الإعلام الكويتى على مشارف قرن جديد
الإعلام الكويتى على مشارف قرن جديد
تصوير: فهد الكوح فى عالم يموج بتكنولوجيا الاتصالات والتدفق المعلوماتى استطاعت الكويت أن تجد لها موقعا متميزا على خارطة الأعلام الدولى ، وأن تضع لنفسها مكانا مهما ، وعندما وصفت الكويت بأنها لؤلؤة الخليج لم ترتكز هذه التسمية على مجرد معطيات جمالية ، ولكن فى الأساس على بناء رائدة فى المنطقة للمجتمع المدنى . الذى يعد الإعلام أهم مقوماته . الحديث عن الإعلام الكويتى ، أشبه بالحديث عن مدينة الكويت وخارجها ، وهو ما جعلنى أتسأل ، من أين أبدأ الاستطلاع؟ بدا السؤال محيراً ، لكن الإجابة جاءت عبر لقاء " العربى " مع المسئولين عن بلورة طموحات هذا القطاع المهم ، حين أكد " الشيخ سعود ناصر الصباح " وزير الإعلام فى دولة الكويت أن بلده ماضية فى مواكبة كل التطورات والتحديات التى يواجهها فى شتى القطاعات ، موضحاً كيفية توجه " النهضة الإعلامية " الكويتية لمواجهة تحديات القرن القادم . يقول الشيخ سعود الصباح : إن ما تحمله رؤية القرن القادم ، وما يشهده عصرنا الحالى فىى مجال علم الاتصال ، دعا القائمين على الإعلام الكويتى المرئى ، والمسموع ، والمكتوب إلى التوجه نحو دفع النهضة الإعلامية لمواكبة التكنولوجيا الحديثة من خلال تطوير العنصر البشرى الوطنى الإعلامى والإدارى المطلوب للمرحلة الراهنة ، والمقبلة .. والمضى قدما فى مواكبة التطورات التقنية ، والفنية ، والمعلوماتية الآتية واللاحقة ، للوصول بالإعلام الكيوتى إلى مستوى المنافسة الدولية ، ولمستوى الطموحات اللتى يتطلع إليها الشباب الكويتى لتكون له مدخلا رئيسيا لمواكبة القرن الواحد والعشرين . التقدم التكنولوجى ..والاستعداد ما أوضحه ويزر الإعلام حول هذا التوجه " النهوضى الإعلامى " فى دولة الكويت التى تعتبر منفذاً رئيسيا لشمال شرق الجزيرة بحكم موقعها على الطرف الشامالى الغربى للخليج العربى ، لم يقتصر على قطاع معين ، بل شمل شتى مجالات الحياة السياسية ، والاقتصادية والاجتماعية ، والثقافية ، عندما سعى المسئولون الكويتيون فى مختلف القطاعات إلى استشراف صورة القرن القادم ، وتوقع ما يمكن أن يحمله من متغيرات عالمية جذرية قد تضعنا أمام عصر يشمل القطب الدولى الواحد ، والتكتلات الاقتصادية الكبرى ، والهم من ذلك ، ستكون فى خضم عصر تكنولوجية الاتصال ، وعولمة الإعلام الذى سليم بمكونات الكون بعد أن أصبح العالم كما وصفه الباحث الكندى العالمى " مارشال مالكوهان " قرية عالمية صغيرة يتوجها تواصل إنسانى أتاح الفرصة لتوافر المعلومات ، وتبادل الخبرات ، وأدى بنا لأن نرى ونسمع ما يقع من أحداث ولو فى أقصى الكرة الأرضية دون أن يكلفنا ذلك أكثر من مجرد الضغط على زر. وزارة الإعلام ..وخطوات المواكبة علم الاتصال الذى نشهده حالياً ، أكد أنه مهما اختلف الآراء والنظريات حول حقيقة مفهوم رؤية القرن القادم للثقافة ، والحضارة الإنسانية ، فإن عصرنا الحالى فى ظل هذا التطور يؤكد أن سمة الحضارة التى ينتهجها العالم الحاضر هى مجموعة " معارف " ، و" مواقف " واتجاهات يكسبها المرء بالكلمة المسموعة ، والمرئية والمقروءة. ومن هذا المنطلق ، استطاع الإعلام الكويتى ، وبكل وسائله ، وبالرغم من حداثته أن يدخره ثروة من المعارف والعلوم ، وأن يكون شخصيته المتميزة ، حتى أصبح أحد الأعمدة الرئيسية لنهضة دولة الكويت. والسؤال الذى يطرح نفسه هنا قبل اثنين وعشرين شهراً من إطلالة االقرن الواحد والعشرين : هل اكتفى الإعلام الكويتى بهذا الإنجاز ؟ وهل ما قاله وزير الإعلام الشيخ سعود الصباح لـ" العربى " حول النهضة االكويتية الإعلامية لمواجهة تحديات هذا القرن ، مازال شعاراً ، أو دخل حيز التنفيذ ؟ وما هى الخطوات الفعلية التى اتخذتها وزارة الإعلام فى هذا الصدد ؟ التحديث .. والتوجه القائم يقول " فيصل الحجى " وكيل وزارة الإعلام فى دولة الكويت لـ " العربى " : إن الوزارة أخذت بعين الاعتبار أنها أن لم تستطع أن تواكب التطور التقنى غير المسبوق فىى مجال العلوم ، والتكنولوجيا ، والمعلومات ، فسوف تكون دولة الكويت بعيدة عن العصر االقادم ، من هنا وضعت الوزارة فى اعتبارها مواكبة التطور الحالى ، والمقبل فى جميع الأقسام الفنية ، والإدارية فى كل قطاعاتها انطلاقا من مبدأ " إن التكونولوجيا " يمكن شراؤها لكن الأهم استيعابها " ، وأن تأهيل العنصر البشرى لمواكبة القرن القادم هو الأصعب فى المرحلة الراهنة . ومن منطلق هذا التوجه تم تحديث استديوهات الإعلام االمرئى والمسموع بعد تزويد المحطاات بالتكنولوجيا الحديثة ، وفى الوقت نفسه قامت الوزارة قامت الوزارة بإعداد الكوادر المحلية والخارجية من خلال التدريب المحلى ، والابتعاث واستجلاب بعض العناصر الأجنبية ذات الخبرة الواسعة واستصافتها فى الكويت لتأخيل الشباب الكويتى على استيعاب هذه التكنولوجيا ، وبحيث يستمر هذا التأهيل أيضا من خلال ما هو قائم حالياً حتى إذا تم توقيع عقد لتزويد محطة ، أو لتجهيز استديو بالتكنولوجيا القادمة يكون سير المواكبة بأجهزة الإعلام موزايا ما بين التأهيل والتحديث ، بالإضافة إلى توجه الوزارة لنقل مطبعة الحكومة التى تقع تحت إشررافها من مقرها الحالى الواقع وسط مدينة الكويتت إلى مقرها الجديد فى منطقة الشويخ الصناعية حيث توجد مقار الصحف الكويتية ، وتأهيلها بالتقنيات الحديثة لتواكب العصر ، وتسهل عمليات ومطبوعات الحكومة التى تشمل مجلة " االعربى " وما ينتج عنها مثل " العربى الصغير " و " كتاب العربى " ، ومجلة " الكويت " والجريدة " الرسمية " الكويت اليوم " ، وغيرها من المطبوعات . وبالرغم من هذه الخطوات التى أنجزتها وزارة الإعلام فإنها ووفقا لما قاله الوكيل فيصل الحجي مازالت غير مكتفية بما وصلت إليه ، وهنا السؤال الذي يطرح نفسه أيضا ، كيف انطلقت أجهزة وزارة الإعلام المسموعة ، والمرئية ، ووكالة الأنباء الكويتية ، وبعض المطبوعات الحديثة التى تضمها فى حباياها ، وكيف أصبحت بعد تطويرها بالتكنولوجيا الحديثة ؟ رواد الإعلام التوجه نحو مبنى مجمع وزارة الإعلام الكويتية للرؤية والاطلاع على ما تصمه هذه الوزارة من وسائل إعلامية وأجهزة تكنولوجية متطورة يدفع المستطلع تلقائيا لتذكر واد سفينة هذه الوزارة بمراحلها المختلفة ، ومدى بصمة كل منهم فى إخراج كل وسيلة إعلامية يضمها هذا الصرح الإعلامى الشامخ وسط مدينة الكويت . حيث كان للمغفور له الشيخ عبد الله المبارك الذى أنشا الإذاعة الكويتية الرسمية فى بداية الخمسينات حينما كان ئيسا للشرطة والأمن العام دور رئيسى فى مسيرة هذه الوزارة الإعلامية ، وقد شهدت الخدمة تطوراً كبيراً بعد ذلك حين شملها الشيخ سعد العبد الله الصباح ولى العهد ورئيس مجلس الوزراء بالرعاية حتى مطلع الستينات وكان يشغل فى هذا الحين منصب نائبا لرئيس الشرطة والأمن العام . أما الشيخ صباح الأحمد الجابر النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الذى ازدهرت ، وأثمرت تحت إدارته الحركة الإعلامية ، والثقافية ، والفنية منذ أن كان رئيسا لدائرة الحركة الإعلامية ، والثقافية ، والفنية منذ أن كان رئيسا لدائرة المطبوعات والنشر ، والشئون الاجتماعية ، بالإضافة إلى الفترة الوجية التى تسلم فيها مهام الوزرارة خلال الثمانينيات . واستكمل المسيرة فى الستينيات المغفور له الشيخ جابر العلى الصباح ، وفى عهده شهدت الساحة الإعلامية والفنية خلال تلك الحقبة ، وهو كوزير للإرشاد والأنباء ، ومن ثم للإعلام ، بروزاً ، واتساعا خليجياً ، وعربياً فرضته مستجدات المرحلة ، وكان للرواد والمبدعين من فنانين ، وإعلاميين ، وكتاب وشعراء ، ومسرحيين فى تلك الفترة إنتاجات متعددة ، وأصيلة . وتواصلت رحلة العطاء الإعلامى من خلال وزراء الإعلام الكويتين الذين تسلموا دفة القيادة لسفينة الإعلام والتى شملت الشيخ مبارك العبدالله الأحمد الجابر الصباح، ثم الشيخ ناصر محمد الأحمد الصباح ، وبعده الشيخ جابر مبارك الحمد ، تلاه الدكتور بدر جاسم اليعقوب ، وكان لك منهم دوره ، وإنجازاته ، وبصماته ، إلى أن جاء الشيخ سعود ناصر الصباح ، وزير الإعلام الحالى الذى تطلع إلى تحقيق نقلة نوعية فى الإعلام الكويتى تواكب مرحلة حساسة ، واستثنائية من تاريخ الكويت الحديث ، وبناء كويت القرن الواحد والعشرين . ومن هنا ، رأت " العربى " أهمية توجه استطلاعها نحو رؤية مراحل أجهزة وزارة الإعلام الإعلامية المسموعة والمرئية ، والمطبوعة التى مرت بها خلال فترة قيادة هؤلاء القادة ، ومعرفة ما إذا كانت النقلة الراهنة ستضع الكويت إعلاميا على مستوى المنافسة الدولية المطلوبة لمواكبة عصر الإعلام والاتصال . الإذاعات الكويتية
إذاعة الكويت بين الأمس ... والحاضر كانت فكرة طموحا ، ومتواضعة تبلورت فى ذهن مبارك الميال ، لكنها أصبحت جسوا عندما انطلق صوته فى عام " 1951 " . فى خلال ميكرفون متواضع ، وعبر جهاز " الإرسال والاتصال " بقوة " نصف كيلو واط " ، كان يستخدم على متن يخت المغفور له الشيخ عبد الله السالم للاتصال بالكويت أثناء زياراته لمناطق فى الخليج العربى ، ولتصبح الآن عملا ضخما يحتوى على ثمانى محطات إذاعية تبث برامجها الفنية والفكرية ، والأدبية والتراثية والتاريخية والسياسية والحضارية فى مستوى منافسات الإذاعات الدولية بعد أن كانت مياه مدينة الكويت وبحرها يحتلها فى بداية الأربعينيات جهاز بث الإذاعة الدولية بقوة محدودة خلال الحرب العالمية الثانية حيث كان الإنجليز يديرون هذا الجهاز الإعلامى من الكويت لمواجهة إذاعات ألمانيا التى شهدت فى تلك الفترة وبالتحديد عام 1941ثورة " رشيد الكيلانى " الذى سمح لألمانيا بإذاعة دولية فى البصرة معادية للحلفاء ، وفى نفس الوقت أى عام 1941 أنشأت بريطانيا إذاعة الشرق الأوسط فى فلسطين للهدف ذاته . وبهذه النشأة " الطريفة " أصبحت إذاعة الكويت سباقة إلى وسيلة الاتصال الثانية فى منطقة الخليج بعد دولة البحرين التى بدأت البث الإذاعى سنة 1940 ، لمدة ساعة ونصف وقبل " قطر " التى بدأت بثها الإذاعى سنة 1968 لمدة خمس ساعات يومياً ، ودولة الإمارات التى عرفت البث الإذاعى فى إماراتها قبل قيام الاتحاد فى إمارة " دبى " عام 1969 ، ثم تلتها " أبو ظبى " فى نفس السنة التى أصبحت تعرف بعد قيام الاتحاد باسم " صوت الإمارات العربية المتحدة " ، " وعمان " التى بدأت البث الإذاعي سنة 1970، ولمدة ثلاث ساعات يومياً . وهكذا تطورت إذاعة الكويت من فكرة متواضعة فى الخمسينيات ، إلى خطوات تقدم فى الستينيات ، إلى ازدهار ذهبى فى البث خلال السبعينيات والثمانينيات ، إلى تدمير شبه شامل فى 2 أغسطس عام 1990 على يد قوات رئيس النظام العراقى صدام حسين . يقول وكيل وزارة الإعلام " فيصل الحجى " ، لقد كان الهدف الأول للعدوان العراقى هو إسكات " هنا الكويت " حتى يؤكد عدم وجود الكويت على خريطة العالم وضمها إليه ، ولكن هذا الصوت تمرد. وظل يواصل انطلاقاته طوال فترتى الاحتلال ، الاحتلال ، وحرب التحرير ، حيث واصلت إذاعة الكويت بثها من مدينة " الخفجى " فى المملكة العربية السعودية بمرسلة صغيرة قوة كيلو وات واحد ، ثم انتقلت إلى رأس " الزور " بقوة إلاسال " 100 واط " بعد أن انضم إليها عدد من الإعلاميين العرب ، ثم تحول سيرها إلى مدينة الدمام مع بداية حرب التحرير ، واستمر إرسالها على مدار الساعة كى تبث الرسائل والأخبار متعاونة فى ذلك مع إذاعة صوت الخليج التابعة للقيادة العسكرية للقوات المتحالفة ، والإذاعات فى الدومل اشقيقة والصديثة . فى الوقت نفسه كانت تبث إرسالها الذى بدأ من خلال إذاعة القاهرة أو يناير 1991 وحتى 28 فبراير 1991 بعد تحرير الكويت مباشرة . لقد استطاعت إذاعة الكويت بعد التحرير أن تستكمل قوتها بعد أن كانت من أكثر المؤسسات الكويتية تضرر بآثار غزو القوات العراقية التى سرقت أجهزتها الحديثة ، وسلبت مكتبة الشرائط النادرة الخاصة بها ، لكنها ، وخلال فترة وجيزة استعادت تجهيز استديوهاتها ، واستعانت بالدول الشقيقة فى مدها بالشرائط والمواد اللازمة ، وواكبت التحديث التكنولوجى حتى أصبحت الآن ووفقا لما قاله فيصل الحجى تقف على عتبات القرن الواحد والعشرين بالعديد من التطورات الفنية ، والتقنية ، وكذلك من خلال تمتعها بالمناخ الديمقراطي الذى عرفته الكويت ، وأصبح لديها الآن ثمانى محطات تضم البرنامج العام ، وإذاعة القرآن الكريم ، ويقدمان خدماتهما على مدار الساعة ، وبرنامجا أوربيا يبث خدماته باللغة الإنجليزية لمدة ثلاث ساعات يومياُ ، والبرنامج الثانى الذى يبث خدماته لمدة عشر ساعات يوميا ومحطتين غنائيتين وتبثان إرسالهما على مدار الساعة ، حتى أصبحت اليوم من أكبر الإذاعات التى تقدم ساعات طوالا من البث المفتوج وعلى الهواء مباشرة ينطلق إرساله من مبنى مجمع الإعلام الذى يضم أربعة استديوهات للتسجيل والمونتاج ، و12 استديو للبث ، واستديو للموسيقى ، واستديوهين للدراما ، بالإضافة إلى صالة المرحوم حمد الرومى التى تستخدم للحفلات التلفزيونية ، وجميعها جهزت بأحدث الأنظمة التكنولوجية لتقدم إرسالها بشكل أكثر نقاء من خلال الاستخدام الرقمى فى البث . وهنا يراودنا سؤال ، مذا عن تلفزيون الكويت وهل ما أكده " فيصل الحجى " حول حرية الرأى فى برامج الإذاعة الكويتية قد طبق أو لا فى هذه الوسيلة الإعلامية المرئية وإلى أى مدى ؟ وما هى المراحل التى مرت بها؟ التلفزيون ومراحل تطوره لقد عرفت الكويت " التفلزيون " مبكرا على يد الإفراد عندما قام أحد تجار الكويت بالاتفاق مع وكيل إحدى الشركات الأمريكية لإحضار الأجهزة الفنية والخبراء بهدف إدخال هذه الوسيلة المرئية إلى البلاد ، وبذلك لم تتول الحكومة الكويتية مسئولية " التلفزيون " الذى بدأ بثه عام 1957 ، إلا بعد أربع سنوات حيث رأت الدولة آنذاك أن يكون التلفزيون ضمن أجهزتها الإعلامية ... وعندها بدأ انطلاقته الكبرى رسمياً بالأسود والأبيض فى فبراير عام 1962 برعاية وزارة " الارشاد والأنباء " " وزارة الإعلام حاليا " التى توجهت إلى تنميته وتقويته فاستقدمت له الخبراء والفنين ، وحشدت له تنميته وتقويته فاستقدمت له الخبراء والفنيين ، وحشدت له نخبة من أبناء الكويت بعد أن أوفدت بعضهم فى بعثات إلى الخارج ، ونظمت لهم الدورات التدريبية إلى أن تحول إرسال هذه المحطة الصغيرة من " أسود وأبيض " إلى الملون عام 1974 ، واستحدثت قوة إرساله بعد إدهال القناة الثانية عليه وتشييد محطة إرسال فيلكا ، وهذه القوة الجديدة التى كانت تقدر بـ " 20 " كيلو واط " صورة " ، و4 كيلو واط " صوت " ، مكنت تلفزيون الكويت من أن يغطى إرساله فى ذلك الوقت معظم دول الخليج العربى . ومن هذا المنطلق أصبح تلفزيون الكويت من الوسائل المرئية الرائدة فى منطقة الخليج بعد أن تعدى إرساله المحدود إلى معظم دولها ، بينما تأخرت دولة البحرين فى البدء بالبث التلفزيونى حتى سنة 1973 ، وإمارة أبو ظبى سنة 1969 ، وقطر سنة " 1970 " ، أما سلطنة عمان فلم تعرف البث التلفزيونى إلا فى عام 1974. وهذه الريادة لتلفزيون الكويت بين جيرانه جعلت عدد مشاهدية يقترب من الملايين العشرة فى تلك الفترة ، ومع ظهور القناة الفضائية الكويتية التى يتوالى بثها على مدار الساعة تضاعف هذا العدد ليصل إلى معظم الشعوب فى العالم العربى ، وأوربا وبعض الدول الغربية الأخرى . تحديات الإعلام المرئى وبالرغم من أن محطات تلفزيون الكويت الأرضية قد تعرضت للدمار الشامل أثناء الغزو العراقى لدولة الكويت فى أغسطس 1990 . فإن القائمين على وزارة الإعلام تمكنوا من تشغيل محطات داخلية فى داخل التلفزيون مرتبطة بالقمر العربى بقنواته المختلفة مما سهل عملية إرسال واستقبال البرامج ، وتنويع مصادر الأخبار ، وقد بدأ إرساله فى تلك المرحلة بتاريخ 7 / 3 / 1991 لمدة ساعة واحدة يوميا إذ زادت بعد أسبوع لتصبح ساعتين ثم أربع ساعات ، وبعدها ثمانى ساعات لتصبح بعد شهرين فقط ست عشرة ساعة يومياً. وفى نهاية الشهور الثلاثة فى عام 1992 بدأت مرحلة الإنتاج البرامجي الدرامي المنظم تأخذ مسارها الطبيعي بإنتاج التمثيليات، ومسابقات رمضان وغيرهما من الأغاني والبرامج. قنوات تلفزيون الكويت
وفي النصف الثاني من عام 1993، بدأ قفزة نوعية جديدة أخرى فى مجال الإنتاج التلفزيونى المحلى ، كما بدأ بتاريخ 4 يوليو 1992 بث القناة الفضائية الكويتية عن طريق القمر الصناعى " عربسات " لتكون همزة وصل للإرسال البرامجى الكويتى وليغطى معظم آسيا وأوربا وإفريقيا والأمريكتين . وهذا التحديث فى تلفزيون الكويت شمل مختلف قطاعاته سواء فى البث أو التخطيط الإنتاجى للبرامج ، وفى مجال التحديث الهندسى . ويحتوى مبنى التلفزيون الواقع وسط مدينة الكويت اليوم على ستعة استديوهات منها أربعة رئيسية ماحتها كالتالى " 800م2 للأنتاج والبث التلفزيونى للأحداث العامة ، و500م2 لبرامج المنوعات ، و300م2 للأخبار ، و65 م2 للقناة الأولى علاوة على أربعة استديوهات أخرى صغيرة للقناة الثانية ، والثالثة ، والرابعة واستديو احتياطى لجميع هذه الاستديوهات بالإضافة إلى أن الوزارة ووفقا لما أكده فيصل الحجى ستواصل استمرارها فى زيادة الاستديوهات ، وتزويدها بأحداث التكنولوجيا والعنصر البشرى وفقا لما تتطلبه المرحلة القادمة . وتضم هذه الاستديوهات أحدث الوسائل التقنية والتجهيزات الهندسية المتطورة ، لكن الأهم هو مدى تطور العامل المهنى إلى جانب هذا التحديث ، فهل تتوافر فى تلفزيون الكويت المقومات المطلوبة لعصرنا الإعلامى الذى يؤكد عدم نجاح أى تطور تكنولوجى دون توفر عامل الحرية ؟ وكالة الأنباء الكويتية وإلى جانب ما حققته هذه السياسية الإعلامية الكويتية من تطور نوعى فى وسيلتى الإعلام المرئية والمسموعة لمواكبة القرن القادم فإنها حققت أيضا تطورا أكثر أهمية مع وكالة الأنباء الكويتية " كونا " . التى تبث أخبارها إلى معظم دول العالم . وقد استطاعت هذه الوكالة أن تشق لها طريقا وسط الوكالات العالمية ، باستقلاليتها عن الإعلام الرسمى وعلى جميع المستويات من خلال مجلس إدراتها الخاص بها ، الذى يتولى الإشراف الكامل عليها ، ويحدد استراتيجية العمل فيها ، وأيضا من خلال ميزانيتها المستقلة ، وقد ساعد على تطوير هيكلها التنظيمى الذى يتكون اليوم من تسع إدارات تقوم بتنفيذ جميع الأعمال المناطة بها كل حسب اختصاصه ، بالإضافة إلى التوسع النوعى ، والمهنى ، وتوافر الإعداد الكبيرة من المختصين ، والمؤهلين من الكويتين بعد أن تم تدريبهم فى دورات تدريبية إلى الخارج ، وآخرين تم إرسالهم للاطلاع على سير العمل فى الوكالات العالمية ، والعربية لمواكبة التطور التكنولوجى فى علم الاتصال . ولم تكتف هذه الوكالة نتيجة هذه الصلاحيات المعطاة لها بهذا الإنجاز ، بل أنشأت أيضا مركزاً لتطوير القدرات الإعلامية لزيادة فاعلية الشباب الكويتى فى هذا الميدان الحيوي ، وخدمة الخبر الذى تسعى إليه ، ويضم هذا المركز فى دوراته التى بدأها عام 1995 بـ " 20 " متدرباً فى داخل وخارج الوكالة ، مجموعة من العاملين فى وكالات أنباء خليجية بالإضافة إلى أنه يستقبل طلبة معاهد التكنولوجيا للتدريس فى الورشة الفنية الموجودة لدى الوكالة . مطبوعات وزارة الإعلام وتجربة الكويت فى مجال الصحافة الثقافية هى أحد المجالات التى أخذت دوراً مميزاً فى المنطقة العربية ككل . لقد أدركت مبكراً أهمية دورها العربى ، وأهمية النتاج الثقافى العربى ، ودوره فى ربط العالم العربى فى وحدة واحدة من خلال إصداراتها الكتب ومجلات ثقافية أهمها مجلة " العربى " الثقافية التى تمثل جزءاً من قوة الإعلام الكويتى المستقل برغم أن الذى يشرف على إصدارها وزارة الإعلام الكويتية ، وهذا يمثل مدى توجه السياسة الكويتية الديمقراطية فى دعم الفكر العربى من خلال دعمها لمجلة " العربى " التى تحتضن صفحاتها أقلام كبار المفكرين العرب . وسوف تحتفل المجلة هذا العام بأربعين عام على صدورها . يقول " فيصل الحجى " وكيل وزارة الإعلام بصدد هذا الدعم لمجلة " العربى " : لم تتدخل وزارة الإعلام فى سياسة هذه المجلة ، بل تركتها ساحة واسعة لتفاعل كل الأفكار حتى أنها ولولا اسم وزارة الإعلام المكتوب عليها لما استطاع أحد أن يعرف من أى بلد عربى تصدر بالتحديد ، لأن كل الكتاب العرب يشاركون فى تحريرها من المحيط إلى الخليج ، ولم تتوان الوزارة عن مدها بكل ما تحتاج إليه لكى تتطور ، وتكون مواكبة لروج العصر ، ومن هذا المنطلق فإن لمجلة " العربى " جهازها الخاص الذى يعتمد على أحدث القتنيات ، كما أن الوزارة بصدد تحديث مطابع الحكومة لتطوير طباعة هذه المجلة العربية ، وتطوير المجلات الأخرى التى تصدرها وهى مجلة " الكويت " ، وطابعها ثقافى تساهم فيها أقلام محلية وعربية ، وتصدر شهريا ، وجريدة " الكويت اليوم " وهى الجريدة الرسمية لدولة الكويت التى تنشر فيها كل القرارات والقوانين ،وتعتبر أول جريدة رسمية تنطق بلسان الحكومة منذ صدورها فى عام 1954 من قبل دائرة المطبوعات والنشر . الصحافة المكتوبة ... تنافس فى خضم المكانة التى تحتلها وسائل الإعلام السمعية ، والمرئية ، والبث المعلوماتى الإخبارى ، هناك أسئلة كثيرة تدور فى أروقة الصحافة المكتوبة سواء الكويتية منها أو العربية ، أو الدولية : أهمها : هل ستضاءل الحاجة إلى الصحافة مع قدوم عصر الثورة المعلوماتية ، وعولمة الإعلام ؟ وهل احتلت تلك الوسائل مكان الصدارة الذى كان يحتله الإعلام المكتوب وبالتالى هل أصبح الأعلام المكتوب اليوم فى ظل حضارة الصوت والصورة والمعلومة فى وضع تكميلى لا فى موقف المنافسة ؟ يقول محمد جاسم الصقر رئيس تحرير جريدة القبس الكويتية : إذا نظرنا إلى الصحافة على أنها تعتبر من أكثر منتجات المجتمع الصناعى انتشاراً وتعريفا لارتباط مظاهر منتجات المجتمع الصناعى انتشاراً وتعريفاً لارتباط مظاهر تقدمها تاريخيا بتطور الحضارة الغربية منذ أوائل القرن السابع عشر وحتى الآن ، وأنها بدات فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر ، والنصف الأول من القرن العشرين بمظاهر الصناعة الكبرى ، وأن استهلاكها المنتظم يعد أمراً طبيعياً ، وتلقائياً فى البلدان الصناعية حيث أصبحت قراءتها عادة لا غنى عنها ، ومظهرا من مظاهر التطور الاجتماعى ، وأن تطور الصحافة المقروءة فى بلاد العالم الثالث يعتبر من أهم المقاييس التى تبين تطور المجتمع ، عندها ستكون النظرة لمستقبل الصحافة فى ظل تطورات العصرين الحاضر والقادم متفائلة . أما جاسم بودى رئيس تحرير جريدة " الرأة العام " فقد أكد أن التطور التكنولوجى مازال فى يد الصحافة المكتوبة ورقة رابحة لكى تتمكن من التصدى لتحديات الأجهزة السمعية ، والصرية ، والاتصالية فقد ساعدت وسائل الطبع الحديثة على عدم تمركظ الطباعة ، وأيضا ساهمت بنوك المعلومات بنوك المعلومات الخاصة بالصحافة فى توفير فرص التجديد ، ولذا فإن باستطاعة الصحافة المكتوبة أن تخلق من تطور التكنولوجيا صناعة نجاح جديد يضاف إلى رصيدها ، ومن هنا فهى لن تتعرض لتأثير كبير نتيجة ثورتى المعلومات ، وعولمة الإعلام المرئية القادمة إذا عرف القائمون على الصحف المكتوبة كيفية استغلال هذه الثورات التكنولوجية القائمة حالياً ، أو القادمة لمصلحة الصحافة المكتوبة . فيما قال الكاتب نبيل الخضر مدير تحرير جريدة " الأنباء " : إننا إذا حاولنا تمثيل الصحافة المكتوبة بأوجه الأنشطة ألتى ازدهرت فى الماضى كقطاعى مناجم الفحم ، والسكك الحديدية اللذين حكم عليهما بالخراب بسبب المنتجات والخدمات الحديثة ، فسوف تكون نظرتنا للموقف غير صائبة ، ومتشائمة ، مشيراً إلى أن الصحافة المقروءة اضطرت إلى أن تقتسم وظائفها مع الإذاعة منذ عام 1930، ومع التفزيون منذ عام 1950 فى بعض المجالات الخاصة بالمعلومات المسلية والترفيهية ونحوها ، إلا أنها فى المجالات الأخرى بقيت فى الصدارة من حيث انتقاء خبرها ، وتناولها قضايا المجتمع المهمة ، ومتابعتها لها ، وهذا إلى جانب مواكبتها لصناعة التكنولوجيا ، والتى انعكست إيجابياً على التفنن فى صناعة خبرها وانتشاره مما جعلها أكثر تطوراً . دور رأسمال القطاع الخاص وهذه الانقلابات التكنولوجية جرت فى أذيالها صعوبات جمة ، ومتنوعة للصحافة المكتوبة سواء مادية أو فنية ، لكن معظم البلاد العربية ، ومن ثم العالم الثالث ، استطاعت التغلب على تلك الصعوبات ، ومتطلباتها ،وهذا أدى إلى استرمار تربع هذه الصحافة على عرش الإعلام لمدة قرون متواصلة ، إلا أنها ولأول مرة مقبلة على إعطاء طابع جديد لتكملة مسيرتها وتألقها ، لكن هذا التألق ووفقاً لمعطيات العصرين الحالى والقادم يتطلب مستويين لاغنى عن أحدهما للمحافظة عليه ، هما الشكل والمضون الجديدان والمطلوبان لمواكبة التطور للوسائل الإعلامية ألخرى ، والوقوف فى موقف المنافسة لها . وهذا التطور يتطلب إحداث نقله فى الصناعة الصحافية ، وفى التجهيزات الطباعية ، وتوسيع الاتصال مع العالم ، بالإضافة إلى المزيد من الحريات . ولكن المشكلة أن استمرارية الصحافة المكتوبة يتطلب مبالغ ضخمة ، لأن عدم توافر هذا العامل يعنى عدم إمكان المواصلة ، وهذه المتطلبات الراهنة أنت فى ظل توجه النظام العالمى إلى الخصخصة فى مختلف المجالات بما فيها دور الصحف وعلى مختلف أنواعها . والسؤال الذى يطرح نفسه هنا : إلى أى مدى سيعلب رأسمال القطا ع الخاص دوراً فى استمرارية الصحافة المكتوبة فى الكويت من عدمها فى ظل الثورات الإعلامية والاتصالية القادمة ، خاصة أن دور الصحف الويمية ، ومعظم الصحف الأسبوعية ، والنصف شهرية وغيرها يملكها أفراد ، وعائلات ، وشركات ، ومؤسسات فى القطاع الخاص ؟ يقول الشيخ " حمود الصباح " رئيس مجلس إدارة جريدة " الوطن " الكويتية إن عامل رأسمال القاطاع الخاص سيكون له دور فعال فى تطور الصحافة المكتوبة لمواكبة العصر ، وأنه لا يمكن أن يكون فى الكويت صحافة متطورة لا تملك رأسمالا لا تستطيع بموجبة شراء المطابع الحديثة ، والأجهزة التكنولوجية الأخرى ، ولهذا فإن من لا يملك هذا الرأسمال بالإضافة إلى المؤهلات الأخرى المهنية والإدارية فى صحيفة لن يستطيع الوقوف أمام عولمة الإعلام والثورات الاتصالية القادمة ، وبالتالى سيؤدي ذلك إلى انسحابه من الساحة الصحفية . أما محمد جاسم الصقر فقد أكد أن الصحافة المكتوبة بشكل عام ، والكويتية بشك خاص ، لن تستطيع إنجاز أى توجه نحو التطور لمواجهة الثورة الإعلامية ، والاتصالية الحالية والقادمة دون توافر رأس مال القطاع المطلوب لهذا الإنجاز ، وأن انطلاقة هذه المواجهة تتطلب البدء فيها وأيضا الاستعداد للمستقبل القريب فى مواصلتها اليوم وليس الغد حتى لا يفوت الأوان مشيراً إلى أن متطلبات هذه المواجهة تشمل شراء كمبيوترات ، وأحدث آلات الاتصالات والطباعة ، إلى جانب جلب صحفيين على مستوى حديث التطور ، وهذا ليس بالأمر السهل ، بل يتطلب رأسمال ضخما ، وضخما جداً قد يستطيع البعض استيعابه ، وقد يبعد البعض الآخر عن الساحة الصحافية نتيجة عدم قدرته على مواكبة المتطلبات مشيرا هنا إلى أن جريدته أخذت هذا الأمر بعين الاعتبار وبدأت استعداداتها له بما فيها عودة الإصدار الدولي"القبس" بعد أن توقفت عنه بعد الغزو العراقي لدولة الكويت عام 1990. وقال جاسم بودي إن كل المتطلبات المفروضة على الصحافة الكويتية المكتوبة، توفرها للمرحلة القادمة تعطي أهمية كبيرة جداً لدور رأس مال القطاع الخاص لتحقيقها، بل جعلته العامل الأساسي للوصول إلى المواكبة، وبالرغم من ذلك فإن هذا العامل ليس صعباً على صحافة الكويت لأنها تعتمد أساساً على مصادرها الأساسية لنجاحها، لكن هناك عوامل أخرى وهى جزء لا يتجزأ من دول رأسمال القطاع لتطوير الصحافة الكويتية وقدرتها على المواكبة والتي يشمل تطور الصحافة مهنياً من حيث عدم نقل الخبر، بل التغطية الموسعة للخبر التي يدخل فيها التحليل الصحفي الذاتي في خضم تطور المعلومات، وتأهيل العاملين في الصحافة من صحفيين، وفنيين، وإداريين للمرحلة المقبلة. ويؤكد "سليمان الجار