إلى أن نلتقي

إلى أن نلتقي

سيد النور .. أم الظلام؟

في الفيلم الوحيد الذي كتبه تحت عنوان "سيد النور" يتخيل د. دباك شوبر الشيطان قد عاد إلى الأرض وترأس إحدى حلقات السحر وأخذ يعد اتباعه بكل وعود الثراء والخلود والصحة الدائمة. ولعل هذا ما يقوله نقاد شوبرا عنه. فهم يتهمونه بأنه دجال يستغل شهادته العلمية وأصله الهندي ليوهم أتباعه بأنه يقدم لهم حلولا لكل مشاكلهم الجسدية والورحية. ولكن شوبرا لا يبالي بتلك الانتقادات فشهرته طاغية والذين يدينون له بالطاعة والولاء لا يتأثرون بأي نقد، وقائمة المشاهير الذين يترددون على عيادته يتباينون بين أكبر الأثرياء في العالم وأشهر النجوم في هوليوود، وكتبه تحتل دائما رأس قائمة المبيعات. فعندما ظهر في برنامج أوبرا الشهير قال للمشاهدين إن بإمكانهم أن يواصلوا حياتهم بلاشيخوخة، بدا كأنه قد ضرب على الوتر الحساس الذي يهم الجميع وقد بيع من كتابه "أجساد بلا عمر وعقول بلا زمن" حوالي 130 ألف نسخة في يوم واحد.

الدكتور دباك شوبرا بدأ حياته كأي مهاجر جاء إلى أمريكا من الهند في عام 1970. كان مفتونا في بداية الأمر بالطب الغربي ومتخصصا في علاج الغدد الصماء ولكنه اكتشف أن العلاج الحديث ليس كافيا في مواجهة العديد من المشاكل التي يعاني منها المجتمع المعاصر، وقرر أن يعود إلى الجذور، لاكتشاف الحلول التي وضعتها البوذية للخلاص البشري. وقد أعاد أسلوب "الكارما" أو التأمل الذاتي إلى حيز الممارسة. والكارما هي أحد المستويات العقلية التي يجب أن يصل إليها المرء في كل طور من أطوار وجوده، بوصفها العامل الذي يقرر قدر هذا المرء في أحد أطوار التناسخ التالية. ويقول شوبرا: "أنت تستطيع أنتغير العالم الموجود داخل جسدك عندما تستطيع أن تغير من درجة إدراكه" فالعالم في رأية هو مجرد عبور من مستوى العلم إلى مستوى الإدراك.

فأنت لا ترى الأشكال كما هي ولكن الطاقة الموجودة داخل الوعي هي التي تعطيه الشكل الذي تراه، وتحكمك في هذه الطاقة، يعني تحكمك في جسدك وفي مقاومتك للأمراض وللشيخوخة وكل عوامل التحليل. ويوصي شوبرا أتباعه بالتأمل والصمت. وهو يمارس هذا العلاج على نفسه فيقضي خمسة أيام كاملة من الصمت لا يتفوه فيها بكلمة واحدة وذلك كل ثلاثة شهور.

وآخر كتاب أصدره هو "سبع نصائح روحية للآباء"، حقق أعلى المبيعات وهو الكتاب التاسع عشر له وكلها حققت نفس الأرقام القياسية، كما أن محاضراته التي يحضرها جمهور غفير توزع الآن على "سي. دي" مصاحبة بموسيقى وأغان آسيوية. كما أن له شبكة لتقديم الخدمات الروحية يشترك فيها خمسة آلاف مشترك من خمسين بلدا حول العالم، ويقوم بالإشراف على إنتاج مستحضرات طبية تحتوي على أعشاب خاصة تهب الطاقة والحيوية، وزيوت تستخدم في التدليك. وهو يلقي العديد من المحاضرات حول العالم من الهند حتى إيرلندا وأجره في المحاضرة الواحدة 25 ألف دولار، كما أنه يعقد ثلاث جلسات روحية كل ثلاثة أيام في الأسبوع بعنوان "رحلة بلا حدود" وهو كما قلنا من قبل لم يترك حتى مجال السينما.

إنه ظاهرة عالمية، تسوقها أجهزة الإعلام الأمريكية الجبارة ورغبة الناس في إيجاد حل لمشاكلهم المزمنة. وفي آخر لقاء عقده على الشاطئ الهندي حضره 400 من المريدين ليستمعوا إلى محاضرات ويأخذوا الدواء وجلسات الصمت والتدليك وكان بينهم ألمان ويونانيون واستراليون والكثير من عالمنا العربي الذي يسعده بالطبع أن يؤمن بمثل هذه الأشياء .

فهل شوبرا حقيقة علمية جديدة؟ أم سلعة صنعتها أجهزة الدعاية الجبارة؟ الله أعلم.

 

أنور الياسين