المفكرة الثقافية

المفكرة الثقافية

دراسة الإصلاح والتنوير
بين مجلتي «المغرب» و«العربي»

صدر عن منشورات الموجة، وبدعم من المكتب الإعلامي الكويتي بالرباط، كتاب جديد للباحث والناقد الأدبي المغربي عبدالرحيم العلام، بعنوان «من الإصلاح الى التنوير: قراءة في المشروع الثقافي لمجلتي المغرب والعربي»، وذلك في إطار الاحتفاء بالذكرى الخمسين لتأسيس مجلة «العربي» الكويتية.

كتاب اعتبره الدكتور عبدالهادي التازي مادة توثيقية أساسية لمعرفة الدور الذي لعبته كل من «مجلة المغرب»، ومجلة «العربي»، تكريسا لمشروعهما الريادي الثقافي الكبير. وقد توزعت مباحث الكتاب على ثلاثة فصول، الأول خصص للمجلات الثقافية المغربية «مجلة المغرب» نموذجاً، والفصلان الثاني والثالث خصصا لمجلة «العربي». يقع الكتاب في 152 صفحة.

وبالرغم من المسافة القائمة بين زمني صدورهما (صدر العدد الأول من مجلة المغرب بالرباط سنة 1932، وصدر العدد الأول من مجلة العربي سنة 1958). الأولى ظهرت في سياق سوسيو ثقافي وسياسي مرهون بإرغامات تاريخية محددة أهمها التغلغل الاستعماري. فكان هدفها إحياء وترسيخ الوعي بالهوية العربية والإسلامية وتعميق الشعور الوطني تجاه المستعمر الأجنبي. أما مجلة العربي فظهرت في الكويت بمبادرة من «دائرة المطبوعات» آنذاك، جاءت المجلة في خضم هذا الفراغ والنقص الذي عرف المشهد الإعلامي في حضور مجلات ثقافية وازنة بحضورها وفعلها الإشعاعي. جاءت «العربي» لتواصل إلى جانب مجلات ثقافية عربية أخرى تشييد المشروع الثقافي النهضوي والتربوي العربي، وأداء رسالتها الإعلامية التنويرية.

وقد استطاعت «العربي» أن تخلق مسارها وتشيده بتأن، ومن أجل ذلك ظلت محافظة على استقلالها غير المشروط، مستوعبة بذلك وظيفتها ودورها التاريخي والثقافي والعلمي والتربوي في بناء الإنسان العربي والمسلم وتثقيفه وتكوينه وتوعيته. عدا النقلة النوعية التي كان يشهدها الخط التحريري في تنويع المادة والتبويب، والشكل الطباعي مع المحافظة على الحضور القوي للصورة لما لها من فاعلية في التأثير. وقد تزايدت نسبة نسخها تبعا لاتساع قاعدة قراء «العربي» التي اتسعت لمختلف الأعمار والمشارب والجغرافيات. لذلك أمست «العربي» في لحظة تاريخية رهينة بمقولة «العربي في كل بيت عربي».

وإضافة الى هذا الحضور الفاعل والمؤثر، أمست مجلة «العربي» مرجعا أساسيا لرصد التحولات التي عرفها العالم تبعا للملفات التي نشرتها المجلة والتي عرفت من خلالها انفتاحا متزايدا على العالم وثقافاته وجغرافياته وإنتاجه المعرفي والأدبي، مما أهلها اليوم وباعتراف خيرة مثقفيها أن تتحول إلى مرجع متميز بل لأهم مراجع الثقافة العربية التي تؤرخ للتطور الحضاري والتاريخي والثقافي والفكري والإبداعي والفني لمجتمعاتنا العربية، وغيرها من المجتمعات الشرقية والغربية.

يتوقف الباحث عند تجربتين أساسيتين هما مجلة المغرب ومجلة العربي، لكن الغرض وأفق الكتاب يظل رهينا بإبراز وكشف الأدوار والوظائف الأخرى ريادية ونهضوية وتنويرية مؤثرة، لعبتها الدوريات الثقافية العربية في مجموعة من الأقطار العربية، سواء تعلق الأمر بمجلات ثقافية متخصصة أو بمجلات ثقافية ذات طبيعة جامعة ومتكاملة وذات تأثير ثقافي وإعلامي واسع.

ويشير الناقد عبدالرحيم العلام الى أن ظهور المجلات الثقافية في المغرب ظهر بظهور الصحافة بشكل عام، الصحافة التي كانت الحاجة إليها كدافع أساسي لمطالبة بعض رجالات الفكر والسياسة في المغرب بـ «إيجاد صحافة مغربية» تعبر عن «الرأي المغربي الحر». وهكذا تأسست مجلة ثقافية سماها الأستاذ سعيد حجي «مراكش». كما يشير البعض يؤرخ لبداية ظهور المجلات الثقافية بالمغرب بظهور مجلة «سنان القلم لتنبيه وديع كرم / 1907» بفاس ومجلة الصباح الصادرة عام 1912 بطنجة، إلا أن جل الباحثين يعتبرون ظهور مجلة المغرب بالرباط/1932 البداية الفعلية للمجلات الثقافية بالمغرب.

ويمثل الناقد عبدالرحيم العلام بمجلة المغرب كنموذج حي لإشاعة ثقافة الإصلاح.

أما مجلة «العربي» فهي مجلة علمية أدبية وتربوية واجتماعية وتاريخية وفنية وتشكيلية وسينمائية، وتعتبر، بتعبير المؤلف، أهم المجلات الثقافية العربية الجامعة، والتي عملت مند عقود على بناء قنوات التواصل الثقافي بين المشارقة والمغاربة بشكل يتجاوز منطق النخبوية الضيقة، فقد راهنت المجلة مند بدايتها على توسيع قاعدة تلقيها مساهمة في صناعة الوعي والتكوين الثقافي والمعرفي وتعميقه لدى القراء.

وقد ساهم ركن «حديث الشهر» في بعض حلقاته بإمضاء رؤساء التحرير ممن تعاقبوا على المجلة أو عبر حلقات اليوم التي يكتبها الدكتور سليمان إبراهيم العسكري، أو من خلال ركن «فكر» تناول أسئلة الثقافة العربية، والدفاع عن مختلف المشاريع الجادة في مجال التنمية الثقافية العربية. خصوصا عندما نستدعي مفهوما ظلت تدافع عنه وهو الموسوم بـ«مصالحة ثقافية عربية».

يرصد الباحث والناقد عبدالرحيم العلام الحضور الثقافي للمغرب العربي في مجلة «العربي»، لنتبين أن «المغرب العربي» ظل في قلب الانشغال الثقافي العربي للمجلة في وقت مبكر، خصوصا مع كتابات الدكتور عبدالهادي التازي (أول مراسل لمجلة العربي من المغرب / العدد السادس من سنة 1959). كما أن العدد الأول من مجلة «العربي» حمل ملفا عبارة عن استطلاع ميداني عن جيش التحرير الجزائري.

ويقرأ الناقد عبدالرحيم العلام هذا الحضور من خلال مقاربته للمظهر المباشر للتواصل الثقافي بين المشارقة والمغاربة في مجلة العربي وتمظهرات حضور المغرب الأقصى في موضوعات المجلة وفي الكتابات التي تناولت هذا الحضور. كذا التجلي المباشر لفعل الحضور، لكل قطر مغاربي.

وتناول الكتاب دور مجلة العربي في إشاعة الثقافة العلمية واستشراف المستقبل العربي، خصوصا أن المجلة وعلى امتداد مسيرتها التنويرية ظلت تنشر الثقافة العلمية وتشيعها.

المغرب: عبدالحق ميفراني

ذكرى مئوية الشاعر الجزائري
الراحل «مفدي زكرياء»

حلتّ علينا الذكرى الأولى بعد المائة لميلاد «شاعر الثورة» «مفدي زكرياء» الذي ولد سنة 1908، ورحل عنّا في 17 أغسطس عام 1977، تاركا سجلاّ حافلاً من المساهمات الوطنية في بناء الدولة الجزائرية المستقلة، بنضاله السياسيّ والأدبيّ من خلال أشعاره الوطنية، التي لاتزال تذكّرنا بنضال الثورة الجزائرية وشقيقاتها في الدول العربية، حيث تضمنت تلك الروائع الشعريّة المعاني الوطنية الصادقة، التي كتبها شاعر مناضل بالقلم في سبيل حريّة وطنه الجزائر، والأوطان العربية الشقيقة.

ولد شاعر الثورة «مفدي زكرياء» واسمه الحقيقيّ «الشيخ زكريا بن سليمان»، في 12 من شهر أبريل سنة 1908، بـ: «بني يزقن» أو منطقة «بني ميزاب» المعروفة اليوم باسم مدينة غرداية، ويقال إنّ أصل عائلته يعود إلى الرستميين، وكان من بين أسمائه التي لقبّه بها محبّوه: الفتى الوطني- ابن تومرت أبو فراس الحمداني.

نشأ الشاعر مفدي زكرياء في أحضان أسرة متديّنة، وسط مجتمع «إباضيّ» محافظ، وبدأ دراسته في مدينة غرداية حيث تعلّم قواعد اللغة العربية والفقه وحفظ القرآن الكريم، ثم سافر إلى مدينة عنابة شرق الجزائر لمواصلة دراسته، حيث كان والده يمارس التجارة، فتعلم في مدينة عنابة اللغتين العربية والفرنسية، وفي سنة 1922 توجّه ضمن البعثة الميزابية للدراسة في تونس، وبالتحديد في جامع الزيتونة، ومدرسة السلام، والمدرسة الخلدونية أيضا، وهي مرحلة خصبة حقا، حيث كان شاعر الثورة مفدي زكرياء شديد المطالعة للأدب والشعر، ومحبّا للمجالس الشعرية التي افتتحها في تونس الشيخ الشاعر العربي الكبادي، وكان صديقاً حميماً للشاعر الكبير أبي القاسم الشابي رحمه الله، وكان من أصدقائه الشعراء أيضا، الشاعر الجزائري رمضان حمود وأبو اليقضان، وفي تونس انضم إلى اتحاد طلبة شمال أفريقيا، موازاة مع إعلان ظهور حزب نجم شمال أفريقيا الذي أسسه الزعيم التاريخيّ مصالي الحاج، وكان هو مؤلف نشيد الحزب المعروف باسم: «نداء الجزائر روحي ومالي»، ثم انخرط في حزب الشعب الجزائريّ وكتب أيضا النشيد الرسميّ للحزب الذي حمل عنوان «فداء الجزائر».

وقد ذكر مفدي زكرياء - نفسه - في حوار منشور بجريدة «الشعب الثقافي» في الخامس من أغسطس سنة 1972، أنّ أولى محاولاته الموفقة في كتابة الشعر ونشره كانت سنة 1925 بقصيدة حول «عيد الأضحى»، تلتها قصيدته الشهيرة بعنوان «إلى الريفين» التي نشرها بجريدة «لسان الشعب» في تونس في السادس من شهر مايو سنة 1925، ومجّد فيها كفاح الشعب المغربيّ الشقيق ضدّ المحتلّ الإسبانيّ، وهي القصيدة التي أعيد نشرها في جريدة «الصواب» التونسية وصحيفة «الأخبار» المصرية. وكان مدافعا قويا عن استقلال تونس، عبر منبر الحزب الدستوري التونسي، ما تسبّب في اعتقاله في العديد من المرّات. وعلى الرغم من أنهّ كان بعيدا عن الجزائر، فإن ما نشره من أشعار بجريدة «الشهاب» - لسان حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين -، وهو رهن الاعتقال لدى المستعمر الفرنسيّ، دلّ على مدى اطلاعه على كلّ ما تعرفه الجزائر من أحداث وتطوّرات، كما كتب عندما كان في تونس وتحديدا في الخامس من مارس 1937 قصيدته الشهيرة «بردة الوطنية الجزائرية» التي نشرت في صحيفة الشباب التونسية، وكتب مقدمة القصيدة الشاعر الكبير بيرم التونسي صاحب الجريدة.

ولدى عودته للجزائر، شارك شاعر الثورة مفدي زكرياء بقوة في الساحة السياسية الجزائرية، مناضلا في حزب الشعب، وتعرّض للاعتقال سنة 1937، ولدى خروجه سنة 1939 ساهم في إنشاء جريدة «حزب الشعب» رفقة زملائه، وتمّ اعتقاله مرات عديدة بين سنوات 1940 و 1945 ثم بين سنوات 1949 و 1951، انخرط في حركة انتصار الحريات الديمقراطية، كما وانخرط في الحركة الفنية باتصاله مع عميد المسرح الجزائريّ محيي الدين بشطارزي، وقدّم قصائد للعديد من المغنين الجزائريين والتونسيين، وكانت أشهر أغنياته تلك التي أداها الفنان عبدالرحمان عزيز بعنوان: «يا رسول الجمال». وفي سنة 1955، التحق شاعر الثورة بثورته الجزائرية المباركة التي حلم بها طويلا ورآها تنطلق في الأول من نوفمبر 1954، وكان مجاهدا نشطا ومؤثرا في سير الثورة ما عرضه للاعتقال مرة أخرى سنة 1956، وهنا سجن في سجن بربروس، الذي كتب فيه جلّ قصائد دواوينه الشهيرة: «اللهيب المقدّس» و«إلياذة الجزائر»، سنة 1959 فرّ من السجن إلى المملكة المغربية بعد ثلاث سنوات من الاعتقال، وبقي يناضل هناك ومنها إلى تونس في سبيل استقلال الجزائر، التي أحبّها دوما، وقال فيها:

بلادي وقفت لذكراك شعري
فخلد مجدك في الكون ذكري
وألهمتِـني فصدعت الدنا
بإلياذتـي باعتزاز وفخر
وكنت أوقع في الشاهقا
ت خطى الثائرين بألحان صدري
فخلد قدس اللهيب بياني
وأذكى لهيب الجزائر فكري
وإن يجحدوني فحسبيَ أني
وهبت الجزائر فكري وعمري

تعرّف شاعر الثورة في تونس على الطبيب المجاهد والمناضل في جبهة التحرير الوطني، فرانز فانون، الذي قام بعلاجه، نتيجة لآثار الاعتقال النفسية وآثار التعذيب الجسديّ، وشارك فانون ورفقاءه في تحرير أسبوعية «المجاهد» بتونس، وأصبح سفير القصيدة الجزائرية في مرحلة الثورة، حيث حصل على المرتبة الأولى سنة 1961، في مهرجان الشعر العربيّ بدمشق، وهناك استغلّ الفرصة لطبع ديوانه «اللهيب المقدّس».

كتب الشاعر الراحل العديد من قصائده الوطنية أثناء فترة الاحتلال الفرنسيّ في سجن بربروس (أعرق سجن عثمانيّ) في الجزائر يعود إلى فترة حكم خير الدين بربروس، القائد التركيّ الذي ساعد الجزائريين رفقة أخيه عرّوج لردّ العدوان الإسبانيّ على الجزائر في القرن 16م.

الجزائر: عصام بن الشيخ

جائزة قاصة شابة تتوج بجائزة الطيب صالح

فازت القاصة صباح بابكر إبراهيم سنهوري بجائزة الطيب صالح للقصة القصيرة للشباب في دورتها الأولى 2008 - 2009 وتم الإعلان عن الجائزة في المؤتمر الصحفي الذي نظم بمركز عبد الكريم ميرغني الثقافي بأم درمان.

جاء في حيثيات قرار لجنة التحكيم التي تكونت برئاسة د. هاشم ميرغني وعضوية الناقد عز الدين ميرغني والروائية زينب بليل - أن قصة صباح سنهوري التي كانت بعنوان «العزلة» استطاعت فيها الكاتبة أن تؤكد قدرتها الفائقة على الإمساك بتقنيات القصة الحديثة وتوظيفها، ولغتها القادرة على مضاهاة كثافة الأنا المتشظية بكل تعقيداته.

كما منحت شهادات تقديرية لثلاثة من المشاركين هم سارة حمزة الجاك عن قصتها «تآكل» التي أشارت اللجنة إلى أن الكاتبة استطاعت أن تجعل الفنتازيا المتخيلة تتفوق على فنتازيا الواقع من خلال وقائع السرد الذي يحكي قصة محاكمة ثلاث فتيات أمام محكمة أخلاقية.

أما قصة «هبة الشيطان» للقاص قرشي صالح فذكرت اللجنة أنها ذات لغة غير تقليدية تحكي تفاصيل علاقة معقدة بين الراوي وامرأة تسكن الأرصفة.

ونال القاص الطيب عبدالسلام شهادة تقديرية عن قصته «الخطيئة في جوف التبلدية».

واختارت اللجنة ست قصص من مجموع النصوص المشاركة في المسابقة والبالغ عددها 37 نصاً لتنشر في كتاب، وهي قصة «المطر على حافة الموت» للكاتب ياسر فائز المحرر بالملف الثقافي بجريدة «الوطن» السودانية، وقصة «علامة استفهام علامة تعجب» للقاصة راوية صالح، وقصة «الشمس تقرب بعد حين» للكاتب سيد مكي علي حماد، وقصة «خيط الأزمنة» للقاص محمد أحمد عباس الريح وقصة «الفار في اللحية» للكاتب صلاح محمود عثمان»، وقصة «ميري تطفئ الشمعة» لكاتبها الحاج يوسف إبراهيم.

وذكرت لجنة التحكيم أن القصص تراوحت بين التفرد والتوسط والضعف، كما ذكرت أن الدلالات اقتصرت على هموم مشتركة كالحرب الأهلية وقضية التشرد ومصادرة الأحلام.

وأشارت اللجنة إلى عدد من الإشكالات صاحبت القصص المتوسطة والضعيفة تمثلت في اللغة من حيث المفردة والتركيب، والعناوين التي جاءت في معظمها غير موازية لمتن القصة، أما النهايات فكان أغلبها يدلل على خلل في كتابة القصة القصيرة، كما طغت اللغة العامية في الحوار دون استثمارها فنياً، إلى جانب عدم قدرة النصوص على تشرب عناصر القصة القصيرة.

وتقول الكاتبة صباح سنهوري التي فازت بجائزة الطيب صالح في القصة القصيرة للشباب عن نفسها: «ما دفعني للكتابة القصصية هو عامل وجداني، حيث كنت حينها أريد تفريغ وإسقاط ما أحسه من حزن وانفعالات تؤرق النفس بسبب فقد الوالد عليه رحمة الله ، ففكرت أن اكتب خاطرة، ولكن بعد أن انتهيت من عملية إسقاط ما يعتمل في دواخلي على الورق وجدت الأمر لايشبه الخاطرة، وبقليل من التدقيق وجدت أنها من الممكن أن تكون قصة, وهذا ما حدث.. تحولت الخاطرة إلى قصة ومنحتها اسم «خاطرة» ثم توالت القصص منذ ذلك التاريخ, فكتبت «قصة نهاية» و«ضياع» و«الجنوب» وقصصا أخرى».

وعن نصها «العزلة» الذي فاز بالجائزة قالت صباح: «هذا النص أعتبره نتيجة مشرفة لما كنت أخطط له في مسألة تجويد الكتابة والطموح إلى الحرفية رغم أنني لم أتوقع له الفوز, وحين كتبته أردت أن أقول: إن التطور التقني والتكنولوجي الحادث في هذا العصر رغم أنه أفاد العالم في نواحٍ كثيرة, لكنه على مستوى التواصل الإنساني قد أحدث فجوة بين الناس, فانعدمت بينهم الحميمية والتواصل، وإن وجد هذا التواصل فإنه سطحي وإن كان غير ذلك أي غير سطحي, فإننا نجد الفرد من خلال تعامله مع الآخر يحاول فرض مفهومه ورؤاه للحياة على هذا الآخر، ففقدت الحياة حميميتها وحاول الناس إيجاد واقع آخر للتواصل من خلال عالم افتراضي مزيف ممثلاً في المواقع والمنتديات الإلكترونية التي صارت كما «الحبوب المسكنة» في مسألة العلاقات بين الناس.

ففي النص نجد ذلك الشاب يعيش عزلته بشكل تام ولكن من المحتمل أن يكون هنالك أناس موجودون حوله، ولكن نتيجة لانعدام الحميمية ومسألة التواصل لم يحس بهم ولم يؤثروا في حياته.

أم درمان: محمد خليفة صديق

ندوة: الإعلام وحوار الحضارات
«ندوة جريدة الحرية التونسية»

اختارت جريدة الحرية التونسية أن يكون موضوع البحث لندوتها السنوية الثانية التي انتظمت بالعاصمة التونسية تونس يومي 5 و 6 مايو 2009 موضوع «الإعلام وحوار الحضارات» تحت إشراف الرئيس زين العابدين بن علي، وافتتحها السيد محمد الغرياني الأمين العام للتجمع الدستوي الديمقراطي (الحزب الذي يصدر جريدة الحرية) بحضور عدد من أعضاء الحكومة، وضيوف الندوة من تونس والوطن العربي. وقد شارك في فعاليات الندوة عدد من الخبراء وعلماء الاجتماع نذكر منهم خاصة الدكتور إبراهيم سليمان العسكري رئيس تحرير مجلة العربي والدكتور عبدالباقي الهرماسي أستاذ علم الاجتماع بالجامعة التونسية ورئيس المجلس الأعلى للاتصال في تونس والدكتور عدنان عمران الأمين العام المساعد الأسبق لجامعة الدول العربية المكلف بالشئون السياسية والأمين العام الحالي للبرلمان العربي، والدكتور سيف شريف المدير العام لصحيفة الدستور الأردنية، والدكتور خطار أبو خطوة باحث بالمعهد الدولي للجيوبوليتيك والدكتور عبدالله السيد ولد أباه باحث من موريتانيا، ومحجوب بن سعيد خبير في شئون الاتصال بمنظمة الإسيسكو.

وتوزعت أعمال الندوة على يومين وعلى ثلاث جلسات علمية مطولة ترأس أولها وزير الثقافة والمحافظة على التراث الأستاذ عبدالرؤوف الباسطي وترأس الجلسة الثانية الدكتور الأزهر بوعوني وزير التعليم العالي والتكنولوجيا وتنمية الكفاءات وترأس الجلسة الثالثة السيد حمادي بن حماد رئيس دائرة الإعلام بالتجمع الدستوري الديمقراطي وانتظمت الجلسة الختامية لهذه الندوة بإشراف السيد رافع دخيل وزير الاتصال والعلاقات مع مجلس النواب ومجلس المستشارين.

إذن على امتداد يومين وبمتابعة مكثفة من وسائل الإعلام التونسية والعربية من صحف ومجلات وقنوات إذاعية وتلفزيونية قدمت أكثر من تسع محاضرات تناولت موضوع الإعلام وحوار الحضارات. وطرحت أسئلة حارقة على غرار أي دور لوسائل الإعلام العربية في الدفاع عن صورة العرب الحقيقية في الخارج، وهل تغيرت نظرة العالم الغربي اليوم إلى العرب. وكيف يمكن اغتنام الفرص المتاحة اليوم خصوصا بعد صعود الإدارة الأمريكية الجديدة وتبدل لغة الحوار والخطاب مع هذه الإدارة التي يبدو أنها عازمة على إيجاد لغة تخاطب جديدة مع العرب على خلاف الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس السابق بوش الابن، لكي نؤسس حوارا جديدا وحقيقيا متساويا مع الغرب. مثل هذه الأسئلة وغيرها كانت حاضرة بقوة في مداخلات الخبراء والمختصين وأيضا في تعقيبات المتدخلين من رجال الإعلام والمثقفين.

الدكتور عبدالباقي الهرماسي رئيس المجلس الأعلى للاتصال في تونس يرى في مداخلته بعنوان «الإعلام واشتراطات الحوار في عالم متصدع» أن أحداث 11 سبتمبر أثرت سلبيا على علاقة الغرب بالعرب وأحدثت تصدعات وشروخات كثيرة،وأشار بالخصوص إلى أن مجموعات من مقاولي الإرهاب قد اكتشفت سيناريوهات الرعب من خلال اعتماد مختلف وسائل الإعلام وإنتاج أشرطة سينمائية ومسلسلات قد بات كل ذلك مصدراً للثروة مما زاد من حالات التمييز العنصري وغذّى ثقافة الشك في الآخرين ونبذ الحوار وأصبح ينظر إلى العالم العربي كمصدر للتطرف والإرهاب.

محاضرة الدكتور سليمان العسكري رئيس تحرير مجلة العربي الكويتية كان عنوانها «خطاب الإعلام العربي المعاصر، حوار ضد الذات والآخر» أكد فيها أن تطور الإعلام في العالم يخلق وتيرة متسارعة لتطور العلاقات بين الحضارات. كما لاحظ في محاضرته أن التناقضات الإعلامية الصارخة في المشهد الإعلامي العربي تؤجج الشعارات الطائفية ولا تترك مجالا للمصالحة والتقارب، مؤكدا على خطورة بعض البرامج الحوارية التلفزيونية في القنوات التلفزية الفضائية التي ترسخ ثقافة الكراهية والبغضاء. كما دعا إلى تطور وسائل إعلامنا العربية وان تكون لنا وسائل إعلام عربية نافذة ومؤثرة.

أما الدكتور عدنان عمران الأمين العام المساعد الأسبق لجامعة الدول العربية فقد لاحظ أن وسائل إعلامنا لم تتطور مع الأسف لتكون أداة للدفاع عن ثقافة وحضارات الشعوب العربية، علاوة على ما اتسمت به العشريتان الأخيرتان من تأجج نار العصبية والبغضاء والكراهية بسبب عملية 11 سبتمبر التي اغتنمها الغرب لتأجيج نار الحقد والنظر بكراهية إلى العرب وتشويه صورة المسلمين على أنهم دعاة تطرف وعنف وعدم تسامح.

وحاضر الأستاذ سيف شريف من الأردن حول «دور الإعلام في التقريب بين الشعوب والحضارات» مستعرضا عديد التجارب والمبادرات التي يراها كفيلة بتحقيق هذا التقارب.

وحول محور البحر الأبيض المتوسط ودوره في تحقيق التقارب بين الشعوب جاءت محاضرة الخبير خطار أبو خطوة مؤكدا على ما تتميز به شعوب البحر الأبيض المتوسط من استعداد للتسامح والتقارب منذ عهود قديمة، وملاحظا أن الخطر اليوم هو في انعدام لغة تفاهم حقيقية بين الشعوب.

تونس: محمود الحرشاني

معرض الروائيون العرب يبوحون بأسرارهم

يقف معرض تونس الدولي للكتاب في منطقة وسط ما بين معرض القاهرة بضخامته وعراقته، ومعرض أبو ظبي بفخامته وهيئته التي تكاد تحاكي معرض فرانكفورت الدولي للكتاب في كل شيء.

ربما يكون أهم ما يميز هذا المعرض - الذي يتخذ من الضاحية الشمالية لتونس العاصمة مقرا له - أنه يعد سوقا مهما للكتاب الفرنسي والعربي أيضا في شمال إفريقيا، فلا يخفى على أحد أن عدد دور النشر الفرنسية في هذا المعرض يقف على قمة الهرم ويليه بعد ذلك عدد المشاركين من مصر، وبعد ذلك يأتي الناشرون التونسيون والعرب والأجانب.

ومن الواضح أن أبو بكر بن فرج منذ تولى مسئولية إدارة هذا المعرض وهو يحرص على ربطه بالساحة الثقافية العربية من خلال عقد ندوات تناقش قضايا حيوية على الساحة واستضافة أبرز المبدعين والنقاد العرب لإثرائها مع إخوانهم التونسيين.

وإلى جانب تخصيص برنامج ضخم للاحتفال بالقدس بمناسبة اختيارها عاصمة للثقافة العربية هذا العام، ودعوة أسماء بارزة للمشاركة فيها مثل: الشاعر أحمد دحبور، والروائي محمود شقير، والناقد وليد أبو بكر، والمؤرخ نظمي الجعبة، والشاعر زكريا محمد، ليتحدثوا عن تاريخ زهرة المدائن وما تعرضت له من تشويه على يد المحتل الغاشم، وما كتب عنها من إبداع سردي ضئيل، جاءت هذه الندوة التي سعت إلى استشراف مستقبل فن الرواية العربية في الألفية الثالثة من خلال شهادات مجموعة من الطيور التونسية المهاجرة إلى فرنسا مثل: أبوبكر العيادي، الحائز على جائزة الكومار هذا العام، والحبيب السالمي، الذي وصل إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر للرواية العربية في دورتها الثانية، وبعض المبدعين والنقاد العرب البارزين مثل: السوري حيدر حيدر، صاحب «وليمة لأعشاب البحر»، والمصري مكاوي سعيد، صاحب «تغريدة البجعة»، والجزائري الحبيب السائح، صاحب «تماسخت» المترجمة إلى الفرنسية، ومواطنه أمين الزاوي، صاحب «إمبراطورية الخوف» الذي يكتب الرواية بالعربية والفرنسية في ذات الوقت، والسعودية زينب حفني، التي تعد من الأصوات الجريئة في الكتابة السردية والصحفية أيضا، والمغربي عبدالحميد عقار، الذي اسند إليه بن فرج رئاسة إحدى جلسات هذه الندوة، بينما رأس الروائي والناقد التونسي محمود طرشونة جلستها الأولى، حيث أوضح باعتباره منسقها العام أن العديد من النصوص الروائية العربية لم تخل من رؤى مستقبلية تنطلق من الراهن وتنظر إلى الآتي وتستشرف معالمه، وتشتغل على الوعي بضرورة بنائه على أسس جديدة قوامها إثبات الذات والتصدي لمخاطر العولمة المنذرة بمحو الهوية العربية ونسف مقوماتها الحضارية والثقافية.

