مسقط..عناق الإنسان والمكان

مسقط..عناق الإنسان والمكان
مسقط..عناق الإنسان والمكان

تصوير: حسين لاري

في رحاب مسقط ذات التاريخ العريق والحاضر المشرق ووسط حفاوة العمانيين اجتمعت الوفود المؤلفة من المفكرين ورواد العمل الاجتماعي، والإعلاميين من دول الخليج العربية، والهدف الوحيد هو الارتقاء بحياة الإنسان نحو الأسمى.

حين بدأنا الرحلة الأولى في أرجاء مسقط حرص مرافقنا أبوعبدالله على تعريفنا بأبرز أماكن العاصمة التي جمعت بين الأصالة والحداثة، كنت مندهشاً بطبيعة مسقط حيث الجبال الداكنة التي تتطاول مشرئبة الأعناق، وكنت أظن أن حدود مسقط سوف تنتهي عند هذا الجبل أو ذاك، ولكن الطريق لا تلبث أن تلتف بهندسة راقية وعناية رقيقة لتتكامل معالم المدينة بمبانيها وأسواقها ومرافقها الخدمية الأخرى، ومن اللافت للنظر في مسقط ذلك البنيان الأبيض اللون أو القريب من الأبيض وغير المرتفع إذ إن المباني المؤلفة من أكثر من طابقين قليلة والمباني الشاهقة تكاد تكون نادرة، وربما يكون الحد من التطاول بالبناء عائدا إلى أمرين أولهما أن الأرض العمانية رحبة متسعة، إذ تصل مساحتها إلى أكثر من (309) آلاف كيلومتر مربع ينتشر فيها ما يربو على المليوني نسمة. والأمر الثاني ربما لكيلا تختفي التضاريس كالهضاب والتلال والجبال ولكيلا تنحجب الأبنية الأثرية خلف الهامات الأسمنتية التي تحكي صلابة الحضارة الزاحفة إلى بلادنا بأشكال مستوردة من الغرب.

كنا لا نألو جهداً فحالما ننتهي من متابعة فعاليات الأسبوع الخليجي الرابع للعمل الاجتماعي تخرج في جولات نستطلع ملامح عراقة مسقط وحداثتها، أولى جولاتنا كانت إثر حفل الافتتاح الذي شهد نشاطا فنياً غنائياً أحياه الأطفال وبعض الشبان المعوقين، والذي جاء بعد أن ألقى راعي الحفل وزير التراث القومي والثقافة في عمان كلمته التي عبر فيها عن سروره بالتئام الشمل الأخوي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ثم امتدح العمل الاجتماعي بوصفه: مهنة إنسانية عظيمة وعطاء متجددا وشرفا يناله العظماء.

وإذا كان الأسبوع الخليجي للعمل الاجتماعي ينعقد كل سنتين في واحدة من دول الخليج العربية الست فإن لانعقاده في مسقط شكلا مميزا، وذلك لأن عمان أولت هذا الجانب اهتماماً وعناية بدأت من قمة الهرم وانسابت إلى القاعدة وهذا مما يجعل التجربة العمانية في مجال الرعاية الاجتماعية جديرة بالاهتمام والرصد، مع العلم أن الرعاية الاجتماعية ظاهرة عامة توجد في كل المجتمعات على اختلاف نظمها ومستويات تطورها وتقدمها.

العمل الاجتماعي اليوم

لقد تغيرت عمان بشكل كبير عما كانت عليه، إذ كان شأنها شأن المجتمعات التقليدية، فالقبيلة مسئولة عن توفير صور الرعاية لأبنائها في إطار العادات والتقاليد والقيم المتعارف عليها، كما كانت مساعدة الفقراء والمعوزين من أبناء القبيلة أو المجتمع المحلي تتم أحيانا من خلال الزكاة والصدقات، وهكذا فقد اتسمت صورة الرعاية الاجتماعية في ذلك الحين بطابع تقليدي أساسه القرابة والدين وللمرء أن يتصور كم كان عبء المعاناة النفسية التي تلم بالمحتاج وهو ينتظر بفارغ الصبر نظرة (من ذوي الإحسان والتفاتة) تحمل إليه عطفهم المادي.. وأما اليوم فإن الخدمات الاجتماعية اتسعت واهتمت بتوفير الحياة الكريمة للإنسان العماني ونظمت هذه الرعاية بشكل جدي، حيث بدأت تظهر جهود وزارة الشئون الاجتماعية والعمل التي تقوم بدور حيوي في هذا المجال من خلال قطاعاتها وأنشطتها المختلفة. وتتنوع مجالات الرعاية الاجتماعية لتضم صيغاً وأساليب أهمها الضمان الاجتماعي والرعاية والإغاثة وهذا ما جعل المحتاجين يتلقون مستحقاتهم دون انتقاص لكرامتهم، وهذا بذاته جانب مضيء في الواقع العماني، غير أن الأكثر سطوعاً هو أن الدولة لم تمنح الفقير سمكة ليسد بها رمقه بل مضت جاهدة في سعيها لتعلمه الصيد، فخططت من أجل ألا يبقى المحتاج تحت رحمة المكتفي فدفعت هذا الأخير للعمل ولكسب مستحقاته بجهده، كما ألقت عليه بواجبات ألزمته بها، وتحقيق هذه الأمور ليس سهلاً أو يسيراً لولا التخطيط البناء الذي تحدوه المشاعر الإنسانية والإحساس بالآخرين، وهذا ليس مستغرباً في عمان التي اهتمت بمختلف جوانب الحياة كما هو بادٍ للعيان. فحين كان أبو عبدالله مرافقنا يلف بسيارته متسلقاً أو هابطاً على الطرقات المعبدة كانت المناظر الجميلة الحديثة لا تلبث أن تسلمنا إلى شواهد على عراقة تاريخ مسقط، وعند الوقوف أمام الأوابد فإن التاريخ يفتح سجلاته ليسرد حكايات العمانيين وعنفوانهم التي تركت البصمات العمرانية عبر العصور، وهذبت عمان اليوم ما حول هذه البصمات. وبين المباني الحديثة ومعالم الحاضر تطل الأبراج والحصون والقلاع كحراس أمناء تمركزوا على مقربة من الساحل الخليجي مصدر الخير والخطر بالنسبة للعماني، فمن يدري ماذا ستحمل الأمواج في غمرة صخبها؟ أو ما الذي سيأتي مع النسيمات العليلة؟!

وكما هي الأمواج تسير هادئة ثم تصخب حالما تصطدم ببعضها أو بحجارة الشاطئ، كذلك كانت المؤتمرات التي شهدها الأسبوع الخليجي الرابع للعمل الاجتماعي تتكاثف فيها الأفكار لتتلاقى تارة ولتصطدم فيتمخض الحوار عن الجديد، ولكي نستحوذ على الجديد من أفكار المشاركين كان لقاؤنا مع وزير العمل والشئون الاجتماعية بدولة البحرين عبدالنبي الشعلة فحدثنا عن العمل الاجتماعي ومدى الاهتمام الذي حظي به في الدول العربية الخليجية الست قائلاً: لقد حظي العمل الاجتماعي بقدر كبير ومساحة واسعة واهتمام من جانب المعنيين في مجلس التعاون، ولكن لم نحقق المطلوب الذي نطمح إليه ونتمناه، ولذلك يجب أن نستمر في العطاء وبذل الجهود ولا أعتقد أننا نستطيع أن نقول في يوم من الأيام أننا قادرون على إنجاز المهمة وإنهائها فمثل هذه المهام تعتبر متطورة ومستمرة وتحتاج إلى المتابعة كما تحتاج إلى أن تتعامل معها ونحن نساير مختلف تطورات المجتمع، ومثل هذه الأسابيع لها دورها الأساسي والكبير في تعزيز وتقوية التواصل والترابط بين أبناء مجتمعاتنا الخليجية، وعن طريق التواصل والاتصال يتم بحث الأمور ومناقشتها. وفيما يتعلق بالعمل الاجتماعي يجري تبادل الأفكار والاستفادة من التجارب والاطلاع على أسباب إخفاق بعضها لتجنبها أو لتجنب الخوض بمثلها، ونستعرض أىضا المستجدات والتأثيرات المختلفة سواء كانت سلبية أم إيجابية، وتحتاج منا إلى معالجة جماعية، وتتيح هذه التجمعات للمشاركين معرفة الآلية الضرورية لتطوير العمل الاجتماعي، وهكذا لتتقارب الأنظمة والقوانين التي تدير العمل الاجتماعي ويتحقق التعاون والتنسيق في مجال إقامة المشاريع المتعلقة بالتنمية والرعاية الاجتماعية، وحدث في لقائنا هذا العام أن استحدثنا سنّة حميدة وإيجابية وهي تكريم رواد العمل الاجتماعي المتطوعين، وفي ذلك لفتة مهمة تبرز مدى تكاتف وتعاضد أفراد المجتمع، وتحفز الآخرين على العطاء والبذل في هذه الجوانب.

وإذا كانت دول الخليج جزءا من الوطن العربي والأمة العربية فإن هناك خصوصيات وتباينا واضحا بين دولة وأخرى ضمن الوطن العربي، وهذا أمر إيجابي بطبيعته، ولذلك تختلف أساليب المعالجة وتتباين إلى حد ما، وفي الحقيقة فإن كفتي الميزان متعادلتان بيننا وبين الدول العربية الأخرى إلى حد كبير، وإذا أتيحت لبعض الدول فرصة تثبيت أسس العمل الاجتماعي فإنها بالنسبة لدول مجلس التعاون جاءت متأخرة نوعاً ما ولكنها في الوقت ذاته مدعومة بالإمكان.ات والموارد التي مكنت دولنا الخليجية وخلال فترات قياسية من العمل والسعي من أجل اللحاق بركب إخواننا العرب في مجال العمل الاجتماعي، فعمان مثلاً حققت قفزة نوعية ونجاحاً مميزاً في هذا المجال، ولذلك فنحن نطمح إلى استمرار اللقاءات من أجل تعاون أفضل، والمطلوب هو نوع من التحدي والاستعانة بأساليب وأدوات العصر ومعداته مع الإبقاء على معتقداتنا وروح عاداتنا العربية في هذا الإطار، فبالنسبة لخدمة المسنين مثلاً لابد من الاستفادة من منجزات العصر وعلومه، ولكن دون أن نفصلهم عن محيطهم الأسرى لكيلا نحرمهم من دفء الأسرة المفقود في دور المسنين مهما وصل مستوى الاهتمام ومهما ارتقت الخدمات، وهذا بحد ذاته يجعلنا محتاجين إلى قدرات وكفاءات وإمكانات مميزة ليتحلى بها أولئك الذين يعملون في نطاق العمل الاجتماعي، وستبقى حاجتنا مستمرة إلى مزيد من الاهتمام والتدريب ودعم العاملين بهذا المجال وبالأخص العاملين منهم في حيز العلوم النفسية.

ومن خلال كلام وزير الـشئون الاجتماعية والعمل البحريني تتجلى الطموحات والإمكانات لدعمها إلا أن المعادلة بقيت بحاجة إلى الطرف الآخر وهو الهمم التي تحدو هذه الطموحات لتصير حقائق، وبذلك يكون التسامي بهذه المهمة الإنسانية التي تعني بالثروة الحقيقية للبلاد والمتمثلة بالإنسان دائماً.

أنشطة وفعاليات أخرى

ولم تقتصر فعاليات الأسبوع على الجلسات النقاشية المطولة وعلى الكلمات الرسمية، بل تخطت ذلك إلى أنشطة أخرى مواكبة كإقامة المعارض، فقد واكب الأسبوع العربي الخليجي الرابع للعمل الاجتماعي معرضاً ضخماً شمل عدداً من الأجنحة أهمها ذاك الذي غص بالكتب واحتوى مئات العناوين حول مختلف جوانب الثقافة، وضم المعرض أيضاً جناحاً للصور الفوتوغرافية والملصقات الإرشادية والتوجيهية التي توضح للزوار المساعدات التي يجب تقديمها للمعاقين ليعتمدوا قدر المستطاع على أنفسهم، وبينت بعض الصور واقع تأهيل الأطفال في بيوت نمو الطفل الريفي وفي المنتديات الصيفية، كما قدم المعرض للمشاركين فكرة عن اهتمام عمان بالمحميات الطبيعية حيث قطعان المها تسرح مطمئنة في جادة الحراسيس والطيور المتعددة الأشكال والألوان ترفرف، هذا عدا الاهتمام بالمحافظة على أنواع الأسماك والسلاحف.

وفي بعض زوايا المعرض كانت الأجهزة التلفزيونية تبث برامج تحكي عن أنشطة عمان في مجال الرعاية الاجتماعية ومجالات البيئة، لقد اتسم هذا المعرض بثرائه بمختلف المنتجات الخليجية واليدوية خاصة، وقدمت هذه المنتجات مع الوفود المشاركة في هذا الأسبوع، وعلى هذا الصعيد فقد كان جناح الكويت من ألمع الأجنحة التي جذبت الزوار لما حواه من أشياء جميلة ومنتجات جذابة تبرز مدى اهتمام الكويت بالعمل الاجتماعي.

ولعل مشاركة وزارة الشئون الاجتماعية والعمل العمانية استوقفت الزوار واسترعت انتباه المشاركين لأنها كانت مشاركة حية، تمثلت في تقديم نماذج لحرف تراثية كان يعمل بها ذوو الأيدي الماهرة كصناعة الخزف ونسيج السجاد والحصر وصناعة سفن الزينة وزخرفة أغمدة الخناجر وقبضاتها بخيوط الفضة، وصناعة سعف النخيل، وبين هذه الصناعات ووسط روائح البخور التي كان يعبق بها المعرض توقفت أتأمل الحاضر الذي يهتم بالتراث ويعتني به، ولكنني في قرارة نفسي كنت أستطلع الماضي عبر نافذة تجوالنا في رحاب مسقط.. فكيفما يتوجه السائح فإن حصناً أو سوراً أو بناءً قديماً سيشده وكأن هذا القديم يستوقف ابن هذا العصر ليروي له تفصيلاً عن أروقة الشعب العماني الذي أحب أرض وطنه وعمل ليزيدها جمالاً وأماناً فكانت من جراء ذلك النهضة التي تزدهي بها عمان اليوم، وخلال تجوالي في مسقط استوقفتني قلعتا الميراني والجلالي وهما قلعتان متقابلتان الغربية منهما تسمى قلعة الميراني، وأطلق عليها البرتغاليون (فورت كابيتان) وقد شغلت خلال فترة سيطرتهم على البلاد أي منذ (1507م) عندما وصلت الأساطيل العسكرية الثلاثة بقيادة الفونسو البوكيرك البرتغالي إلى مسقط فاتخذوها مقراً لقائدهم لأنها أكبر مساحة وأكثر تشعباً من القلعة الشرقية المقابلة لها والتي يطلق عليها قلعة الجلالي التي بنيت ـ حسب بعض الروايات ـ في سنة 1587م، وقلعة الجلالي كباقي قلاع الوطن العربي سكنها أحد القادة، وهذا ما تؤكده السير التاريخية، وقد عرفت سابقا باسم قلعة (سان خساو) وتعرف لدى كثير من المؤرخين بقلعة الكوت الشرقي. وتؤكد بعض المصادر التاريخية أن القلعتين كانتا موجودتين قبل الغزو البرتغالي، وجدد فيهما البرتغاليون ليتخذوهما معقلين يتحصنان بهما بعد غزو مسقط، وفي 1981م خضعت (الجلالي) لتجديد كامل فأصبحت مع الميراني رافداً تراثياً مهما بعد أن كانتا حاميتين عسكريتين.

ولاتزال القلعتان منتصبتين على قمتين وكأنهما ترصدان تغيرات الزمن وتطورات العصر وتحكيان تاريخاً طويلاً من الأمجاد والكفاح.

وأمام باب المثاعيب المبني بالحجر الأسود والمتمركز أسفل قلعة الميراني توقفت أتأمل روعة البناء وخلوده، والمثاعيب واحد من أبواب السور الذي يحيط بمسقط، وقد كان يغلق مع البابين الصغير والكبير عند غروب الشمس في وجوه الغرباء كخط دفاعي أول فيما يتعلق بتحصين المدينة وبحمايتها من المهاجمين، وتفتح مسقط أبواب أسوارها في وجه المسالمين والأصدقاء، واليوم لا يزال المثاعيب محافظاً على جماله العمراني، فهو ينقسم إلى بوابتين صغيرتين تحتهما طريق اسفلتي تعبر عليه السيارات ذهاباً وإياباً.

ولو توقفنا هنيهة في ظلال الحاضر فإننا سنستمتع بروعة مسقط وبتخطيطها العمراني الجذاب وبشكلها الذي يليق بمكانتها كوجه حضاري للسلطنة، ومما زاد الاهتمام بها أنها مركز للتجارة والاقتصاد والمال والصناعة ومرآة عاكسة للحضارة والرقي الذي بلغته عمان خلال ربع القرن الماضي، وتمثل مسقط بولاياتها الست منطقة القلب من الجسد سواء على صعيد السياسة والاقتصاد والإدارة، ومن حيث موقعها فهي حسناء محظوظة بالإطلالة على خليج عمان وتتصل من الشرق بجبال الحجر الشرقي والمنطقة الشرقية ويتبع لهذه المحافظة ست ولايات أولاها مسقط ومن ثم مطرح، بوشر، السيب، العامرات، قريات، ولقد لعبت هذه المدينة العربية خلال تاريخها دوراً تجارياً مهما فهي تعد من الموانئ المعروفة والطرق التجارية بين الهند وأوربا عبر الخليج، ولاتزال مسقط رغم تطورها تحافظ على كثير من الملامح ذات الطابع التاريخي كالبيوت العتيقة ذات الأبواب الضخمة وذات الطرز المعمارية المميزة وكالحارات الضيقة والأسواق التقليدية كسوق مطرح الذي لايزال يعبق بروائح الماضي فهو مسقوف بنسيج من سعف النخيل وينقسم إلى تفرعات يضيق بعضها ويتسع بعضها الآخر وتطول أحيانا لتقصر أحياناً أخرى، وكل واحدة من هذه التفرعات تبيع نوعاً معيناً ففي بعضها تباع الملابس والأقمشة وفي مكان آخر تباع العطورات، وتوجد أماكن أخرى مخصصة لبيع الخناجر والتحف الفضية، فيما تتوزع بعض الأماكن لبيع الحلوى العمانية. وحين توقفت أمام أحد محلات بيع الخناجر وجدت أسعارها مما يفوق توقعات الزائر وسألت السائق الذي يرافقنا لماذا لا يزين وسطه بالخنجر؟ فقال: إن الخنجر يعطي للزي العماني صفة الرسمية إلى حد كبير وهو مناسب للاحتفالات والأعياد وللرجال الذين يعملون بصفات رسمية أكثر.

العاصمة التي تزداد جمالاً

وإذا كنت قد أعجبت بالتراث العماني فإن الواقع كان جميلاً أيضا فقد استطاعت مسقط أن تزيد في جمال الطبيعة من خلال نشر الاخضرار في السهول مع العلم أن الكثير من ذلك الاخضرار كان مثمراً فهو إما شجر نخيل أو من أشجار مثمرة أخرى تتلاءم وطبيعة المنطقة وزادت الطرق المرصوفة والمنارة والمنتزهات في جمال البلاد، وبين الحدائق كانت الزهور وبين الزهور في الحدائق تنشر المجسمات ذات الدلالات الثقافية والحضارية كأشكال الخيول أو الطيور، وعلى بعض الربوات انتشرت أمام الأشكال المعمارية التزينية بعض فوهات المدافع كرموز للقوة التي ناضلت بها عمان ضد الطامعين بها.

وهل أنسى إقامتي في مسقط حيث صادف وصولنا انشغال الفندق بالوفود المشاركة بالأسبوع، وكان نصيبي أن أقيم في غرفة منفصلة عن الفندق تقع بين البحر والفندق، ولقد كانت الورود معرشة على جوانبها وسقفها والفسحة الخضراء المشجرة بالنخيل خلفها وأمامها حديقة الفندق ومسبحه، وهذا ما جعل زميلنا خلف أحمد خلف من المكتب التنفيذي لوزراء الشئون الاجتماعية والعمل لدول مجلس التعاون في البحرين لا يكف عن تعليقاته، وذات مساء التقيت به وبالمدير العام للمكتب التنفيذي كامل صالح الصالح واستطعنا أن نغتنم قليلاً من الوقت الذي تتيحه مثل هذه الملتقيات في أحاديث جانبية شكلا إلا أنها تدور في صميم محور الملتقى. فقد حدثنا الأستاذ كامل صالح الصالح عن الأثر الفعال الذي يتركه مثل هذا النشاط على صعيد العمل الاجتماعي، فبين أن هذا الاحتفال يأتي في إطار الأنشطة والملتقيات الاجتماعية التي يشرف المكتب التنفيذي على تنظيمها ويراد منها تعزيز قنوات الاتصال بين العاملين في القطاعات الرسمية أو القطاعات الأهلية التطوعية كما يراد منها توفير المزيد من فرص الحوار وتبادل الخبرات والتجارب بين المسئولين في حقل وميادين العمل الاجتماعي بدول مجلس التعاون الخليجي، خاصة أنه فيما يبدو أن فعاليات هذا الأسبوع تبرز جانبا من الواقع الاجتماعي التنموي في المنطقة وتسلط أضواء الإعلام على إسهامات مؤسسات العمل الاجتماعي الأهلي وتكشف عن مدى امتداد مساحته وتنوع أنشطته وبرامجه وأهمية دوره في التنمية، ومن خلال متابعة الفعاليات أرى أن الأهداف المرجوة من هذا الاسبوع تتحقق بنجاح ملحوظ وستؤتي نتائج مثمرة تعطي أثرا بالغاً وسيكون لها تأثير كبير في تعظيم دور العمل الاجتماعي ودعمه وتحقيق رسالته.

صدى الجانب الثقافي

ثم دار الحديث بيني وبين الأستاذ خلف حول الأنشطة الثقافية التي كان لها أثرها العظيم في جذب المهتمين في مجال الثقافة من كلا الجنسين، فالرجال كان زيهم شبه موحد، حيث يرتدي الواحد منهم الدشداشة ويتحزم عليها بالحزام المزخرف أو بقماش غالباً ما يكون من (الشال) ووسط الحزام يكون الخنجر، ويعتم على رأسه بالكمة التي يضعها على رأسه بالمِصَرْ ذلك المنديل الذي يلفه فوقها، ويلقي بعد ذلك عباءته على كتفيه ويحمل بيده خيزرانة، وأما النساء فقد كان لباسهن متباين الأشكال والأنواع فبعضهن يرتدين اللباس الأسود والنقاب، حيث لا تظهر إلا عيونهن، وبعضهن يكشفن عن وجوههن، فيما ترتدي فئة ثالثة مثل أزياء المدينات وقليلات هن الحاسرات عن رءوسهن، وعموماً فقد أعجبتني الأزياء العمانية العادية لأنها فضفاضة تسمح بحرية الحركة.

وأبدى الأخ خلفه إعجابه بمحاضرة حول (أثر التكافل الاجتماعي في تعزيز دور الأسرة) وبشخصية المحاضر الدكتور (إبراهيم الكندي) الأستاذ بجامعة السلطان، وأخذ يحدثني عن المحاضر ذلك الشيخ الجليل الهيئة الكفيف ذي اللحية البيضاء الكثيفة والمهذبة التي لا يزال يخالط بياضها بعض السواد والعمامة البيضاء على رأسه وبيده خيزرانته، ويتوقف محدثي قليلاً ثم يقول كم كان وجهه صبوحاً، وبين الفينة والأخرى يمسح وجهه ولحيته وكأنه يزيدها تهذيباً، وقد تحدث عن التكافل الاجتماعي مبيناً أن الأمة التي ليس فيها دعائم التكافل الاجتماعي هي أمة ضائقة حتماً ولو تقدمت في مجالات أخرى كالتكنولوجيا وغيرها، ثم أمتعنا بالحديث عن التكافل بين الشخص وذاته، وكيف يجب أن يفرق بين الحرية والمسئولين، وذلك بعدما تحدث عن التشريع الإلهي وما جاء فيه عن التكافل الاجتماعي.

فابتسمت وقلت له أنا أعجبت بمحاضرته، وكذلك بقصيدته الساخرة فكم أضحكتنا وأحمد الله أنني قد سجلتها، وهي دليل كبير على ظرفه ودماثته ورقة عبارته، فحين شكا من الزكام كانت شكواه غاية في اللطافة وقد ساقها على هيئة قصيدة يقول فيها:

أرخي الزكام بمنخري سدوله

 

فحملت دجلة والفرات براسي

فذهبت أنشد ماهرا متخصصاً

 

أبغي العلاج.. أقول هل من آسي

فوجدته في زي أحدق ماهر

 

مستحضراً سماعة ليواسي

كتب الدواء منوعاً فزجاجة

 

ملأى وأقراص على قرطاس

ولما احتسبت من الدواء تمثلت

 

لبنان في بطني بكل قياس

فهناك أصوات انفجار هائل

 

وقذائف وتجاوب الأجراس

لقد استمتعنا بظرفه فتابعنا كل ما ورد في محاضرته، ولا يمكن في هذا المقام أن نتجاهل باقي الأوراق التي جاءت في الندوة نفسها أو في ندوات أخرى، لعدد من كبار الأساتذة والمفكرين في دول الخليج العربية مثل الدكتورة صالحة عيسان ود. أبوبكر أحمد باقادر ود. باقر بن سلمان النجار وغيرهم.

وانتهت جلستنا الممتعة تلك وكنا نتأهب لزيارة مركز تأهيل المعاقين في اليوم التالي، وأذكر أنني اتصلت بزميلي المصور وسألته عن المكان فقال إنه قريب منه أي في محافظة مسقط فحمدت الله، وكنت خائفاً من بعد المكان وأن يتكرر ما حصل لنا في طريقنا إلى (صحار) لزيارة معسكر المعوقين فبينما كانت السيارة تلتهم المسافة الطويلة التي تزيد على المئتين وخمسين كيلومترا انفجرت إحدى عجلاتها الخلفية فتوقفنا لنعود إلى أقرب محل لإصلاح الإطارات وقطعنا أكثر من كيلومترين والسيارة تحجل أودعونا نقول (تعرج)، ثم وقفنا لوقت طويل ريثما تم إصلاحها، وكم كان الجو قاسيا فالرطوبة المرتفعة مع ارتفاع درجات الحرارة تجعل العرق يتفصد من شعر الرأس وحتى أخمص القدمين حالما يغادر الإنسان السيارة أو محل الإقامة، وكنا ننتظر بشغف بعض النسمات، ولسنا هنا في صدد الشكوى من الطقس ورطوبته لأن جمال المكان والحرص على استكمال العمل مما كان يسرقنا فلا نشعر بالمصاعب مهما كانت، ولكني أتحدث عن هذه الأوضاع لأبرر افتقاد بعض الصور إلى العنصر البشري، فمن الذي سيتجول في المتنزهات والحدائق ويزور القلاع والحصون في جو ترتفع درجات حرارته ورطوبته إلى حد لا يطاق، وبعد أن تم إصلاح الإطار أكملنا مشوارنا إلى ولاية صحار حيث أقيم معسكر المعاقين ومدته عشرة أيام وقدم أفراده المشاركون من دول الخليج العربية بغية تنمية قدراتهم من أجل خدمة أنفسهم ومجتمعاتهم ولإذكاء روح المنافسة بين الشباب المعاقين، وكان المعسكر بذاته فرصة للمعاق لكي يسافر ويزداد اطلاعا عن طريق تعليمه بعض الأنشطة سواء الفنية أو الترفيهية أو الثقافية وعن طريق الحوار مع زملائه، وحين خرجنا من المعسكر شاهدنا المعرض التابع له وكان مليئاً بالمنتجات التي أبدعتها أنامل المعاقين وقد توزع المعاقون بين أناس يرتدون الزي الرياضي وآخرين يلبسون بزات الكشافة وغيرهم يلبسون الزي الشعبي لبلادهم، وفي الواقع فقد اغتنمناها فرصة وزرنا قلعة صحار الرائعة وقبل أن ننطلق نحو القلعة توقفنا لنشاهد بعض الفنون الفولكلورية التقليدية في عمان والتي كان بعض كبار السن يؤدونها وهم يحملون خيزراناتهم بأيديهم، كما كانت بعض النساء ممن يرتدين الزي الشعبي يغنين بعض الأغاني التي تشيد بالوطن وما بلغه من تطور في ظل قيادته.

وحين وصلنا القلعة كانت كالحمامة البيضاء بين البساتين المليئة بالأشجار من جهة، والبحر من جهة أخرى، وعن هذه القلعة يقول حطان الوشاحي المرشد السياحي فيها: إنها بنيت عام 1400م ويوجد فيها ما يقارب ستة أبراج تستخدم للدفاع عنها وفيها أيضاً ثلاثة آبار ونفق طويل كما تحتوي القلعة على متحف تبين مقتنياته أبرز الحقب التي مرت بها عمان بشكل عام وصحار بشكل خاص.

المعوقون.. يحظون بالاهتمام

وذلك ما كان حول معسكر المعوقين في صحار وأما مركز المعاقين في مسقط فقد تأثرت كثيرا لدى زيارته، حيث الأطفال الذين تبدو عليهم الإعاقة الشديدة أوهم متعددو الإعاقة، وبعضهم ممن لا تستولي إعاقتهم عليهم فتضعفهم أي هي إعاقة بسيطة وفردية، ويتبع هذا المركز للجنة الوطنية لخدمات المعوقين.

يحتوي المركز على قرابة (120) معوقا من كلا الجنسين، وقد بدئ بتعليمهم مهن النجارة والخياطة، ثم تطور فشمل مهنة الحدادة وبعدئذ ضم مهنة تعلم العمل على الحاسب الآلي، والجميل في هذا المركز أن أكثر من 65% من خريجيه يعملون في مراكز حكومية ومؤسسات خاصة بناء على الشهادة التي يحملونها منه بعد التدريب الذي يمكنهم من العمل، وقد ألحق بالمركز دار للأطفال شديدي الإعاقة كالمصابين بالشلل الرباعي أو الشلل الدماغي وما شابه، والمركز يقدم لهم العلاج والرعاية من أجل النطق والحركة، كما يأخذ المركز بعين الاعتبار العلاج النفسي للمعاق، وذلك ليتمكن من مزاولة حياته الطبيعية.

وحين يقدم المعوق إلى المركز للانتساب فإن ميوله وهواياته تعطي أهمية تامة والغريب أن الكثير من الأسر لا تعترف بالإعاقة التي تلم بأحد أفرادها ما لم تكن إعاقة شديدة ومعقدة.

وخلال جولتنا في أرجاء المركز شاهدنا أقسام تأهيل المعاقين كقسم الموسيقى وقسم الخياطة وقسم الحاسوب وقسم الآلة الكاتبة وفي كل واحدٍ من هذه الأقسام جماعة من الفتيان أو الفتيات يعملون، وتتعالى أصوات مكائن الخياطة والآلات الكاتبة وأصوات آلات الحدادة والنجارة، ويعمل في هذين القسمين شبان معظمهم يعانون من عاهة الصمم والبكم. وبينما كنا نلتف حول مائدة الاجتماعات بالمركز قال المدير بفخر إن هذه المائدة بزخرفتها وصناعتها هي من منتجات مركزنا هذا.. وإضافة إلى ذلك فإن المركز يحوي أقساما للأشغال اليدوية مثل التطريز والزخرفة والرسم والتلوين وعمل المنمنمات، ومن خلال النقاشات التي دارت خلال زيارة مركز ومعسكر المعوقين بدا اهتمام الأسبوع بهذه الشريحة التي حرمتها الحياة من بعض النعم وأفرادها يعملون ما بوسعهم ليعتمدوا على أنفسهم.

إلا أنه ومن المسلم به أن هذه الفئة من المجتمع هي أحوج ما تكون للأسرة ودفئها العاطفي وترابطها الحميمي، وهذا بذاته يساهم في تعويض المعوق وبالأخص إذا كان طفلاً عن مواطن العجز والقصور التي يعاني منها نفسياً وجسدياً، والتأكيد على مبدأ رعاية المعوقين سواء أسرياً أو عن طريق المؤسسات هو مما ينسجم مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف وقيم وتقاليد المجتمع العربي.

