" تحت الأرض " الفيلم الذهبي في مهرجان كان

" تحت الأرض " الفيلم الذهبي في مهرجان كان

شاشة العربي

تواصل السينما العالمية طرح المزيد من القضايا الجادة. وفي مهرجان كان الأخير تداخلت هذه الجدية مع عوامل الجذب الجماهيري. " وشاشة العربي " تقدم عينة لأهم الأفلام التي تستحق المشاهدة.

" هذا قمر "
" بل هي الشمس يا بني "
" هذا حصان "..
" لا، بل غزال يا بني "
المتحدثان هما رجل وابنه، والابن ليس طفلا يحاول معرفة ماهية الأشياء التي يراها، ولو أن الحوار أشبه بحوار بين أب وابنه الصغير، بل هو رجل في العشرين من العمر. والسبب في أنه لا يعرف الفارق بين القمر والشمس وبين الحصان والغزال هو أنه لم ير أيا منها من قبل. كأبيه عاش لعشرين سنة تحت الأرض من دون أن يرى نور النهار ولا ظلمة الليل. كأبيه عاش تحت الأرض معتقدا أن بلاده مازالت تحت الاحتلال النازي كلاهما كان محاطا بمجموعة كبيرة من البشر وبعض الحيوانات في ملجأ، يتم إنزال الطعام إليه من فجوة في غرفة تكمن فوق الملجأ. ربما أن البلاد مازالت محتلة من قبل الألمان منذ غزوها أيام الحرب العالمية الثانية ، فلماذا لا يتم في هذا الملجأ صنع أسلحة النضال ضد الاحتلال الفاشي؟ بل لماذا لا تكون هناك دبابة تكمن في ذلك الملجأ كأنما تنتظر ساعة انطلاقها للإسهام في تحرير البلاد من الخطر المحدق؟.

الفكرة؟ وفحواها وكل تلك الأسئلة والظروف وغيرها، تكمن في فيلم أمير كوستاريتزا الجديد " تحت الأرض ": ملحمة اجتماعية بارعة ذات منحى كوميدي / تراجيدي أسود وملامح من سينما تطرق باب السياسة من دون أن تتخلى عن اللغة الفنية ومفردات الشعر السينمائي ولو في بعض أدكن ألوانه.

إنه الفيلم الذي كتبه كوستاريتزا مع دورانكوفاسيفيتش وأخرجه بتمويل فرنسي / مجري / ألماني مشترك، لكنـه اختـار تقـديمـه، في مهرجـان "كـان " الأخـير ، وإلى العـالم تحت علم دولة يـوغوسـلافيا وهو المؤمن بأنه ولـد يوغوسلافيا وليس بوسنيـا أو صربيا أو كرواتيا .

في الواقـع، ولد أمير كوستاريتزا مسلما في سراييفو ومثل كل اليوغوسلافيين قبل أربع سنوات، وجد نفسه مداها بحرب لم تكن بالحسبان، حرب ليس ضد أعداء البلاد الموحدة بل حرب أهليـة بدأت بين الصرب والكـروات ثم اتسعت لتشمل الكـروات والمسلمين والصرب والمسلميـن وصـولا في الوضع الراهن التي هي عليه الآن.

لكن في حـين أن معظم السينمائييـن وجـد نفسـه مع هذا الجانب أو ذلك، إن لم يكن اختيـارا فقبـولا بأمـر واقع ، عكس كـوستاريتزا في تصاريحه وآرائه، تصميمه على أن يعتبر نفسه يوغوسلافيا أولا وأخيرا مطالبا بإعادة وحدة البلاد .

هذا التصميم هو ما يضمنـه في فيلمه الجديـد هذا الذي يتحدث فيه عما خاضته البلاد من حروب وظروف سيـاسية واجتمـاعيـة من بداية قيـام القـوات الألمانية باحتـلال يوغوسلافيـا وصولا إلى اليوم، مرورا بـالفترة الشيوعية وحكم الجنرال تيتو .

كل ذلك من دون أن يضطر المخرج لتقـديم فيلم أشبه بتسجيل تـاريخي.على مـدى ثلاث سـاعـات ونصف يسرد كـوستـاريتـزا كل هذا التـاريـخ من دون التنـازل عن الملكيـة الـروائيـة وتحويل الفيلم إلى عمل تسجيلي أو حتى شبـه تسجيلي .الجديـد أيضـا هـو معالجته للفكرة مقسما الأحداث، ولنحـو ساعتيـن من مدة الفيلم، إلى تلك التي تدور فوق الأرض وتلك التيتدور تحته. .

حكاية ماركو وبلاكي

يقسم المخرج الفيلم إلى ثـلاثة فصـول .ويبدأ الأول عام 1941 م بتقديم فرقة جوالة من العازفـين وفي ركبهم كل من ماركو وبلاكي .صديقـان شابـان يستمتعان بشبابهما على أنغام موسيقى من الأبواق والإيقاع الغجريين .

إنها تلك الفترة من الزمن التي تبدو كأنها وميض لثقافة وتاريخ شعبي متواصل من عمق الماضي وتراث حافل بـالمرح والفـرح إلى أن تتبـدل حـالما تقع الغارة الألمانية الأولى على بلغراد .ويصور كـوستاريتزا الغارة على نحو مؤثر : لا طائرات في الجو، بل انفجارات على الأرض والمكان الذي نشهد دمـاره ليس سوى حـديقة الحيوان حيث يعمل ايفان، وهو شقيق أصغر ومحدود الـذكـاء لماركـو .ايفان يحب الحيوانات التي يطعمها وتتعلق به شـامبانزي .صغيرة تموت أمها في مشهـد يبدو وكأن تلك الأم توصي ايفان برعاية ابنتهـا .

يقع الاحتلال مبـاشرة بعد ذلـك ويتحول ماركـو وبـلاكي إلى مناضلين في سبيل التحـرير ومعـاداة الفاشيـة .بلاكـي متـزوج لكن امرأته تموت حينما تضع طفلها الذي سيكبر في داخل الملجأ حتى يبلغ العشرين من العمر .لكـن بلاكـي لم يكن مخلصـا لها فهو واقع في غرام الممثلة ناتاليا التي لا تبادله ذات المقدار من الحب وتفضل عليـه ضـابطـا نـازيـا .لاحقـا ستفضل عليـه صديقه ماركو الذي كان يحبها بصمت .

في أحد الأيام يدخل ماركـو وبلاكي مسرحيـة تقوم ناتاليا ببطولتها ويطلق بلاكـي النار على الضابط الألماني فيصيبه لكنه لا يتمكن من قتلـه، ولاحقا يقع بلاكـي أسيرا فيخلصه ماركو وجماعته ويهربـون إلى الملجأ نفسه الذي يحتفظ ماركو بمفاتيحه .وتقضي غارات الحلفاء على ما كـان قد بقي من المدينـة ( في لوم مباشر للطـريقة التي تم فيها تحرير بلغراد وربما كل يوغوسـلافيا) لكن بالنسبة لبلاكـي وجماعته التي تعيش في الملجأ، فإن تلك الغارات ألمانية .ويقوم ماركـو بخداع الجميع مدعيا أن الاحتـلال مازال قائما حتى من بعـد انـدحـار ألمانيا واستقلال يوغوسـلافيا، والموجب لخداعـه هو حبه لناتاليا وإدراكه بأن بلاكي سيعود إليهـا إذا ما خرج من مخبئه، كذلك قيامه ببيع ذلك السلاح المصنوع في الملجأ في السوق السـوداء .أحيانا ما يشعـر بتأنيب الضمير،لكنـه يترك لحبه لنـاتـاليا أمر تسيير رغباته .في ذات الوقت، فإن بلاكـي، الذي يدرك في يقينـه أن ماركو وناتاليا أكثر من مجرد صـديقـين، ينتظر الفرصة المناسبة للخـروج من الملجـأ والاشتراك في تحريـر البـلاد من الاحتلال.

لاستكمال شروط الخديعـة، يـدير ماركـو شريطـاً تسجيليـا من المؤثرات الصـوتيـة يسمع الجميع فيهـا أصـوات القصف والمعارك وبعض الخطب أو الأخبار الإذاعية المسجلة .وتستمر الخديعة إلى ذلك اليوم الذي تقوم القردة التي أنقذها ايفان بالتسلل في دبابة تكمن في الملجأ الذي كـان يشهد عرس ابن بلاكـي الذي بلغ العشرين، وهي عـدد السنـين التي مكثها الجميع تحت الأرض.

تلقم الشامبانزي قنبلة في فوهة مدفع الدبابة وتطلقه فيتهاوى الجدار العازل ما بين الملجأ والعالم الخارجي،إذا أردت : يتهاوى الجدار العازل بين الوهم والحقيقة .منـه يتسلل بلاكـي وابنه مسلحـين بغية مقاتلة الألمان، وايفـان مع القـردة التي مازالت تحن إليه .

حين الخروج يجد بلاكي وابنه نفسيهما في شبكة من الطرق تحت الأرضية الممتدة بلا نهاية معروفة في نوع من الرمزية الـدالة على أن هنـاك الكثير من الأمـان المزيف الذي يربط الدول الأوربية بعضها ببعض .لا ننسى حيال ذلك، أن أهل الملجأ طوال الـوقت كانوا مؤمنين بأنهم في أمـان من الشرور التي تقع فـوق الأرض ولم يتوقفـوا عن الغنـاء والـرقص والاحتفال والعمل ليوم يخرجون فيه أحرارا!

حـال خروج بـلاكي وابنـه يشاهدان القمر الذي اعتقده الشاب شمسا، ثم يشـاهدان الغزال الذي قال عنه الشاب إنه حصان .لكن ها غاب عنهما بـالكامل هو أنهما خرجا والبلاد في مرحلة جديدة .لقد تحررت وتسلمت القيـادة الشيوعيـة مقـاليد الحكم وتيتو هـو رئيس البلاد .بالقرب من الموقع الذي خرج منه بلاكي وابنه يتم تصـوير فيلم يروي سـيرة حياة ماركـو وبلاكـي وعلاقة الثـاني بناتاليا وعلاقتها بـالنازي .إنه فيلم من تلك الأفلام التي عرفتها يـوغوسلافيا في الخمسينيات والستينيات تحت اسم " أفلام النضـال"التي حاولت تغذية روح الإعجاب بنضال اليـوغوسلافيين ضـد الفاشية النازية .

بلاكـي لا يفهـم الأمـر على هذا النحـو ويقوم بقتل الممثل الذي يلعب دور النازي على اعتقـاد أنه الضابط الذي سرق منـه ناتـاليا في صبيحـة اليوم التـالي، يغرق الابن البريء في البحر ويلقى القبض على بلاكـي وينقل بطائرة هليوكوبتر بعدما وقع في شباك صياد .المشهد ، من زاوية تحتية، يصور بلاكي منقولا في الشبكة المعلقة بين السماء والأرض كـما تنقل الماشية .

فردوس للعين

الأيام تمر .البلاد تدخل عام 1992 حربا أهلية بين الصرب والكروات .بـلاكي رئيسا لفرقـة من المحاربين لأحد الفريقين .ماركو ( بات مشلولا) وناتاليـا يتاجران بالسلاح عنـد الفريق الآخر .هجوم للفريق الأول بعد موقعة ضارية وماركو وناتاليا يصبحان أسيرين ويقيدان إلى صليب مقلوب وتضرم فيهما النار .يهرع بلاكـي إليهما متأخرا .

المشهد الأخـير يقع بعد موت الجميع العازفون الغجريون يطلقون أبواقهم في تلك الألحان الضاجـة والمرحة .بلاكي وزوجته وابنه وايفان وباقـي الأصدقاء يجلسون على طاولة عامرة .من بعيـد يتقدم ماركووناتاليا .يرحب بهما بلاكي فينضمان إلى الحفل .يقوم الجميع ويرقصون على أنغـام الموسيقى .فجأة تنفصل قطعة الأرض التي يتم تصـوير المشهد عليها وتمضي في البحـر مبتعـدة عن الشاطئ .من على تلك الجزيرة الصغيرة التي تكونت أمام العين في فردوس دائم بعيدا عن شرور أهل الدنيا .

المشهد هو فردوس للعين ونهاية مؤلمة بقـدر ما هي شاعريـة جميلة .لكن بجانب هذه الملامح الممتزجة ما بين الشاعرية والألم، فإن الفيلم بحـد ذاته مخاطرة تكاد عجلاتها تفلت من قضبان سككها أكثـر من مرة مؤدية إلى وبال شديـد .فـالفيلم قـائم على عدد كبير من الأحـداث التي من الصعب تصـديقها، لذلك يـوفر كوستاريتـزا قدرا من الفانتازيا .الخطر الأساسي الذي يتجاوزه كوستاريتزا بنجاح هو أن هذه الفانتازيا لا تميع الواقع أو تؤثر فيه على نحو يتحول فيه إلى مجرد خلفية ما للأحداث .

الفيلم خلاصة لكل أعمال كوستاريتزا اليوغوسلافية السابقة( إذ هناك فيلم أميريكي واحـد) التي طرحت مسـائل تهم اللبنة الاجتماعية اليوغـوسلافية .في "هل تتذكر دولي بل؟" (1981) يطرح المخرج شذرات من ماضيه في مـدينة سراييفو من خلال ولوج بطله الشاب عـالم الرجـولة في سن مبكـرة .إنه عمل متأثر بدراسـة المخرج للسينما على يـدي المخرج التشيكـي ييري منزل حيث المزج بين الساخر والمرح والنقـد المؤلم يؤدي إلى كوميديا سـوداوية كتلك التي في الفيلم الجديـد .هذا الفيلم الأول، الذي حققه كوستاريتزا وهو في السادسة والعشرين من العمـر، نـال الجائزة الأولى لا مهرجان "البندقية" في ذلك العام  .الفيلم الثـاني كان أكثر عمقا ودلالة : "عندمـا سافر والدي في رحلـة عمل، ذكريات ولد آخر حـول ما حـدث لأبيـه عندمـا تم إرساله إلى معسكـر عمل بسبب وشـايـة في زمن كـانت فيـه يوغـوسـلافيـا تعيش حـالـة صراع بين الستـالينيين المتشددين وتيتو الأكثر انفتاحا .الفيلم استقبل بحفاوة نقدية جامعة لم يسبقه إليها فيلم يوغـوسلافي آخر .كما نال جائزة مهرجان "كان" الأولى .

هذا كـان تمهيدا لفيلمه الثـالث "زمن الغجر" حيث انتقل كـوستاريتزا للزمن الحديث متنـاولا دراما ذات ملامح خاصـة .الفيلم متماسك في نصفه الأول ، لكنه يتعثر نوعا في النصف الثاني منه نتيجة التطويل وربما شيء من ضياع الهدف.

في كل تلـك الأفـلام رسم للمحيـط الاجتماعي وسخـريـة قـائمة بذاتها وكوميـديا سوداء تتخللها تراجيديات إنسانية صغيرة .إنها ذات العوامل مجتمعة في هذا الفيلم الجديـد، " تحت الأرض" بالإضافة إلى المعالجة الملحمية الواسعة .

كون الفيلم يأتي في غضون الحرب الأهلية يجعله أكثر أهميـة في طرحه وكيفية استقبـالـه .كـذلك من الضروري ملاحظـة أن المخرج لم يـرد الحديث عن الـوضع البـوسني. شخصيا أتمنى لو وجـد مجالا لذلك ،لكن يبـدو أن كـوستاريتـزا لم يرد التعرض لبوسنيا حتى لا يفسر الفيلم على نحـو شخصي، أي لكيلا يحرمه من نظرتـه الإجمالية .هـذا على الرغم من أن الحرب الأهليـة التي يتيح المخرج لفيلمه تناولها تتوقف عنـد تلك التي اشتعلت عام 1992م بين الصرب والكـروات وهـو يجد مجالا لإدانتها والطرفـين معا.

العالم يشـاهد جديد الأفلام السينمائية حول العالم

  • حكاية الجواهر الثلاث ** 2 / 1
  • إخراج : ميشيل خليفي بطـولة : محمـد نهال، هـانا نعيمي، غسان أبو لبدة، محمد بكري ، مكرم خوري
  • إنتاج: أفلام سندباد ( فلسطين - 1995 )
  • المنتج: عمر القطان.

فيلم المخـرج الفلسطيني المثـابـر ميشيل خليفي الجديد، كان مشروعـا تلفزيونيا مع القنـاة 4 البريطانية وتم بثـه فعلا قبل بضعـة أشهر، لاحقـا قـام المخـرج بإضافة مشاهد أخـرى محولا الفيلم إلى مدة سينمائية كاملة، ربما هذا هو السبب الذي من أجله يبدو الفيلم ممطوطا في بعـض مراحلـه، وفـاقدا الإيقاع المناسب لحكـاية تنم عن فكـرة شاعرية جميلة : صبي من غزة يعيش مرحلة الانتفاضة منفصلا ومرتبطا معا .إنه يحب فتاة صغـيرة جميلـة تنسيه مـا يدور حـوله مـن مآس، في الوقت الذي مازال فيه يورد الطعـام لشقيقه والمناضلين الفلسطينيين المطاردين من قبل السلطة .

ضمن هذه الأجواء، ينجح الفيلم في تقديـم مزيج من الخيال والواقع كليهما من وجهـة نظر الصبي .لكن إذا كان السينـاريو ينم عن فكرة جيـدة، فإن تنفيذه لا يخلو مـن ضعف واضح .كـذلك فـإن الحوار خطـابي وكثيرا مـا يبـدو خـارجـا من أفـواه لقنت ممـا يجعل الشخصيات، في تلك المشاهـد، غير طبيعية .التمثيل جيـد مـن الجميع بمن فيهم الممثل الذي لم ينـل بعد فرصته العربيـة التي يستحق محمد بكـري وذلك على صغر دوره هنا .

كل الأحلام والأفكار الـدائرة والمستـوحـاة من العصافير وأحلام الحرية وطلـب الاستقلالية جميلة على الأذن وأحيانا العين، لكن تأثيرهـا يبقى محدودا مع الأسف وأشبه بترداد لفيلم قديـم .كذلك فإن شخصية الأعمى كثيراً ما تبدو دخيلة حتى حينما يتطرق الفيلم من خـلالها في خسارة حرب 1967 كأنما هـي الخسارة الوحيدة التي سجلها الصراع العربي - الإسرائيلي .

  • رجل ميت BEAD MAN
  • إخراج : جيم يارموش
  • بطـولـة : جـوني دب، غاري فـارمر، لانس هنريكسـون، روبرت ميتشـوم، جون هيرت، غبريال بيرين .
  • إنتاج: ألماني (1995) .

(رجل ميت) فيلـم "وسترن" يحاول الاختـلاف عن أفلام الغرب الأمريكي بمعالجته الأسلوبية والفنية .إنه من مخرج تعـود العمل في إطـار الأفلام ذات التكـاليف شبه المعدومـة وخارج قنوات هوليـوود .لكن ما سجله في الماضي من نجـاح نقدي وفني، يمحوه هـذا الفيلم الذي يتميز بـالتكلف وخلـوه من مفارقـات تملأ ذلك الفراغ الشديد الذي تطالعنا به القصة وشخصياتها .

يدور الفيلم حول شاب (دب) جاء من شرقي البلاد إلى غربها أثر تسلمه رسالة توظيف .حـين وصوله يفاجأ بأن وظيفته أعطيت لآخر ولا ينفع احتجـاجه .وسريعا ما تلفق له تهمة القتل المتعمد فيهرب إلى البرية حيث يلتقي بهندي يعالجه من إصابة ويساعده في الهرب من ملاحقيـه، أحد هؤلاء المطاردين يقتل رفيقيـه ويقتات من جثـة أحـدهما .الفيلم في سـاعتيه يبـدو خاويا والمخرج إذ يحاول استخـدام التعتيم والظهـور التدريجي (Fade out / Fade in) بين المشاهد عوضا عن القطع لا يوظف ذلك في مبرر فني مقبول، التصـوير بالأبيض والأسود لروبي مولر، لكنه غـير مؤثر يسبب طبيعة المكان ودكانـة المشاهـد وعدم حسن استخـدامه أو تـوظيفه.ميتشوم، بيرن، هيرت في أدوار شرفية صغيرة هي أفضل ما في الفيلم.

  • مدينة الأطفال المفقودين La cite de Enfants Predus
  • إخراج : جان بيير جينو، مارك كارو
  • بطـولـة : جـان كلوددر ايفـوس، رون بيرلمان ،دانيال اميلفورك.
  • إنتاج : فرنسي ( 19951)

الصيت الحسن الذي لحق بـالمخرجـين جينـو وكارومن جراء أول أفلامهما المشتركة " محل المعلبات" (1992) لن يتكـرر مـع هذا الفيلم الذي يميـل في إتقان كل استخدام تقني وذلك على حساب العلاقة المطلوبة بين المتفرج والشخصيـات .قصة رجل يبحث عن شقيقه الذي خطفته عصابة لكي تسلمه إلى عـالم ابتكر سبعة أشقاء له لكنه لا يستطيع أن يبتكر لنفسه حلما واحدا .وهو ينوي سرقـة أحـلام الصغار حتى يمنع عن نفسـه الشيخوخة .

نعم الفيلم فـانتازي وعلينـا أن نتناولـه على هذا النحـو، لكن ذلك لا يعنـي القبـول بشطحات تبدو مصنوعة للتأثـير فقط أو لمجرد الوجود على الشاشة من باب إبهار المشاهدين .التمثيل متكلف ودرجة الإخراج مبـالغ فيهـا .فيلم بسيط عن شـاب يبحث عن أخيه المفقود في وسط المدينة في هذا العصر أفضل من عمل يغيب في ضلالات مكثفة في أزمنة وأمكنة غير محددة .

بطاقة

  • الفيلم: "تحت الأرض" UNDER GROUND
  • إخراج: أمير كوستاربتزا EMIR Kusturica
  • سيناريو: دوسان كوفاسيفيتش، كوستاريتزا
  • تصوير: فيلكوفيلاتش
  • توليف: برانكا سيباريتش
  • موسيقى: غوران بريغوفيتش (192 د)
  • بطولة: ميكي مانولوفيتش (ماركو)، لازار ريستوفسكي (بلاكي). ميريانا جوكوفيتش (ناتاليا) سلافكوستيماتش (إيفان)، ارنست ستوتزنر (الضابط فرانز).
  • إنتاج: فرنسي ، ألماني ، مجري.
  • المنتج: بيير سبنغلر.
  • تقويم الناقد: الإخراج **** الموضوع: ****، التمثيل: ****، الترفيه: ***.
  • إجمالي: **** (النجوم من واحد لخمسة).

نافذة

ولد أمير كوستاريتزا في مدينة سراييفو عام 1955. بعد دراسته السينما في براغ، عاد إلى بلاده حيث عمل لفترة في التلفزيون قبل أن يحقق فيلمه الأول "هل تتذكر دولي بيل؟ " Do You Remember Dolly Bell ? عام 1981 بعد أربعة أعوام،تبع ذلك الفيلم الناجح بآخر هو "عندما ذهب والدي برحلة عمل" (1985) ثم بفيلم "زمن الغجر" (1989).

ترك البلاد مع مطلع الحرب وهاجر إلى الولايات المتحدة حيث درس السينما في جامعة كولومبيا. خلال وجوده في الولايات المتحدة حقق فيلما أمريكيا ( من إنتاج فرنسي) واحدا هو "حلم أريزونا " الذي لم يحقق نجاحا تجاريا وجلب أيضا نجاحا نقديا محدودا.

 

محمد رضا 

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية  
اعلانات




صورة جامعة لكل شخصيات فيلم تحت الأرض





ماركو وبلاكي وأيام اللهو في تحت الأرض





لقطة من فيلم مدينة الأطفال المفقودين