وعلى الرغم من أن الدراسات التي ألقيت في هذه الندوة من خلال أسماء لها وزنها مثل: فوزي الزمرلي، ومحمد رجب الباردي، ومحمد آيت ميهوب، فإن الشهادات التي جاءت على ألسنة الروائيين تظل هي الأكثر أهمية لأنها أضاءت للجمهور التونسي عوالم هؤلاء المبدعين وجعلته يحكم عليهم دونما وسيط وفى مقدمتهم صلاح الدين بوجاه وحسن بن عثمان.

فأمام هذا الجمهور وقف حيدر حيدر ليتساءل: كم من الزمن يحتاج الإنسان لينال كفايته من المعرفة؟، ويجعل من الكتابة فخا حين يقول: أنا كاتب وأديب.. ياللورطة. ويستعرض محطات رحلته بدءا من «نورا» أول قصة نشرها في مجلة محلية كانت تصدر في مدينته حلب «قصة حب رومانسية أرسلتها بعد نشرها إلى الفتاة التي أحببها، لكم كنت مغتبطا ومزهوا بهذه البداية بين زملائي الطلاب، وأمام الفتاة التي تلقت القصة وقرأتها! لكن الفرح والزهو ما داما طويلا بعد أن وصلت القصة إلى أهل الفتاة والوشاة من الأقارب والعوازل، فتحولت إلى فضيحة وتشهير كما أولوها، فكانت بداية القطيعة وموت الحب الأول.. هكذا بدأت الصدمة الأولى مع المجتمع من خلال الأدب».

ويفاجئ حيدر حيدر جمهوره التونسي بذكر الأسباب التي جعلته يكتب روايته الشهيرة «وليمة لأعشاب البحر» ليذكر أن الفكرة واتته بعد رحيله إلى الجزائر في عام 1969 للعمل بالتدريس «الجزائري قاس وطفل في آن، من الصعب تشييد علاقة معه لأنه حذر وشكاك بالآخر غير الجزائري، سنوات الحرب القاسية حولت قلبه إلى صخر كتيم، لكن روحه العميقة احتفظت ببراءتها الطفولية، العنف الإفريقي عبر الإنسان الجزائري يبدو لي عنف الدفاع عن الذات المهددة من الخارج.. تلك التجربة العاصفة العذبة كفجر الحب، والمرة كطعم الحنظل، ملأتني بعوالم ساحرة وشيطانية، مفعمة بالغرابة والدهشة، شبيهة باكتشاف قارة مجهولة.. هذه العوالم والآفاق السحرية، مع المرارة الراسية في الأعماق والعنف والبراءة والحب والموت والاستشهاد ستظهر في رواية «وليمة لأعشاب البحر» بعد أكثر من اثني عشر عاما.. الرواية.. المطهر.. للأزمنة الصعبة، الجارحة، والملحمية، أزمنة العربي في قلب الحرائق والاضطراب وطيوف الموت».

ويطرح الحبيب السالمي هو الآخر سؤالا مهما: هل الرواية العربية الجديدة هى بالضرورة قطيعة أم تجاوز نحو نص مغاير؟

وعلى الفور يرد: «من الصعب أن نجيب الآن عن هذا السؤال إجابة دقيقة لأن طرحه يبدو لي مبكرا»، فالرواية العربية لاتزال تخوض مغامرتها فضلا عن أن الأمر يتوقف على ما نقصد بـ «القطيعة»، و«التجاوز»، و«المغايرة» فكل واحدة من هذه الكلمات تحتاج إلى تعريف. كما أن لفظة «الجديدة» تستدعي هي الأخرى سؤالا أعتبره مهما وهو: جديدة بالنسبة لماذا؟ ليست هناك كتابة جديدة في المطلق، وكل رواية جيدة هي جديدة بمعنى ما.. إن عمر الرواية العربية قصير؛ ومع ذلك فإن ما أنجز كبير، الرواية العربية التي تكتب الآن تواصل بثبات مغامرة التطوير في شتى الميادين. والمجال الذي يتجلى فيه هذا التطور ويجسد أكثر من غيره هذه المغامرة هو الجنس، فمع الجيل الجديد استطاعت الرواية العربية أن تقارب الجنس.. أحد المحرمات الكبرى في ثقافتنا بجرأة لافتة.

تونس: مصطفى عبدالله

 






 





 





 





طابع تذكاري للشاعر مفدي زكرياء





القاص قرشي صالح قرشي وشهادة تقدير في مسابقة الطيب صالح





 





إحدى جلسات الندوة التي عقدتها جريدة الحرية التونسية تحت عنوان «الإعلام وحوار الحضارات»





الحبيب السالمي





حيدر حيدر