كراتشي.. مرفأ يبحث عـن مرفأ

كراتشي.. مرفأ يبحث عـن مرفأ

تصوير: سليمان حيدر

العاصمة الأولى للدولة الباكستانية عند قيامها منذ خمسين عاماً, وأكبر المدن, وأهم الموانئ. تقول الأسطورة أنها ولدت من رحم الطوفان, ويقول واقعها أنها لاتزال تصارع الطوفان, طوفان الزحام, والمفارقات, والبحث عن مرسى.

ناولت (عباشة) القفل مفتوحاً لزوجها (معين الدين محمد) فوضعه بين كفيه وراح يوشوشه وكأنه فرخ صغير, ثم شك القفل في أحد أسلاك شبكة النافذة وسط عشرات الأقفال الأخرى المعلقة, وأغلقه, ووقفت عياشة لصق معين الدين وراحا معاً يرفعان أكفهما بالدعاء, متشفعين ببركة صاحب المقام العالي المحلق فوق قمة الهضبة التي تعلو سقف القبو فوق رأسيهما (الشيخ عبد الله غازي).

ما الضائقة التي كان يضرعان إلى الله أن يفرجها عليهما؟ لقد تصورت لصغر سنهما وقدهما أنهما لم ينجبا بعد سنوات عديدة من الزواج, لكنني بعدما سألت معين الدين وهما في طريق الانصراف, أخبرني أن لديهما أربع بنات, وهما يريدان ولداً, ثم إن (الظروف) تضيق عليهما وعلى الناس وهما يضرعان إلى الله ألا تضيق أكثر. فهو موظف صغير في إحدى بلديات أقليم السند الداخلية, وسياسة (التقليص) التي بدأت تنتهجها الحكومة تلبية لتوصيات البنك الدولي طالبت اثنين من أشقائه بالتسريح من وظيفتيهما, وهي على وشك أن تطاله.

عياشة سمراء خجلة ترتدي (شلوار قميص) ملون وتداري أسفل وجهها عند النظر إليها بوشاح من لون الثياب نفسها تلفه حول عنقها وتسدله على كتفيها. ومعين الدين نحيف وأسمر ويرتدي مثلها (شلوار قميص رجالي). ولقد جاء مع زوجته بالباص من داخل إقليم السند إلى كراتشي لينضم إلى المسيرة الحاشدة التي ستقودها (بي نظير) بعد يومين للاحتجاج على سياسة تسريح الموظفين والعاملين بالحكومة. وهو انتهز الفرصة وأحضر زوجته لقضاء يومين معه في كراتشي, وجاء أولا للتبرك والدعاء والنذر لشيخ (عبدالله غازي), أن يفرجها الله وأن يرزقهما بالولد.

"عبد الله غازي مزار", أو مزار الشيخ عبد الله غازي, أسطورة باكستانية تربض فوق تلة مرتفعة في منطقة كليفتون. ضريح ومسجد صغير يتسنم القمة عابقاً بزخم عمارة المساجد الآسيوية المزركشة, بلون فيروزي وزخارف وآيات وأدعية مختلفة الألوان تزين حوافه. وثمة درج عال ذي طريقين يصعد إليه مفروشاً بسجاد أحمر متسخ, إلى اليمين طريق الصعود وإلى اليسار طريق الهبوط. والمكان محاط بحوانيت صغيرة كأنها صناديق يجلس داخلها أصحابها متربعين كما في حوانيت شبه القارة الهندية كلها.

والبضاعة التي تطل من الحوانيت وتكتنز بها دواخلها هي لوازم الزيارة والزوار, حبيبات بخور داكنة وسكاكر بيضاء مدورة وأقفال, وورود حمراء وهدايا من الثياب والصور والآيات. البخور والسكاكر يحملها الزوار معهم بينما يقرأون الفاتحة لصاحب المزار ويرقعون إلى الله أدعيتهم متشفعين ببركة الشيخ عبدالله غازي, يتركون ورودهم على قبر الشيخ الذي يتلمسون حواف القبر ويتجنون عليه وهم يتمتمون غائبين عن الدنيا بأدعية لإصلاح أحوال الدنيا ثم يهبطون ماسحين على صدورهم راضين مستبشرين بالقبول, وثمة من يعمق الرجاء بالهبوط إلى القبو, أسفل المزار رجائه في ثم يشقون طريقهم الضنينة جميعا عبر زخام المتسولين والدراويش الحفاة وذوي العاهات والمجاذيب وأصحاب الطبول ذوي الثياب الصفراء الفاقعة البراقة والعمائم, يهدون البخور والسكاكر التي حلت عليها البركة للأهل والأحباب والجيران. وينتظرون الفرج.

جبل على الماء

ثمة أعجوبة ترقد أسفل هذا الضريح في قبو الأقفال الذي التقيت فيه بزينب وفارق, فالتلة أو الجبل الصغير الذي ترتفع قرابة ثلاثين متراً يجري في تحته نهير صغير أطللنا على رقرقة مياهه من وراء البوابة والسياج المعلقة في مشبكاتهما مئات الأقفال. كيف تتعلق الهضبة العالية فوق المياه. لابد أن هناك تفسيراً علمياً عصريا له صلابة الجيولوجيا وإيحاء الجسور

لكن هذه الصورة المثيرة للدهشة ولدت أسطورتها القابلة لتصديق في الواقع. فمعروف أن كراتشي تقع في منسوب منخفض عن سطح البحر. فكيف لم تغرقها مياه البحر؟

ويجيب عن سؤالي أحد سؤالي أحد دروايش المزار:

إن الذي يرقد على قمة جبل يجري من تحته الماء, بركته ـ بمشيئة الله ـ تحمي أرض كراتشي من إغارات الماء!

وليست أسطورة الشيخ غازي وحدها هي التي تفسر صمود كراتشي أمام البحر, فثمة أسطورة أخرى أقدم وتعود إلى أمن حضارة (الأندوس) التي سادت منذ 4000 عاما وكانت في ذروة ازدهاره في الفترة من 2500 إلى 1500 قبل الميلاد, وهي حضارة وادي عرفت الزراعة المؤسسة على مياه نهر الأندوسي الذي يدفع من ذوبان الثلوج فوق الهيمالايا ويصب في البحر العربي مكونة دلتا خصبة, وتقول الأسطورة أنه في زمن الطوفان حملت فتاة اسمها كولاتشي إبريقا من الماء العذب وشقت مياه البحر وتضرعت إلى الله أن يرفع البلاء, فانقطع الطوفان وصعدت تحت قدميها الأرض التي روتها بعذب الماء من إبريقها, صارت الأرض كراتشي بعد تحريف الاسم مع مر السنين, وحفرت مياه البنت مجرى للأنهار العذبة التي مازالت تفيض في هذه المدينة الواقفة على حافة البحر.

الغريب أن الأسطورة تقول بميلاد كراتشي من قلب الطوفان, والواقع القريب تاريخيا يقول مايشبه ذلك.

ففي السنوات الأولى من اقرن الثامن عشر الميلاد ضرب إعصار عنيف دلتا السند الواقعة بمحاذاة ساحل البحر العربي, غعلى مبعدة 16 ميلاً شرق كراتشي التي كنت مجرد قرية صيادين هاجعة في منعطف من الساحل. ودفع الإعصار ـ مع بعض من دفع التماساً للأمان ـ بالتاجر الهندي الكبير (سيت بهودج مل) إلى الاستقرار في منطقة من كراتشي لم يطلها الإعصار, تدعى كيمار بندر, ومنها عاود نشاطه التجاري الذي جذب الكثيرين من التجار الهنود الكبار فصارت كراتشي مرفأ تجارياً مهما في شبه القارة الهندية كلها, ومركز جذب للتبادل التجاري مع بلدان الخليج العربي, ومحطة مهمة على طريق الحرير واللؤلؤ.

ومثلما يثير بريق الذهب أطماع المغامرين واللصوص, أثارت كراتشي المزدهرة شهوات الامتلاك بين (حكماء) السند التي تمثل كراتشي مركزها وإن لم تكن عاصمتها آنذاك, وبين (حكماء) البلوش من الجوار, ودخل (حكماء) الكلهور ذوو الأصول العربية على خط هذا التنافس. وفي صراع (الحكماء) ضاعت الحكمة, وتحيرت كراتشي, فقفز الإنجليز عبر أطماع إمبراطوريتهم التجارية التي تمثلها شركة الهند الشرقية.

في عام 1835 ميلادية تغلغلت الجيوش البريطانية الاستعمارية في منطقة السند وهي تتجه نحو أفغانستان لكنها لم تستطع إخضاع كراتشي. فعاود الإنجليز الكرة مع استخدام الحيلة, ففي 7 فبراير عام 1843 زعم السير تشارلز نيبور أنه يقصد إقليم السند للسياحة والترفيه. لكنه أوعز للكاتبن البريطاني (باريدي) بتجهيز جيش لقهر أمراء كراتشي. وأفلح في ذلك باستخدام 300 جندي أداروا كراتشي بعنف بنادقهم لتقع في أسر شركة الهند الشرقية ذات الطابع العسكري الاستعماري, وعندما وقعت السند بكاملها في قبضة الإنجليز نقلوا عاصمتها من حيدر أباد إلى كراتشي, وتحت ظلال البنادق الاستعمارية البريطانية راحت كراتشي تتمدين بتألق مقهور لم نر من بقاياه أثناء زيارتنا غير بقايا منطفئة في قلب المدينة.

مجيء الريح, وذهابها

ماذا ترك الإنجليز في كراتشي؟

سؤال راودني باستنكار وأنا أجول في قلب كراتشي. في منطقة الأسواق المسماة صدر أو كما ينطقونها (سادار). منطقة محتقنة بالمركبات والبشر. كل أنواع المركبات وشتى ألوان الثياب التي يرتديها البشر. شواعر تجارية واسعة تفضي إلى أطراف ضيقة الأزقة مكتظة بالناس وبضائع الأرصفة.. ملابس, أحذية, جلديات, مصنوعات نحاسية, توابل, إلكترونيات, أقراص مدمجة. مطاعم على عربات تحمل أواني ضخمة من النحاس (المبيض), بلون القصدير ورائحة الكاري تفوح من الأواني فوق المواقد السيارة. وثمة باعة للفاكهة, خاصة الموز والشمام الذي يتناولونه مع وجبة الإفطار.

إن منطقة صدر أنشأها الإنجليز منذ خمسين عاما لتكون مركزاً تجارياً يخدم الذوق الإنجليزي, وبدأت مجرد صف واحد من المتاجر الإنجليزية ذات الطراز الفيكتوري في شارع كان اسمه طريق فيكتوريا. صار اسم الشارع (طريق زينب), ولم يتبق من المتاجر فيكتورية الطراز غير أطلال, جدران بلا نوافقذ ولاسقوف تطل السماء من فجواتها وتنتظر الهدم لتقوم بمكانها مراكز تجارية متعددة الطوابق من الأبنية الحديثة العملية التي لايعنيها نسق العمارة كثيراً فالمهم هو السوق. سوق نشط برغم الزحام ومستوى الدخل المنخفض للفرد, والعنف الكامن في كل ركن والذي تكشف عنه ظاهرة الحراس المسلحين بأزياء وأسلحة مختلفة, حكوميين من الشرطة وأهليين من القطاع الخاص. مظهر لافت وباعث على التوتر وعدم الشعور بالأمان برغم أنهم واقفون في أماكنهم بهدف الأمن والأمان, أمام كل محل وفي داخله, وعند مدخل البنايات, وفي زوايا الطريق, رجال وبنادق, كأن طريق فيكتوريا غادرته حراب الإنجليز ليصير طريق زينب فتحل به البنادق المحلية.

يتوقف نظري كثيراً عند إطلال الأبنية الفيكتورية الزائلة, وأفكر في أنها برغم أبهتها الزائلة قد أقيمت بالقوة, ولو القوة المكتومة, لهذا تزول بالقوة وبإهمال الزمن والناس.

لقد أدخل الإنجليز نظام البلديات الإنجليزي, وأنشأوا صحفا تصدر بالإنجليزية, ونقلوا عاصمة السند من حيد أباد إلى كراتشي. لكن ذلك كله تم سحقه في طاحونة الزحام والعنف الذي ربما يكون الاستعمار الإنجليزي هو واضع أول بذوره.

ففي روح التجارة شراهة وعنف, والصحف التي تصدر في كراتشي بالإنجليزية تتكلم وتصور العنف بعنف, واجتياح الطابع الخاص ـ أي طابع ـ يتم بعنف. حتى وإن بدا هذا كله عنفاً كتيماً. يستدعي نقيضه في أحيان كثيرة.

البحث عن أمان

لا أحد يعرف عدد سكان كراتشي على وجه التحديد, فالرقم يتراوح بين 10 ـ 18 مليوناً كما تزعم مصادر عدة. والمؤكد أنه أكثر من عشرة ملايين نسمة. أما مساحة كراتشي فهي مساحة دائرة قطرها 50 ميلاً. وهي مساحة شاسعة, وقابلة للاتساع على حساب الصحراء المترامية في إقليم السند, لكن شيئا ما يدفع البشر للتكوم في أماكن بعينها في مركز المدينة وفي الأطراف عشوائية البناء. وأشعر بالرغبة في الخروج من ربقة الزحام ومن قبضة الأرض المنخفضة فيشير على خالد يوسف الذي نذرته لنا القنصلية العامة للكويت في كراتشي دليلاً ومستشاراً من أبناء البلد بالذهاب إلى منطقة (هيل بارك) في الشمال الشرقي من كراتشي, ثم الهبوط منها باتجاه الشمال الغربي نحو (مزار قائد أعظم).

الطرق إلى بستان القمة كان يمر بأهم وأحدث وأغنى شوارع كراتشي, (شارع فيصل) الذي يحمل اسم ملك المملكة العربية السعودية الراحل. وهو شارع حديث تنتصب على جانبي مساريه الواسعين عمائر حديثة تتمركز فيها المكاتب التجارية والخدمية وتحف برصيفيه الأشجار والخضرة وهو الطريق نفسه الذي سلكناه قادمين من مطار كراتشي الذي يحمل اسم مؤسس الدولة الباكستانية محمد علي جناح أو (القائد الأعظم) كما يسمى في باكستان.

قصدنا ربوة مرتفعة عبر شوارع تتلوى صعودا بين صفوف من الفيلات الأنيقة, وكانت أناقة الفيلات لاتخفي عدم الشعور بالأمان, فهي تبالغ في وسائل تأمين نفسها. حرس مسلح أمام كل بوابة حديدية يتم التحكم في معظمها إلكترونيا من الداخل, ومشبكات حديدية مزخرفة تحرس النوافذ والشرفات, وأسلاك شائكة فوق الأسوار العالية وأحيانا أسيجة حديدية ذات حراب مدببة فوق الأسوار الخرسانية.

مظهر ينبئ عن الكثير من افتقاد الأمن الذي معناه بالأوردية الباكستانية أيضاً (أمن), ويذهب بكل روعة هذه البيوت. لكن مواصلة الصعود تمنح مزيداً من الشعور بالأمان وسط الدرج الصاعد بين الأشجار وأحواض الزهور ومساحات الخضرة المشرقة ومسابح الأوز ومساقي الطيور ذات الكثرة الملحوظة في أجواء كراتشي وباكستان عموماً والتي تجعل من هذا البلد مقصداً لهواة الصيد الأثرياء في موسم الخريف عندما تتجه طيور الشمال البارد نحو دفء الجنوب في منطقة السند.

ارتقينا منصة دائرة مرتفعة فكانت كراتشي كلها تنكشف للبصر من الأفق إلى الأفق, مدينة شاسعة تطل على البحر العربي, تكثر فيها المآذن وتغمرها الخضرة, لكن ضباب العوادم من زحام شوارعها يتصاعد مع ضوضاء المركبات ليغشى أطرافها ويبلغ أسماعنا برغم الارتفاع. مدينة متضخمة كالقاهرة لكنها لاتتسم بطابع خاص أو روح مميزة.

ومن حديقة القمة هبطنا فكانت الضوضاء تعلو وعوادم المركبات تختلط بالهواء الذي نتنفسه, لوريات, باصات, سيارات خاصة, عربات (ريكشا) بدراجات نارية, إضافة إلى ماتجره الجمال والخيول والبشر, ثم خف الزحام فجأة, واتسعت الطرق, وتجلى فوق مرتفع من الخضرة الضريح الأبيض اللؤلؤي الذي يضم جثمان مؤسس الدولة الباكستانية.

في الحديقة الواسعة الصاعدة نحو الضريح المتربع على القمة تنساب موجات من الزائرين من أبناء البلد, تلاميذ مدارس يتجهون صفوفا لصعود درج الضريح, وأسر كاملة, وشبان, وعجائز, فالضريح تحول واقعيا إلى مزار من مزارات الأولياء وليس مجر بناء تذكاري لقائد سياسي.

درج مرمري واسع يصعد نحو رحبة واسعة من الرخام يقوم في مركز بناء الضريح ذي الأضلاع الأربعة والأبواب المقوسة التي تذكر بطعم العمارة في الشمال الإفريقي ثم القبة التي تتوسط سقف البناء, وذلك كله في كساء من الرخام الأبيض الذي يتألق في ضوء الشمس.

في الساعة العاشرة دوى النفير الذي رددت أصداؤه جنبات المبنى المرمري, وقت تبادل نوبات الحراسة في قمصانهم السماوية وبناطيلهم الرمادية والبنادق على الأكتاف والبيريهات الكحلية على الرءوس. جنود الحرس أمام باب الضريح, وداخل أركانه الأربعة وفي وسط البناء يتمدد القبر الرخامي لمؤسس باكستان محمد علي جناح يحيط بالقبر سياج من الفضة يتكئ عليه الزوار ضارعين قارئين الفاتحة لصاحب المقام ورافعين أدعيتهم إلى الله عبر وجوه الرجاء التي يعلون صفحتها الضارعة لله. السقف البعيد مستدير وسماوي اللون وتبدو الجدران كأنها تسدل منه وثمة ثريا هائلة من الكريستال تتدلى من مركز السقف يقال أنها جلبت من الصين.

محمد علي جناح الملقب في باكستان (القائد الأعظم) أو (أبوالأمة الباكستانية) ليس مجرد رمز سياسي, بل هو رمز ديني أيضاً, وهما رمزان لايمكن فصل أحدهما عن الآخر كأنهما وجها عملة واحدة. فالديني والسياسي امتزجا معاً منذ بدأ السعي نحو استقلال باكتسان والتي تعني (الأرض الطاهرة) بعد ورودها في قلب قصيدة لشاعر باكستان الأكبر الراحل (محمد إقبال).

اقرأ الفاتحة وأدور في رحاب الضريح الباعث داخله الرحب على الشعور بالسلام والارتياح, وألاحظ شيئا يذكرني بتقاليد عمارة الصروح المغولية التي رأيتها في تاج محل ومدفن الإمبراطور (أكبر) في الهند. فعندما تقف عند رأس القبر وتنظر عبر البا تكتشف أن هناك خطا واصلاً ممتداً من الشاهد, إلى الباب, إلى الساحة, إلى الدرج, إلى المدخل, وينتهي عند الأفق السماوي. كأنها إشارة معمارية لطموح الروح إلى التحرر والصعود نحو السماء.

وأتذكر شيئاً من تاريخ سعى محمد علي جناح, الذي لاشك كانت لديه دوافعه الصادقة, وكان يعبر عن أشواق قطاع كبير من المسلحين في شبه القارة الهندية تحت نير الاستعمار البريطاني.

في الثالث والعشرين من مارس عام 1940 وبينما كانت الهند كلها مستعمرة بريطانية, وكانت السيارة البريطانية كعهدها دائما تنتهج حيلة (فرق تسد) المعروفة عن الاستعماريين الإنجليز, كانت هناك تفرقة وكانت هناك معاناة للمسلمين هناك. ونادى محمد علي جناح في هذا اليوم بقيام وطن مستقل لمسلمي شبه القارة الهندية.

كان محمد علي جناح إبناً من أبناء كراتشي, محامياً درس المحاماة في إنجلترا, ورئيسا لحزب (رابطة كل مسلمي الهند). وجه كفاحه لتحقيق مطلبين متلازمين هما الاستقلال وخروج الإنجليز مع إنشاء كيان إسلامي خاص بالمسلمين. وتحقق له ما أراد بعد أمواج من التمرد على الاستعمار الإنجليزي من كل أبناء شبه القارة الهندية, بعضها تبع من سياسة التمرد السلمي كما لدى غاندي وبعضها لم يكن كذلك. وفي 15 أغسطس 1947 أعلن استقلال الهند وفي الوقت نفسه استقلت باكستان بشطريها (الشرقي الذي صار بعد حرب الانفصال عام 1971 بنجلاديش والغربي الذي تمثله الآن باكستان) وكانت كراتشي هي العاصمة الأولى لدولة الباكستانية واستمرت عاصمة لباكستان بعد انفصال بنجلاديش لكن في 28 أكتوبر 1958 قرر المارشال محمد أيوب خان نقل عاصمة باكستان من كراتشي إلى المدينة حديثة الإنشاء هي (إسلام أباد), والتي لاتزال عاصمة لباكستان.

لقد ترافق قيام باكستان بحدوث فيضان هائل من البشر النازحين. أموال وراء أمواج من البشر, على الأقدام والدراجات, والدواب, والعربات, ومعهم متاعهم الذي استطاعوا حمله في هذا النزوح الدراماتيكي. 15 مليون إنسان أتموا نزوحهم في غضون بضعة أسابيع. المسلمون اتجهوا نحو الأرض التي صارت باكستان والهندوس خرجوا من هذه الأرض. ولابد أن كراتشي شهدت الزخم الأكبر من موجات هذا النزوح.

قاد محمد علي جناح البلد الذي حلم به فترة وجيزة, ولم يمهله العمر ليرى صعود حلمه, أزمات متأثراً بمرض السل في وتحول بعد موته إلى رمز ديني كما هو رمز سياسي.

لكن يبدو أن هذه اللحمة بين الوطن والروح لم تواصل مسيرتها برغم أن لافتات معظم الفرقاء السياسيين في باكستان اليوم تدعي أن سعيها في الدنيا هو نصرة للدين. حتى وسط أحياء المهاجرين الأفغان التي تترامي أكواخها على مشارف كراتشي وهم يقدرون في باكستان بنحو 3.3 مليون مهاجر, جاءوا فراراً من نيران المتحاربين على حكم الدنيا بدعوى الدين, وحملوا معهم ضمن ما حملوا بعضاً من دعاوى المتحاربين هناك وبعضاً من سلاح هؤلاء المتحاربين وكثيراً من مخدراتهم. ولقد رأيت المخدرات على الأرصفة بين أيدي الصبية المشردين البؤساء, باكستانيون وأفغان معا, وبقرب المنزل الذي ولد فيه محمد علي جناح في منطقة (دار الوزير).

ولا أحد يتوقف

أعلن في كراتشي يوم 16/11/1997 عن مسيرة تقودها (بي نظير) بوتو للاحتجاج على سياسة تقليص الوظائف الحكومية التي انتهجتها حكومة نواز شريف أخذاً بتوصيات البنك الدولي. وكانت هذه فرصة لرؤية (جولة) كبيرة من جولات المنافسة بين الفرقاء السياسيين في باكستان. برغم أن الأيام القليلة السابقة كانت مثمرة في هذا الجانب وإن بتعابير أقل حجماً. رأينا في عدة أيام خمس تظاهرات مختلفة, وثلاثة اعتصامات, وأربعة حوادث طريق مصبوغة بالدم, كما أننا كنا قاب قوسين أو أدى من حادث الاغتيال الذي وقع صباح يوم الأربعاء 12 نوفمبر 1997 وراح ضحيته أربعة أمريكيين وسائق باكستاني في سيارة على (جسر العشاق)!

الجسر يسميه الناس (جسر العشاق) لأن عاشقاً (وربما أكثر) ألقى بنفسه من فوقه ليلقى حتفه بعد أن خذله الحب ويئس من الوصال أو سئم الوصال!

الغريب أنني وزميلي سليمان حيدر كنا قد توقفنا في مكان الحادث قبل سويعات من وقوعه, فعند قمة الجسر الذي لايبعد إلا خطوات عن الفندق الذي نزلنا به (وكان ينزل به اثنان من الضحايا أحدهما تذكرت أنه كان يتناول معنا الإفطار), أحسست بانقباض نفسي غامض, ربما من جهامة منظر شريط القطار المهجور تحت الجسر وغابة أوناش الميناء التي تلوح في الأفق كثافة الحدأ والغربان المحلقة في سماء المنطقة, وربما كان ذلك الانقباض مبعثه الإحساس الغامض بوجود الجناة أو طلائعهم في المكان, لقد قلت لسليمان حيدر (كفاية هنا.. المكان مريب.. ترجع) ورجعنا لتفاجئنا الأنباء في اليوم التالي, في جميع الصحف ونشرات التلفزيون المحلية والعالمية, تعلن عن حادث الاغتيال. وكاد الفندق يخلو علينا بعد ذلك إذ كان كثيرون من الأجانب يحزمون حقائبهم ويغادرون كراتشي.

في اليوم التالي لوقوع الحادث على الجسر أردنا أن نذهب إلى مكان يسمى (المغسلة), ورفض السائق (محمد سليم), رفضاً قاطعاً دخول هذه المغسلة خوفا من الخطر الذي يمكن أن نتعرض له هناك في هذا اليوم المتوتر, وقال إن المكان وما حوله هو بؤرة يكثر فيها اللصوص والقتلة والسلاح والهيروين. لكننا في يوم آخر استطعنا دخول المغسلة مع سائق اسمه (محمد فاروق) ويبدو أن الباكستانيين معظمهم يتسمى باسم محمد أولا ويضيفون بعد ذلك اسما ثانيا للتمييز.

كانت المغسلة في طريق عودتنا من حي قاطعي الرخام. عشرات بل مئات الورش تعمل دون انقطاع في تقطيع الرخام وصقله وخرطه في أشكال جميلة عديدة وبألوان رائعة كونتها في الطبيعة يد القدرة. ورش يدأب فيها البشر وشوارع صغيرة وأزقة لاتكف عن الكدح بشرف. وفي المغسلة كان الكادحون هناك أيضاً برغم أن التيارات الباطنية للجريمة كانت تفوح رائحتها في بؤس المكان, شريط واسع على شاطئ نهر أو مصرف عكر المياه, نطل عليه من وراء سور عند مرتفع الطريق فنجد ورشة غسيل بدوى هائلة وساحة (لمناشر) الغسيل ترفرف على حبالها قطع الملابس والملاءات البيضاء على امتداد قرابة ثلاثة كيلومترات.

هبطنا إلى المغسلة, رائحة لاتطاق, ومياه قذرة ينظفون بها ملابس قذرة, ينقعون الملابس في أحواض أسمنتية, ثم ينقلونها إلى مصاطب أسمنتية يضربون عليها الغسيل لينفض أوساطه, ثم يشطفون ما ضربوه بمياه جديدة أقل ما يقال فيها أنها عكرة, ومع ذلك تصير الثياب أنظف. لكنه حد من النظافة بائس لايقنع غير البؤساء, والظاهرة كلها على أية حال بائسة, فعدة غسالات حديثة يمكن أن تقوم بالعمل المضني الذي يقوم به هذا الجيش من البشر. لكن يبدو أن هذا الجيش من البشر أرخص من بضعة آلات للغسيل.

بؤس المغسلة ودروبها الموحلة وأكواخها وفساد هوائلها يمكن أن يأوي الكثير من الإجرام واليأس, لكنه يأوي أيضاً بشراً يكدحون حتى العظام. والحي المحيط بالمغسلة نفسه يوحي بهذه الظاهرة, البؤس الذي يمكن أن يولد كل شيء, ابتداء من الانكسار حتي الانفجار. فالباطن يحوي ما يحوي, وفي الوقت نفسه يوضح الظاهر كد البشر, صانعوا الأحذية والصنادل اليدوية الملونة, والرسامون الشعبيون الذين يزخرفون كبائن وصناديق السيارات بألوان زاهية, وميكانيكيو السيارات المهرة, والمعلمون والتلاميذ الضامرون الذين ينجزون العملية التعليمية في مدارس كأنها علب الصفيح, وتجار الجمال في سوق الجمال قرب ضفة النهر, وباعة سوق البلح ورواده.

وفي ثنايا هذا كله يمكن أن نتوقع وجود سوق السلاح والمخدرات وأوكار الإجرام الذي يتقمص صورة الدعاة في كثير من الأحوال. هذه الحركة الدائبة المتقاطعة والمتعارضة والمتواجهة لنشاط البشر في السر والعلن, نشى بها حالة المرور في شوارع الأسواق (البازارات), فالزحام الخانق لايعيق المتحركين في كل الاتجاهات, وفوضي المرور لاتوقف المركبات التي من كل نوع, باصات حديدية مزدحمة أجوافها القاحلة بالركاب الفائضين عبر الأبواب لكنها مزخرفة بالألوان حتى آخر ميلليمتر من جسمها. وعربات نقل وسيارات تاكسي وسيارات خاصة فارهة وعربات تجرها الجمال وأخرى تجرها الخيول وثالثة يجرها البشر.

ولا أحد يتوقف
الشيء نفسه رأيناه عندما ذهبنا لرصد ملامح تظاهرة (بي نظير بوتو) في ضحى ذلك اليوم المكرر من أيام كراتشي.

