أوراق أدبية: حكمة اللذة جابر عصفور

أوراق أدبية: حكمة اللذة

لئن شدتنا القصائد الجاهلية بواضح معانيها، فإن في أعماقها ما لا تقع عليه عين. ولئن غصت بعض القصائد الجاهلية بأنواع اللذة، فإننا نتساءل ما الذي جعل الشاعر الجاهلي ينهل منها ولا يرتوي .. فأفرد للمرأة والخمر وحبه لفرسه ورحلات صيده أبوابا في شعره؟! لعله عرف أن الحياة فرصة لن تتكرر، ولا بد من لحظة النهاية، فأراد بذلك أن يتحدى لحظة العدم ..

كان الانحدار التدريجي للنموذج الأصلي للشاعر، وظهور نماذج مناقضة فضلا عن تحولات النموذج الأصلي نفسه، نتيجة حتمية أو طبيعية للتحولات الاجتماعية الاقتصادية للعلاقات القبلية في العصر الجاهلي. وكما ظهر نموذج الشاعر المادح نقيضا لنموذج الشاعر الحكيم، في التحولات التي أدت إلى تعارض الحكمة والثراء، داخل علاقات القبيلة الجاهلية، تعدل نموذج الشاعر الحكيم نفسه، واتخذ تجليات متنوعة، اقترنت بالتمرد على العلاقات التي أدت إلى تولد نقائضه. بعض هذه التجليات يبدو بعيدا في ظاهره عن الدلالة على أصله الذي ينتسب إليه الشاعر الحكيم. ولكن إشارة هذه التجليات إلى أصلها تظل لافتة، خصوصا في حالة الشعر الذي يشدنا ظاهره إلى الاستمتاع بمباهج الحياة، ويدعو إلى الاستغراق في عوالم اللذة الثلاثية: المرأة والخمر والصيد. وهي عوالم متداخلة. لدى الشاعر الجاهلي الذي ألح عليها، أعني أنها عوالم انقلبت بالمرأة إلى طريدة، وبالعلاقة بينها وبين الرجل إلى علاقة طرد ووصلت تمنع المرأة بمراوغة نظيرها الأنثوي في طرد الصيد الذي ينتهي بانتصار الفارس دائما وتغلب الذكر على الطريدة الأنثى أو المرأة الفريسة. هذا التداخل الذي وصل بين طرد المرأة وطرد الصيد هو نفسه الذي وضع الخمر موضعها الاحتفالي في نشوة النصر على الإثنين عن غيرهما من الأقانيم المناقضة في المجتمع الجاهلي، وذلك في منطقة التمرد التي تستعد بها الأنا المبدعة حضورها القديم، أو يكشف الشاعر وراء السطح الظاهر للعوالم المتداخلة للذة عن المعني الباطن الذي يعود به إلى دائرة نموذجه الأصلي ، حيث الشعر بشارة المعرفة، والشاعر هو الكائن العارف بكل شيء.

ومعلقة طرفة بن العبدالشهيرة دالة على هذا المجلد الأصلي، حيث لذائذ الحس عن نقيضها، وتبين العوالم المتداخلة لمتعة الخمر والفروسية والمرأة عن معني ابعد، ابتداء من إشارتها الحاسمة إلى عوالم اللذة الثلاثية على هذا النحو:

ولولا ثلاث هن من عيشة الفتى

وجدك لم أحفل متى قام عودي

فمنهن سبق العاذلات بشربة

كميت متى ما تعل بالماء تزبد

وكري إذا نادى المضاف محنبا

كسيد الغضا نبهته المتورد

وتقصير يوم الدجن والدجن معجب

ببهكنة تحت الطراف المعمد

كأن البرين والدماليج علقت

على عشر أو خروع لم ينضد

والأبيات معروفة مألوفة لقارئ الشعر الجاهلي، درسناها طلابا، وعلمناها أساتذة، وظللنا نكررها بوصفها نموذجا دالا على الأقانيم الثلاثة التي كرس الشاعر الجاهلي لها نفسه: الخمر والفروسية والمرأة ولكن ينبغي أن نحترس من التعميم الذي ألفناه، ومن الدلالة العامة التي نسبناها وهذه الأبيات. فالواقع أنها لا تمثل أقانيم عامة قدسها كل شعراء الجاهلية، ولا تمثل نظرة واحدة إلى العالم حتى على مستوى الدائرة المحدودة التي يمثلها شعر المعلقات، فضلا عن أنها لا تترتب على هذا النحو عند الجميع قد يقترب شعر امرئ القيس من شعر طرفة في منطقة المرأة أو الصيد، لكنه لن يتطابق معه، وقد نعثر على ملمح من ملامح التشابه في التركيز على الخمر ما بين الأعشى وعنترة وطرفة، ولكن الفارق بعيد بين الثلاثة في مستويات الرؤية الأداء.

أبعاد في شعر طرفة

إن أبيات طرفة تصف نموذجا حياتيا متميزا، يمكن أن يتشابه مع غيره، لكن في المنطقة التي يؤكد الخصوصية، وتبرز المغايرة. ومصدر الخصوصية والمغايرة مرتبط بالكيفية التي يجاوز بها الوصف السطح الظاهر للأشياء والعلاقات، وينتقل من المجاورة الكلية لمظاهر اللذة الحسية في دلالاتها العميقة التي تجعل منها تمردا على ما يجاوز الحس. والبداية التي تقود إلي خصوصية النموذج هي الموت الذي يفرض نفسه على الحياة. ويضع أقانيم لذتها الثلاثية موضع النقيض والعلاقة بين عيش الفتى وقيام عائديه هي العلاقة الضدية التي تواجه بها الحياة الموت، وتقاوم بها اللذة العدم. والدور الدلالي الذي تؤديه أداة الشرط (لولا) لا يختلف عن دلالة القسم، من حيث الارتباط بالمصير الذي تتقلب فيه حظوظ العيش بما يدفع إلى إبراز الحضور الوجودي للفرد التي يتمرد على قدره المقدور.

ويعني ذلك أننا لسنا إزاء أبيات تتحدث عن استمتاع سطحي بمناهج العيش، أو استغراق حسي بمتع الحياة، ولسنا إزاء نموذج لشاعر يتوقف عند ظواهر الأشياء، حيث اللذة العابرة لا تتجاوز الدلالة القريبة للحواس، وإنما إزاء نموذج يضعنا ما مواجهة ما يؤرق عيش الفتي في الحياة التي يحياها، في علاقات تقودنا إلى ما وراء الظاهر، وتنقلنا من الدلالة الأولى المباشرة إلى الدلالة الثانية في مستويات الوجود والحضور. ولذلك تتفجر مشكلة المصير لافتة من مطلع المعلقة، حيث الطلل مظهر من مظاهر المصير. وتواجهنا دلالة القسم في الأبيات التي نقلنها بالنهاية التي توازي قيام العائدين أو انصرافهم عن المريض، وتنقلها الأبيات نفسها إلى المرأة التي تتحول، في المعلقة كلها، إلى سؤال مفتوح على المصير، في مقامها وارتحالها، اقترابها وابتعادها، فهي معني مراوغ الدلالات يومئ إلى نقائض الحضور والغياب، كما يومئ إلى النقضين: "حضور الوعي" و"شهود اللذات". ويبرز الموت هوة تروع الظنون في المعلقة، لا قدرة على تحملها إلا بنقيضها، ولا خلاص منها إلا بالغوص في قرارة النبع الذي يفضي إليها مع أنه فرار منها. ولذلك يلتقي "حضور الوعي" و "شهود اللذات" في تجاوب الدلالة التي تؤكد العجز عن دفع الموت، وضرورة مبادرته بما تملك اليد، لكن بما يفضي إليه في النهاية.

طرفة ..يتحدى الموت

والواقع أن مفارقة اقتران العجز عن دفع الموت بالاندفاع إليه، أو الإسراع نحوه، حيث دلالة المبادرة إلى الموت بكل ما تملك اليد، هي المفارقة التي تصل اللذة بالموت بوصفها سبيلا إليه وتحديا له، وذلك في التجاوبات الدللية التي تجمع بين حضور الوعي وشهود اللذات، وتصل بين المعنى الحسي للمبادرة بما تملك اليد والمعني العقلي لتأكيد الإدارة الإنسانية في مواجهة ما ينفيها. وما تملكه اليد في هذا السياق، هو سبق العاذلات بالاندفاع الملهوف الظامئ إلى الخمر التي هي نوع آخر من مواجهة المصير، والناقة الأنثى التي تردنا إلى الأم الكبرى، وحضور الأنثى بوصفها الوجه الآخر من المصير، في الوقت الذي تردنا إلى الصدع الذي يتسع بين الأنا والجماعة، فيدفع إلى الرحيل عنها في السياق الذي ينطقه بيت المعلقة:

وأني لأمضي الهم عند احتضاره

بعرجاء مرقال تروح وتغتدي

هذه الناقة السريعة التي تنطوي على معنى الأمان الذي افتقدته الأنا في علاقتها بالجماعة، فمالت عنها إلى ما هو غيرها، ليست بعيدة في دلالتها عن الناقة التي وصفها ثعلبة المازني حين قال:

وإذا خليلك لم يدم لك وصله

فاقطع لبانته بحرف ضامر

والحرف الضامر هو الناقة السريعة الرفيعة التي تمضي في نأيها عن الجماعة؟ حيث لا شيء يشد الشاعر في علاقات المكان وحيث المصير سؤال مجهول الإجابة في علاقات الزمان، فلا يبقى سوى الاندفاع إلى كل ما يؤكد توثب الحياة في عالم الجمود، وما يؤكد الحركة في عالم الثبات، ويستبدل مبدأ اللذة بمبدأ الواقع.

ويبدو هذا الاستبدال من اللحظة التي تتصدى فيها الأنا الشاعرة، في أبيات المعلقة، لهذا اللائم الذي يلومها. وأما المرآة الوجه الأخر من الخمر في ازدواج الدلالة فعلاقتها بالزمن علاقة لافته منذ البداية، وجودها ينفي الإحساس بوطأة الزمن، ويؤكد الحضور إزاء الغياب. مع أنه الحضور الذي ينطوي على الغياب - والجامع الدلالي الذي يصل بين المرأة والخمر هو معنى المادية التي تسيل في الخمر، والتي تتسرب في حضور اليوم الغائم - يوم الدجن الماطر الذي يختزل التمطي البطيء لساعاته في الحضور الأنثوي المتوثب الذي يستبدل بالجمود فورة الخصب.

يتحدون الموت بالنهل من الملذات

وما بين المرأة والخمر ينطق حصان الرغبة لا الشهوة، الرغبة التي تستبدل بعلاقات الوجود القدري مبادرة اليد الفردية. ودلالة إنقاذ المضاف الذي هو مرآة للأنا هي الدلالة الإكمالية للثلاثية التي تقهر مبدأ الواقع بمبدأ اللذة، ولكن التي يعني حضورها الغياب الذي هو تمرد على الموت وتمثيل له في آن، وليس من المصادفة أن كل نقائض الموت تذكر به، وكل محاولة للفرار منه تفضي إليه، فهو الغائب الحاضر، والموجود الذي لا يكف عن الوجود، حتى في نقائضه التي تسعى إلى تغييبه فلا تفلح إلا في إحضاره.

والواقع أن الموت أبرز عناصر الحضور في معلقة طرفة، خصوصا في تجاوبها ودلالات الشعر الجاهلي الذي يواجه الموت أو يقهره بطرائق موازية أو مغايرة، فالمصير الذي يؤرق معلقة طرفة هو نفسه الذي يؤرق أبيات امرئ القيس التي لم تخل من الشعور بان العروق الإنسانية موشوجة إلى الثرى، موصولة بالموت الذي أرهق غير امرئ القيس من الشعراء الذين أفزعهم تقلب القدر وتربص الدهر، فصاغوا الدلالة التي انطوى عليه عجز بيت تميم بن مقبل: ما أطيب العيش لو أن الفتي حجر. هذا المصير الذي يكتنفه الموت من كل جانب واجهته معلقة طرفة ومثيلاتها بنقضيه، في سياق علائقي يردد أصداءه بيت عمرو بن قنعاس المرادي:

متى يأتني أجلي يجدني

شبعت من اللذاذة واشتفيت

أو قيس بن الخطيم الأوسي:

متى يأت هذا الموت لا تبق حاجة

لنفس إلا قد قضيت قضاءها

ومعلقة طرفة تتحرك في هذا السياق العلائقي، تنتمي إلى دائرة معانية المتجاوبة وتضيف إليها بواسطة صياغتها الخاصة لتميز النموذج الذي تنطوي عليه، خصوصا حين لا تركز على اللذة أو مظاهرها إلا لكي تبرز نقيضها الذي تحاول أن تنفيه فتؤكده، كما لو كان إلحاحها على الحضور الذي في الوجود إلحاحا على العدم الذي ينسرب في الوجود. هكذا تتوتر المعلقة بين طرفي ثنائية يقود الحضور فيها إلى الغياب، والغياب يفرض حضوره على نقائضه، بما يدفع الكائن الإنساني إلى الحركة في دائرة محكومة سلفا، كانه الدابة المشدودة بحل مرخي، تتوهم أنها حرة في الحركة، مع أن، مع أن حركتها محكومة بثبات الحبل الذي يشدها إلي مصيرها الذي يتحكم فيه غيرها. والمفارقة بين الحركة المتوثبة لهذه الدابة والحبل الذي يرخي لها المفارقة الواقعة بين الوهم والحقيقة، بين حضور الوعي وشهود اللذات ، اليد التي تمسك بالحبل كالمصير المحتوم وثنياته المرخاة التي تغري بانطلاق، مراوغة المصير التي تنتهي بالعدم الذي يسوي بين قبر البخيل بما له وقبر الغوي المفسد في البطالة.

ولا شيء يعادل الوعي بالموت في معلقة طرفة سوى الوعي بالزمن الذي يتعامد على دلالة الموت، أو الذي تتعامد عليه دلالة الموت، الزمن الذي يضع البشر ، الفانين والطبيعة المتغيرة مقابل الأيام الثابتة المتكررة، والذي يفرض نفسه على علاقة البشر بالوجود. وحين نقرأ في المعلقة:

أرى الدهر كنزا ناقصا كل ليلة

وما تنقص الأيام والدهر ينفد

لعمرك إن الموت ما أخطأ الفتى

لكالطول المرخى وثنياه باليد

فإننا نواجه الوعي بالزمن الذي هو وعي بمأزق المصير، ونوجه الموت من حيث هو الدافع الذي يدفع في اللذات الثلاث اللاتي هن عيشة الفتى، ورمز اختيار، لما يواجه به الموت، دفاعا عن صحوة الحياة بكل ما يملك من قدرة تؤكد معنى الحضور في الوجود، حتى لو كان هذا الحضور يسرع بالإنسان إلى الموت.

المرأة والخمر والفرس

لكن هذا الحضور يغتني بالدلالة حين يصل نفسه بالمبدأ الخلاق في الكون، ويصل نشوة الكائن الإنساني بتجدد الطبيعة التي تؤكد معنى الخلق، ولذلك تسقط المعلقة الحضور الإنساني المتوثب بالحياة على عناصر الطبيعة، وتسقط عناصر الطبيعة على الحضور الإنساني، مؤكدة دلالة الخصب والتولد وتجدد الحياة التي هي الوجه المقابل والملازم لدلالة الموت. وآية ذلك أن معلقة طرفة تصف الخمر بصفات الفرس في اللون، فلون الشربة التي يسبق بها حكيم اللذة المتمرد في معلقة طرفة هو"الكميت"، لون فرس امرئ القيس الشهير، والخمرة الأنثى هي لازمة المرأة التي نرى أنوثتها في عناصر الطبيعة، أو نرى أنوثة الطبيعة فيها، فهي والحلي عليها كأنها الشجر الناعم الذي لم ينضد أو يناله اليبس، الشجر الممتلئ بعصارة الحياة الحامل معنى الخصب، كأنه والمرأة الوجه الآخر من هذه الشربة التي ما إن تزاد بالماء حتى تزبد، وحين تصف المعلقة جسد المرأة بالنبات الذي لم يذبل لتؤكد دلالة التجدد والخصوبة ومن ثم دلالة الحياة المتفجرة بالولادة الجديدة فإنها تقرن المرأة بالظبي الذي يستظل بأغصان الأراك الذي ينفض ثمره ليأكل منه، فيغدو بعض الحضور الندي للنبات الذي يتخلل الرمل كأنه شعاع الشمس الذي لم يتغضن، وذلك في تجاوب الدلالات التي تقرن مراكب النساء في الصحراء بهياكل السفن في الماء، فتقرن حضور المرأة برحلة المصير يجرر بها الملاح طورا ويهتدي، لكن التي تظل المرأة فيها قرينة معني الخصب الخصب الذي يقاوم الجدب.

وحين تتجاوب أوصاف المرأة وأوصاف النبات الندي من ناحية وأوصاف الحيوان الفتي من الناحية الثانية، فإنها فإنها تؤكد الدلالة الرمزية للماء الذي يقترن بالخصب والنماء والولادة الجديدة، وتنزل المرأة منزلة المبدأ الخلاق في الطبيعة ، ذلك المبدأ الذي يظهر في السياقات المتجاوبة للشعر الجاهلي ، تلك تلك السياقات التي تصل بين ظبي طرفة الذي يبسم عن ألمي ، كأن منورا نديا تخلل حر الرمل، وتلك المرأة التي لو أسندت ميتا إلى نحرها لعاش ولم ينقل إلى القبر في شعر الأعشى، أو تلك المرأة الأخرى التي خاطبها المرقش الأكبر بقوله:

أينما كنت أو حللت بأرض

أو بلاد أحييت تلك البلاد

ولكن المرأة في معلقة طرفة لها خصوصيتها اللافتة فهي الحضور المزدوج لأطراف المثلث الذي ينطوي على رغبة الحياة وشهوة الموت، الحضور المتوتر بين نقيضيه اللذين هما عنصراه التكوينيان، في مبادرة الموت باللذة وانتزاع الحياة من الموت بالمتعة، أنه الحضور الذي نفهم مراوغته حين نتذكر بيت جران العود النميرى:

فتقتلني وأقتلها ونحيا

ونخلط ما نموت بالنشور

خذ من الحياة فالموت آت

هل يمكن الحكم، والأمر كذلك، على وصف معلقة طرفة بن العبد للذاتها الثلاث بأنه من قبيل الوصف الحسي؟ وهل يمكن القول أن المعلقة تنطوي على نموذج لشاعر حسي تستغرقه متع الحواس؟ أن الظاهر يقود إلى الباطن، والمعاني الأول تفضي إلى المعاني الثواني. ووراء قناع الحس يختفي نقيضه، حيث ثنائية الحضور والغياب على مستوى الوجود، والتقابل الذي يضع حضور الوعي موضع شهود اللذات في مواجهة السؤال: هل أنت مخلدي؟ ونموذج الشاعر الذي يبرز من وراء المعلقة هو نموذج الشاعر الحكيم في علاقته بالوجود، لكن في مجلى العلاقة التي تدفعه إلى مواجهة المصير بمبادرة اليد التي تسبق الموت باللذة، وتقتنص من الحياة ما يحقق الانتصار على العدم. وتلك هي حكمة اللذة التي يستبدلها نموذج الشاعر الحكيم بمبدأ الواقع.

 

جابر عصفور

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات