ثقافة إلكترونية.. المدونات الفلسطينية.. «باب الشمس»!

ثقافة إلكترونية.. المدونات الفلسطينية.. «باب الشمس»!

عندما تابعت مجموعة من المدونات الشخصية الفلسطينية لتحضير مادة هذا الموضوع، لاحظت أن عددا منها، يختلف عن الصورة الشائعة أو المتخيلة، التي تتراوح بين التعبير عن الفظائع والبشاعات التي يعيشها أهل فلسطين تحت الاحتلال، أو عن إبراز الانقسامات الحادة التي تعانيها صفوف المقاومة بين فريقين لكل أنصاره وهما فتح وحماس.

بمعنى آخر، فإن المدونات أتاحت فرصة لخطاب مختلف، وغير نمطي؛ يعطي صورة للحياة اليومية للفلسطيني، بعيدا عما تبثه آلة الدعاية الإعلامية عن فلسطين، والتي لا تنتبه إلا للمجازر الدموية التي يتعرض لها الفلسطينيون بين آن وآخر، أو مظاهر الحصار والدمار والأسر، أو حتى ملاحقة صور العنف المتبادل أحيانا بين أنصار كل من فتح وحماس.

تختلف المدونات الفلسطينية عن وسائل الإعلام في أنها تقدم اليومي المعيش، في تفاصيله الدقيقة، تماما كما فعل فيلم «باب الشمس» للمخرج المصري يسري نصر الله، والمأخوذ عن الرواية التي تحمل الاسم نفسه للكاتب اللبناني إلياس خوري.

فقد قدم كل من الكاتب والمخرج في عمليهما المكتوب والمصور سيرة الشخص الفرد في حياته التي تطغى علي التاريخ، ونجح الفيلم على نحو خاص في تقديم مقاربة تتراوح بين المعالجة الحميمية وبين المعالجة التاريخية لقصة عائلة تتشابك بقصة بلد هو فلسطين.

فللمرة الأولى، ربما، تمكن هذا العمل من الولوج عميقا للحياة اليومية والخاصة للفرد الفلسطيني، وانعكاسات الأحداث التي نتلقاها نحن كأخبار مفزعة، في مانشيتات الصحف، كمقولات دعائية اصبحت أشبه بالكلاشيهات من فرط تكرارها، في توابعها الدقيقة وانعكاسات ظلالها على المواطن الفلسطيني، وأحلامه الحقيقية ووقائع يومه بلا رتوش أو نبرة أيديولوجية زاعقة.

هكذا تبدو العديد من المدونات الفلسطينية الشخصية التي أنشأها فلسطينيون شباب يبثون فيها يومياتهم، ومنها مثلا هذه التدوينة لطالبة في القدس تدعى سلام حيث تقول: «يبدأ كابوس الامتحانات الأسبوع القادم، ويستمر حتى 21 من الشهر الحالي، بالرغم من كل الامتحانات التي قدمناها سابقاً على مدار كل سنوات الدراسة، فإن للامتحانات في القلب رهبة، لا أستطيع تفسيرهـا، مع أنك تدرس و تجتهد، إلا أنه أحياناً تحتاج إلى حفنة من الحظ تكون بجانبك. سيبدأ الفصل الأخير في الجامعة يوم الثامن والعشرين من هذا الشهر، وبانتهائه يتحقق الحلم الكبير، وهو التخرج، دعواتكم لنا ولكل طلاب الجامعات بالتوفيق والنجاح، خاصة مع تلك الظروف القاسية التي مررنا بها. أشعر حقاً أنني فقدت جزءاً من ذاكرتي فيهـا، أتمنى على الكلية أن تكون قد عممت لتسهيل الأسئلة، وليس المراقبة، سلامي لكم جميعـاً، وكونوا بخيــر».

تعطي مثل هذه التدوينة مثالا على أن مايصلنا من صور إعلامية تبدو فيها صورة الفلسطيني كضحية، وهي صور واقعية بالفعل، قد تتناقض مع صورة الفلسطيني، المقاوم، بحب الحياة، الذي تسير حياته بالرغم من كل شيء، والذي يحاول أن يمارس حياته الطبيعية بالرغم من كل المآسي التي تحيط به، دون أن يتوقف عن الحلم كما يفعل مثلا مدون آخر اسمه شامخ في تدوينة كتبها في مدونته، يتساءل فيها عن المدينة الفاضلة فيقول: «هل توجد تلك المدينة التي لا يوجد فيها مركز للشرطة, هذه المدينة المليئة بالحياة، بالحب، بالعطف، بالصدق, تلك المدينة المؤمنة التي لا يوجد فيها سرقة وقتل وظلم، لا يوجد بها ما يعكر صفو نومك الهانىء ولا يعكر مزاجك اليومي, تلك المدينة التي لا يمر فيها أحد بجانبك إلا رد عليك السلام وصافحك بكل صدق وبلا نفاق, تلك المدينة التي إن اشتكى فيها أحد هبوا جميعهم وبلا استثناء لمساعدته, تلك المدينة الصادقة الصريحة العادلة, تلك التي لا يحزن فيها أحد، ولا يفقر فيها أحد ولا يظلم فيها أحد, تلك المدينة ومواطنوها الذين يحبون بعضهم البعض واثقين من بعضهم, يعدون أنفسهم جيراناً بالرغم من أن المسافات بعيدة, أين هذه المدينة؟ هل هي موجودة؟ وهل وجدت من قبل؟ وهل سوف تأتي تلك المدينة».

هذه المدونات وغيرها، مما سنورده في نهاية التقرير تكشف لنا أن المواطن الفلسطيني الذي عاش الحرب، لا يمكن لغيره أن يقدر معنى سقوط صاروخ من (إف-16)، أو «أباتشي»، على بعد أمتار، ولا يمكن لسواه أن يشعر بمقدار الرعب والخوف الذي يعانيه فرد يمر بتلك الخبرة الأليمة، خبرة أن تعيش مهددا، وتحت الخطر، وتتوقع الموت في كل لحظة، ومصيرك ومصير بلادك على كف عفريت كما يقال، هو الفرد نفسه الذي ما إن تنتهِ الحرب حتى يشرع في البحث عن متع صغيرة تنسيه همه المقيم، وهو ما يمكن أن نراه في مدونة «علا من غزة» مثلا؛ التي تقول في واحدة من تدويناتها: «عن جد حاولت اكتر من مرة انو اكتب بالمدونة بعد ما خلصت الحرب، كتبت يمكن تلات درافتات (مسودات) وما نزلتهم، مش عاجبني اللي كتبته، على رأي كان بيحكي انو الواحد بعد ما كتب عن الحرب صار كل شي تاني مبين تااااافه بالنسبة للحكي عن الحرب، بس أنا، مش عايزة أحكي بالسياسة وبالحرب، لأنو بصراحة، خلص فش حكي ممكن يفيد، أنا شخصيا طبعاً لسه بسمع اخبار وقصص وحكاوي، واللي باسمعه من أهلي مختلف تماما عن حكي الاخبار، بس خَلَصْ، مش هاممني غير إنو أسمع خبر واحد وحيد، إنو في حدا من الكبار اتغيرو، أي حد، بس أحس إنو الحرب غيرت إشي، مش زي ما رحنا زي ما جينا، وما استفدنا غير الدمار والموت، فش فايدة، بردو حكيت عن الحرب !!».

وبعيداً عن الحرب أيضاً توجد مجموعة من المدونات الفلسطينية المهتمة بالكتابة الأدبية، سرداً وشعراً، التي تعتبر منابر للتعرف على الإبداع الفلسطيني الشاب، الذي يقاوم الحصار عبر المدونات، كما يقاوم مركزية المسئولين عن الصفحات الثقافية العربية كما يشير أحد المدونين الذي اختار اسم أبي نواس لمدونته.

أما الجانب المتوقع في المدونات الفلسطينية فهو بطبيعة الحال المدونات التي تمارس دورا إعلامياً، يتراوح بين التوجه للغرب لفضح الممارسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، وكشف حجم الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال، وهذه غالبا مدونات تختار اللغة الإنجليزية، مثل مدونة «مدونات فلسطينية»، وهناك مدونات أخرى تهتم بكشف وقائع الفساد في الداخل الفلسطيني، كما يوجد عدد آخر من المدونات التي تطالب بحق الفلسطيني في التعبير، وتتراوح مدى قدرة المدونين على النقد وفقا لمواقفهم. ولذلك يفضل البعض الكتابة باسم مستعار، بينما يكتب آخرون بأسمائهم الحقيقية.

إن المدونات الفلسطينية، في مجملها، تقدم وجها مختلفا للحياة اليومية في فلسطين، يكتبها أهل فلسطين أنفسهم بلا حسابات شخصية، ولا أهداف سياسية أو حس بالتعاطف أو الشفقة أو التلون حسب التوجه الحكومي، مما يشيع على الكثير من الفضائيات والقنوات الخبرية العربية. باختصار هنا أصوات قليلة لا تتاجر بالقضية الفلسطينية، وتقدم أصواتا إنسانية، ترغب أن تعيش يوما حياة طبيعية.

  • مدونة من غزة

هذه المدونة التي تعرف صاحبتها نفسها باسم علا، هي فلسطينية من غزة، عاشت فترة طويلة في غزة قبل أن تنتقل أخيراً للدراسة في بروكسل، وهي تقدم أطيافا من الحياة اليومية لأهل غزة في أثناء الحرب، وتعرب عن آرائها في المواقف العربية من الحرب، والمساعدات وغيرها، كاشفة عن رأي المواطن الفلسطيني، الذي لا يهتم إلا باستعادة الوطن دون حسابات سياسية، كما تكشف الدور الذي لعبه الإسرائيليون أثناء الحرب في التجسس على المواطنين من أهل غزة عبر الهواتف التي كانوا يتلقونها من جيرانهم العرب المتعاطفين معهم.

تتضمن يوميات الحرب القاسية، ورغبتها آنذاك في أن تكون كل تدوينة عن الحرب هي آخر ما تدونه عن ذلك الدمار المجنون، ثم تقدم يوميات ما بعد الحرب ومحاولتها التلهي عن آثارها بمشاهدة أفلام سينمائية والكتابة عنها.

عنوان المدونة هو:

http://fromghazza.blogspot.com

  • مدونة رشيد..المعرفة المشوقة

هذه مدونة أظنها واحدة من أمتع المدونات العربية على وجه الإطلاق، فهي تحتوي على العديد من التعليقات على أخبار التكنولوجيا في العالم، بالإضافة لتعليقات المدون على مواقف يمر بها في الأعياد والاحتفالات وحتى خلال الصلاة في المسجد، وبالتأكيد تاخذ الحرب على غزة ووقائعها، نصيبها فيها. كما تضم الكثير من التدوينات الرقمية التي تبث في صورة فيلمية مقتطفة من أفلام وثائقية نادرة، ومدونها يعرف نفسه باسم رشيد، ونقتطف منها هاتين التدوينتين:

«لا أحب المستشفيات لكن في صباح يوم أمس كنت مع والدتي في المستشفى, كان الطقس بارداً وتم تشغيل التدفئة في الممرات وفي داخل غرف المرضى. الوقت كان وقت وجبة الفطور وانتشرت في الجو رائحة الخيار والبندورة, رائحة البيض المسلوق وسمك التونة. كانت هذه بالنسبة لي لحظات عصيبة شعرت وكأنني سأختنق بسبب هذا الجو المضغوط. مشاهدة المرضى بلباسهم الموحّد أينما نظرت جعلتني أتخيّل أنّ الهواء الذي أتنفسه مشبّع بالفيروسات. كان حلمي الوحيد في تلك اللحظة أن أخرج من المستشفى لأتنفس الهواء الطلق لكن الظروف حتمّت علّي أن أتواجد مع والدتي. نظرت إلى الأطباء وقلت لنفسي كيف يتحملون هذا الوضع يومياً؟ نعم, مهنة الطب هي ربما آخر مهنة أفكر أن أعمل بها من دون التقليل من أهميّة أي مهنة فكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيّته». من دون شك, الغرائز الطبيعية والإحساس الباطني لهما دور مهم في اختيارنا للمهنة التي نريد أن نعمل بها».

«كثيراً ما نستعمل العطور ونهتم بمظهرنا في المناسبات ولكن في أي مناسبات ؟ حفل زواج, جلسة عمل, النظرة الشرعية (وغير الشرعية). والمزيد من المناسبات الأخرى ما عدا مناسبة واحدة وهي زيارة المسجد! ما أراه (وأشمه) في صلاة الفجر جعلني أكتب هذه التدوينة. البعض يأتي للصلاة بملابس النوم وهذه الملابس لا تليق بالمكان ولا بالمناسبة والمشكلة هي الرائحة النتنة التي تنبعث عادة من الملابس فالإنسان عندما ينام بملابسه ويتغطى لمدة 6 ساعات قد يعرق أثناء نومه ومن الطبيعي أن تكون لهذه الملابس رائحة كريهة. مع الأسف بدأت أتجنّب الوقوف بجانب بعض المصلين بسبب هذا الأمر وكلهم أكبر مني سناً ولو كلمتهم بهذا الموضوع ربما يتحول الأمر إلى شجار. أيضاً بالنسبة لموضوع رائحة الفم, البعض يعاني رائحة فم كريهة وهذا ليس عيباً, العيب أن لا تعتني بنفسك وأن لا تتمضمض كما يجب قبل الصلاة بل وتتثاءب دون أن تضع يدك على فمك وغيرك يتعذّب بشم الرائحة بل يتمنى أن لا يطيل الإمام في القراءة حتى تنتهي معاناته. زجاجة عطر, قد تكلف 200-500 ريال, ستجعل رائحتك عطرة طيبة وتساعد على خشوع من يقف بجانبك في الصلاة. ربما تكون هذه الزجاجة سبباً في دخولك الجنة».

عنوان المدونة:

www.rasheed-b.com

  • مدونات فلسطينية

هذا الموقع هو أحد المواقع التي تدون باللغة الإنجليزية، وترصد العديد من الوقائع والأحداث على أرض فلسطين، كما تقدم وثائق مصورة بالفيديو كليب، وتقدم أغنيات فلسطينية لفنانين وفنانات فلسطينين ومنهم الفنانة ريم البنا، وغيرها. كما يقدم الموقع مقالات تنتقد ممارسات إسرائيلية يصفها كتاب الموقع بالصهيونية والعنصرية، أو تلقي الضوء على أداء اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الأمريكية ودوره في استقطاب التعاطف الأمريكي مع إسرائيل، وما شابه ذلك من موضوعات. وهي في الأصل مجمع للمدونات، تنشر كل ما يختص بالقضية الفلسطينية من المقالات الرصينة الموضوعية والعقلانية بالإنـجليزية وأحيانا بالفرنسية والعربية.

تتسم المقالات بنبرة عقلانية، بالرغم من حدتها، باعتبار انها موجهة في الأساس لقارىء غربي صاحب عقلية باردة، وعقلانية، لا يستجيب للصخب إذا لم يقتنع، ولو تمت ترجمة هذا الموقع فإنه سيكون واحدا من أهم المواقع العربية في تناول القضية الفلسطينية من قبل شباب فلسطينيين متنورين وواعين بقضيتهم بشكل واضح.

  • ذات يوم!

هذا الموقع هو الموقع الشخصي للفنانة الفلسطينية ريم البنا، التي تغني أغاني تناصر القضية الفلسطينية، والتي تحظى بشعبية كبيرة.

ريم البنا، وفقا لسيرتها في هذا الموقع هي:

فنانة وملحنة فلسطينية ملتزمة, من مواليد الناصرة في الجليل. أحبّت الموسيقى والغناء منذ صغرها, حيث كانت تشارك في (مهرجانات يوم الأرض الخالد) والاحتفالات الوطنية وفي المناسبات السياسية الأخرى, وأيضا في الاحتفالات المدرسية, وقد بدأت حياتها الفنية وهي في العاشرة من عمرها.

درست ريم بنّا الموسيقى والغناء في المعهد العالي للموسيقى (GNESINS) في موسكو (الاتحاد السوفييتي), وتخصصت في الغناء الحديث وقيادة مجموعات غنائية بإشراف أستاذ لغناء المعروف, الملحن والفنّان Vladimer Karobka, حيث أنهت ست سنوات أكاديمية وتخرجت بامتياز عام (1991). في هذه الأثناء, أصدرت ألبومين عبارة عن تسجيل حيّ (Live) لأمسياتها: ألبوم (جفرا) عام (1985). ألبوم (دموعك يا إمي) عام (1986).

في عام (1991) تزوجت الفنانة ريم بنّا من الفنان ليونيد ألكسيينكو من أوكرانيا, الذي درس معها أيضا موضوع الموسيقى والغناء في المعهد العالي للموسيقى في موسكو, حيث عملا سوياً في التلحين والموسيقى, ويعيشان في مدينة الناصرة العربية عاصمة الجليل ولهما ابنة اسمها بيلسان.

شاركت ريم بنّا وليونيد في مهرجانات وأمسيات فلسطينية وعربيّة وعالميّة, حيث مثلت الصوت الفلسطيني والأغنية الفلسطينية في كل هذه المشاركات, ولاقت نجاحاً وإعجاباً جماهيرياً واسعاً.

عنوان الموقع هو:

http://www.rimbanna.com

 


إبراهيم فرغلي 





المدونات الفلسطينية صورة مختلفة للفلسطينيين





الحياة اليومية للفلسطينيين بعيداً عن الآلة الإعلامية