عزيزي العربي

عزيزي العربي

«العربى» في يوبيلها الذهبي

كنت أبلغ من العمر عشرين سنة، كان حينها عام 2000، وكنت محبطة جداً لأنني خسرت اختصاصي الدراسي المحبّب مما ألزمني تعويضه بآخر لا أستحسنه، وكعادتي حين أود صرف المشاعر المميتة أهرع إلى المطالعة واستماع الموسيقى.

دخلت إحدى المكتبات لأبتاع كتاباً أو مجلة أغفل بها عن حال نفسي، حوّلت بصري من مطبوعة إلى أخرى، وإذ بإحداها (أي المطبوعات) تحمل اسم «العربي» آه! هذه أذكرها - وتناولتها - لقد أهدي أحد أعدادها لأبي من طرف أصدقائه، وحينها كنت في إحدى سنواتي الابتدائية وكل ما أعلمه أنها مجلة غير تونسية، لها سمعة طيبة، وابتدأت رحلة الاكتشاف الشهري.

حتى أرسم العمود الفقري لهذه الشهادة أسأل نفسي وأسأل قارئ هذه السطور: ما يمكن أن تضيف مجلة عربية لفتاة في بداية عقدها الثاني في بداية القرن الواحد والعشرين؟ ولزيادة التوضيح، هذه الفتاة تقيم في المغرب العربي وبالتحديد في الجمهورية التونسية، هذه التي توصف بأنها نافذة العرب على أوربا، وبالتالي ستكون النشأة النفسية والفكرية مشوشة، لأنه كما للقرب من أوربا إيجابيات، له سلبيات قد تطعن على الأولى.

بعد ثماني سنوات من الاطلاع والمطالعة يمكنني أن أتبيّن أن لـ«العربي» الدور الأكبر في خلق توازني الفكري والنفسي - إن كان لي فعلاً توازن فكري ونفسي - أنا لا أنكر أن كثيراً من الوسائل الأخرى من شتى الأنواع والأحجام قد ساهمت في نضجي الفكري والنفسي، لكن عندما أمعن النظر أجد أن لـ«العربي» الدور الأكبر، كيف ذلك؟

هذه المنارة الإعلامية المكتوبة جعلتني أتعرف أكثر على حضارتي العربية الإسلامية بشقيها الموجب والسالب من خلال شتى المجالات العلمية والأدبية، لقد تسنى لي أن أتبين أن هذه الحضارة التي يُشار إليها بأنها مقر تصنيع وتصدير الإرهاب هي حضارة أخذت عن حضارات سبقتها وأعطت أخرى تلتها، وهي ليست بحاجة إلى أن يعترف لها الآخر بهذا، وإنما مطالبة بإبرازه هي لأبنائها، وبأنها حضارة التسامح والذهاب إلى الآخر للقائه بحب، حضارة تناشد الجمال والإبداع بشتى أشكاله، لكنها تتمهل في كيفية عرضه.

كلما أتصفح عدداً من أعدادها، واطّلع على المواضيع التي تكتب وجنسيات من كتبها، أشعر بأن «العربي» هي ذلك الوطن الذي يحتضننا كلنا وكل ما يُكتب هو مساهمة أبنائه البررة المهووسين بحب وطنهم، والغيرة عليه، وقولهم بصوت واحد «نحن عرب فخورون بعروبتنا».

دامت «العربي» رائدة للثقافة العربية، ودام كُتابها وقراؤها محتضنين لها، وبإذن الله سيأتي ذلك اليوم الذي سأنتج فيه لـ «العربي» بعد الاستهلاك لأنني أؤمن بأن هذه الدنيا كالشعلة الأولمبية، تسلم بكل حب من جيل سابق إلى جيل لاحق.

هدى بن الحاج سالم - تونس

اقتراح بطباعة الأعداد القديمة

السيد الأستاذ الدكتور / رئيس تحرير مجلة العربي الغراء..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد

1 - بداية أحييكم على الثوب الجديد الذي تظهر فيه مجلتنا العزيزة «العربي» والتي تمثل بالنسبة إليّ ثالثة ثلاثة أحيا بها: الماء، الهواء، «العربي».

2 - أعتقد - بنسبة 100% - أنكم تقبلون النقد الموضوعي والذي يهدف أولاً وآخراً إلى إخراج مجلتنا الجليلة «العربي» في أحسن تقويم.

3 - ألاحظ على مجلتنا العزيزة «العربي» الاهتمام بالشعر الحديث الذي ليس له وزن ولا قافية ولا وحدة موضوعية والذي هو - في الحقيقة - تهويمات وشطحات. وتكفي فيه شهادة المفكر الكبير عباس محمود العقاد إذ كان لا يعترف بما يسمى: «الشعر الحديث»، وأرى أن تنشر «العربي» الشعر العمودي فقط الذي يمثل قيمة فكرية.

4 - أرى أن تنشر «العربي» قصة قصيرة لأحد القصاصين العرب الكبار - وهم كُثْر - أو أي قاص من المحدثين بشرط أن تتوافر في القصة القصيرة أركانها.

وأرى - أيضاً - أن تنشر «العربي» قصة قصيرة مترجمة لأحد الكتّاب الكبار (سمرست موم - كاترين مانسفيلد - أنطون تشيكوف..) وليس لكاتب من الدرجة الثالثة.

وأذكر أنني قرأت في «العربي» منذ أكثر من عشرين عاماً قصة قصيرة للكاتبة كاترين مانسفيلد بعنوان «الذبابة» وكانت تنتابني - أيامئذٍ - موجة من الإحباط واليأس من الحياة لظروف يطول شرحها وإذا بي - بعد أن فرغت من قراءة «الذبابة» مباشرة - أحسّ بقوة تسري في كياني كله وأحس بحالةٍ من النشوة والإقبال على الحياة، الأمر الذي مكّنني من تخطي ما اعترضني من مصاعب وعقبات وهذا - في اعتقادي - هو الأدب الحي الذي يدفع الإنسان إلى الأمام.

5 - في العدد 572 يوليو 2006 المقال الأول (حديث الشهر) يدعو إلى الأخذ بالأسلوب العلمي في الحياة، وأن تكون لنا استراتيجيتنا الفكرية.

بينما المقال الثاني مباشرة يتحدث عن سلطان العاشقين، عمر بن الفارض وهو من الدراويش والمتصوفة والذي - كما يحدّثنا المقال - عاش في مغارة في جبل المقطم، وهذه كل إنجازاته وأعماله الجليلة! بل إنه ذهب إلى مكة وعاش في عزلة في أحد أوديتها وتكشفت له بعض الأسرار! هكذا! إن مقال: سلطان العاشقين عمر بن الفارض يدعو إلى الدروشة واعتزال الحياة وترك العمل والرضا بالقليل، وما هكذا قال الإسلام وما هكذا يقول أي دين.

ونحن القرّاء - المخاطبين من قبل موضوعات «العربي» - َمن نتّبع؟!

6 - دعنا - يا سيدي الدكتور - نحتكم إلى مناقشة هادئة وموجزة: هل العرب في حاجة إلى الأسلوب العلمي أم في حاجة إلى الدروشة والتصوف؟!

إنني أعتقد أن انتشار الدروشة والتصوّف والأسلوب التواكلي في العالم العربي كان بتخطيط استعماري، وهناك حكايات شعبية منتشرة يعرفها كبار السن تؤيد ما أعتقد ولا حاجة لاستعراضها هنا.

إن الدروشة والتصوّف والتفكير التواكلي تجعل العرب متخلفين عن اللحاق بالتقدم الحضاري.

7 - ومن هنا فإنني أهيب بكم ألا تنشروا في مجلتنا الحبيبة أي موضوعات عن التصوّف وأن يسود الأسلوب العلمي جميع أبواب «العربي».

8 - لي اقتراح - أعتقد أنه سيسُر جميع قرّاء «العربي» - هو أن تطبعوا مع كل عدد عدداً من الأعداد المائة الأولى من «العربي» بالترتيب من 1 إلى 100.

وختاماً.. أرجو ألا أكون قد أثقلت عليكم.

ولكم مني ولكل العاملين في «العربي» كل الحب والتقدير والاحترام.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وصفي عبدالفتاح دسوقي
محافظة الشرقية - مصر

قناة «العربي»

السيد رئيس التحرير د. سليمان إبراهيم العسكري المحترم..

تحية طيبة وبعد..

بمناسبة انطلاق بث قناة «العربي» الثقافية الفضائية، نقرّ بأن البدايات هي أساس الماهيات، ولكننا لسنا في موقع الحكم على القناة، وهي في خطواتها الأولى، ولكن ما شاهدناه إلى الآن من مداخلات ومحاورات لجملة من أقطاب الأدب العربي، الذين جمعتهم احتفالات «العربي» باليوبيل الذهبي في فبراير 2008 بدولة الكويت، وكذلك الأشرطة الوثائقية والمدبلجة، والاستطلاعات كفيل بإعطاء صورة جلية عن السياسة الثقافية المتبناة من القناة.

ونأمل أن تكون صوت المثقف والنخبوي والمواطن العادي من خلال الجمع بين الأسلوب المبسط والسلس من جهة، والمؤطر والنخبوي من جهة أخرى.

أملنا أن تكون «العربي» الثقافية منارة إعلامية هادفة وسط هذا الزخم الرديء من فضائيات هز البطن في زمن امتزج فيه الغث بالسمين، وأصبحت فيه الرداءة والميوعة السمة المميزة لهذا العصر.

نبيل البوّاب
المنستير - تونس

الدخيل في اللغة

حضرة رئيس تحرير مجلة العربي المحترم..

تحية وبعد..

إنني من القرّاء القدماء لمجلة العربي، وأنا على نهجها الأخلاقي لا أداهن ولا أبالغ، وأقول بكل صراحة إنها في عهدها الحالي ازدادت ارتفاعاً وعمقاً كالدوحة في أغصانها وجذورها، وذلك بفضل رئيس تحريرها العملاق الدكتور سليمان العسكري، فكل مقال له كنز فكري لما فيه من العمق والابتكار والنظرة الحديثة، ولأنه يستجيب لحاجةالعربي ويتعرض لمشكلاته الراهنة بمنهج علمي وبأسلوب متنور واضح، وأتمنى أن ينشر ما يختاره من مقالاته في كتاب. وحتى المقالات الأخرى زادت عمقاً، مثل مقال الأستاذ فاروق شوشة في باب «جمال العربية»، فقد كان يتسم سابقاً بشيء من البساطة والعرض الصحفي، لكنه أخذ يدخل شيئاً فشيئاً في البحث ولو مبسطاً، وهناك باب جديد قديم يشدني إليه هو «اللغة حياة»، وكاتبه الدكتور مصطفى الجوزو يذكّرني بأفذاذ اللغويين مثل ابن سيده وابن جني، فهو شمولي ألمعي وذو رؤية ثاقبة، لكن حبذا لو يدع الاختصار ويتوسع في شرح أفكاره، لأنه يترك القارئ أحياناً عطشاً إلى توضيح أو توسيع.

وقد لاحظت شيئاً من التناقض بين ما قاله الدكتور الجوزو في موضوع «الهاتف الجوال» وبين ما قاله الناقد الأستاذ جهاد فاضل في مقال «من الترجذاتي إلى الأدلوجة»، فالدكتور الجوزو يقترح اعتماد الاسم المترجم: الجوال أو الخلوي، بينما يرى الأستاذ فاضل ألا نشغل بالنا بالمفاضلة بين الأسماء العربية لهذه الآلة، وبفضل استخدام الاسم الأجنبي مدّعياً أن «هذا ما دأب عليه الكتاب العرب منذ أحمد فارس الشدياق إلى اليوم». ولعلكم تلاحظون معي أن ما ادّعاه الأستاذ فاضل غير صحيح، بدليل أن الشدياق هو القائل: «فما الحاجة إلى أن نقول فابريقة وكارخانة ولا نقول معمل أو مصنع؟ أو أن نقول بيمارستان ولا نقول مستشفى؟» وهو القائل أيضاً: «إن هذا الدخيل إنما يغض عنه إذا لم يوجد في أصل اللغة ما يرادفه أو يمكن صوغ مثله، فأما مع وجود هذا الإمكان، فالإغضاء عنه مبخس لحق اللغة». وهو واضع مصطلحات الباخرة والاشتراكية والجامعة والطابع والملاكمة والممثل ومجلس الشورى والمتحف والجواز (جواز السفر) والحافلة والملهى والمنطاد والجريدة.. إلخ وكلها عربية مترجمة، ويكفي أن يقرأ الأستاذ فاضل مقالات الشدياق وكتبه وخصوصاً «الساق على الساق» ليعرف فضله في ترجمة المصطلحات ووضعها. وحسبنا أخيراً حلول اسم القطار والسيارة والهاتف والطائرة والمروحية (هليكوبتر) والدراجة والشاحنة والهاون (مدفع المورتر) والمرفأ والمصرف والمخفر والقصر الحكومي وعلوم النفس والاجتماع والجمال والصوتيات، وكثير جداً غيرها، محل الأسماء الأجنبية المترجمة أو المقابلة، التي كانت مستعملة في بداية دخول هذه الآلات والعلوم إلى البلاد العربية، في القرنين الماضيين، وعند إنشاء المرافق الحديثة فيها، وهي أضعاف أضعاف الأسماء الدخيلة.

محمد سعد - بيروت

اللهجات العامية

من الأخطاء الجسيمة والشائعة في كتابة القصة القصيرة والرواية خلط الفصحى بالعامية، وشتان ما بين الفصحى والعامية، فاللغة العربية الفصحى هي لغة كل العرب، وهي لغة القرآن الكريم، أما العامية فهي لا تصلح إلا لكتابة الشعر الشعبي، فخلط الفصحى بالعامية يمثل إهداراً لحقوق القارئ العربي الذي ينبغي أن يخاطبه القاص أو الروائي باللغة العربية الفصحى التي يفهمها جيداً، أما هذه اللهجات العامية التي تحشر حشراً في بطن القصة أو الرواية، فهي تسبب عسر فهم للقارئ العربي الذي لا يجيد التعامل مع مثل هذه اللهجات لفك رموزها واستيعاب ما يرمي إليه القاص أو الروائي، لن يفهم هذه اللهجات العامية المدرجة بالقصة سوى أبناء البلد الذي ينتمي إليه القاص، أما القارئ العربي الذي تختلف لهجته المحلية عن هذه اللهجة، فلن يستطيع فهمها، وعلى سبيل المثال لا الحصر، في قصة قصيرة سبق نشرها بمجلة العربي للقاص المصري سعيد سالم، وهو أحد أبناء مدينة الإسكندرية، ورد بقصته كلمة «الدِمعة» بكسر الدال وهي كلمة عامية قديمة يتداولها أهل الإسكندرية، وهي تعني «صلصة البندورة» وقد يختلط الأمر على القارئ العربي، فيظن أن الكلمة هي «الدَمعة» بفتح الدال، وهي تعني «قطرة من قطرات الدموع».

أما في العدد رقم (603) من مجلة العربي الصادر في شهر فبراير 2009، فقد ورد في قصة «أيتها النائمة» لأحلام بشارات من فلسطين كلمة «تفلق» وصوابعها «تغسلني»، أما قصة «أمسية ثقافية» لصالح القاسم من الأردن، فقد ورد بها العديد من اللهجات العامية مثل كلمة «يبحلقون» وتعني «يدققون النظر» وكلمة «معلش» وتعني «معذرة» وكلمة «معزومة» وتعني «مدعوّة» أما كلمة «بلشوا» فقد حاولت جاهداً فهم معناها دون جدوى، وأظن أن هناك الكثير مَن واجه صعوبة في فهمها، أما كلمتي «كش الذباب» فأغلب ظني أنهما تعنيان «طرد الذباب».

إن لغتنا العربية لغة ثرية ليست في حاجة لخلطها بلهجاتنا العامية حتى وإن كانت بعض هذه اللهجات من أصول اللغة العربية، فمتى نتخلص من آفات العامية، هذا الخطر الذي يتلف حقول اللغة ويشوّه جمالها؟

لماذا نعذب القارئ العربي بلهجاتنا العامية، ولدينا البدائل في مفردات اللغة؟

لماذا نضع القارئ العربي في حيرة من أمره أمام لهجاتنا العامية؟ ألا يكفي تعاملنا باللهجات العامية في حياتنا اليومية على حساب اللغة العربية؟ فمتى نعي هذا الدرس جيداً؟!.

صلاح الدين حسن موسى
محرم بك - الإسكندرية

وتريات

  • كفاك

أليلاً مشوبا بصرْفِ الذهبْ
أرى، أم جيلا بعقلي ذهبْ
أمطتِ اللثامَ، فجُنَّ البصرْ
ورُدَّ إلى القلب كلُّ الأربْ
تهادتْ بخطْوٍ كنايٍ غرِدْ
فأنّى ليَ اليومَ إلا الطرب
تضيءُ صباحاً فكيف المسا
نجدٍّ جليدٍ وثغرٍ لهَبْ
رمتني بهمسٍ يبزُّ الوتر
شهيِّ البيان جريءِ الأدبْ
فكنتُ - فداها - برفِّ اللَّمى
أموتُ وأحيا لألف سبب
ويا ويل كلي إذا ما دنتْ
صقيعٌ ورشحٌ وشيءٌ عجب
كفاكِ اقترابا كفاك كفى
فصدري حريق وصبري وَجَبْ*
وسحر الغواني بلاءُ الورى
ووحدكِ أنتِ بلاءُ العرب
سأقنع منكِ ببعض اللَّمَمْ
وأقمع عنكِ فؤاداً وثَبْ
أخافُ علينا دروبَ الخنا
أخاف علينا نزول الغضب
لأرضيَ فيكِ رحيما ستر
وأفقع عين عذولٍ شغب
وتبقينَ يا أنت غيظ المها
برسمٍ وجسمٍ ودينٍ نسب

---------------------------------
* وجب: سقط إلى الأرض.

أحمد نزال الرشيدي - الكويت