ولو.. الحرية أفضل

ـ السلام عليكم
ـ وعليكم السلام
ـ هل ستبدأ من هنا؟

تحية وسؤال كررناه على تجمعات بشرية كثيرة مدججة باللافتات والصور ومكبرات الصورة, تتهيأ للحركة في ذلك الصباح المشمس سمن صباحات تشاء كراتشي. لكن الإجابات كانت تنبئنا أن هناك أكثر من تظاهرة ومسيرة. وكان رجال الأمن الرسميون في كل مكان, بملابسهم وخوذاتهم وهراواتهم وبنادقهم ومدافعهم الرشاشة وبعضهم يبدو من القوات الخاصة يرتدون ملابس مموهة ويدرعون بالقمصان المضادة للرصاص.

كأن هناك حالة حرب, وساحتها باتساع كراتشي, بدءاً من مزار قائد أعظم حتى ساحة البرج (تاور) التي تأكدنا أن مظاهرة بوتو ستبدأ منها. وكان هناك من نصحنا بالابتعاد عن المنطقة وعن الحدث لأن التظاهرات يمكن أن نتحول إلى أعمال عنف في لحظة. لكن جاذبية المشهود كانت أقوى من دفع الخوف, وأوغلنا في ساحة الوغى.

كانت (بي نظير) ستصل من الخارج في الصباح الباكر وتأتي مباشرة لتتقدم المتظاهرين, وبغض النظر عن تحفظات كثيرة لدى الناس على (بي نظير) وزوجها القابع في سجون الحكم الحالي بتهم الفساد السياسي والاقتصادي, فإن المشهد كان يؤكد الحالة الديمقراطية, فالمتظاهرون وبعضهم يعلق صورة (بي نظير) في شارة على صدره, جاءوا من داخل إقليم السند بالباصات, أرتال من الباصات, مئات بل آلاف الباصات المزخرفة كالعادة وعلى سقوفها حشود البشر ومنهم نسوة اعتلين سطوح بعض الباصات, فالباصات لها سلالم تصل إلى السطح. وتتناثر أرتال الباصات مثل قوافل من المراكب بين أمواج بحر من البشر, لافتات ملونة وهتافات شتى. والمتظاهرون رفاق الحال وفقراء معظمهم, وفي زحام الحشود يدور بائعو العصير وبعض الفاكهة وينتشر عن الزوايا بائعو البابر, وهو نوع من رقائق تشبه البطاطس الشيبس لكنها مصنوعة من العدس ومعبأة في أكياس كبيرة من الجوت وعلى أرصفة تنتشر آلات ضخمة متنقلة لعصير القصب.

حفنة من رقائق البار لملء فم أو فمين, وكوب من عصير القصب, مع حبة برتقال أو إصبع موز أو بدونها, هذا هو كل زاد اليوم الطويل الشاق.

تأملت رقة حال المتظاهرين الغالبة, وتواضع الزاد, ومشقة الرحلة وضنى ماينتظرهم من احتمالات الإعياء أو الخطر, ومع ذلك!

مع ذلك تظل الديمقراطية هي العزاء الأكبر حتى في البؤس, بل لعل حرية التصريح والتلويح بما في النفس تكون أهم من الطعام, فبعض الطعام يكفي زاداً للاحتجاج.

لم تكن (بي نظير) قد وصلت قرب الظهيرة, وسألت أنصارها فعرفت أن أمامها ساعة أو ساعتين, فاخترت أن أذهب لقضاء الساعتين في تلافيف المنطقة المحيطة (بتاور) في الجانب الآخر من شارع البنوك الوسيع الباذخ ذي الأبنية الحديثة الفخمة, والأسفلت النظيف الذي تقطعه السيارات متمهلة بين تدفقات المتظاهرين المتجهين نحو الميدان.

المنطقة تذكرني بشوارع المحلة الكبرى, حيث مصانع النسيج الصغيرة وورش الملابس الجاهزة والمصنوعات الجلدية, من هنا تنطلق إبداعات الأسطوات الباكستانيين إلى أفخم متاجر العالم, فالأنسجة القطنية الباكستانية تعد أرقى من مثيلاتها حتى في دول متقدمة وكذلك الجلديات إضافة لرخص الأسعار التي يخفصها رخص اليد العاملة, وتواضع أسعار المواد الخام.

مصانع وورش لاتتوقف حتى أن هناك نوعا من توصيل الطعام من البيوت إلى البيوت على دراجات يقودها شبان نحاف وهي مثقلة بعشرات (أعمدة الأكل) المعلقة في كل مكان من الدراجة.

عمل دائب في مصانع وورش في الطوابق الأولى وقباء البيوت, ونصل إلى (دار الوزير) البيت الذي ولد وعاش فيه محمد علي جناح, بيت ذو شرفات خشبية مفتوحة وطلاء من ألوان سماوية وفيروزية ونقوش وآيات بخطوط زرقاء وحمراء وثمة قبة ومئذنة مضافة إلى جانب البيت, فالرجل الذي مات مصدوراً وهو يرى بشائر تحق حلمه وحلم ملايين المسلمين تحول إلى رمز ديني يزار وتنذر له النذور.

