محطة دولية دائمة في الفضاء
محطة دولية دائمة في الفضاء
ظلت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) مشغولة على مدى خمسة عشر عاما بمشروع المحطة الفضائية المدارية (الحرية) (فريدوم). وقد تبارى العلماء والفنانون والمهندسون في ابتكار صور لما يمكن أن يكون عليه شكل هذه (المستعمرة الفضائية) إذ كان التصور المبدئي أنها ستكون بمنزلة (رصيف) فضائي, يمكن أن يرسو عليه مكوك الفضاء في رحلاته, ولتكون محلاً لتجارب فضائىة تجريها أطقم من رواد الفضاء, ولتعمل في المستقبل كمركز وثوب إلى القمر أو إلى كوكب المريخ. ولقد استقر الرأي منذ أواخر الثمانينيات على تنفيذ التصميم الذي فازت به إحدى الشركات الأمريكية, كما أسندت وكالة ناسا بعض الأجهزة والأجزاء المحيطة إلى ثماني شركات مختلفة, منها شركة واحدة كندية. غير أن التكاليف المقدرة للتنفيذ قفزت من ثلاثة إلى عشرة مليارات من الدولارات خلال هذه السنوات, ولذلك لم يحظ المشروع عند عرضه على الكونجرس في عام 1993, إلا بتأييد صوت واحد. وفي ديسمبر عام 1993, حدث تحول جذري لفكرة المشروع, فقد أعلن نائب الرئيس الأمريكي (ألبرت جور), موافقة الكونجرس على إقامة محطة مدارية بتصميم معدل سيجري تنفيذه بالتعاون مع روسيا, ووقتئذ كان هذا يمثل منعطفا في السياسة الدولية الأمريكية, وتحولا عن أسلوب الحرب الباردة التي ظلت سجالا بين عملاقي السياسة الدولية, ردحاً كبيراً, وفي نفس الوقت فإن هذا التعاون يتماشى مع المناخ السياسي الذي ساد العلاقات بين الدولتين بعد أن انفرط عقد الاتحاد السوفييتي. ولقد اتفق علماء الدولتين على التدرج بخطوات التعاون الفضائي بينهما بزيارات متبادلة لمراكز الرواد, ومراكز البحوث وقواعد الإطلاق, ثم الاتفاق على مواعيد القيام بسبع رحلات فضاء مشتركة بين عامي 1994و1997, برواد من كلتا الدولتين للتدريب على العمل معا في المحطة المدارية الروسية (مير), وقد كانت مير بتصميمها محل اهتمام العلماء الأمريكيين, إذ كانت تدور في الفضاء منذ عام 1986, وسجل عليها الرواد الروس رحلات طويلة تجاوزت العام, وأجروا خلالها تجارب متقدمة لفتت الأنظار. هذه الخطوات كانت مقدمة للتعاون بين أمريكا وروسيا, لبناء محطة مدارية, تستغل فيها الخبرة الروسية في هذا المجال إذ سبق لهم إطلاق سبع محطات من طراز (ساليوت) منذ عام 1971, ومحطة من طراز (مير) في عام 1986. لكن أمريكا خطت خطوة إيجابية لتوسيع دائرة التعاون, إذ عقدت العزم على جعله دوليا وليس مقصورا على عملاقي الصناعات الفضائىة, ونجحت في ضم اليابان وكندا ووكالة الفضاء الأوربية (إيسا) ليشارك كل منها بإسهامات مالية مختلفة, وبجهود تتناسب مع ما سبق إنجازه في الفضاء.ولقد كان اتفاق وكالة (ناسا) الأمريكية مع السلطات الروسية على التعاون لبناء المحطة الدولية, فرصة ثمينة لاستحواذ العلماء الأمريكيين على التكنولوجيا الفضائية المتقدمة لدى الروس, نظير ثمن زهيد لم يتجاوز (400) مليون دولار, وكانت أسرار هذه الصناعة, قد غلفت بكثير من القيود, طوال وجود الاتحاد السوفييتي, ولكنها سجلت تفوقها في عدة مجالات نوعية, ومن أبرز ملامح التفوق الروسي التي حفزت الآخرين على الترحيب بالتعاون الفضائي, نجاحهم في إنتاج الصاروخ (إنيرجيا) الذي تفوق قوته كل الصواريخ الأمريكية والغربية بنسبة لاتقل عن (15 ـ 20%). وقيامه أيضا بإجراء تجارب (سرية) على نظم توجيه للصواريخ بأشعة الليزر, وقد كشفت عن مراكز إجراء هذه التجارب فوق جبال (ألمآتا) صور القمر الفرنسي (سبوت), كما كشفت صور أقمار التجسس الأمريكية عن إجراء السوفييت لتجارب في المحيط الهندي على نموذج لمكوك فضاء تحت اسم (بوران), وآخر معدل تحت اسم (بيردي). كان هذا التفوق محل إعجاب صامت من قبل علماء كثير من الدول الغربية, ثم تحول إلى إشفاق بعد الانحسار الذي أصاب أوجه الحياة, بعد تفكك الاتحاد السوفييتي. توزيع المهام خلال عام 1995, تم تجميع ما يربو على 40 ألف كيلو جرام من أجزاء سبق تصنيعها, والتي تصلح لتدخل في تصنيع المحطة الجديدة, واتفق على أن تقوم شركة (بيونج) منفردة بمهمة إدارة عملية بناء المحطة, بدءا من نوفمبر 1997, ووضع برنامج زمني لعمليات تجميع الأجزاء المختلفة في الفضـاء, بإطلاقات متعددة لسفن سويوز الروسية, ومكوك الفضاء الأمريكي. ويأتي ترتيب عمليات الإطلاق بحيث تبدأ برفع الجزء المخصص للحمولات (Cargo black) الذي تم بناؤه في روسيا, وهو يضم وحدة دفع وقيادة وتحكم, والفراغ المخصص لمعيشة الرواد, ويبلغ وزن هذا الجزء (20) طنا, وكان إطلاقه خلال نوفمبر 1997. ثم كان الإطلاق الثاني في ديسمبر من نفس العام لجزء آخر تم تصنيعه في الولايات المتحدة الأمريكية, على أن يجري تجميعه مع الأجزاء السابقة, خلال أربع رحلات متكررة, وبعدها تصبح كبسولة المعيشة معدة لاستقبال ثلاثة رواد, يمكن أن يعملوا داخلها لمدد طويلة بدءا من منتصف عام 1998. وسوف تحتاج عملية تجميع المحطة إلى عدد كبير من عمليات نقل الأجزاء والأجهزة, وزعت على الدول على النحو التالي: ـ (27) عملية تقوم بها المواكيك الأمريكية بين عامي 1997 و2002, (20) منها للتجميع و(7) للاستخدام والضبط. ـ (57) عملية تقوم بها سفن سويوز الروسية (13) منها للتجميع و(15) لنقـل أطقـم الرواد و(29) للدفع. ـ عملية واحدة تقوم وكالة الفضاء الأوربية, بإطلاق صاروخ (اريان ـ 5). وسوف تحتوي المحطة الدولية على ستة معامل علمية أحدها أمريكي, والثاني أوربي والثالث ياباني, وثلاثة معامل روسية. أما مهام تصنيع الأجزاء ومعامل الأبحاث والأجهزة فقد وزعت مهام القيام بها على النحو التالي: ـ تقوم كندا بتقديم (روبوت) على شكل ذراع طوله 18 متراً, ليستخدم في عمليات تجميع أجزاء المحطة ومهام الصيانة. ـ تقوم وكالة الفضاء الأوربية بتصنيع معمل مكيف الضغط. ـ تصنع اليابان معملا آخر يتصل بالمحطة عبر وحدة تشغيل. ـ تقوم روسيا بتصنيع ثلاث وحدات للخدمات ومعها ملحقاتها, وأخرى للمعيشة وأجهزة تأمين الحياة داخل المحطة, بالإضافة إلى وحدة ثالثة لتوليد القوى الكهربائية بقدرة (20) كيلووات. وقد تعهد شركاء الولايات المتحدة الأمريكية بإنفاق ما يربو على تسعة بلايين دولار, فضلا عما ستنفقه هي, بمعدل 2.1 بليون دولار سنويا, وقد وفر هذا التصميم الجديد للمحطة مبلغا قدره خمسة بلايين دولار, عن تكاليف محطة الحرية, كما أتاح انضمام روسيا إلى المشروع, تحسين التصميم, في عدة مجالات هي: ـ القدرة الكهربائية المولدة أصبحت (110) كيلو وات مقابل (56). ـ السعة الداخلية للمحطة: (42 ألف) قدم مكعب مقابل (23 ألفا). ـ عدد وحدات الأبحاث العلمية: (6) مقابل (3). ـ التجهيزات تكفي طاقم رواد عدده (6) مقابل (4). وقد وضعت خطة طموح لزيادة سعة المحطة لاستقبال عدد أكبر من العلماء والمهندسين والرواد, بإضافة وحدات جديدة إلى هيكلها, فيما بين عامي 1999 و 2002. وعندما يكتمل تجميع المحطة سيصبح عرضها (110) أمتار (361 قدما), وطولها (88.3) متر = (290 قدما). بينما يكون مدارها على ارتفاع (386.4) كيلو متر= (230) ميلا بحريا فوق الأرض ومائلا بزاوية قدرها (51.6) درجة مئوية. وقد اختير هذا المدار بدقة ليحقق وصول صواريخ الدفع من الدول المشاركة ولتحقـيق سهـولة دخول الرواد والإمدادات إلى المحطـة, وفي نفـس الوقت فـإن هذا المدار يضمن رؤية 85% من سطح الكرة الأرضية, وتغطية (95%) من المساحات المأهولة في القارات الخمس. ووقتئذ سيكون اتساع المحطة كافيا لمعيشة ستة أشخاص من الرواد أو العلماء. ساحة المستقبل لاشك أن هذا التعاون الفضائي الدولي ستكون له نتائج كثيرة, لأن محصلة أفكار علماء ثلاث عشرة دولة, في هذا المجال الحيوي أمر لم يسبق حدوثه, وهناك آمال عريضة سبق للأمريكيين عقدها, عندما كانوا يأملون في تنفيذ مشروع المستعمرة الحرية, وقد حانت الفرصة لهم لكي يحققوها بل ويطوروها في المحطة الدولية. وهناك كثير من مجالات البحث العلمي التي يرغب العلماء في تمحيصها, والتدقيق في أمورها, وخاصة تلك المتعلقة بالأمراض والأدوية والتلوث, أملا في القضاء على كثير من الأمراض التي تحصد ملايين من البشر كل عـام, وفي تصنيع أدوية أكثر فاعلية للتغلب على هـذه الأمراض, والتخفيف من آثار التلـوث الذي أصبـح قضيةبالغـة التعقـيـد, وبين أيدي العلماء بدايات تجـارب سبـق إجـراؤها في الفضاء أعطت نتـائجها كثيرا من الأمل في الوصول إلى حلول لكل هذه الأمور, ذلك أن ساحة الفضـاء خالية من المعوقات وعوامل القصـور الموجودة على الأرض, كما أن خاصية انعـدام الوزن السائدة في الفضاء, تعـتبر وسطا مثاليا, لاستكمال هذه التجارب, والتوسع فيها, ومازالت هذه الآمال تحوم حول: 1 ـ الأبحاث البيولوجية والطبية: فقد ثبت أن تركيب الأدوية, حقق التجانس في جزيئاتها والانتظام في أحجام هذه الجزيئات, فضلا عن كبر حجمها, كل هذه الأمور يمكن أن تعتبر مزايا تجعل الدواء يعجل بالشفاء, يساند هذا أيضا أن الفضاء خال من أسباب التلوث الموجودة على الأرض, وهو أمر لازم بالنسبة للدواء أكثر من أي شيء آخر. وفي الفضاء يسهل فصل المركبات الكيماوية المعقدة عن بعضها, وهو ما استغله علماء (الاقربازي) في فصل الهرمونات والخلايا الحية عن بعضها بسهولة, ولذلك تتعلق آمال البيولوجيين بمواصلة البحث عن هرمونات تقاوم الشيخوخة, وفاكسينات تقهر الإنفلونزا, وأدوية تقضي على الطفيليات وعقاقير توقف النمو السرطاني, وخلاصات طبية تعوض نقص إفرازات البنكرياس التي تسبب الإصابة بمرض السكر ومضاعفاته, وأخرى تقوي المناعة. وتقوم هذه الآمال على بحوث سابقـة, فقد تم خلال رحلة فضـائية في عام 1975, تصنـيع بللورات دوائية خالية من الشوائب, وفصل هرمونات بشرية تفرزها الكلية البشرية في الدم, وكان يصعب إجراء هذه العمليات على الأرض. كما أنه في عام 1988, تم إجراء تجربة كيماوية في إحدى رحلات المكوك, أسفرت عن إعطاء حبيبات كروية متجانسة متناهية في الصغر, وكان يمكن وضع ثمانية عشر ألف حبة منها فوق رأس دبوس, وهي خواص مثالية لتصنيع دواء ذي فاعلية كبيرة في التغلب على أمراض مستعصية نظرا لتجانس مكوناته. ومازالت هناك حلقات مفقودة في الأبحاث الطبية, تحتاج إلى مزيد من التدقيق لتحقيق بقاء رواد الفضاء مددا طويلة به, ذلك أن القدرات البشرية على تحمل ظروف الفضاء, مازالت تمثل عنق الزجاجة أمام طول الرحلات, استعدادا لاستعمار القمر والسفر إلى الكواكب, ومن أهم هذه الحلقات الدراسات الخاصة بالمؤثرات النفسية والعصبية على الرواد, والدراسات الخاصة بهشاشة العظام وسرعة ترسيب المعادن والكالسيوم بها. 2 ـ أبحاث المواد الجديدة: سيواصل العلماء في المحطة الدولية, تخليق مواد جديدة, أو سبائك لها خواص مميزة, للتغلب على كثير من مستلزمات الصناعة, فقد سبق تصنيع مواد لأنصاف الموصلات (Semi Conductors), وأشباه الجوامد, التي تستخدم في الصناعات الإلكترونية, حيث يلزم أن تكون على درجة عالية من النقاء, وهناك مواد جديدة تم تخليقها بالفعل مثل (الجاليوم, والارسنايد, والانديوم), ولكنها مازالت تستغل بحذر, وتحت نطاق من السرية, ويتوقع العلماء معالجات جديدة لها, في المحطة الدولية, لإدخالها في صناعات مستحدثة. وهناك مجال آخر سيكون محل دراسة, هو سلوك السوائل في الفضاء, والتـي يمكن أن تطور وسائل الطلاء, وصنـاعة الأفلام, وحماية مستودعات البترول. 3 ـ الأبحاث الخاصة بالعمليات الفضائية: مثل تحسين وسائل ومواد الاحتراق والدفع الصاروخية, وتحسين أجزائها ومكوناتها, وتعديل وسائل الصيانة في الفضاء, لإصلاح الأعطال التي تصيب الأقمار الصناعية وسفن الفضاء والمحطات المدارية, إذ تشير الإحصائيات الصناعية إلى أن عمليات الاحتراق تمثل (85%) من عمليات توليد الطاقة على الأرض, ووجـود الجاذبية الأرضية يسبـب فقد قدر كبير منها لتصاعد الغازات الحارة المصاحبة للاحتراق, ولذلك ستكون المحطة الدولية محلا لأبحاث تستهدف زيادة معدلات توليد الطاقة, والتقليل من أسباب تلوث البيئة بغازات الاحتراق, ويقدر العلماء أن هذه الزيادة لو تمت بنسبة 2%, فإن مردودها سيعود بما قدره 7.9 بليون دولار في السنة الواحدة. مستقبل مشرق لأولادنا سيشجع وجود المحطة الدولية على تنشئة جيل جديد يهتم بالعلم وبكل ما يتعلق بالفضاء, سيؤدي ذلك إلى وجود جيل من المدرسين والدارسين الذين ينفتحون على علوم جديدة, ولاشك أن ذلك سيؤدي إلى وجود جيل من العلماء والمهندسين والإداريين والرواد الأكفاء, الذين تقوم دراساتهم على مناهج حديثة قوامها العلوم والرياضيات