وبعد أن خرجنا من مراكز المعوقين ومعسكراتهم عدنا إلى التجوال في جنبات مسقط التي عرفت بجمالها وجودة خدماتها، ونظافتها فقد فازت هذه المدينة بلقب أنظف مدينة في الخليج في العام قبل الماضي، وأما الميزة الثانية فهي جمالها العمراني. ولعل أجمل ما يذكر في هذا النطاق فوز مبنى بلدية مسقط عام 1994 بالمركز الأول في مسابقة منظمة المدن العربية باعتباره نموذجاً يجسد الطابع الإسلامي والعمارة الحديثة، وهذه المميزات قليل من كثير فبعدما كانت مسقط ميناء تجارياً مهما ومعروفاً على طريق التجارة بين الهند وأوربا عبر الخليج فقط أصبحت اضافة إلى ذلك مركزاً حيويا مهما تكثر فيها المباني الحديثة والمراكز التجارية ومراكز التسويق الضخمة والفنادق الراقية والمراكز الرياضية المجهزة والمؤسسات الخدمية الحديثة في مجالات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية، ومثل هذه النهضة الشاملة في مسقط بشكل خاص وباقي المحافظات بشكل عام ما كانت الا بتضافر الجهود بين أفراد المجتمع كافة من رجال ونساء، فالمرأة العمانية لم تعد من ربات الخدور المتواريات خلف الحجب، ولم تعد مجرد تاء تأنيث ساكنة لا عمل لها، بل أصبح لها دورها الموكولة به في بناء البلاد، وهنا تجدر الإشارة إلى أن ذلك لا يعني أنها شغلت بعض الوظائف الإدارية والمكتبية فقط، وإنما شغلت أيضاً أماكن حساسة أخرى.

وقد توجت مساعيها أخيرا بدخولها أروقة مجلس الشورى العماني، وهذا بحد ذاته لم يكن طريقا ممهدة بل نتيجة لجهود جمة جادت بها المرأة متجاوبة مع اهتمام القيادة بالنصف الثاني من المجتمع، وأولى بوادر الاهتمام كانت المحاولة من أجل محو أمية المرأة العمانية وبث الوعي في صفوف النساء.

ومن الواضح أن النساء يتكاتفن في عمان من خلال جمعيات المرأة العمانية المنتشرة في الولايات، إلا أن أبرز هذه الجمعيات جمعية المرأة العمانية في مسقط وهي التي أتيحت لنا زيارتها، وبدأت زيارتنا لهذه الجمعية من مكتبتها المتواضعة والتي تضم أكثر من ثلاثة آلاف كتاب، وفيها صالة للقراءة تتسع إلى ما يقارب (25) قارئة، وبالإضافة إلى القاعة التي تحتوي على أنشطة في بعض الأشغال اليدوية التي ترغب العضوات بتعلمها كتلوين الفخار والزجاج وإعداد الورود الصناعية فقد ألحقت بالجمعية روضة أطفال تستقبل الراغبين بتنسيب أطفالهم مقابل رسم عادي سنوي، وإذ يكثر عدد الروضات في مسقط، إلا أن لهذه الروضة مميزات خاصة فهي تمتلك الوسائط من أجل نقل الأطفال من منازلهم إلى الروضة وبالعكس وفيها اجتماعات شهرية تعقد بين المربين في الروضة وأهالي الأطفال وخصوصاً أمهاتهم، ولا تحتوي الروضة على أية مدرسة أخرى فهي روضة للصغار فقط، وهي واحدة من هبات والدة صاحب الجلالة، كما أنها تستقبل الأطفال في سن الثالثة وهذه أبرز مميزاتها.

ومما يستحق الذكر في جمعية المرأة العمانية بمسقط أنها تحتوي على صالة متسعة من أجل حفلات الأعراس وبجانب الصالة توجد غرفة الحجلة، والحجلة هذه تشبه الحجرة الصغيرة جدا وقد أسدلت حولها الستائر الخضراء المطرزة ويستخدمها العمانيون من أجل حنة العروس كواحدة من العادات المتوارثة.

وقد حدثتني إحدى الأخوات في الجمعية عن الحجلة: بأن العروس تجلس داخلها مع إحدى صديقاتها محجوبة عن الأعين ولا يظهر منها إلا يداها ورجلاها، وتتولى امرأة متخصصة نقش أطراف العروس بالحناء، وأمام الحجلة يوجد وعاء الحناء ويشكل مع غطائه قبة مفضضة جميلة التصميم تحملها إحدى قريبات العريس وهي مليئة بالحناء إلى الحجلة، بعدئذ تبدأ إحدى النسوة التي تتقن فن تحنية العروس بعملها وحين يدخل العريس (المعرس) في زيارة سريعة أثناء فترة الحناء يقوم بنثر النقود على المرأة التي تقوم بتحنية أطراف عروسه، عندئذ ضحكت وقلت: مسكين المعرس ما عليه إلا أن يدفع الفلوس، فابتسمت محدثتي وقالت: والله يا أخي المسكينة العروس التي تبقى جالسة داخل الحجلة مدة لا تقل عن ثماني ساعات وذلك حتى تجف الحنة وتترك الآثار المرادة على الأطراف، ويحظر على العروسين مشاهدة بعضهما ليلة الحناء فيما يتم ذلك في الليلة التالية (ليلة الزفاف).

وبالمناسبة فإن جمعية المرأة العمانية بمسقط تؤدي هذه الخدمات في حفلات الأعراس والزفاف للعائلات العمانية مقابل أجور رمزية، كما توفر أيضاً في هذه الأعراس متطلبات إعداد وتهيئة العروس للزفاف كمواد التجميل وتستقدم نساء ذوات خبرة في مجال الماكياج وتحضير العروس.

الطريق إلى مجلس الشورى

لقد تصادفت زيارتنا إلى مسقط مع بوادر الاستعدادات لخوض غمار الانتخابات الجديدة لمجلس الشورى العماني وقد بلغ عدد المرشحين حينذاك (800) رجل وامرأة يتنافسون على المقاعد الثمانين، وما استرعى انتباهنا هو دخول المرأة العمانية في غمار هذه المعمعة، والذي زاد الأمر أهمية أن المرأة العمانية هي الأولى بين أخواتها الخليجيات استطاعت أن تحظى بهذه المكانة المرموقة، مع أن المجتمع العماني وقف في البداية موقفاً متبايناً تجاه هذه القفزة ومن الطبيعي ألا تروق مثل هذه الفكرة للمسنين ولمن يريدون من المرأة أن تبقى خبيئة المنزل، وحول وصول المرأة إلى البرلمان حدثتنا السيدة شكور الغماري عضو مجلس الشورى عن تجربتها قائلة: لقد كنت وزميلتي طيبة المعولي أول امرأتين تصلان إلى مقاعد المجلس وذلك في 1994 واستطعنا أن ننجح في تنفيذ المهام الموكولة إلينا، ودليل ذلك أن المجلس قد فتح الباب على مصراعيه أمام اللواتي يردن ترشيح أنفسهن للدورة الجديدة، وقد كانت لنا في المجلس مكانة واضحة، واستطعنا أن نؤثر على بعض القرارات كزيادة إجازة الأمومة للمرأة، وقد استطعنا أيضا التواؤم مع الجلسات، خاصة أن المجلس يعتبر عاكساً لصورة المجتمع. وما أريده من أخواتي في دول الخليج العربية ألا يأخذن الأمور بتشنج وأن يعتمدن على الحوار والروية للحصول على حقوقهن التي لو هضمت فإن خطراً سيحيق بالمجتمع، ولن ينشأ عند ذلك جيل واعٍ ومتعلم، ولقد رشحت نفسي للدورة الجديدة وذلك لشعوري أن كثيرا من القضايا التي تبنيتها وأتابعها لم تنته بعد، هذا عدا أن الفترة الأولى كانت أمراً جديداً وفيها شيء من الصعوبة علينا، ونحن نتمنى أن نؤدي دورنا كسفراء ناجحين بين أفراد المجتمع والمسئولين.

وعن المرأة العمانية حدثتنا السيدة طيبة المعولي العضوة الثانية بمجلس الشورى فقالت: المرأة العمانية شريكة الرجل في تحمل المسئوليات ولها نفس معاناته، وقد أثبتت في شتى الميادين أنها ذات قدرات خلاقة ولو احتاجت عمان لكي نحمل ـ نحن النساء ـ البندقية فسنكون كفؤا لذلك.

وقد جاء حديثي مع الأخت طيبة أثناء زيارة الوفد الكويتي المشارك في الأسبوع الخليجي الرابع للعمل الاجتماعي إلى جمعية المرأة العمانية في السيب، وقد قدم الوفد بعض الأثاث كهدية إلى هذه المؤسسة الاجتماعية الناشئة، وعن هذه المبادرة قالت السيدة طيبة: إن هذا تعبير عن الروابط المتينة بين الشعبين بشكل عام وبين المرأة الكويتية وشقيقتها العمانية بشكل خاص.

وإذ أؤكد على دور المرأة في المجتمع العماني في استطلاعنا هذا، فإن ذلك يعود إلى أنها شريكة في النهضة الشاملة التي أعجبتنا في مسقط وإلى دورها البارز في شتى مجالات العامل الاجتماعي الذي رصدنا أسبوعه الرابع ليس بحواسنا الخمس فحسب، وإنما بكل مشاعرنا، وحين انقضت أيامه طويناها لنودعها بين الذكريات العذبة والمفيدة.

وبينما كانت السيارة تطوي بنا الطريق إلى المطار مع ساعات الصباح الأولى وقبل شروق الشمس كنت أستذكر الأغنية التي سمعتها في حفل الافتتاح والتي أداها الأطفال المعوقون:

نجم يتلألأ في الأكوان..
فأضاء سماء وأرض عمان..
جئتم لبنيكم وذويكم.. ما أجمل أن نلقى الإخوان

وهذه هي الحقيقة فقد كنا نشعر أننا بين إخواننا وذوينا في الوقت الذي كان ذلك النجم يتلألأ لينير بعض جوانب الواقع التي تحتاج إلى بعض الضوء من أجل سعادة الإنسان.

 

 

جمال مشاعل

 
  




عناق الإنسان والمكان





وزير الشئون الاجتماعية والعمل البحريني.. وجولة فى جناح المجلس الوطني للثقافة والفنون والآدب الكويتي





من المناظر الجمالية في ساحات مدينة مسقط





وزير الشئون الاجتماعية والعمل في عمان والبحرين ومدير المكتب التنفيذي في معسكر المعاقين بصحار





أحد المعاقين وقد اتقن مهنة النجارة في مركز المعاقين





أحد المعاقين توجه إلى القسم الفني في المركز





وزير التراث القومي والثقافة في سلطنة عمان





وزير الشئون الاجتماعية والعمل في سلطنة عمان





الأستاذ كامل صالح الصالح





شكور الغماري عضو مجلس الشورى





طيبة المعولي عضو مجلس الشورى





حياكة البسط من تراثنا العربي ومن التراث العماني بشكل خاص





من الصناعات الخزفية المشاركة في المعرض





صناعة البومات للزينة صناعة دقيقة





زخرفة أعمدة الخناجر وقبضاتها بخيوط الفضة





من الفولكلور العماني في صحار





من تقاليد العرس الكويتي ومشاركة فى المعرض لفعاليات الأسبوع





من الأبراج العمانية التي تزيد في جمال مسقط





هندسة معمارية كثيرا ما تصادف الزائر المتجول في مسقط





الزخرفة الجميلة وروعة المكان مما يميز المساجد في مسقط