وقرب البيت المزار كان ثمة مطعم من نوع غير مألوف, فبعض المحسنين يقدمون نذرهم في صورة طعام للفقراء, يشترون المواد ويقدمونها للمطعم ليعدها ويقدمها للفقراء لقاء أجر معلوم يدفعه المحسن للمطعم الذي رأينا أمام مدخله تجمع كبير من الحفاة أشباه العراه, من كل الأعمار. وعلى مقربة خطوات من المطعم الخيري المجاني رأينا مجموعة من الصبية المشردين يلتفون في حلقة وهم يجلسون القرفصاء وبينهم ـ على مائدة الرصيف الكالح ـ لفافات من القصدير مفضوضة وأعواد من الثقاب تشعل ما بها ليتنفسوه, إنه الهيروين.

ـ بكم الجرعة؟ سألت. وجاءتني الإجابة عادية تماماً وكأنني أسألهم عن سعر نوع من الخضار:

ـ 40 روبية.

أي أقل من دولار أرخص هيروين ربما في العالم كله, وعلى قارعة الطريق, على مبعدة خطوات من منزل (القائد الأعظم) للحلم الباكستاني, وعلى مرأى من نذور الورعين والمحسنين, ووسط المصانع والورش التي لاتتوقف. وعلى مبعدة مسيرة دقائق على الأقدام من التظاهرة التي كان صوت (بي نضير) الحماسي المذبوح يلهب حماستها, صوت ابنة شكلى وزوجة ملتاعة تصرخ من صدرها. والله أعلم بصدق النوايا, وإن كان الواقع يشكك في كل شيء.

خبيئة الصحراء

كنا على موعد للخروج من ضوضاء كراتشي, نحو منتجع على أطرافها في أرض صحراوية أو شبه صحراوية, وكانت الرحلة إلى المكان تناوبات بين الرحابة والتكدس. ففي مسجد طوبي الذي يتكون أساساً من قبة هائلة تنهض مباشرة على الجدران وتستطيع استيعاب آلاف المصلين في وقت واحد, رحت أردد النداء يا الله فيتردد في رحاب المكان الفسيح كله. إنه بناء صممه معماري باكستاني ليتجاوب مع أصغر همسة للروح فيسمعها آلاف المصلين, ملمح رحيب وسط زحام كراتشي, وملمح رحيب آخر لتألق العمارة رأيناه في الطريق عبر أبنية مستشفى أغاخان المقدودة عمارتها من المرمر الأحمر بتناسق فاتن. لكنه الفتنة تراجعت ونحن على حدود كراتشي نخترق الطريق العابر بين ضفتي مخيمات المهاجرين الأفغان, زحام, وبؤس, وخطر مريب, ويأس لايستريح إلا في ادعاد التشدد, أو العنف, أو في فضاء المخدرات.

وأخيراً وصلنا إلى منتجع (دريم لاند), في قلب أرض قاحلة يغطيها العشب تشرئب روبى خضراء ومسابح وبحيرات يصطخب فيها موج صناعي يماثل موج البحر حتى بياض التبح والزبد.

من أين كل هذه الخضرة وكل هذا الماء? أسأل فتأتيني الإجابة على لسان مضيفنا (حسان أنا مولا): الماء من باط الأرض, وهو وفير تجدده الأمطار الموسمية كل عام. والبحيرات والخضرة من هذا الماء والباقي علينا.

إذن الخروخ من زحام كراتشي وكل مخلفات الزحام ممكن, والجمال رهن الخروج, والأرض شاسعة, والهواء بعيدا عن الزحام لا أنظف منه. أليس كذلك؟

 

محمد المخزنجي

 
  




العاصمة الأولى للدولة الباكستانية





أضرحة الأولياء وقراءة الكف من سمات كراتشي الشعبية





مفارق الطرق تكتنز معظم ملامح مدن المسلمين في آسيا





قلب المدينة العصري وإطلالة وجه باسم محافظ





مسجد طوبى، قبة يصلي تحتها الآلاف أحد المعالم المعمارية البارزة في كراتشي





وجه معتق من وجوه إقليم السند التقليدية





مطعم يقدم عطايا المحسنين وجبات مجانية للفقراء





ثياب الفرح ذهبية والعروس مثقلة بالذهب





بائع في سوق الجمال بمنطقة جوبي





باصات فقيرة ولكنها غنية بالألوان والزخارف





عربات الجمال مازالت تسير في شوارع كراتشي





الفاتحة تبارك العُرس





زحام نهار عادي في سوق صدر





الملاحة لا تكتمل في كراتشي إلا بالذهب والحناء





حراس أمن في كل مكان إنه واقع اللحظة في كراتشي





قبل بدء مظاهرة حاشدة والديمقراطية لها ملامح لا تنكر





الرسم على الحرير براعة باكستانية





أغنيات السند.. عذوبة وشجن





قطع وصقل الرخام مهارات باكستانية نادرة





شوارع صباحات كراتشي... زحام وفواكه وبشر يدأبون في الحياة رغم أنف العنف





شوارع صباحات كراتشي... زحام وفواكه وبشر يدأبون في الحياة رغم أنف العنف





شوارع صباحات كراتشي... زحام وفواكه وبشر يدأبون في الحياة رغم أنف العنف





أكبر مغسلة بشرية يدوية في العالم..مازالت تعمل في كراتشي