ما من طريق تدل عليك جمال القصاص

ما من طريق تدل عليك

شعر

نقرتان على الباب
يرتبك العشب في "كرمشات" الأصابع
ترتشح الروح في وحشة الصورة الحائطية

تصبح: أجنحة وعصافير
تمسح أرجلها في حواف الكلام
وتلقط ما قد تناثر من شهوة الغيم

ليس سوى نقرتين
الفراشات أسئلة النور
تاج الغصون
وحبر انكساري ..
أعرف
أن السماء تخبئ أقمارها في قميصي
أن البحيرة مشغولة بغيابي
أعرف ..
بالأمس كان لدي مفاتيح هذا المساء
وكنت الوريث لهذا الغبار
ألونه بالطباشير والحبهان
وأمنحه شفرة العشب
يسمعني ويراني ..
ينساب في الكأس
يزهر مثل الخطايا
فأعبر مملكة ..
وأسمي يدي الهواء

أجرب أن أحبس البحر في سلة الليل
أحصي النجوم على شرفة الصدر
أرمي الخميرة في غبشة اللون
ما من طريق تدل عليك
سوى أن أضل الطريق

ورق كل هذا الفضا
ورق كل هذا الصراخ
كل هذا الصدى
ورق كل ما أستطيع
فكم مرة كانت الأرض حبلى
سيأتيك غيم خفيف
وغيم ثقيل
ملاك صغير ينقف بيضته
فوق سطح الكتاب
يبغبغ في لحية الوقت
يفتلها في يديه
وينثرها في زوايا الرسوم
فتنحل ..بحرا
وناسا
وأرضا
ونجما
يثرثر في جعبة الحلم ..
تنحسر البئر عن سرك الرعوي
يميد بك العرش والملكوت
رأيت / انخطفت
كشفت / انكشفت
دم فاسد يتقمص شكل الفراغ
ويحشو خراطيمه بالمرايا
يشنشن في عتمة الظل

وليس الطريق كما تشتهي
فتمهل أيا سيدي الشيخ
بح بالسلام
ولا ترتد قشرة الضوء
رائحة الخلق تسبح في رحم الكون
تلقي تمائمها في الشقوق
فتنتفض اللغة البكر
ينتفض الجسد الحي
يخلع برق الصفات القديمة
يمرض فوق العناقيد
رغوتها تشرئب ..
الكلام ..يمر
وينزلق الصوت فوق الشفاه

تمهل أيا سيدي الشيخ
ليس سوى حفنة من تراب
وماء
وليس سوى نقرتين:
عمامته تستدير
وتخضر بين أصابعه
طرق تتكشف عن طرق
غابة تتنهد ..
هل نبت الخس في دقدقات الخماسين
هل كسر الثور مقوده
هل تخمر عشب المواويل فوق السرير؟!
- أنا طيب يا أبي
يستوي فوق عكازه
ويحوقل مبتسما:
- لا تزل مثلما أنت ..
يفضحك الجرس المدرسي
وعش الغراب
ولسعة هذا الحصير ..

الأحبة مبتهجون. . .
فوانيسهم تتلألأ في العتبات
الربابة تصهل
والفجر يفرك أوراقه الذهبية
في " شخللات " البيوت
أرى لغة يصطفيها الكلام
وماء يبدل خطو القطيع
ونهرا تكوكب في ظله
وتخر النيازك فوق عباءته

من سواي سيحمل صندوقك الخشبي
ينكش ما يحتويني أي يحتويني
أي خيول ستترك أعناقها في أساور هذا الندى
من يرتب روحي
ومن يشتري لسمائي مدى
من سيسرق من جسد شوك هذا الحرير؟!
هنا ..
كنت تبتكر الأرض والنخل
تخطف قلبي
تزوجه للبياض
فيرقص بين ذراعي
يلتف مثل اليمام
ويدخل كل الأزقة
يسألها عن رحيق الغواية
عن مرأة ينشع البحر من مائها
عن برابرة في جيوب النسيم ..

أليس سوى نقرتين
أداعبه:
النساء إناء الحشايا ..
ووشوشة الناي في أذن الريح
ما زلت تقدر أن تنزل البحر
أن تسكب النور في غمرة القاع؟

يضحك:
- يا ابن الشياطين ..أمسك لسانك
إن الحديقة ترتشف الآن قهوتها
تتوضأ في زهوة النار
والحقل يشعل حناءه في يدي
الثعالب تمرح في كركرات الفخاخ ..

الأحبة مستعجلون
وينكفي الطفل فوق الكراريس
يصرخ:
ارم بياضك ..

طار الحصان ..
الحمام يموه خطوته فوق خط الزوال
وحاشية الليل تستبدل الختم والبوق
ما من طريق سوى أن تقول الوداع
وتكتب مرثية للهواء .

 

جمال القصاص

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات