ارتفاع ضغط الدم حسان شمسي باشا

ارتفاع ضغط الدم

هل يمكن العلاج دون دواء؟

على الرغم من أنه مرض واسع الانتشار.. وبرغم أن بعض المرضى يمكن أن يظلوا معتمدين على الأدوية طوال حياتهم.. إلا أنه يمكن علاج بعض أنواعه دون استخدام أي دواء على الإطلاق.

ارتفاع ضغط الدم مرض شائع يصيب حوالي 10 - 20% من الناس في أمريكا وبريطانيا. وفي الولايات المتحدة وحدها هناك أكثر من ستين مليون شخص مصاب بارتفاع ضغط الدم. وفي المملكة العربية السعودية أشارت دراسة بحث الحالة الغذائية لسكان المملكة المدعم من قبل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية أن نسبة الإصابة تتراوح من 6 - 8 % من السعوديين حسب الأعمار المختلفة وبرغم كل التقدم المذهل في معرفتنا لآليات ارتفاع ضغط الدم، إلا أننا ما زلنا نجهل - كما يقول كتاب هاريسون الطبي الشهير طبعة 1994- سبب ارتفاع ضغط الدم عند 90- 95% من المرضى المصابين بهذا المرض.

وتكمن أهمية المرض في نقطتين : الأولى هي أن ارتفاع ضغط الدم يزيد من احتمال الإصابة بجلطة في القلب، أو السكتة الدماغية، ولكن هذا الخطر يتناقص بشدة عندما يعالج ارتفاع ضغط الدم معالجة صحيحة

والثانية: أن كثيرا من المصابين بارتفاع الضغط لا يعرفون أنهم مصابون بهذا المرض، فغالبا ما تكون أعراض ارتفاع ضغط الدم غير ظاهرة، برغم أن البعض يشكو من الصداح أو الدوخة أو الإعياء.

ومن هنا تكمن أهمية الفحص الدوري المنتظم لضغط الدم.

وكما ذكرنا فإنه لا يعرف سبب ارتفاع ضغط الدم في معظم الحالات، إلا أن هناك بعض العوامل التي يبدو أن لها علاقة بارتفاع الضغط، فإذا كان أحد الوالدين مصابا بارتفاع الضغط، فمن المحتمل إصابة أي من أولادهما به.

كما أن الإفراط في تناول ملح الطعام يزيد من حجم الدم، فيضطر القلب للقيام بجهد أكبر لضخ الدم، وارتفاع ضغط الدم شائع عند البدينين.

وقد يؤدي القلق إلى ارتفاع عابر في ضغط الدم، ولكنه لا يسبب عادة الإصابة بهذا المرض. وهناك بعض الأدوية التي ترفع ضغط الدم كحبوب منع الحمل والكورتيزون وغيرها. وهناك أسباب أخرى كلوية وغدية لارتفاع ضغط الدم.

ليس هناك خط فاصل واحد يفصل بين الضغط الطبيعي والضغط المرتفع، فينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار كل من الضغطين الانقباضي (الرقم الأعلى)، والانبساطي (الرقم الأدنى)...

وباختصار، إذا كان ضغط الدم مادون (140 % 90 ملم زئبقي قلنـا إنه ضغط طبيعي، ومـا زاد على (160/ 95) ملم زئبقي فهو ضغط مرتفع.

أما إذا كان الرقم الأعلى (الضغط الانقباضي) ما بين 140- 160 ملم زئبقي، قلنا إنه ارتفاع ضغط انقباضي حدي.

لماذا هو مرض؟

معظم المصابين بـارتفاع ضغط الدم لا يشكون من أية أعراض، ويشعرون بأنهم أصحاء البدن تماماً. وقد يتساءل المصاب بهذا المرض عن جـدوى تناول عـلاج مدى الحياة، برغم أنه لا يشكو من شيء، ولم يراجع طبيبا من قبل!!

والحقيقة أنه إذا لم يعالج ارتفاع ضغط الدم المتوسط أو الشديد، فقد يصاب المريض باختلاطات هذا المرض. فالقلب قد يتضخم، وشرايين الجسم قد تضيق وتتصلب، وتصبح عرضة لحدوث الجلطات(الخثرات). وقد يؤدي ارتفاع ضغط الدم الشديد غير المعالج إلى نزيف في الدماغ أو السكتة الدماغية، كما قد تصاب الكليتان بالفشل الكلوي أو قد تتدهور رؤية المريض.

وبالمقابل، فقد أكدت الدراسات الحديثة أن معالجة ارتفاع ضغط الدم المتوسط والشـديد تقي من تطور هذا المرض، ومن حـدوث السكتة الدماغية، كما تقي من حدوث فشل (هبوط) القلب أو الفشل الكلوي.

ولهذا فليس هناك خلاف بين الأطباء على ضرورة معالجة ارتفاع ضغط الدم المتوسط والشديد (أي حين يكون الضغط الانبساطي الرقم الأدنى) أكثر من 100 ملم زئبقي، في حين لم تثبت فائدة استخدام الأدوية بشكل جازم حتى الآن عند المصابين بارتفاع خفيف في ضغط الدم ( أي حين يكون الضغط الانبساطي ما بين 90 - 95ملم زئبقي.)

ويشكل المرضى المصابون بارتفاع خفيف في ضغط الدم- حسب أحدث الإحصاءات أكثر من 60% من المجموع الكلي لمرضى ارتفاع الضغط.

العلاج غير الدوائي

ولحسن الحظ فإن العلاج غير الدوائي يستطيع أن ينقص ضغط الدم بعدة نقاط، مما قد ينقل المريض من زمرة الارتفاع الخفيف في الضغط إلى إنسان ذي ضغط طبيعي قد لا يحتاج معه إلى أي دواء.

وحديثا (عام 1993) أوصى المؤتمر الوطني الأمريكي الخامس (بأن المرضى ذوي الضغـط الانبساطي (الرقم الأدنى) بين 90 - 94 ملم زئبقي يحتاجون إلى تعديل في نمـط حياتهم (إنقاص الوزن، وزيادة النشـاط البدني )، ولا يحتاجون في الدواء، ما لم تكن هنـاك علائم تشير إلى إصابـة القلب، أو الكليتين بارتفاع ضغط الـدم، أو كـانت هناك عوامل خطورة أخرى.
ويقول كتابا "
CECIL " الطبي الشهير: (إن علاج ارتفاع ضغط الدم لا يكون بالدواء فقط، بل إن هناك وصايا عامة يستحسن تطبيقها عند كل مريض مصاب بارتفاع ضغط الدم. وبما أن المعالجة غير الدوائية مفيدة في علاج ارتفاع ضغط الدم، وغير مكلفة، ومفيدة للصحة بشكل عام، فإنه يجب إدخالها تدريجيا عند كل المصابين بارتفاع الضغط. وبرغم أن التغير الدائم في نمط الغذاء قد يبدو للبعض صعبا وقاسيا، إلا أنه يجب أن يدرك المريض أن مثل ذلك الإجراء قد يلغي الحاجة لاستعمال الدواء عند البعض، أو يخفف من جرعات الأدوية المستخدمة في علاج ارتفاع ضغط الدم).

وتشمل هذه الإجراءات:

1 ) إنقاص الوزن.
2 ) الالتزام بغذاء قليل الملح.
3 ) القيام بتمارين رياضية.
4 ) تجنب الضغوط النفسية قدر الإمكان.
5 ) السيطرة على عوامل الخطورة الأخرى التي تهيئ لمرض شرايين القلب التاجية.

وكما يقولGoodman of Gillman " " فقد ازداد اهتمام الباحثين بطرق علاج ارتفاع ضغط الدم غير الدوائية انطلاقا من الحقيقة التي تقول إن 60 % من مرضى ارتفاع ضغط الدم مصابون بارتفاع خفيف في ضغط الدم، وهم أصلا لا يشكون من أية أعراض.

ونحن نعلم أن للأدوية جميعا تأثيرات جانبية غير مرغوب فيها. ونعلم أيضا أن تغييرا بسيطا في نمط الحياة أو الغذاء يمكن أن يخفض ضغط الدم إلى مستويات مقبولة.

الرياضة طريقك إلى الشفاء

ومن فوائد العلاج غير الدوائي أيضا أن المريض يشارك بنشاط في علاج مرضه. فإنقاص الوزن، والقيام بنشاط بدني منتظم، وتخفيف الملح في الطعام، وتجنب الكحول ، كل ذلك يخفض ضغط الدم، ويحسن فعالية الأدوية المستعملة في علاج ضغط الدم.

1 ) إنقاص الوزن : أظهرت دراسة حديثة نشرت عام 993 - في مجلة " ملف الطب الداخلي " الأمريكية أن إنقاص الوزن بمقدار 5 , 4 كلجم عند المصابين بارتفاع خفيف في ضغط الدم، قد أدى إلى انخفاض في الضغط يعادل الانخفاض الناجم عن استعمال دواء للضغط وهذا يعني أنه إذا استطاع المريض البدين والمصاب بارتفاع خفيف في ضغط الدم إنقاص وزنه بمقدار 5 , 4 كلجم فقد لا يحتاج إلى استعمال الـدواء، شريطـة أن يحافظ على ذلك.

وقد أكدت دراسات أخرى أن إنقاص الوزن بمقدار كيلو جرام واحد يخفض ضغط الدم بمقدار 6, 1 / 3 , 1 ملم زئبقي. ولكن لا تظهر نتائج إنقاص الـوزن على ضغط الـدم عادة إلا بعد فقد 4كيلو جرامات على الأقل.

2 ) مارس نوعا من النشاط البدني: أكدت الدراسات العلمية الحديثة أن ممارسة نوع من الرياضة البدنية بانتظام تؤدي إلى خفض في ضغط الدم بمعدل 5 - 10 ملم زئبقي. وقد أكدت مقالة رئيسية نشرت في " الجريدة الطبية البريطانية " أن ممارسة أي نوع من أنواع الرياضة تقي القلب من خمسة وجوه:
الأول : أنها تخفض مستوى الكولسترول الضار في الدم، وترفع مستوى الكولسترول المفيد.

الثاني : تساعد في خفض ضغط الدم عند المصابين بارتفاع الضغط .

الثالث : تساعد في الإقلاع عن التدخين.

الرابع : تنقص الوزن.

الخامس: قد تقلل من تخثر (تجلط الدم ).

وقد أظهرت الأبحاث الحديثـة أن المشي السريع أو الجري أو ركـوب الدراجة أو السباحة لمدة 20- 30 دقيقة مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع مفيد في الـوقاية من أمراض شرايين القلب. وينبغي التحذير من ممارسة رفع الأثقال أو تمارين الـدفع أو الجر عنـد المصـابين بارتفاع الضغط.
3 ) التخفيف من ملح الطعام: نشرت الجريدة الطبية البريطانية،
MBT عام 1991 ثلاث دراسـات كبيرة حول علاقة ملح الطعـام بارتفاع ضغط الدم، وشملت هذه الدراسات 4700 مريض في 24 مجتمعا مختلفا في العالم. وقد أكدت هذه الدراسات أن هناك أدلة علمية كافية تتهم الغذاء الغني بالملح في المجتمعات المتحضرة بأنه سبب من أسباب ارتفاع ضغط الدم.

وكما يقول البرفيسور " كابلان " فان التخفيف المعتدل في ملح الطعام يمكن أن يساعد في خفض ضغط الدم المرتفع. كما أنه يزيد من فعالية الأدوية الخافضة لضغط الدم ويقول أيضا: ولهذا فأنا شخصيا انصح بالإقلال من تناول ملح الطعام ، واعتبر ذلك مفيدا لكل الناس كوسيلة وقائية عند ذوي الضغط الطبيعي وبالتأكيد كجزء من العلاج عند المرضى المصابين بارتفاع ضغط الدم. وإذا ما قل تناول ملح الطعام في المجتمع، فمن المحتمل جدا أن تنقص نسبة الوفيات من أمراض القلب في ذلك المجتمع.
4 ) تناول غذاء غنيا بالبوتاسيوم: تشير الأبحاث الحديثة جدا إلى أهمية نسبة البوتاسيوم للصـوديوم في الطعام فالأغذية الغنية بالبوتاسيوم تفيد في الوقاية من ارتفاع ضغط الدم وفي علاجه.
وينصح كتاب "
The Heart " طبعة 1994 المصابين بارتفاع ضغط الدم بأنه من الحكمة تناول غذاء غني بالبوتاسيوم وفقير بالملح، كإحدى وسائل السيطرة على ضغط الدم. ومن الأغذية الغنية بالبوتاسيوم النخالة، التمر والفواكه الجافة، والطماطم، والبطاطا والموز.

5 ) تجنب التدخين: فإذا كان القلب يعاني من وطأة ارتفاع ضغط الدم، فان التدخين وصفة لكارثة قد تحل بالمريض.

فإذا كنت مدخنا، فإن أيسر وأكثر الوسائل فعالية في حماية قلبك من حدوث جلطة (احتشاء) فيه هي أن تتوقف عن التدخين.

6 ) تجنب شرب الخمور: ليس هناك أدنى شك - كما يقول كتاب هاريسون الطبي الشهير طبعة 1994- في أن شرب المسكرات يؤدي إلى ارتفاع حاد ومزمن في ضغط الدم.

ويقول البروفسور - " كابلان " وقد ألف كتابا كبيرا عن ضغط الدم.

" فحتى الكميات القليلة من الخمور يمكن أن ترفع ضغط الدم. أما شرب كميات كبيرة من الخمور فيسبب ارتفاع ضغط الدم في عدد كبير من الحالات ".

7 ) أغذية تخفض ضغط الدم: أكد مقال نشر في "الجريدة البريطانية للعقاقير الاكلينيكية" أن تناول الثوم بانتظام يمكن أن يخفض ضغط الدم الانقباضي( الرقم الأعلى) بمقدار 12 -0 3 ملم زئبقي، والضغط الانبساطي (الرقم الأدنى بمقدار 7- 20 ملم زئبقي). ولكن ينبغي التحذير من أن بعض المرضى يتركون دواءهم معتمدين على تناول الثوم فقط أو سواه من الأغذية، مما قد يسبب ارتفاعا مفاجئا في ضغط الدم. ونشرت مجلة " ملف الطب الداخلي الأمريكية " عام 1991 دراسة أكدت أن تناول جرعات غير كبيرة، من زيت السمك قد أدى إلى تأثير خافض لضغط الدم. كما أن هناك دراسات صغيرة تشير إلى فائدة زيت الزيتون في خفض ضغط الدم. فقد انخفض ضغط الدم بشكل واضح عند الذين تناولوا زيت الزيتون بمقدار 40 غراما يوميا.

وبعد، فإننا نود التأكيد على أن العلاج غير الدوائي فعال في علاج ارتفاع ضغط الدم الخفيف (أي حين يكون الرقم الأدنى) (الضغط الانبساطي) (90 - 95 ملم زئبقي) أما حالات ارتفاع ضغط الدم المتوسط أو الشديد فتحتاج إلى العلاج الدوائي. ومع ذلك ينبغي أيضا التأكيد على أهمية العلاج غير الدوائي (كإنقاص الوزن وتخفيف الملح غيره مما ذكرناه) كوسيلة علاجية تمشي جنبا إلى جنب مع الدواء وعلى ضرورة استشارة الطبيب المعالج بانتظام.

 

حسان شمسي باشا

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات