القدس الأيوبية (دراسة معمارية أثرية)

القدس الأيوبية (دراسة معمارية أثرية)

كان فتح القدس على يد صلاح الدين الأيوبي عام 583هـ/ 1187م، بعد تسعة قرون من الحكم الصليبي، بداية مرحلة جديدة يسودها تغيرات ثقافية، اجتماعية، اقتصادية ومعمارية، أدت هذه التغيرات لذيوع نشاط معماري غني شكَّل بدوره انبعاثًا مجددًا لطراز العمارة الإسلامية في القدس، كان له أبلغ الأثر على العمارة الإسلامية في القدس خلال العصور اللاحقة للعصر الأيوبي.

يهدف هذا الكتاب إلى دراسة معمارية أثرية شاملة للعمائر الأيوبية الباقية في القدس، وتشمل هذه الدراسة وصفاً لهذه العمائر وتوثيقها، ومرفق بكل منها مخطط حدد عليه موقعها على وجه التحديد بالنسبة للحرم القدسي الشريف، بالإضافة إلى رسم لمساقطها الأفقية، ومجموعة من الصور الفوتوغرافية لهذه العمائر، هذا بالإضافة إلى تحديد النقوش الكتابية الواردة على هذه العمائر وهو ما يندر ذكره في كثير من المصادر العربية والأجنبية المتعلقة بهذا الموضوع في تلك الفترة التاريخية.

يشتمل كتاب «القدس الأيوبية، دراسة معمارية أثرية» على 214 صفحة باللغة الإنجليزية، ويتضمن ستة فصول، يتناول الفصل الأول نبذة تاريخية عن الدولة الأيوبية، واستراتيجية صلاح الدين الأيوبي في بناء دولته، هذا بالإضافة إلى تطرق الكاتب في هذا الفصل لنظم الإدارة والجيش والدخل القومي والتجارة الخارجية خلال فترة حكم الأيوبيين في القدس.

أما الفصل الثاني من الكتاب فيعد عرضاً لأهم المصادر العربية والأجنبية التي اعتمد عليها الكاتب في دراسته عن طبوغرافية مدينة القدس في جميع مراحلها التاريخية بدءًا من قبيل مجيء الصليبيين، ومرورًا بفترة حكم الأيوبيين للمدينة المقدسة ثم المماليك، فالعصر العثماني، وحتى النصف الأول من القرن العشرين.

ومن المصادر التاريخية التي اعتمد عليها الكاتب في دراسته «النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية» لبهاء الدين بن شداد، «الكامل في التاريخ» لعز الدين بن الأثير، «كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية» لشهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي والمعروف بأبي شامة، وكتاب «مفرج الكروب في أخبار بني أيوب» لابن واصل، هذا بالإضافة إلى اعتماد الكاتب على أعمال الرحالة التركي Evliya Celebi والمعماريين الإنجليزي Fredrich Catherwood والإيطالي Ermete Pierotti اللذين قاما برسم مخطط دقيق للحرم القدسي الشريف.

إعادة تعمير الحرم

أما القدس في السياق السياسي للدولة الأيوبية فهو محور الفصل الثالث الذي يركز على هدف الأيوبيين بعد تحرير القدس لإعادة تعمير الحرم القدسي الشريف، ونظرة صلاح الدين الأيوبي وأحفاده من بعده لهذا الأمر كواجب مقدس باعتبار القدس مدينة قدسية تأتي في الرتبة الثالثة بعد مكة والمدينة.

ومن خلال هذا الفصل أيضًا يقدم الباحث دراسة حول التغيرات الإدارية والسكانية التي قام بها الأيوبيون، ومن ذلك استعراض لفئات السكان من مسلمين ومسيحيين ويهود، وطوائف الحرفيين النازحة من مختلف أنحاء العالم الإسلامي إلى مدينة القدس.

بينما يعد الفصل الرابع من هذا الكتاب بمنزلة مجمل للتغيرات المعمارية التي شهدتها القدس بعد الفتح الإسلامي لها، وكان أول هذه التغيرات هو تطهير الحرم القدسي الشريف وصبغته بالصبغة الإسلامية وإعداده لاستئناف الشعائر الإسلامية به، ومن ذلك إقامة الأيوبيين للمنشآت الدينية من مدارس ومساجد وكتاتيب وأربطة وزوايا وقباب، ومنشآت مدنية كالبيمارستانات والأسبلة والصهاريج.

أما عن الفصل الخامس والذي يشكل جوهر الكتاب، فهو عبارة عن سرد لمجموعة الأبنية الأيوبية الباقية في القدس، والتي بلغ عددها اثنين وعشرين مبنى، منها على سبيل المثال جامع النساء، بابا السلسلة والسكينة، قبة المعراج، صهريج الملك المعظم، باب حطة، قبة موسى، والرواق الشمالي، وغيرها من الأبنية التي أقامها الأيوبيون في القدس.

وترد هذه الأبنية ضمن هذا الفصل حسب التسلسل الزمني لها، وتشمل دراسة كل من هذه الأبنية تحليل معماري وأثري وتاريخي، بالإضافة إلى تفسير للتطور المعماري لكل مبنى، وسرد للنقوش الكتابية والنصوص التاريخية الواردة على تلك الأبنية، كما أرفق لتوثيق هذه الأبنية الرسومات الخاصة بها سواء مساقط أفقية أو رسوم واجهات وصور فوتوغرافية، بل لم يغفل الكاتب تحديد موقع كل مبنى على حدة بالنسبة للحرم القدسي.

ملاحق الكتاب

وفي نهاية هذا الفصل ثمة أربعة ملاحق: الأول: يضم العمائر الأيوبية التي أعيد بناؤها في فترات لاحقة، ومنها باب المطهرة والكأس وسبيل شعلان وزاوية الهنود، والثاني يشمل العمائر غير الباقية والمعروفة لنا من خلال نقوشها الكتابية ونصوصها التاريخية مثل البيمارستان الصلاحي، المدرسة الأفضلية، مدفن الشيخ درباس وزاوية الدركاة، والثالث يضم عناصر من أبنية، أما الرابع فيحتوي على قائمة جديدة للنقوش الكتابية الأيوبية التي عثر عليها في المدينة ومحيطها.

بينما خصص الفصل السادس والأخير من هذا الكتاب السمات الرئيسية التي تميزت بها العمارة الأيوبية في القدس وطرازها الفريد متطرقًا لأشكال العناصر المعمارية بالأبنية الأيوبية من محاريب، قباب، عقود ومداخل، بالإضافة إلى مواد البناء المستخدمة في هذه الأبنية من أحجار جيرية، وأنواع مختلفة من الرخام.

وهكذا فيعد كتاب «القدس الأيوبية، دراسة معمارية أثرية» بمنزلة بداية حقيقية لمجموعة من الدراسات التي تبحر في تاريخ القدس، تلك المدينة المقدسة التي زخرت بالعديد من الأبنية المعمارية التي لايزال بعضها قائما حتى اليوم يشهد بعظمة وقدسية هذه المدينة.

-------------------------------

غزتي أنا لم يصدأ دمي في الظّلمات
فدمي النيرانُ في قشّ الغزاة
وشرارات دمي في الريح طارت كلمات
كعصافيرك يا قوس قزح
أنت يا إكليل شعبي وهو يدمي في القيود
إنّنا سوف نعود
وعلى دربٍ كألوانك يا قوس قزح
وستذرو الرِّيحُ أشلاءَ الشَّبح

معين بسيسو

 

 

محمود كامل الهواري









 





واجهة باب السكينة والسلسلة





مسقط أفقي لقبة موسى





مبان أيوبية باقية * مبان أيوبية رممت في فترات لاحقة * مبان أيوبية غير باقية





مسقط أفقي لصهريج الملك المعظم





قبة سليمان