الله" نائب رئيس تحرير جريدة "السياسة" على أهمية العامل التحريرى لتطور الجريدة بقوله: إن وجود التكنولوجيا الآن يتطلب كادراً مهنياً مؤهلاً لهذه التكنولوجيا، وإذا كان هناك توافر في هذا المجال أيضاً فنجاحه مرتبط بالعامل المهني التحريرى الذي له دور أساسي في مواجهة تحديثات الثورة الإعلامية القادمة، وفي هذا المنطلق فإن العوامل جميعها لا تتجزأ، وتشمل الفني ، والتقني، والإداري والتحريرى والمالي. المناخ الديمقراطي إذا كانت وزارة الاعلام هي الجهة الرسمية التي تتولي مهمة التعريف بقضايا الكويت، وتوضيح الرأى الرسمي للدولة في جميع المحافل الدولية، فإن لهذه الوزارة في الوقت نفسه وفقاً لما قاله وكيلها "فيصل الحجي " علاقة وطيدة مع مختلف دور الصحف الكويتية يحكمها وينظمها قانون المطبوعات الذى صدر اوائل الستينيات، وإذا كان هناك أي اختلاف في وجهات النظر أو تقدير بوزارة الاعلام قد لا يكون في مكانه، أو العكس هو الصحيح .. فإن الفاصل والحكم هو القضاء بين رأى الوزارة والصحافة. أما الكاتب نبيل الخضر فقد وصف هذه العلاقة بأنها مثل "غيوم شهر فبراير.. لحظة تظهر حالكة، وأخرى تغيب الغيوم ويظهر نور ساطع. لكن هذا التغير لا يغير من أجواء حلاوة طقس هذا الشهر" مشيرا إلى ان هذه الطبيعة للعلاقة بين الطرفين ناتجة عن حرية الرأى التي تمتاز بها دولة الكويت. ولعل هذه التجربة الكويتية في مجال الصحافة المكتوبة تستحق التطرق للحديث عن مسيرها بعد أن أصبح عددها الآن سبع صحف يومية و"24" مجلة أسبوعية ونصف شهرية ، وشهرية ودورية، وجميعها تقريبا للقطاع الخاص منها ما يصدر عن مؤسسات، وشركات خاصة، ومنها تصدرها عائلات وأفراد كويتيون ويعمل فيها وفقا لاخر احصاءات جمعية الصحفيين مسجلين لديها كأعضاء حول "976"محررا منهم "569" محررا كويتياً. حرية الاتصال وقانون المطبوعات أثبت واقع عصرنا الحالي أن هناك معادلة صعبة بين حرية الإعلام والاتصال، وحقوق وحريات المجتمع والأفراد، وهذه المعادلة يصل إليها كل مجتمع وفقا لظروفه ومستوى تطوره وفاعلية نظمه السياسية والثقافية ، إلا أنه من المحتم في النهاية، أن ننعكس الانظمة التي تحكم حق ممارسة الاعلام من طرف الدولة، على القوانين التي تنظم وسائل الاعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية، ومن هنا يكون التساؤل : هل ساير قانون المطبوعات في دولة الكويت غاية المصلحة العامة إلى جانب الحقوق، ، والحريات الاساسية للافراد ، وهل يتلاءم ما يضمه هذا القانون مع واقع تطور الاتصال القائم حاليا والذي يترتب نجاحه على حرية الرأى والكلمة ؟.. وهل يتطلب التغيير أم لا؟ يقول وكيل وزارة الإعلام فيصل الحجي إن العبرة ليست باختيار الأيديولوجية الأفضل، أو القوانين المكتوبة، بل بالممارسة الفعلية على أرض الواقع لتحقيق حرية الاتصال لأنه مهما كانت " الصيغ المكتوبة مثالية فلن تكون لها قيمة إذا لم يتمتع المواطنون بحرية حقيقية في الإعلام المتواصل وبشكل ملموس"، مشيرا إلى أنه ليس المقصود بالممارسة الحرة لحرية الإعلام هو إطلاق العنان للفوضي، واللا مسئولية والتخلص من المسئولية الاجتماعية ، وإنما الغاية هى الابتعاد عن كل شيء يؤدى إلى عياب الممارسة الحرة الحقيقية للاعلام وقال إن حرية الرأى والكلمة الذى كفلها الدستور الكويتي للفرد هي القائمة حاليا في الساحة الكويتية وأن هناك مشروع قانون ومطبوعات جديدا موجودا حاليا في المجلس التشريعي ولا تستطيع الوزارة حاليا إبداء الراى فيه إلا عندما يقدم لها وعندها ستبدي رأيها حول ما إذا كان يلائم هذه المرحلة ومتطلباتها أم لا .. لكنه أشار إلى ان وزارة الاعلام مع توسيع حرية الصحافة الكويتية المسؤولة، وانهيرى أن قانون المطبوعات القائم حالياً في الكويت يحتاج إلى وقفة. الرأى الاعلامي والتقييم الدولي هذه التوجهات السياسية الاعلامية لوزارة الاعلام الكويتية تجاه الحرية المطلوبة والسياسات الاعلامية الناضجة في كيفية استعدادات المواكبة.. جميعها محاور التقت في دائرة واحدة تسعى إلى جديد القرن الواحد والعشرين حيث الاستثمار البشرى، والثقافي، والفني، والاقتصادي في صناعة المعلومات والاعلام والاتصالات . وما أوضحه كل من وزير الاعلام الكويتي " الشيخ سعود ناصر الصباح، ووكل وزارة الاعلام " فيصل الحجي " في هذا الاستطلاع حول الخطوات التي اتخذت علي صعيد نهضة الاعلام الكويتي بكل وسائله لمواكبة العصرين الحالي والقادم ووفقا لما اكداه لـ"العربي" اتخذ إلى جانبه بعين الاعتبار مدى مساهمة الديمقراطية، وحرية الرأى في إنجاح المسيرة الإعلامية لمواكبة بلادهم للتطور في هذا المجال خاصة ان المادة"36" من الدستور الكويتي تؤكد على أن حرية الرِأى والبحث العلمي مكفولة ، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول، أو الكتابة أو غيرهما.. وهذا ليس بغريب على دولة يتسم نظامها بالديمقراطية وفقاً "للمادة السادسة" من دستورها التي أعطت السيادة للأمة . وهذا التوجه الاعلامي الكويتي المتوج بحرية الرأى والكلمة أدى بدولة الكويت، وبالرغم من كل الظروف الاقليمية القاهرة التي تعاني منها حاليا منذ غزو القوات العراقية لأراضيها وتدمير بنيتها التحتية بما فيها المنشآت الاعلامية عام "1990".. وبالرغم ايضا مما احتوته تركيبتها السكانية بعد التحرير من جنسيات متعددة تحمل معظمها آراء وتوجهات مختلفة.. أدى.. لأن تحتل المرتبة الثانية على مجمل الدول العربية بعد "جزر القمر" من حيث تمتعها بحرية الصحافة والإعلام في المسيح السنوى عن الحرية في العالم لعام "1996" الذي تجريه "مؤسسه فريدوم هاوس" في مقرها الرئيسى بواشنطن تحت عنوان "الحرية فى العالم للحقوق السياسية، والحريات المدنية".. فيما تلاها الأردن ثم لبنان، فالمغرب.. بينما جاء العراق، وكوريا الشمالية فى المركزين الاخيرين على العالم من بين "187" دولة فيما جاءت "النرويج" الأولى في العالم من حيث تمتعها بالحرية. وهذا المسح الذي تقوم به هذه المؤسسة الدولية سنوياً من خلال مجلس امنائها الذي يضم نخبة من العاملين في قطاعات العمل، والسياسة الخارجية، والأعمال، والسياسة العامة. تناول فيه وسائل الاتصال الجماهيري المختلفة المقروءة، والمسموعة، من أربعة جوانب أولها القوانين، والأنظمة التي تؤثر في أجهزة الاعلام والضغوط السياسية، والضوابط على محتوى ما ينشر، أو يبث، والتأثيرات الاقتصادية في المحتوى، والاجراءات القمعية ضد الصحفيين. وتعتمد المؤسسة أيضاً فى هذا المسح على معايير شاملة لقياس مستوى الحريات الصحفية وفقا للمادة "19" من الاعلان العالمى لحقوق الانسان التي تنص على أن لكل فرد الحق في حرية الرأى والتعبير، ولا تستند في هذه المعايير الى مفاهيم امريكية، أو غربية. مسيرة الكلمة المقروءة ثلاثة أرباع القرن من عمر الاعلام الكويتي الذى نوره من الكلمة المقروءة.. يعتبرا زمناً قصيرا من حساب السنوات ولكنه بالغ الطول من عمر الانجازات. وقد جاءت فكرة إنشاء الصحافة الكويتية المقروءة عندما أصدر "شيخ رواد الصحافة عبد العزيز الرشيد" أو صحيفة اطلق عليها مجلة "الكويت"، وبهذا الإصدار الذي تحقق عام "1928" والذي يعتبر الأول أيضاً في الخليج العربى ككل.. وضع الفن الاعلامى الكويتى مواكب للنهضة الحضارية والفكرية لدولة الكويت، ولذا كانت ومازالت صحافة الكويت، ولذا كانت ومازالت صحافة الكويت مثالاً يحتذى نظرا للتقدم الفنى والطباعى الهائل، وللمحتوى الفكرى والسياسي، والقومي، والثقافى المتنوع والذى ينفتح على كل صحافة العالم ليتعرف القارئ في الكويت على جميع وجهات النظر بالنسبة لمعظم القضايا في الكويت على جميع وجهات النظر بالنسبة لمعظم القضايا العربية والدولية. كيفية التطور أصبحت دولة الكويت سباقة بين أشقائها فى منطقة الخليج كصحافة محلية حرة يافعة، مثلها مثل الظواهر الثقافية والتعليمية فى الكويت، فكل مجال من هذه المجالات حمل ريادته افراد من أبناء الكويت، ونتيجة ما توصلت اليه صحافة الكويت صدرت مجلة الكويت فى عهد الشيخ أحمد الجابر المبارك الصباح ، وبعد مائة عام من صدور أول مجلة عربية فى مصر سنة "1828" التى تحمل اسم الوقائع المصرية التي ترأس تحريرها "رفاعة الطهطاوى فى عهد محمد على باشا الكبير" والتي تعد السباقة فى الساحة العربية بالرغم من حداثتها، وبالرغم أيضا من أن هذه المجلة لم تستمر منذ صدورها إلا لمدة سنتين فقط حيث توقفت عن الصدور عام "1930" بسبب سفر مؤسسها وصاحبها ورئيس تحريرها ومحررها الوحيد الشيخ الرشيد إلى اندونيسيا، الذي كان عاشقا للعلم ، والعلم الديني على نحو خاص ، وهذا أدى إلى ظهور مولود صحفي كويتي آخر على يده في الغربة هو مجلة" الكويت والعراق" ومع انه لم يكن المتصرف الوحيد في المجلة إذ شاركه في ملكيتها وتحريرها العراقي " يونس البحري" إلا أنها تختلف في بعض محتويات بعض أعدادها التاريخية عن طبيعة ومضمون وتحرير "مجلة الكويت" حيث كانت موادها وتوجهها يشعل أيضاً الحركة الفكرية والثقافية والدينية بالكويت والتي يرجع تاريخها إلى أوائل القرن " التاسع عشر" عندما كتب العلامة الشيخ " عثمان بن سند" (الذى توفي عام 1826) بعض المخطوطات عن جزيرة فيلكا، وهي جزء من الكويت . ومن هذا المنطلق فإن تاريخ الصحافة الحديثة في الكويت بدأ عام "1928" وعدم صدور صحف قبل هذا التاريخ يعود إلى أن المجتمع الكويتي كان ضغيراً يعبر عن الأسرة الواحدة التي يعرف كل فرد فيها صاحبة حيث كانت الأخبار المحلية تنشر بين جميع المواطنين عن طريق الاجتماعات في الديوانيات، كما أن الأخبار الخارجية التي كانت تأتي إلى الكويت عن طريق الصحف الأجنبية والعربية في مصر ولبنان، والعراق وغيرها اصل متأخرة عدة أيام عن تاريخ صدورها بسبب عدم تطور وسائل المواصلات البريدية، والجوية في ذلك الحين ، ولذا فإن الصحافة بشكل عام لم تكن لتستطيع أن تعتمد علي أية مصادر اخبارية منتظمة لتقديم العمل الصحفي المتكامل، لن الواقع وكما هو واضح الان ونحن على مشارف القرن الواحد والعشرين يؤكد ان الصحيفة المقروءة تحتاج إلى متطلبات عدة لانتشارها أهمها المواصلات السريعة. وهذا الفراغ الصحفي في الكويت تكرر ثانية بعد وفاة الشيخ عبدالعزيز الرشيد في نهاية سنة 1937 بعد توقف"مجلة الكويت والعراق" التي كانت تصدر كل شهر منذ "1931 الى سنة 1937" وبع توقف كل من مجلتي "التوحيد" و"الحق" اللتين اصدرهما أيضا مؤسس "مجلة الكويت" في غربته في إندونيسيا واستمر هذا الفراغ الصحفي حتى سنة 1946 حين أصدر المرحوم عبد العزيز حسين "مجلة البعثة" في القاهرة بغرض التواصل بين أبناء الكويت الذين ارتحلوا إلى هناك يدرسون علماً وأدباً ، وبين اهاليهم في الكويت لمعرفة اخبار ابنائهم لكن هذه المجلة شرعان ما لبثت أن تطورت تطوراً بارزاً في عالم الصحافة حيث استقطبت أكبر عدد من الأدباء والمفكرين والذين اثروا في الحركة الثقافية والأدبية الكويتية والسياسية أيضاً منهم صاحب فكرة مجلة البعثة، المرحوم عبد العزيز حسين، وأحمد العدواني ، وحمد الرجيب ، وعبدالله زكريا الأنصارى ، واحمد زكريا الأنصارى ، وأحمد السقاف الذي أنشأ مجلة "كاظمة" عام "1948" وهى أول مجلة تطبع في الكويت.
وبذلك يتضح أن التربة الثقافية في هذه المرحلة في سنة 1938 إلى سنة 1946 كانت أفضل منها في الفترة التي أصدر فيها الشيخ الرشيد مجلة الكويت، خاصة أن الفترة الثانية شهدت الكويت حينها اكتمال الجهاز الإداري ، والأجهزة التنفيذية للدولة، كما وضعت في هذه الفترة نواة بناء ديموقراطي بظهور أول مجلس تشريعي، بالاضافة إلى فتح الجسور الثقافية بين هذه الدولة الفتية، وبين الدول العربية حيث أنشيء "بيت الكويت" في القاهرة عام"1945" وأرسلت البعثات التعليمية في البلاد المختلفة. الاتجاهات الفكرية وتحولها بعد التسعينيات ولكن الاتجاهات الفكرية للصحافة أوصلتها إلى هذه المكانة الدولية نحو منحى آخر بعد التسعينيات إذ إن طابعها الثقافي والديني والأدبي انصب على القضايا الأساسية في المجتمع العربي عندما كانت الصحافة تتصدى لأمور مصيرية هددت الوجود الاجتماعي والسياسي للأمة.. فقد كان الانتداب الأجنبي والمسألة الفلسطينية جانبين مهمين لمواضيع الصحافة الكويتية بينما شكلت التكتلات السياسية الصغيرة الحجم من حيث عدد افرادها ، واستوعب الموقف من الانتداب النزعة الوطنية ، وما نجم عنها من تشعبات لها مس مباشرة بالانتداب، فكان لكل مرحلة في الانتداب تأثيراتها، ولعبت المواقف من المعاهدات ، والشركات الأجنبية دوراً في بلورة الاتجاهات داخل هذه الصحافة. وهذا التوجه الفكري الكويتي في الصحافة الكويتية اتخذ إلى جانبه قضايا تخصصصية أخرى منها مسائل التحرر الاجتماعي كقضايا المرأة والأسرة ، وتباينت وجهات النظر فيها، ومازال هذا التباين قائما حتى الآن ونحن على مشارف القرن الواحد والعشرين.. لكن الهم الأساسي الذي مازال يستحوذ على توجه هذه الصحافة هو تطوير الواقع الاجتماعي والوضع الاقتصادي والنهوض بها لتتمكن البلاد من مواجهة المستجدات السياسية في المنطقة العربية ككل، كما لقيت القضايا الثقافية والأدبية اهتماماً واسعاً، وارتبطت بشكل وثيق بالمسائل القومية والاجتماعية إلى أن جاء غزو القوات العراقية عام "1990" لدولة الكويت فدمر البنية التحتية لجميع مؤسسات هذه الدولة، وارتكب جرائم بشعة بحق شعبها مما أثر على التوجه الفكري في الصحافة الكويتية بعد تحرير الكويت في 26 فبراير "1991" حيث انكب هذا التوجه نحو الوضع الداخلي ، واعادة الأعمار . الغزو العراقي.. والدمار .. والانطلاق كان للصحافة الكويتية انتشار واسع من خلال تدويل بعض الصحف، وكان هذا التوجه قد بدأ خلال الثمانينيات في عصرها الذهبي حيث كانت "القبس"الدولية ومركزها لندن في تلك الفترة قد اخذت مكانة عالية بين الاصدارات . ومع بداية عقد التسعينيات كانت الصحافة قد بلغت مرحلة الرشد مميزة بخصوصية المزج بين القدرات والطاقات المحلية والخبرات المهنية الوافدة، وكان يفترض ان تنتقل لحالة انعطاف جذرية في مسيرتها ترتفع فيها القدرات الكويتية لعصر جديد في الصحافة والاعلام .. ولكن فجأة وقع الغزو العراقي واحتلت الكويت، وتوقف كل شيء ن وكان الهدف الأول لهذا الغزو هو إسكات الكلمة المكتوبة والمسموعة والمرئية.. فدمرها وسرق أجهزة دور الصحف برمتها بعد أن كانت مثالا يحتذى في المنطقة العربية ككل.. لكنه خلال احتلاله حاول أن يصدر صحافة بديلة لصحافة الكويت لتضليل الصامدين في أرضهم المحتلة.. فأصدر صحيفة في مقر جريدة القبس التي دمرها قبيل انسحابه . تجربة صوت الكويت وكانت الصحافة الكويتية احد العناصر المقاومة للاحتلال عندما شهد شهر نوفمبر "1990" مولد جريدة صوت الكويت الدولي في لندن عن الشركة الكويتية للأبحاث والاعلان ، فقد استطاعت هذه الجريدة التي ترأس تحريرها الدكتور محمد الرميحي، أن تحتل مكانة متميزة بين الصحف العربية والعالمية خلال فترة وجيزة بعد صدورها وحتى تحرير البلاد من خلال استقطابها لبعض الاقلام العربية والدولية والكويتية والخليجية المتمكنة وكبار المفكرين العرب واستطاعت منافسة ما سبقها بعقود في هذا المضمار وبالإضافة إلى هذه العوامل فان قضية الكويت تدوولت وأصبح القراء يعرفون عن طجريقها ماذا يحدث في الكويت؟.. بالإضافة إلى الحملة السياسية التي خاضتها من أجل قضيتها. وتطورت هذه الصحيفة بعد التحرير وأصبحت تطبع نسختين محلية ودولية بعد أن تطورت أكثر وأكثر وبسرعة فائقة وبصورة واضحة من حيث مادتها الصحفية ، وأبوابها التي غطت محاور واسعة ضمت السياسة، والثقافة ، والاقتصاد ، والعلوم والفن، والرياضة، والتراث الشعبي ، وشئون العرب، وشئون الكويت. ومن أبرز مزايا هذه الصحيفة تشديدها على أهمية الديمقراطية واحترامها لحرية الرأي . كلمة ..أخيرة: ما أقدمت عليه دولة الكويت من توجه نحو تطوير جميع وسائلها الاعلامية مهنياً وفنياً وتقنيا لمواكبة عصر العولمة ووفقا لما أوضحناه في الاستطلاع يؤكد أن المسئولين الكويتيينوالقائمين على الاعلام الكويتي أدركوا مبكراً اننا كعرب نقف أمام تحديات حضارية تشمل هويتنا الثقافية، لأن الاعلام الطاغي سيحمل معه قيماً لا تتوافق وقيم مجتمعنا العربي المتلقي له ، وسيتمكن هذا الطغيان شيئا فشيئاً من القضاء على حضارتنا ، وسيكون له آثاره في قولية الفكر الاجتماعي، والاقتصادي السياسي لشعوبنا العربية، كما هو للشعوب الأخرى المتلقية، التي لا تمتلك الاعلام المتطور، خاصة أن نوعي هذا الاعلام أخذت تتغير من التلاقح هاديء الوتيرة غلى هجمة جامعة عبر وسائل الاتصال الحديثة، والسيطرة على الاعلام والمعرفة كأدوات للهيمنة . وبالرغم من أن هذا الواقع الذي بدا خطواته سريعا في عصرنا الحالي والذي حمل معه أيضاً تطورات تكنولوجية في جميع المجالات قد داهم وطننا العربي، وهو في أدني حالات الاستعداد للمواجهة وللانخراط فيه كشريك فاعل مؤثر بسبب عدم امتلاكه الآليات اللازمة للتعامل مع تحديات متعددة الجوانب نلاحظ أن العديد من أقطارنا العربية قد بدأت تركز في الآونة الأخيرة على إعادة الهيكلة الاقتصادية تحت وطأة عولمة الاقتصاد، ومتطلباته دون التوجه الفعال لتطوير هيكلة اعلامها وتوفير متطلباته من حرية وغيرها بالرغم من وسائل الاتصال سيبقي اعلامنا مبتوراً إذا لم ندرك نحن كعرب إدراكا كاملاً أبعاد التغيير الجامح الذي يكتسح العالم ، وآثاره الحضارية والثقافية الخطيرة الشاملة، وأيضاً إذا لم نتعامل معه وفق استراتيجية مترابطة الجزاء تتخطي التجاوب مع الضغوط الآتنية إلى رؤية المستقبل وحقائقه الجديدة ومواجهة التحدى الكبير خاصة في مجال الاتصال والاعلام لأن هذه المواجهة هي ذراع رئيسية لهذه الاستراتيجية.. خاصة لأن الأعلام وثيق الصلة بالسياسة وادارتها داخلياً وخارجياً كما أنه من آليات التنمية الشاملة، بالإضافة إلى تأثيره الخطير على الجوانب النفسية والثقافية للإنسان العربي، وسلامة تطوره المستقبلي وتعامله الصحي مع المستجدات المتدفقة عليه من كل صوب.
|
|