مساحة ود

مساحة ود

اكذبي .. تتجملي ..!

للمرأة "الكذابة" جاذبية خاصة لدى بعض الرجال ..والرجل الشرقي بالذات يغفر للمرأة أكاذيبها عندما يشعر أنها برهان على خضوعها لسلطانه ومثل هذه المرأة تشد انتباه الرجل بألاعيبها، وأكاذيبها تشغل عقله فينشغل عما حوله بحل ألغازها والتعرف إلى رموز شفرتها، وهو بذلك يقع في الفخ الذي نصبته له مغمض العينين .مسلوب الإرادة .والغريب أنه لا يغضب إذا ما انكشفت حيل تلك المرأة، بل قد يشعر بالزهو لأنه انتصر عليها وسبر أغوارها .فإذا ما سلمت بهزيمتها ارتفع إحساسه بذكورته إلى القمة ..فهي ما فعلت كل ذلك إلا لتفوز به ..وهو بالقطع جائزة تستحق النضال والغاية تبرر الوسيلة .. !

إن مثل هذا الرجل يشعر في قرارة نفسه بأن المرأة اللعوب أو المدمنة للكذب تفهمه جيدا .تعرف أنه مولع بالجمال الظاهر ..بالألوان الزاهية البراقة ..وكل ما ترتكبه من حماقات تبرره رغبتها الشديدة في الولوج إلى مملكته، والمثول بين يديه! من أجل ذلك لا بد أن يعجب بمكياجها اللافت، وكمية الأساور والخواتم والخلاخيل، التي لا تجذب انتباهه فقط، وإنما تعلن إذعانها الكامل واستعدادها لاقتحام قلعته الحصينة والمكوث أشد ما لا نهاية سجينة أسواره .ومثل هذه المرأة عادة ما تفوز برجلها ..وهي تعرف أنها ستناله إن عاجلا أو آجلا ..فما هي في الواقع إلا تلميذة نجيبة في مدرسة الحياة على طريقته ..وكلما تفننت في أساليب الكذب والتجمل نالت أعلى الدرجات ..لقد تعلمت من قصائده المطولة أنه مولع بالعينين الكحيلتين الواسعتين كعيون المها ..هذا فهي تكحل عينيها وتغطي أهدابها "بالماسكارا" .

وقرأت في قصائده أن أحلى الشفاه ما تشبه حبة الفراولة ..فراحت تطلي شفاهها باللون الأحمر القاني ..ولأنه يشبه المرأة الجميلة بالتفاحة التي تثير شهيته، فهي تطلي خديها ليصبحا نسخة طبق الأصل من التفاحة ..وهكذا تصبح صورة من الأنثى المثالية التي وصفها في آلاف القصائد والقصص، وأبدعتها ريشته في مئات اللوحات ..وهي تعرف أنه مولع بالفتيات الصغيرات، فتخفي عمرها، وتتفنن في التصرف بحماقة وسذاجة لتبدو كما يريد ويتمنى: مثيرة، ساذجة، نمرة، غامضة، متقلبة، ضعيفة، صامتة .هكذا يعشقها ..وهكذا يريدها ..وهي تعلم ذلك جيدا ، ولكي تحظى بالمزيد من اهتمامه وإعجابه تختفي وراء الأحجبة، وتتخفى تحت الأقنعة ، وتكثف من طبقات الألوان في شعرها ووجهها وأظفارها وكفيها .إنها لا تكذب، وإنما تتجمل ..هكذا أقنعها عنوان قصة لواحد من أهم الكتاب الذين فتنوا بالمرأة وعلموها طريق الغواية ..إحسان عبدالقدوس ..مع إحسان وغيره من الكتاب والشعراء تعلمت تلك المرأة كيف تتحول إلى لوحة تخلب لب الرجل فيسلم مفاتيح قلبه وأبواب حياته وهو سعيد ..من أجلها يتنازل عن عرشه الملك، ويخرج من الحكم بفضيحة الوزير وينشغل عن عيادته الطبيب المشهور، وينصرف من معمله ومدرجه الأستاذ الجامعي، ويهجر رفيقة عمره وعياله الزوج ..هذه النوعية من الرجال تفوز بهـا تستحق من النساء ..نساء كالبضاعة الفاسدة التي تكون مغلفة بالورق اللامع والسوليفان..أما المرأة البسيطة القوية الواعية المتحدثة فهـي لا تثيرهم ..وقد يتهمونها بالقبح ويصمونها بالاسترجال، ويعلنون أنها معقدة ولا يخجلون من الاعتراف بأن الملل يصيبهم من أحاديثهـا المنفرة في السياسة والأمور العامة والفلسفة ..وعلى كل فتاة أن تحدد من البداية ..أي نوع من الرجال تريد ..وأي نوع من النساء ستكون .

 



أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات