عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

الهرم الرابع: الحياة بين التاريخ والفن

ربما تتأكد لنا يوماً بعد يوم، الحقيقة القائلة إننا لا نؤرخ، ولكننا نقرأ التاريخ، فهذا هو التفسير الأنسب والأدق، إن لم يكن الأكمل والأجمل، لمحاولات البشر كتابة سير الحضارات الغابرة، والأحداث المؤثرة، والأعلام الآسرة.

هذه القراءات المتعددة الأوجه، هي التي تجعل أحكامنا على ما نقرأه مختلفة، بين شهود عصر يتذكرونه، ومنقبين في الماضي ينبشونه، ويبقى لنا أن نقرأ ما نريدُ على أنه سرد تاريخ، أم أدب يتناول طرفا من الواقع.

في هذا الإطار يتحدث رئيس التحرير عن أم كلثوم، كوكب الشرق، متكئاً على معرض تحتضنه الكويت جعلت عنوانه «الهرم الرابع» وهو معرض نوعي مهم بدأ رحلته في عاصمة النور العام الماضي، ليحط الرحال في البلد الذي احتضن فكرة إنشاء المعهد في باريس، ودعم مشروعه، حتى تحول إلى واقع على ضفاف نهر السين.

ويأخذ حديث الشهر ذلك الخيط الرابط بين التاريخ والفن ليكرس لدور أم كلثوم في النفاذ إلى وجدان الجماهير العربية مروجة للأفكار القومية، متذكراً زيارتيها إلى الكويت في عيد استقلالها سنة 1963، وفي جولتها الوطنية لدعم المجهود الحربي سنة 1968، التي بدأت على مسرح الأولمبيا بباريس أيضا. هذا التذكر الذي يمزج التاريخ بالفن يستدعي تساؤلا مهما: ماذا يقدم العرب اليوم، من منتجهم الثقافي، ومخزونهم الحضاري، ومشاركتهم الإنسانية، لكيلا يصبحوا مجرد ذاكرة يؤرخ لها؟

في هذا العدد ستجد - عزيزي القارئ - وقفات أخرى متعددة، بين التاريخ والفن، ونحن نقرأ سيراً لأعلام حضارتنا الإنسانية الشاملة، عربية وإسلامية وغربية، بين رائد مسرحي هو الشيخ عبد العزيز الرشيد من خلال قراءة لمحاورته الإصلاحية بعد 85 عاماً. ورسامة تمتزج عفويتها بالصدق هي شلبية إبراهيم، ونحات يحكي رحلته من سورية إلى إسبانيا هو عاصم الباشا، وروائي يسرد سيرته الذاتية التي تثير الجدل هو جابرييل جارسيا ماركيز، والشاعرين محمود درويش وغازي القصيبي وتجربتهما الثرية وطبيب مترجم، هو حنين بن إسحق. حتى حين نتوقف عند لحظة تاريخ تقص علينا حكايات أجمل نساء الصحراء مع زميلنا الأديب د. محمد المنسي قنديل، الذي كرمته «العربي» وهو يودعها بعد مشوار شارك فيه ملايين القراء تلك الرحلة الممتعة بين التاريخ والفن.

ولأن «العربي» هي ديوان الرحلة العربية المعاصرة، فهي تتوقف في أوربا وآسيا: الأولى من خلال استطلاعها عن البوسنة والهرسك، حيث وهج الإسلام الأوربي، ساردًا بالنص والصورة ما باحت به سراييفو وهي ترسي وجه الإسلام الجديد، والثانية في سلطنة عُمان، حيث تفشي كهوف ظفار أسراراً جديدة.

وغير تلك الوقفات، بين التاريخ والفن والرحلة، هناك زوايا اعتاد القارئ العزيز أن يأنس إليها، في الآداب والعلوم، وهي ترحب به، ليقرأ فيها بعضاً من روح كتابها، وقبساً من نور متونها.

 

 

 

المحرر