أرقام

أرقام

السجائر ..بين شفاه ناعمة
لا نعرف على وجه التحديد كيف بدأ التدخين بشكله الحديث، والذي تحول فيه الإنسان من تدخين - أو استنشاق - الأوراق الخام للنباتات.. إلى تدخين " السيجارة، والسيجار، والشيشة..) ولا نعرف من الذي بدأ هذه العادة الضارة..عادة التدخين: الرجل أو المرأة..لكننا نعرف أن التدخين قد أصبح عادة رجالية، وأن معظم الأبحاث الطبية التي تمت دارت حول عينات من الرجال، وحول مضار عامة مثل الإصابة بأمراض القلب أو السرطان.

الجديد هو ما أذاعته منظمة الصحة العالمية في منتصف عام 1995..الذي يأتي في تقرير موضوعه: " المرأة والتدخين".

تقول منظمة الصحة العالمية إن عدد المدخنات في العالم قد بلغ حوالي 200 مليون سيدة. .

فإذا عرفنا أن عدد النساء فوق الكرة الأرضية يزحف نحو الثلاثة مليارات، فإننا ندرك أن التدخين مازال كما عهدناه "عادة رجالية" ..أيضا، وعندما نحاول تحليل الرقم الذي يقسمه التقرير المذكور على اثنين فيقول إن عدد المدخنات في الدول الصناعية المتقدمة يتساوى مع عدد المدخنات في الدول النامية..عندها نحاول ذلك فإننا تقول: إذن فإن نسبة التدخين عند النساء في الدول المتقدمة تبلغ أضعافها قياسا على الدول النامية لأن عدد سكان الدول النامية يفرق كثيراً عدد سكان الدول المتقدمة.

المرأة الغنية إذن - إن جاز التعبير - هي الأكثر إقبالا على التدخين، والخطر يتركز شمالا..وهو في فئة الرجال أكثر منه في فئة النساء...و..مع ذلك فإن تقرير المنظمة العالمية يأتي ليثير الإزعاج إلى حد كبير، بل إنه يقول: "وإذا استمر معدل التزايد في التدخين عند النساء كما هو الآن، فان العالم سوف يشهد كارثة في المستقبل القريب حيث ستكون هناك (90%) من حالات سرطان الرئة بين السيدات بسبب التدخين..وحيث سيزيد عدد من يفارقن الحياة بسبب التدخين واللاتي بلغ عددهن الآن نصف مليون امرأة كل عام..بل إنه بحساب سنوات الحياة، وإذا قلنا إن هناك من سيفقدن فرصة الحياة تحت السبعين بسبب التدخين..فإنه يمكن القول أن كل واحدة منهن ستكون خسارتها (22)، عاما من العمر".

إنها - كما يقول تقرير دولي "كارثة"..ولكن ما هي تفاصيلها؟

غير الشائع

الشائع أن للتدخين صلة بالسرطان، لكن غر الشائع أن له صلة وثيقة بشيخوخة الجلد.

والمرأة تحرص على بشرتها، وشبابها..لكن الاجتماع السنوي الأخير لأكاديمية الجلد الأمريكية (1995) الذي عقد في مدينة أورليانز وحضره نحو ألف طبيب ينتهي إلى أن العمر ليس هو السبب الوحيد المباشر لشيخوخة الجلد..لكن هناك عوامل أخرى مثل التوتر العصبي وشرب الكحوليات.

المكيفات..والتدخين.

أيضا، قد يكون شائعا أن هناك صلة بين التدخين والعقم عند الرجال، حيث يؤثر في عدد وحركة وشكل الحيوانات المنوية ويؤثر في القدرة الجنسية عند الرجل..ولكن غير الشائع ما تؤكده دراسة أخيرة لأستاذ بجامعة القاهرة هو الدكتور عبدالباسط الأعصر) الذي يقول إن التدخين يفدي للعقم عند المرأة، حيث يؤثر في وظيفة المبيض، ويحدث اضطرابات في الدورة الشهرية ويصيب المرأة مبكرا بسن اليأس..

والأكثر- كما تقول الدراسة نفسها- فمانه قد يكون سببا في الإجهاض أو الولادة المبكرة..سواء للمدخنات، أو اللاتي يتعرضن لدخان السجائر!

وفي التفاصيل يصل البحث إلى أن التدخين يحدث خللا في الهرمونات يؤدي في ظهور الشعر بصورة كير طبيعية في أجزاء مختلفة من جسم المرأة

وتقول دراسات طبية أخرى إن التدخين أحد أسباب ثلاثة للقصور الجنسي عند الرجل..فهو بالإضافة للبول السكري والضغط العالي يسبب هذا القصور بما له من تأثير في الجهاز التناسلي والبولي للمدخن..و..تضيف الدراسات أن المرأة ليست بعيدة عن ذلك ع ففي بحث تم إجراؤه على ستمائة سيد ة يعانين من العقم اتضح أن المدخنات أكثر تعرضا لهذا المرض..وأن تدخين أكثر من (15) سيجارة يوميا يخفض نسبة هرمونات "الاستروجين" كما يخفض عدد البويضات ويؤثر في السائل المحيط بالبويضة الذي تتركز فيه مادة النيكوتين.

ولكن، وكما أثبتت دراسة أخرى لأستاذين بجامعة عين شمس، هما د. محمد يحيى ود. عبدالمجيد وفيق في ن الشفاء من ذلك أمر ممكن فالتوقف عن التدخين لمدة ستة أشهر أدى- في تجربة محددة - لتحسن عدد وحركة الحيوانات المنوية عند 35% من الحالات التي جرت عليها التجربة.

التدخين السلبي

أيضا، ووفقا للدراسات الطبية فإن الأطفال ليسوا بعيدين عن هذا الخطر.

التدخين السلبي، مسألة معروفة فغير المدخن إذا تعرض لدخان من يجاوره فأنه يحظى بنصيب غير قليل من الدخان وأضراره.. و..بطبيعة الحال، فالأمر أكثر خطورة إذا كانت المدخنة أما واللصيق بها طفلا..الأطفال يتنسمون ما يحيطون بهم ..بل ويرضعونه إذا كانوا في سن الرضاعة، أو تحت سن السنوات الثلاث. وتقول أبحاث في ندوة علمية أقامتها منظمة الصحة العالمية في القاهرة خلال يونيو(1995) إن تأثر الجنين في بطن أمه أمر وارد..حتى لو كانت الأم غير مدخنة وأنها ممن نطلق عليهم تسمية مدخن سلبي"!..وأن أحد أسباب وفاة الأطفال خلال شهرين من الميلاد وجود أحد الأبوين كمدخن! الأغلب أن قصار القامة أكثر تأثرا لأضرار التدخين من طوال القامة..فالضرر يرتبط بمساحة الرئة والقفص الصدري ..وهما مختلقان عند الطوال..و..لأن متوسط قامة المرأة - في الأغلب - أقل من متوسط القامة عند الرجل..فهي الأكثر عرضة إذا دخلت في لعبة التدخين.

السؤال: هل تدرك المرأة في العالم حجم هذه الأخطار؟

وهل تكون المرأة كثر حذرا من الرجل..فلا تسوقها عادة التدخين لما يحذر منه العلماء؟

تقول بعض الأرقام - التي أذيعت في ندوة القاهرة - "إن خسائر الاقتصاد العالمي من التدخين بلغت مائتي مليار دولار"..و..مع ذلك فإن الخسائر لا تمنع شركات السجائر (وأهمها سبع في العالم) من أن تواصل التجديف ضد التيار..فكلما زادت حملات التوعية بأخطار التدخين، وكلما اشتدت حملات الدعاية لمقاطعة السجائر..زاد نشاط شركات الدخان لكسب مستهلك جديد.

الجمهور المتزايد هم: الأطفال وتلاميذ المدارس.

والجمهور المستهدف: في العالم الثالث حيث تزيد القدرة على الاستهلاك مع زيادة القدرة الاقتصادية وتحسن الأحوال المعيشية والاتجاه لمجتمع المدنية وتوتر البيئة الصناعية و..قبل كل هؤلاء فالسوق المستهدفة عند الشركات هي سوق النساء..فتلك - برغم كل الأبحاث والاهتمام- مازالت سوقا واعدة..

مائتا مليون سيدة تدخن..مقابل أكثر من مليار رجل..أليس ذلك مغريا لشركات السجائر؟

الإجابة نعم، وإن احتاج ذلك إلى تطوير في العادات الاجتماعية والسلوكية..فليس كم ما يفعله الرجل تقيله المرأة..وأثر الدعوة للمساواة في المجتمعات الصناعية، قد يعادله أثر الدعوة للمجتمع المحافظ، والديني في العالم الثالث. إنه سباق لن تعرف نتائجه إلا في القرن المقبل.

 

محمود المراغي

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات