امرأة من تونس عزيزة عثمان محررة العبيد

سجل التاريخ الحديث أن على الإنسانية، إبراهام لنكولن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، الذي حرر العبيد، وليو تولستوي الكاتب الروائي الروسي الذي خلع عن نفسه كل ممتلكاته ووهبها لفقراء بلاده وتحديدا للفلاحين الفقراء.

لكن التاريخ لم يذكر عزيزة عثمانة، الأميرة التونسية ( 1606 - 1669 ميلادية) التي فعلت العملين معا .. انطلقت بدعوتها لتحرير العبيد، ثم تنازلت عن ممتلكاتها لفقراء بلادها، تونس.

هي ابنة الأمير أبي العباس أحمد ابن محمد نجل الأمير عثمان داي والي تونس الذي طرد الإسبان من بلاده عام 1573م. وقد حملت عزيزة اسم جدها فبات " عزيزة عثمانة". أطلق عليها أهل عصرها لقب "المحسنة الكبيرة" لأنها وهبت نفسها وخدماتها للشعارات الإنسانية الكبيرة، ثم خصصت من وقتها نصيبا كبيرا لتحويل الشعارات إلى واقع.

نشأة نشأة ثقافية دينية وآمنت بأن الناس خلقوا أحرارا ولم يخلقهم الله عبيدا لأحد. لذلك دعت إلى عتق العبيد وفك أغلال الأسرى وفدائهم. وبدأت بنفسها فعتقت عبيدها وأعطتهم حريتهم.

أما في نشاطها الاجتماعي فقد تقدمت صفوف رجال ونساء عصرها فأنشأت مستشفي لعلاج المرضى جسمانيا ونفسيا، وأوقفت على هذا المستشفى عقارا ينفق ريعه على الخدمات التي تقدم فيه. كما أوقفت عقارا آخر لسد حاجات الفقراء، يمول ريعه ختان أبنائهم وكسوتهم وتجهيز بناتهم عند الزواج.

عند وفاتها عام 1669 ميلادية تركت وصيتها النادرة التي لم تلق عليها الأضواء والتي تنازلت بموجبها عن كل ممتلكاتها العينية والعقارية لأعمال البر والإحسان. كما أوصت فيها ابنتها فاطمة بتنفيذ إرادتها الواردة.

درست الأدب والعلوم الدينية وكانت مجالسها الأدبية محط أنظار أدباء عصرها.

لم تبهرها حياة الترف والبذخ، فكانت ترعى شئون بيتها بنفسها وتشرف على تربية أبنائها حتى تغرس فيهم قيم المحبة والمساواة.

ماتت وهي في الثالثة والستين ولكنها تركت تراثا حضاريا سبقت به لنكولن الأمريكي الملقب بمحرر العبيد وليو تولستوي صديق الفلاحين الفقراء ونصيرهم.