، وهي مغالطة واحدة من مغالطات عديدة تكشف عن الكثير من الدلالات.

لعل أولى هذه الدلالات أن هناك جهات تتعمد بث السم في العسل، عبر ترويج مقولات غير موثقة، ومغرضة، تبتغي إشاعة الجهل، والتعصب، وضيق الأفق.

الدلالة الثانية هي أن مثل أولئك الذين يقومون بمثل هذه المغالطات يفتقرون إلى الحد الأدنى من النزاهة اللازمة للتعامل مع المعرفة. هذه النزاهة تتجلى في الجزء المكتوب باللغة الإنجليزية في الموسوعة ذاتها، والتي يبدو أن من يقوم بنشر المعلومات فيها يدرك قيمة العلم الذي ينبغي أولاً وتالياً ألا يتحيز إلا للمنطق وللعقلانية، وهو ما يعني تقصي المعلومة وتوثيقها، والأخذ بكل ما يتناول الموضوع من قريب أو بعيد.

كما أن هذا التعامل القاصر مع الموسوعة يتغاضى عن الهدف الحقيقي منها، وهو نشر المعلومات بحياد، إذ إن تعريف منشئي الموسوعة لها بالنص هو أنها: «مشروع موسوعة، متعددة اللغات، مبنية على الإنترنت، حرة المحتوى. يساهم فيها أكثر من 75.000 مساهم نشط يعملون على أكثر من 13.000.000 مقال في أكثر من 260 لغة، 101.608 مقال منها باللغة العربية. يوميا، آلاف الزوار من مختلف أنحاء العالم يجرون الكثير من التعديلات، وينشئون الكثير من المقالات الجديدة.

منذ أنشئت ويكيبيديا في عام 2001، نمت بسرعة لتصبح واحدة من أكبر المواقع على الإنترنت، ولتجذب أكثر من 65 مليون زائر شهريًا في 2009. الزوار ليسوا بحاجة إلى أي مؤهلات للمشاركة في ويكيبيديا، لذلك يحرر ويكيبيديا الكثير من المساهمين من مختلف الأعمار والخلفيات الثقافية. باستثناءات نادرة؛ أي شخص يمكنه تعديل الصفحات، بنقر وصلة «عدل هذه الصفحة» في أعلى كل الصفحات. أي شخص مرحب بمساهمته المرفقة باستشهادات ومصادر في ويكيبيديا وفقا لبعض السياسات والإرشادات، النصوص من دون مصادر معرضة للحذف.

تكمن قوة موسوعة ويكيبيديا في نظام إدارة المحتوى المستعمل فيها، المسمى «ميدياويكي»، حيث لا حاجة للقلق عند إضافة أو تحسين معلومة. العديد من المساهمين في ويكيبيديا على استعداد لتقديم المشورة والتصحيح حول المساهمات.

النسخة العربية من الموسوعة الحرة بدأت في يوليو 2003، وما زالت في مرحلة بناء المحتويات، لذا فإن أي تعديل، أو إضافة مهما كانت بسيطة، هي ذات قيمة كبيرة للموسوعة العربية».

من التعريف السابق نفهم أن الموسوعة تبدو موسوعة شعبية بشكل ما من حق أي شخص أن يضيف إليها بشرط الإشارة للمصدر، لكن المعلومة تقتضي أن يتم استكمالها بكل وجهات النظر الخاصة بموضوع من الموضوعات. لكن واقع النسخة العربية منها لا يبشر بذلك.

قصور معلوماتي

وبينما يبدو أن هناك من استجاب لما نشرته «العربي» عن الموسيقى في الموسوعة، وتم تعديل النص بشكل علمي، فإن هناك العديد من اوجه القصور التي تعيب النسخة العربية المشار إليها، فمثلا في الجزء الخاص بالكاتب العربي الحائز على نوبل؛ نجيب محفوظ، سنجد جزءاً خاصاً برواية أولاد حارتنا يتناول تفسيراً دينياً للرواية وبه مقاربة ساذجة ومباشرة لشخصيات الرواية بنماذج من شخصيات دينية، وهو ما ينافي طابع الرواية الخيالي وفقا لإشارات النقاد المتخصصين في الأدب، ووفقا لما أكده الكاتبان الإسلاميان أحمد كمال أبو المجد، وسليم العوا. حيث يقول الدكتور أبو المجد في مقال نشر في مقدمة الطبعة المجازة من الرواية أخيراً:

«إن من أصول النقد الأدبي التمييز الواجب بين الكتاب الذي يعرض فيه الكاتب فكرته ويحدد مواقفه، ملتزماً في ذلك بالحقائق التاريخية، والوقائع الثابتة، دون افتئات عليها، ودون مداراة لما يراه في شأنها... وبين الرواية التي قد يلجأ صاحبها إلى الرمز والإشارة، وقد يدخل فيها الخيال إلى جانب الحقيقة العلمية، ولا بأس عليه في شيء من ذلك، فقد كانت الرواية قديماً وحديثاً صيغة من صيغ التعبير الأدبي، تختلف عن «الكتاب» والالتزام الصارم الذي يفرضه على مؤلفه. وفي إطار «أولاد حارتنا» فإنني فهمت شخصية «عرفة» بأنها رمز للعلم المجرد، وليست رمزاً لعالم بعينه، كما فهمت شخصية «الجبلاوي» على أنها تعبير رمزي عن «الدين» وليست بحال من الأحوال تشخيصاً رمزياً للخالق سبحانه وهو أمر يتنزه عنه الأستاذ نجيب محفوظ ولا يقتضيه أي اعتبار أدبي فضلاً عن أن يستسيغه أو يقبله.

القضية الثانية: حرية التعبير والموقف منها، ذلك أنه مع التسليم بأن الحريات جميعها إنما تمارس في جماعة منظمة، ولذلك لا يتأبى منها على التنظيم والتعبير إلا حرية واحدة هي حرية «الفكر والاعتقاد» بحسبانهما أمراً داخلياً يسأل عنه صاحبه أمام خالقه، دون تدخل من أحد، حاكماً كان ذلك الأحد أو محكوماً، أما حين يتحول الفكر إلى تعبير يذيعه صاحبه وينشره في الجماعة، فإن المجتمع يسترد حقه في تنظيم ذلك التعبير دون أن يصل ذلك التنظيم إلى حد إهدار اصل الحق ومصادرة جوهر الحرية، ذلك أن الهدف من إجازة هذا التنظيم إنما هو حماية حقوق وحريات أخرى فردية أو جماعية قد يمسها ويعتدي عليها إطلاق حرية الفرد في التعبير، وتمنعها على التنظيم والتقييد، ويبقى مع ذلك صحيحاً أن الأصل هو الحرية، وأن التقييد استثناء تمليه الضرورة، والضرورة إنما تقدر بقدرها، ومن شأن الاستثناء ألا يقاس عليه أو يتوسع فيه.

وأهم من هذا كله، إن الشهادة التي قدمتها ليست رأياً لي، وإنما هي تفسير كاتب «أولاد حارتنا» لما كتبه، وبيان واضح لا يحتمل التأويل لموقفه من القضايا الكبرى التي أثارتها تلك الرواية، وهي على كل حال آخر ما صدر عن نجيب محفوظ، أمد الله في عمره، حول القراءة الصحيحة ل «أولاد حارتنا» باعتبارها «رواية» للخيال والرمز فيها دور كبير، وليست «كتاباً» يقرأ قراءة حرفية للتعرف على موقف مؤلفه من القضايا التي يطرحها بعيداً من الرمز والخيال»، إلى هنا ينتهي كلام الدكتور أبو المجد، وهو مقال كان قد نشر لأول مرة في العام 1994.

وبالرغم من أن هناك رابطاً يحيل لهذه المقالة لكنها لم تنشر بالنص كما هو شأن القراءة التعسفية الدينية للنص التي سبق الإشارة إليها.

موسوعة بلا كتاب

وإذا كان هذا أحد أوجه عدم الحياد في بناء الموسوعة في قسمها العربي، إلا أنه ليس الجانب الوحيد للتقصير، فهناك أيضاً قصور كبير فيما يتعلق بالأدب العربي والفنون، وهناك تقصير كبير من الكتاب الشباب في إضافة المعلومات الأساسية عن الكتاب العرب، فهل يعقل مثلا أن نجد في تعريف أسماء الكتاب المصريين أسماء مثل أحمد العايدي ومحمد علاء الدين وعلاء سالم، ولا يوجد تعريف بالغيطاني أو إبراهيم اصلان أو محمد البساطي أو يحيى حقي؟ فضلاً عن أن تصنيف الكتاب العرب يخلو من أغلبية أسماء الكتاب العرب.

وفي الفنون أيضاً سنجد أن هناك مواد مبتسرة عن الرقص، والفنون الشعبية، وغيرها، وسنفاجأ بعدم وجود صفحة خاصة بالفن التشكيلي في الجزء العربي، بينما سنجد النسخة الإنجليزية التي تتناول الأدب أو الفنون العربية بها إشارات وافية وأهم بكثير مما هو موجود على النسخة العربية من الموسوعة.

والحقيقة أن هذا كله مع وجود الكثير من الأخطاء الإملائية والنحوية من شأنه أن يسيئ لمصداقية الموسوعة، والمطلوب هو حماس بعض المتطوعين لتنقيح الموسوعة وتزويدها بالمعلومات اللازمة، وتصنيفها بشكل علمي، وبحيث يتحقق لها المأمول بدلا من الطريقة البراجماتية التي يمارسها البعض بعمل تعريف له شخصياً، دون الاهتمام بأن قيمة الموسوعة في شموليتها ومصداقيتها.

ولكي تثمر الموسوعة الهدف المأمول منها لكي تكون موسوعة معرفية مجانية سهلة التصفح وسريعة، لابد أن تتكاتف جهود الخبراء في المجالات المختلفة مع الخبراء في شئون تغذية المواد على الإنترنت لإضافة المواد الجيدة عن كل الفروع المعرفية بحياد وموضوعية، وبلا حس رقابي من أي نوع.

إن أهم مزايا الجزء الإنجليزي من الموسوعة ذاتها هو تخلصها التام من أي حس رقابي، وبالتالي فإنها في تناولها لقضايا حسّاسة تراعي تناول الموضوع من كل جوانبه، وحتى في تناولها بالتعريف بأزمة الرسوم الدانماركية ورأي حرية التعبير في الموضوع، قدمت في المقابل تعريفاً موضوعياً شاملاً للإسلام وجوهر رسالته وإعجاز القرآن، كما عرفت الشخصية المحمدية بالشكل الذي يعرفه به كل المسلمين، وهذا هو هدف أي موسوعة معرفية.

الموسوعة العربية العالمية

هي عمل موسوعي تعليمي وثقافي عام في تاريخ الثقافة العربية الإسلامية ، شارك في إنجازها أكثر من ألف عالم، ومؤلف، ومحرر، ومراجع علمي ولغوي وهي منشورة بنسختين مطبوعة وإلكترونية.

هذه الموسوعة يمكن قراءتها إلكترونياً، على شاشة الإنترنت، بالإضافة إلى توافرها ورقياً في مجلدات مطبوعة. وهي في الأساس مترجمة بتصرف عن دائرة المعارف العالمية مع التنقيح والمواءمة للثقافة الإسلامية العربية، صدرت عن مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع بالرياض عام 1416ه، 1996م، بتمويل وتوجيه من الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود وتقع في 30 مجلدًا ومرتبة حسب الأبجدية العربية، ومزودة بوسائل إيضاحية ملونة ورسوم وخرائط، وقد صدرت الطبعة الثانية من الموسوعة العربية العالمية عام 1419ه، 1999م، منقحة ومزيدة ومحدثة.

وتواكب الموسوعة عددا كبيرا من الموضوعات في فروع المعرفة المختلفة مثل الآداب، واللغات، والعلوم، والجغرافيا والتاريخ وغيرها، وهي توفر للمشتركين الاطلاع عليها كاملة، أما غير المشتركين فتتيح لهم تصفح نحو 4000 موضوع من موضوعاتها. وتتيح الموسوعة في نسختها الإلكترونية جانباً تشجيعياً عبارة عن مسابقة لمن يجيب عن بعض الأسئلة العلمية والمعلوماتية التي تنشر على الموقع، ويحصل الفائزون على جوائز نقدية كبيرة.

ومنذ عام 1999 جرى العمل على النشر الإلكتروني للموسوعة العربية العالمية التي صدرت الطبعة الإلكترونية منها في عام 2004. عدد مقالات الموسوعة العربية العالمية يقارب 24000 مقالة.

ويمكن الاطلاع على الموسوعة على عنوانها الإلكتروني:

www.mawsoah.net

موسوعة الحياة

هذه الموسوعة متاحة مجانا على شبكة الإنترنت باللغتين الإنجليزية والفرنسية، تهدف إلى توثيق المعلومات عن 1.8 مليون كائن حي تم إطلاق الموقع في 26 فبراير، 2008 ومع الإطلاق كان هناك 30.000 مقالة مدخلة، ويقوم بإدارتها فريق تابع لمعهد سميثسونيان في واشنطن بالتعاون مع عشرات المراكز العلمية والبحثية في أنحاء العالم وذلك للقيام بموسوعة مشابهة لموسوعة ويكيبيديا الإلكترونية الشهيرة تختص بالطبيعة ويمكن للجميع الحصول عليها ولكن تحت رقابة الخبراء.

ويؤكد القائمون على المشروع في الموقع الالكتروني الخاص ب«أي.أو.ال.» أن بإتمام المشروع في عام 2017 ستصبح الموسوعة الضخمة مرجعاً على شبكة الإنترنت ومصدراً للمعلومات حول كل كائن حي من المليون و800 ألف المعروفين حالياً فضلاً عن الكائنات التي لم تكتشف بعد.

كما أشاروا إلى أن موسوعة الحياة ستصبح أداة للتعليم والتعلم لمساعدة العلماء والمعلمين والطلاب وهواة البحث على فهم كوكب الأرض بشكل أفضل ومعرفة سكانه.

وتقدم الموسوعة كل المعلومات العلمية حول سكنى الكائنات الحية وعلم الوراثة والأحياء الجزيئية فضلاً عن مصادر أخرى ومراجع حول الكائن الحي في الأدب وعلى شبكة الانترنت.

وفي تصريحات صحفية أعرب جيم إدواردز، المدير التنفيذي للمشروع، وأي.أو. ويلسون، الأستاذ بجامعة هارفارد الأمريكية «ولاية ماساشوستس» وصاحب فكرة الموسوعة عن اعتقادهما بأن الموسوعة الخاصة بالطبيعة ستسهم في التعاون بين المجتمع العلمي وتفتح الطريق لإحراز المزيد من التقدم في مجال الأحياء.

وأوضح العالمان أن موسوعة الحياة ستعمل بشكل مشابه لموسوعة ويكيبيديا الالكترونية بحيث يمكن لأي شخص كتابة وتعديل المقالات مع فارق وحيد هو عدم نشر تلك المادة إلا بعد موافقة بعض العلماء المتخصصين.

موسوعة نول تنافس ويكيبيديا

نول (بالإنجليزية: Knol من كلمة نولدج knowledge أي معرفة) هي مشروع موسوعة على الإنترنت أطلقتها جوجل. يتم إنتاج محتوى الموقع بواسطة المستخدمين.

تم تقديم الموقع على أنّه موقع موسوعة تعاونية مثل ويكيبيديا، لكن الاختلاف الفارق بينهما هو أن الأولى يحررها خبراء في مجالاتهم، والموقع حالياً مفتوح للمساهمة، وبالعربية أيضاً.

على عكس ويكيبيديا التي تسمح بالمساهمة الحرة للأشخاص المجهولين، تنشر خدمة نول أسماء المشتركين في كتابة المقالات بالكامل. كما ستضع جوجل تحت تصرفهم زوايا إعلانية (Banner) ما يسمح لهم بوضع يدهم على جزء من العائدات. وتهدف خدمة «نول» إلى تغطية جميع المواضيع، من العلوم إلى الترفيه.

يوقع المشاركون على كل مقال يكتبونه، وهم المسئولون عن محتواه، كما يُضاف إلى كل مقال التعليقات والملاحظات والصور التي يقدمها المشاركون الآخرون. فتحت موسوعة نول الأبواب على مصاريعها أمام إحياء التنافس بين المشتركين. فيما تفتقد «ويكيبيديا» إلى هذه الروح التنافسية. من مزايا موسوعة نول، إنها سهلة التحرير، فهي تشبه، محرر وورد لويندوز، وبحرية في الكتابة، تجعل المؤلف بعيدا عن أية سلطة تحريرية، سلطة ويكيبيديا الإدارية مثلا.

ومع ذلك فلا يبدو أن هذه الموسوعة حرفية بالقدر الذي تظهر به ويكيبيديا، إلا أنها تتيح للمساهمين التعبير عن أي شيء، وليس الخضوع لتصنيفات علمية محددة مما يفقدها الجدية، فالتنافسية وحدها لا تصنع موسوعة جيدة، إذ تميل الكثير من محتوياتها لطابع المقالات الصحفية والخفيفة.

يمكن الاطلاع عليها عبر الموقع:

knol.google.com//

 

 

 

إبراهيم فرغلي