والتكنولوجيا الحديثة, وهؤلاء يمكن أن يقودوا دولاب البحث العلمي في جميع مجالات العلوم وخاصة الفضاء والتكنولوجيا المتعلقة به, وسوف يجد المدرسون الفرص سانحة لهم لكي يلقنوا تلاميذهم دروسا تطبيقية تلقى عليهم من المحطة الدولية, مستندة إلى تجارب عملية فعلية تبسط لهم تفهم ما في عالم الفضاء من أسرار, وستتاح لهم فرص ثمينة لتكليف حواسبهم, إجراء تجارب داخل المحطة الدولية من بعـد, وتقـييم ما لديهم من معلومات, قياسا على نتائج هـذه التجارب. ولدى علماء وكالة (ناسا), مشروع تحت التصميم أطلقوا عليه اسم (كيدسات) (Kidsat) أي (قمر الطفل), وهو يقوم على فكرة تحكم الأطفال في مجموعة من أجهزة ( الاستشعار من بعد) الأرضية, والتي تتصل بوحدات أخرى على متن المحطة الدولية, لترسل إليهم النتائج التي يمكن لهم دراستها وتحليلها. ويأمل علماء وكالة (ناسا), في محاكاة الروس لبقاء رواد الفضاء في المحطة الدولية مددا طويلة, واستغلال أساليب جديدة لإمداد المحطة بما يلزم للإبقاء على حياتهم, من طعام وشراب ولوازم, بأسلوب إعادة تدوير الفضلات باستغلال البول وإفرازات العرق والفضلات, غير معتمدين على الإمداد من الأرض, ولذلك سيكون الاعتماد في تحقيق ذلك على جيل من العلماء والمهندسين, القادرين على تصميم وتنفيذ الأجهزة وكابينة القيادة اللازمة لتحقيق طول البقاء في الفضاء, وهذا يستلزم التمهيد لتنشئة جيل من العلماء في تخصصات مختلفة, بين طبيعية وكيماوية وبيولوجية, استعدادا لرحلات الفضاء الطويلة لاستكشاف الكواكب, ولاشك أن مجتمعات أرضية كبيرة من التي يعيش العاملون فيها داحل حيز مغلق, مثل الطائرات والغواصات والمكاتب المكيفة الهواء, سوف تستفيد من نتائج هذه التطبيقات استفادة كبيرة, كما أن بعض المرافق مثل وحدات تكرير المياه, ووحدات مكافحة التلوث, وكبائن الطائرات, يمكن أن تتطور أساليبها بناء على ما ستتمخض عنه هذه الوسائل الجديدة, والذي لاشك فيه أن بعض من يعيشون في الأماكن النائية والمعزولة عن العمران مثل الجزر, أو المنائر, أو المعسكرت البعيدة عن المدن, ستكون لديهم وسائل جديدة كذلك. وقطعا فإن بحوث الزراعة دون تربة, ستكون على رأس قائمة البحوث الجديدة, والتي ستأخذ دورا بارزا في المحطة الدولية, لتحقيق الاكتفاء الذاتي للرواد في طعامهم داخلها. الانطلاق إلى الإدارة العالمية إن عملية تجميع المحطة الدولية من عدة دول, في عصر سرعة نقل المعلومات, ستعطي لنا مقاييس عالمية, ذلك أن معطيات (طريق المعلومات السريع) ستنهال على العلماء, بسرعة الضوء, مساندة لعملية تصنيع ضخمة, الأمر الذي سيؤدي بالضرورة إلى وجود فنون إدارة عالمية, تعتمد على تدفق المعلومات من الحواسب لتحقيق الأهداف المنشودة. وبذلك ستبعث تكنولوجيا الفضاء, شرارة جديدة لإحداث ثورة إلكترونية أكثر شمولا عبر عدد من الأقمار الصناعية, والحواسب السوبر التي ستستخدم, لسرعة نقل المعلومات, وسوف تحتل شبكات معلومات جديدة مواقع على الخريطة العالمية, لنقل المعلومات التي ستتدفق من المحطة الدولية, ومحصلة هذا كله مستقبل تكنولوجي مثير للغاية.
|