عزيزي العربي

عزيزي العربي

  • قصتي مع مجلة العربي

قبل حضوري إلى كندا في السادس عشر من شهر مارس عام 1991، نشأت علاقة عشق خاصة مع مطبوعة عربية شهرية تأتينا من دولة الكويت الشقيقة، إنها مجلة العربي التي رفعت شعار هدية من الكويت لقرّاء العربية في كل أنحاء العالم.

المرة الأولى التي شاهدت فيها مجلة العربي كانت أثناء الحرب الأهلية اللبنانية البغيضة التي استمرت من العام 1975 حتى العام 1990، وأسأل الله تعالى أن تكون ذهبت إلى غير رجعة رحمة بوطننا الحبيب لبنان وشعبه الذي تحمّل الويلات والمصائب على مدى ثلاثة عقود من الزمن ومازال.

وجدت «العربي» في إحدى مكتبات بلدتي الحبيبة بنت جبيل في الجنوب اللبناني العزيز، وأذكر أننا كنا مهجّرين من بيروت إلى الجنوب يومها بسبب الحرب، وكان ذلك عام 1976 أذكر أني دفعت ثمن المجلة وهرولت إلى منزل جدتي لأمي - رحمها الله - حيث كنا نقيم، وجلست تحت شجرة التين الضخمة، التي كانت تتوسط ذلك المنزل الحجري، وبدأت أقلّب صفحات المجلة وأحاول بعقل طفولي يومها أن أفهم ما تحويه تلك المجلة وخصوصاً الاستطلاعات الملونة المميزة، وعلى ما أذكر يومها كان الاستطلاع عن دولة الجزائر أو عن إحدى مدن اليمن. وفرحت بتلك المجلة أشد الفرح، وقررت أن أجمع ما أحصل عليه من مصروف كل أول شهر، وتراني أقف عند باب المكتبة في سوق بنت جبيل لأنتظر وصول المجلة التي كانت تتأخر أحياناً كثيرة حتى منتصف الشهر وكان ذلك بسبب الوضع الأمني المتفجّر حينها.

أذكر أنه في تلك الفترة بدأت أجمع ما أجده في أي مكتبة أقصدها، والسؤال الذي مازلت أذكره يومها، ويتردد على لساني: (هل يوجد عندك أعداد قديمة من مجلة العربي الكويتية) ؟ أذكر أن صاحب إحدى المكتبات في إحدى ضواحي بيروت كان يقول لي بلهجة بيروتية محببة (يا عمي هذه المجلة للكبار وليست لمن هم في مثل عمرك) طبعاً كان الأمر يعتبر إهانة لي، فقد كنت أبلغ من العمر يومها ثلاثة عشر عاماً، وأعتقد بيني وبين نفسي أنني كبير كفاية حتى أقرأ وأفهم مواد تلك المجلة ومواضيعها المنوعة!! حتى أواخر الثمانينيات من القرن الماضي استطعت أن أجمع حوالي ثلاثمائة عدد من مجلة العربي، واعتبرتها ثروة حقيقية لي، إلا أن جاء يوم أسود مشئوم، ودخلت قذيفة مباشرة إلى منزلنا في إحدى ضواحي بيروت، وأصابت مكتبتي التي أحتفظ فيها بالأعداد المشار إليها، فاحترق أكثر من 250 عددا منها وحزنت عليها حزناً شديداً، ولم تنفع توسلات الأهل والجيران لي بأن أنسى موضوع المجلات على أمل إعادة جمعها من جديد، ولم يكن أحد يدري ما هو المجهود الكبير الذي قمت به لجمع تلك الأعداد من المجلة. وحتى يزيد الطين بلة، مثلما يقولون أحضرت معي إلى كندا عام 2005 بعد أن زرت لبنان، العدد الثاني من المجلة، والذي يعود تاريخه إلى العام 1958، وأثناء غيابي من المنزل دخل لصوص مجرمون إلى المنزل، وسرقوا ما خف وزنه وغلا ثمنه، ومن ضمن المسروقات حقيبة جلدية كنت أحتفظ فيها بكل أوراقي الخاصة وبينها المجلة المذكورة. وأذكر أني قلت للشرطي الذي حضر إلى المنزل للتحقيق بالسرقة إن هذه المجلة وحدها لا تقدر بثمن، فتاريخها يعود للعام 1958، فهزّ الشرطي الكندي رأسه وكأنه يواسيني على خسارتي تلك! أشعر أحياناً كثيرة أن العلم والثقافة والمعرفة هي من أغنى الأمور التي يمكن للمرء أن يحصل عليها في هذه الحياة.

إلى أسرة مجلة العربي في دولة الكويت الشقيقة، أجدد تحياتي وسلامي من رئيس التحرير إلى هيئة تحرير المجلة وكل العاملين فيها، على أمل أن يظل صوت مجلة العربي مسموعاً في دنيا الثقافة والعلم والمعرفة، مع الشكر الجزيل.

علي إبراهيم طالب
وندسور - كندا

  • تعقيب

تعقيب على مقاله كتبتها الشاعرة والكاتبة المغربية الأخت إكرام عبدي عنوانها (هل من السهل استئصالها) في العدد 599 أكتوبر 2008, والتعقيب مضمونه الآتي:

إن بعض العبارات والكلمات التي استخدمتها الكاتبه لتصل إلى معنى هي ارادته, لم تكن في أماكنها الصحيحه الذي يجب استخدامها. فمثلا عباره (لم تمل من معاودة الشروق)، أعتقد أن الملل لا يكون إلا عند الفشل، فإذا مل الإنسان الفشل تقدم بكل عزم وإرادة إلى تحقيق النجاح الذي هو عبارة عن سلالم لا نهاية لها من التميز المتجدد والمتألق والمتشكل كالأحجار الكريمة التي لا تمل لمعانها, فمجلة العربي كما عرفتها وعشقت قراءتها بالتزود من مكنوناتها مستمرة في نجاحها المتجدد الذي لا يبرح يزداد لمعاناً وشروقاً يزيد القلب شجناً والروح تألقاً في سماء العلم والتعلم .

فيما يتعلق في عبارة (لا ننكر أن العكاز المادي ضروري كي تستند إليه كل مجله سواء في شبابها أو في شيخوختها. أرى أن تصوير المال بالعكاز لأي مجلة لا يصح, لأن كلمة عكاز لا تستخدم إلا للتعبير عن ضعف أو قلة حيلة لحامله, فهذا العكاز من جعله قادراً على التقدم ولو لخطوات قليلة ولزمن ٍقصير, بعد ذلك لن تكون له أية فائدة لأن حامله قد مات لكبر سنه, فكم كان الأفضل استخدام كلمة سلاح بدلاً من عكاز ليكون حقاً سلاحاً من أجل المضي قدماً والتوسع من دون عوائق أو تهديدات ويكون حامله ذلك الشاب الذي لا يرعبه بطش الطامعين أو حسد الحاسدين . وأريد أن أوضح أن كلمة شيخوخة لا تستخدم كحالة طبيعية لمرور أي مجلة ليكون ذلك المال سنداً لها, ففي اعتقادي أنه كلما حققت المجلة نجاحات متوالية، فإنها أبداً لن تمر بحالة الشيخوخة. بل سوف تزداد قوة ورعونة في شبابها, ولن تصل أبداً إلى حالة الشيخوخه إلا إذا ضعف مضمونها وبذلك بهت لمعانها, فلن يكون المال عكازاً إلا في مراحل حياتها الأخيرة, وكم أتمنى أن تستمر مجلة العربي شابة وهذا حريّ بها لقوة مضمونها وما نلاحظه من تجدد وتقديم كل جميل ومتميز ومتجدد بتجدد روادها وكتابها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها بإذن الله.

أحمد شرف الدين زبيبة
كليه الإعلام - جامعه صنعاء

  • كتاب العربي

الدكتور سليمان العسكري رئيس تحرير مجلة العربي.. بعد التحية،،،

تواصلاً مع مجلتنا الرائعة التي هي درة مجلاتنا العربية، والتي كان ومازال لها الفضل في اكتشاف وتقديم المواهب الجديدة، أرسل إليكم ببعض قصائدي أملاً أن تجد لها مكاناً على صفحاتكم كما عوّدتمونا، ثقة مني بأنكم تتعاملون مع النص المرسل لا مع اسم المرسِل. وأقترح عليكم بجمع كل ما نُشر بزاوية «وتريات» في أحد أعداد كتاب العربي، إذ يطيب لكل كاتب مهما بلغ شأنه أن يرى بداياته أمام عينيه، فهل يلقى اقتراحي هذا قبولاً لديكم؟ عسى.

أشرف محمد قاسم
مصر - البحيرة

  • العربي: كلمة طيبة

ما كان ينبغي لمثلي أن يتأخر عن تقديم التهاني لكم وذلك بمناسبة مرور نصف قرن على صدور أول عدد من مجلة كل العرب «العربي» .

ما كان ينبغي لي لن أتأخر عن هذا الحدث المهم، وأعرب لكم عن تمنياتي لكم بدوام الصحة والعافية ومزيد من الإنتاج الفكري، وذلك خدمة للثقافة واللغة العربية.

لكن عذري الوحيد في هذا التأخر هو أن مجلة العربي انقطعت عن الوصول إلى الجزائر وذلك منذ شهر أغسطس 2007 عند العدد 585 (بحيث كان آخر عدد أحصل عليه العدد 584 يوليو) ودام هذا الانقطاع سنة كاملة حرمنا من هذا النبع الصافي وتركنا عطشى للفكر والثقافة. و كنت كلما حللت بموقع عندما أسافر لا أسأل إلا عن «العربي» حتى عند وجودي بمصر لتسلم جائزة أحسن مقال علمي سألت عن «العربي»، إلى أن وقع بيدي العدد 599 صدفة، وكم كانت فرحتي كبيرة أن جمعني الله بـ«العربي» مرة ثانية، فبادرت بتحرير هذا المقال مهنئاً ومعرباً عن فرحتي بعودة «العربي».

لقد كانت «العربي» بالنسبة لي النبع الصافي الذي استقيت منه كل الأفكار الجميلة وكانت الركن الشديد الذي آويت إليه في كتابة العديد من المقالات العلمية التي نشرتها في مجلتين علميتين تصدران بلبنان الشقيق.

لقد كانت «العربي» مصدر إلهام لي في كتابة العديد من مقالاتي وكانت مرجعاً مهماً بالنسبة لي، فقد كان لها الفضل في كتابة مقال «طبيب الحيوانات»، منها استلهمت مقال «حوار مع بقرة»، ومنها عقدت «المؤتمر الأول للحيوانات:الحيوانات التي ورد ذكرها في القرآن».

وكانت المصدر الوحيد الشافي والكافي الذي اعتمدته في مناقشة موضوع «استعمال المصطلحات العلمية باللغة العربية» الذي طرحه مدير تحرير المجلة للنقاش.

كيف إذن لا أقدم التهاني وفضل «العربي» علي كبير ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله.

وأغتنم هذه الفرصة لأعلق على عنوان الكاتبة الأخت: إكرام عبدي، وأرجو أن يتسع صدرها لتقبل كلامي هذا، فهي كانت تتحدث عن حسن نية بحيث حمل مقالها عبارات رائعة .

فقط العنوان «هل من السهل استئصالها» وأجيب بسرعة مذهلة:

ومَن يجرؤ فداكي «العربي» أجسادنا وأقلامنا وكل ما نملك فداك العربي.

«العربي» كلمة طيبة أصلها ثابت في الكويت وفروعها في كل وطن عربي وقد أتت أكلها.

أردت أن أقول إن الاستئصال يكون للعدو اللدود الذي لا نريده ولا نرغب فيه، الاستئصال يكون للورم الخبيث الذي ينخر قوانا ويفتك بأجسادنا.

كان من الأجدر بالأخت أن تقول: ما العمل والواجب عمله لترسيخها أكثر في أوساط الطبقة المثقفة بصفة عامه.

فهي مصدر متنوع لمن أراد أن تكون له ثقافة عربية واسعة.

ومعذرة للأخت الكاتبة على هذا التطاول مع أن مقالها كان رائعا بحق.

ملاحظة:

تحصلت على العدد 600 من «العربي» فالذي يملك كل أعداد العربي منذ أول عدد صدر سنة 1958 إلى عدد نوفمبر 600 فهو يحوز على 6 أمتار من مكتبته مخصصة فقط لـ«العربي».

أما أنا فلا أملك سوى متر واحد ينقصني 5 أمتار من «العربي».

د. عبد الحفيظ بو ناب
طبيب بيطري
كاتب ومراسل صحفي - من الجزائر.

  • وتريات

عرسنا في القدس آتٍ

أيّها الباغي علينا
بعد لأيٍ سوف تعلمْ
أنّنا قومٌ كرامٌ
نتصدّى نتقدّمْ
نركبُ الصعبُ ونمضي
كلُّّنا في الحربِ مَغْشَمْ
إن كَبَوْنا ذاتَ يومٍ
فعسى في الصابِ بلسمْ
اسأل التاريخَ عنّا
اسأل الإفرنجَ تفهمْ
أيّها الأحرارُ هبّوا
إنَّ طَعْمَ الذُّلِّ علقمْ
إنّ شرَّ النّاسِ قَوْمٌ
همُّهُم في كلِّ مَغْنَمْ
فاخلعوا ثوبَ التراخي
دِيْنُنا حِصْنٌ وَمَعْلَمْ
عُرْسُنا في القدسِ آت
وبدارِ البغيِ مأتمْ

آلاء المولى

آلاءُ المولى سابغةٌ
في الكونِ تنزَّهَ باريها
مَنْ قالَ بأنّي أَعدّدها
مَنْ قالَ بأنّي أُحصيها
بعيونِ القلبِ تأمّلْها
كي تدركَ أسراراً فيها
بصرٌ سمعٌ ودمٌ يجري
مَلَكاتٌ مَنْ ذا مُعطيها
خيراتٌ أصنافٌ شتّى
أنّى أبصرتَ فَمُلْفِيْها
أغصانٌ أطيارٌ تشدو
يا طِيْبَ سَماعِ أغانيها
وورودٌ أزهارٌ تشذو
بالعطرِ تفوحُ مَغانيها
وعُيونُ النرجسِ شاخصةٌ
ما أجملَ حُسْنَ مآقيها
وجبالٌ شامخةٌ ترسو
سبحانَ الخالقِ بانيها
وسهولٌ شاسعةٌ بُسِطت
فاضتْ بالخيرِ نواحيها
الغيثُ لنا من أَهماهُ
فغدا يجري بروابيها
فتكونُ البذرةُ ميتةً
بالماءِ يجودُ ويُحييها
الأُفْقُ لنا مَنْ زيَّنَه
بِنُجُوْمٍ يُبْهَرُ رائيها
البحرُ لنا مَنْ زَوَّدَهُ
بِلُحُوْمٍ يُنْعَشُ طاهيها
ذاكَ الوهّابُ هُوَ اللهُ
رَبُّ الأنسامِ وَمُنْشِيها

كمال بواطنة - فلسطين

  • القلق مرض العصر.. إيجابياته وسلبياته

سيدي رئيس التحرير..

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد،،،

تعليقاً على مقالكم المدرج بعنوان القلق مرض العصر إيجابياته وسلبياته.

أود المساهمة بهذا المقال, كثيرمن الشعراء تحدثوا عن قلقهم، وإذا بحثت عنه وجدته متناثراً في دواوينهم، كيف لا والقلق صديق وفي للإبداع لا يكاد يفارقه.

لما وصل بدر شاكرالسياب إلى بيروت في 15 / 4 / 1962 لأجل العلاج من مرضه العضال، أدرك منذ اليوم الأول أنه لا أمل له في الشفاء، فتوقع الموت ، وكتب قصيدته «سهر» يعبرفيها عن هاجس الموت قائلاً:

- أرقت لأنني أدري

بأني لن أقبل ذات يوم وجنة الفجر

سيقبل مطلقا في كل عش نغمة وجناح

وسوف أكون في قبري

وبعد أسبوعين من علاج لم تتبث جدواه، كتب قصيدة نداء الموت، ومما قال فيها:

- يمدون أعناقهم في ظلام القبور

يصيحون بي: أن تعال

نداء يشق العروق، يهز المشاش، يبعثر قلبي رمادا...

المشاش: العظم اللين.

لقد عبّر الشاعر العراقي عن قلقه بعيدا عن الشكل العمودي للقصيدة، فأبدع وأجاد, ولو كان اتخذ غير هذا البناء لربما جاء شعره فاترا.

وهذا يبرز بجلاء، أن شعرا حرا جيدا خير من قنطارمن الشعرالعمودي الفاتر، وأن شعراً عمودياً أجود، خير من قنطار من شعر حر أقل جودة ... لأنه أبقى.

صديقكم الوفي
د. سعيد جمال الدين

  • ألبوم المرايا

الصورة الفوتوغرافية مرآة الزمن ...

نقف كل صباح أمام المرآة لنستوثق من مناسبة هيئاتنا للخروج إلى المجتمع ومقابلة من نحب ومن لا نحب, نبتسم للتأكد من مظهر الأسنان ثم نعبس للتأكد من فاعلية التجهم عند اللزوم. هذا يحدث لنا مرةً في اليوم على الأقل، أما الزمن فيقف في كل ثانية أمام الصورة الفوتوغرافية التي سلّحه بها عباقرة البشر فيمدّ أصابعه الأثيرية الناعمة موسعاً الشرخ بينها وبين الأصل تمهيداً لتسليم الصورة إلى البلى والأصل إلى الموت.

بالتقاطنا لصورةٍ نختلس لحظة من عمر الزمن على حد تعبير إيزابيل أليندي ولكن دون أن نضيفها إلى أعمارنا وجلّ ما نفعله هو تجميد ظاهري موهوم لتلك اللحظة التي لن تتكرر بالتأكيد حتى لو احتفلنا بأعياد ميلادنا للمرة الألف وتوقفنا إلى الأبد عن تمزيق أوراق الروزنامات.

أتفرج على صور والديّ وجدّي بالأبيض والأسود فتأخذني خواطري في الحال نحو أفلام السينما المصرية في عقود الثلاثينيات والأربعينيات حين كانت حياتهم الفوتوغرافية خالية من الألوان. لا أحد يمكنه أن ينكر السحر الذي تخلفه في النفس صورة بالأبيض والأسود.

أقلب الألبوم المرتب ترتيباً تاريخياً يتناسب عكساً مع الموت فتقع عيناي على صوري الخاصة متسلسلة:

هذه صورتي الأولى يوم حلق لي والدي شعري (على الصفر) من أجل تسجيلي في المدرسة وحين أراد أخذي للمصور روت لي أختي الكبرى أنني رفضت بشدة حرصاً طفولياً على أبواب المراهقة يقتضي ألا يحتفظ الزمن لي بهذه الصورة القرعاء التي سأحمر خجلاً كلما شاهدها أحدهم وعرف أنها لي, وكحلٍّ وسط وضع المصور الوحيد في الحسكة حينها «باروكة» مضحكة فوق رأسي كانت أشبه بشعر البنات, شكرت له من صميم قلبي هذه اللفتة.

وهذه صورتي وأنا في البكالوريا ولم يطرّ شاربي بعد ولكن المصور أحسن الله إليه رسم لي (أيضاً بادرة شخصية) بقلم الفحم الرفيع خط شوارب ناعم كتجميل بدائي سابق لتقنيات الفوتو شوب السحرية.

دخلنا عصر الصورة الملونة بعد ذلك وكانت فاتحتها صورة لي أيضاً على الصفر مع مجموعة من المجندين في الجيش نجحت الألوان في إخفاء البؤس والمعاناة عن قسمات وجوههم.

خلدت الصور تلك الأيام الصعبة في ألبوم الذاكرة الذي لا يبهت بسهولة والمفارقة أنني حتى اليوم حين أستعرض تلك الصور المدعمة بالذكريات السالفة لا يخطر لي سوى أن أسميها أياماً جميلة.

أما أجمل صوري على الإطلاق فهي تلك الصورة التي التقطها لي صديق عزيز في بيروت حيث مطعم على طريق عالية يدعى (أسرار)- أرجو ألا تكون الحرب قد دمرته - تجلس في مدخله ثلاثة قرود من خشب, الأول يضع يديه على فمه والآخر على عينيه والثالث على أذنيه في إشارة إلى حكمة طلاب السترة (لا أرى لا أسمع لا أتكلم) الشهيرة.

يومها مازحني المصور وكان صاحب نكتة: نعم, إلى اليمين قليلاً, ابتسم, انظر إلى الكاميرا, ضع يديك فوق رأسك, تماماً... هكذا سيصبحون أربعة!

إبراهيم فرحان خليل الحسكة - سورية





 





 





 





حلب - سورية