الإدمان والتبعيّة

الإدمان والتبعيّة
        

          الإدمان سلوك لايزال شائعًا جدًا، لا بل يزداد شيوعًا، بالرغم من الدراسات العلمية الشديدة التنوع والتعدد التي كشفت مدى انعكاساته السلبية، من هنا كانت ضرورة التعرف، بشكل أفضل، على وظائفيته لدى المدمن، وعلى مختلف العوامل التي تغذي عادات الإدمان وعلى العلاجات الكفيلة بالمساعدة على التوقف عن هذا السلوك. لكن تعاطي المواد، المخدرات بوجه خاص، لم يكن ممنوعًا أبدًا حتى عام 1868، حتى بعد ذلك، ظل المنع في حدّه الأدنى لسنوات عدة: فسيغموند فرويد استخدم الكوكايين على نطاق واسع «سواء عن طريق الفم أو بالحقن»، وقد أعطاه لإخوته ورفاقه ومرضاه..إلخ، في حين أن القهوة كانت تعتبر، في المقابل، بمنزلة سم خطير. ومهما يكن من أمر، يمكن القول، مع العديد من الباحثين، إن تعاطي المخدرات يؤدي إلى مشكلات عديدة متنوعة قد يتطلب كل منها نوعًا مختلفًا من التدخل.

          ولقد مثلت ثمانينيات القرن العشرين، كما تقول ماكريدي (2002)، نقطة الانطلاق لشن حرب على المخدرات، مع إعلان صريح مفاده أنه لا حملات إعلانية، لكن ملاحقة ومطاردة للقبض على متعاطي المخدرات أو مروّجيها، وزيادة في أعداد المسجونين، ترافق ذلك مع تحول في الاتجاهات الاجتماعية إزاء مشكلة تعاطي المخدرات والمسكرات، حيث تم، بالإضافة إلى الرؤى التوجيهية أو الإرشادية والعقابية المتصلة بشرب الكحولات وتعاطي المخدرات، بذل جهود حثيثة لمنع تعاطي الأدوية والعقاقير المثيرة للاضطراب.

          هذا ويبدو واضحًا للعيان أن تعاطي المخدرات والكحول، يضاف إليه تعاطي الأدوية والعقاقير المختلفة، قد أصبح، كما يقول د.ميشال صوفيا, «أكثر فأكثر انتشارًا اليوم في المجتمعات الحالية ذات النمط الاستهلاكي»، وأدى إلى ما سمّي تبعية (اعتمادًا) مرتبطة بمواد نفسية يبدو تحديدها صعبًا، وإن كان نسق الدخول في الإدمان، ضمن إطارها، هو نفسه، إذ ينتقل الفرد من استخدام بسيط إلى استخدام مؤذٍ ينتهي بتبعية للمواد.

          لفهم المعطيات الخاصة بالإدمان، هناك مفاهيم أساسية ملازمة له كالمخدّر، الاعتماد، التحمّل، الانسحاب، التعوّد.. إلخ، ولابد من تحديدها.

ما هو المخدّر؟

          بادئ ذي بدء نقول: يختلف مفهوم المخدّر تبعًا لمميزاته كمادة سامة، لكن، خصوصًا، تبعًا لاستخدامه كمادة، للكمية المبتلعة وللإطار النفسي والبيئي المرافق لعملية تعاطي الفرد لها. ولقد حدّدت المنظمة العالمية للصحة عام 1973 المخدر كونه «كل مادة تعدّل، حين يتم إدخالها إلى الجسم، إحدى أو عدد من وظائفه»، وقد أتبع هذا التحديد، فيما بعد، بمصطلح التبعية أو «الاعتماد» Dependance كبديل للإدمان «المخدر هو كل مادة قد تُحدث اعتمادًا (تبعية) ذا تأثيرات جدية وسامّة على المستوى النفسي».

الاعتماد أو التبعية

          الاعتماد هو نسق يدفع فردًا معيّنًا لابتلاع مادة، أو عدد من المواد، بشكل تكراري لاستعادة تأثيراته النفسية (اعتماد أو تبعية نفسية). لكن أيضًا، في بعض الحالات، لتجنّب الانزعاج الذي يسببه الحرمان منها «تبعية فيزيقية»: تتميز التبعية النفسية بذلك المظهر الاضطراري (القهري) للرغبة، أو بتلك الحاجة لتناول المادة، أما التبعية الفيزيقية فتتلاءم مع اعتماد خلايا الجسم وأنسجته على مخدّر معين، وهي تتمثل في ظاهرة «نقص» مكثّف نسبيًا، تبعًا للمادة، أثناء الانسحاب (الفطام) Sevrage، أي أثناء إيقاف تناولها.

          ويبقى السؤال: متى يمكن القول بوجود «إدمان على المواد السامة» Toxicomanies؟

          بادئ ذي بدء نقول: لقد قدّم تغيير المصطلح من الإدمان إلى الاعتماد تشجيعًا جزئيًا للتحرك بعيدًا عن النظرة الفئوية للإدمان بوصفه حالة (هل هذا الشخص مدمن/معتمد؟) إلى فكرة الاعتماد بوصفه متصلاً Continum أو بعدًا Dimension (ما مقدار حدّة اعتماد/إدمان هذا الشخص؟) (جوسوب، 2000).

          وبشكل عام، يمكن القول بوجود إدمان على المواد السامة، عند حصول تناول متكرر لمخدّر معيّن يؤدّي خلال فترة زمنية محدودة، إلى رغبة قاهرة لدى الفرد لتناوله من جديد وللحصول عليه بكل الوسائل المتاحة، ثم بفعل تكيّف جسمه مع تأثيرات المخدّر، يضطر لزيادة الجرعة، يسمّى ذلك «التحمّل» La tolerance الذي يُتبع بظاهرة «خضوع» هذا الفرد (أو الاستعباد L'asservissement) للمخدّر: ليس على المستوى النفسي فحسب بل على المستوى الفيزيقي أيضًا بفعل تعوّد جسمه L'assuetude على السم.

          ينجم «التحمّل» La tolerance إذن عن ابتلاع متكرر لمادة معينة يؤدي إلى خفض تأثيراتها وجر الفرد، من ثم، إلى زيادة الجرعات التي يتناولها كي يحصل على التأثيرات الأساسية نفسها.

          ويتميز «التعود» L'assuetude بالتجاذب على مستوى الاعتماد الفيزيقي والنفسي (أي زملة الانسحاب)، ويؤدي إلى زيادة الجرعات.

          تجدر الإشارة هنا إلى أن حالات الاعتماد هذه لا تحدث مع كل المواد، أي لا يؤدي تناول أي مخدّر بالضرورة لحدوث هذه الحالات الثلاث. كما تجدر الإشارة، أيضًا، إلى وجوب التمييز بين المواد من حيث تأثيرها: فتأثير «الحشيش» ليس كتأثير «الهيروين»، سواء من وجهة نظر فارماكولوجية أو على مستوى الشخصية، وكذلك القول بالنسبة لاختلاف التنذّر Le pronostic والعلاج Traitement لكل منهما.

          ولابد من التمييز هنا بين المستخدمين العابرين للمخدرات والمدمنين: فأولئك (أي العابرون) يحافظون على حياتهم الاجتماعية والمهنية.. في حين يجعل المدمن المادة هدفه الوحيد بحيث يقوده الاستخدام المتكرر لها غالبًا إلى نتائج سلبية على حياته بأكملها. ثم إن أيًا كان لا يصبح مدمنًا إلا بتوافر مجموعة من العوامل المترادفة، يأتي الاستعداد الشخصي في مقدمتها، كي يدخل الفرد في نسق الإدمان.

          باختصار نقول مع شميلك: «تتميز ظاهرة الإدمان بطابعها المعقد حيث تتداخل عوامل متعددة: بيو-كيميائية، نفسية، اجتماعية.. إلخ، لتجعل من الصعب ضبطها كظاهرة، إذ ليس هناك مخدّر بل مخدّرات، وليس هناك إدمان بل أنواع متعددة من الإدمان (إدمانات، إن جاز لنا التعبير)، وكذلك القول بالنسبة لنمط المؤسسة التي تحتضن المدمن، إذ هناك مؤسسات متنوعة لا مؤسسة واحدة، وهناك علاجات وليس علاج واحد..» (Schmelck, 1993,p21)، ثم إن استخدام المخدر يبدأ اختياريًا (إراديًا) ويصبح، مع تطور الاعتماد، قهريًا، أي خارجًا عن إرادة مستخدمه.

التشخيص

          ينطلق التشخيص من بنية افتراضـية تسمى «زملة الاعتماد» Syndrome de dependance (Edward & Gross, 1976) وهي عبارة عن مجموعة من الأنماط والنماذج والمشكلات السلوكية الناتجة عن تعاطي المخدرات أو شرب المسكرات أو التدخين.. إلخ. ويعتمد التشخيص الصادر عن رابطة الطب النفسي الأمريكية APA، في هذا الإطار، على تسعة معايير (أو محكات) لن نتوقف عندها كلها تحاشيًا للتطويل، بل سنكتفي بذكر أكثرها دلالة عيادية: فقد الضبط والسيطرة على السلوك والتصرف، التحمّل الجسمي وأعراض الانسحاب، التأثير السلبي للشرب أو التعاطي على أداء الفرد المهني وسوء استخدام المادة (استخدامها بطرق فوضوية) يعرّضه، أو غيره، لمخاطر جسمية.

          ويمكن تصنيف الاعتماد على أنه بسيط ومعتدل وشديد، كما يمكن تصنيفه على أنه جزئي أو كلّي. وسيتضمن التشخيص، كما يبدو عبر مقدمات الطبعة الخامسة للدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسية الصادر عن رابطة الطب النفسي الأمريكية، زيادة المؤشر التشخيصي المتصل بحدّة المشكلة وشدّتها بالإضافة إلى زيادة مؤشر أو محك الشفاء بتقسيمه إلى «شفاء مؤقت» و«شفاء مستمر».. إلخ.

علاجات الإدمان والتبعية (الاعتماد)

          هناك الآن أنواع من العلاجات، وإن شكّل ظهور جماعات المساعدة الذاتية أولى الطرق التمهيدية في هذا المضمار: هناك العلاجات الطبية أو الفارماكولوجية، والعلاجات النفسية الشديدة التنوع إنما تأتي في مقدمتها العلاجات السلوكية - المعرفية التي بدت قدرتها على الجمع بين الأساليب العلاجية المتنوعة، وبشكل متناغم، لافتة للانتباه.. هذا، إلى جانب العلاج الجمعي، العلاج الثنائي أو الزواجي، العلاج الأسري (أو العائلي).. إلخ.

جماعات المساعدة الذاتية

          تُعد جماعة المدمن المجهول من أكثر هذه الجماعات شهرة وتوظيفًا للعلاج النفسي، لذا هناك عدد كبير منها في الولايات المتحدة فيما يزيد على مائة دولة في العالم كله. وهي تقدم طريقة محددة للعلاج تتلخص في وجهة نظر مفادها أن الإدمان انحراف أو مرض جسمي ومزاجي وروحي لاشفاء منه.. فكل ما يمكن عمله يكمن في كبح جماحه وإيقافه بفعل المساعدة الذاتية الجماعية. لذا، فإن الشفاء عملية تستمر مدى الحياة. الشرط الوحيد للانتماء إلى هذه الجماعة هو أن تكون لدى المدمن الرغبة الأكيدة في التوقف عن الشرب، ولا يدفع أي مقابل أو أية تكاليف مالية.. إلخ.

العلاج الطبي (أو العلاج بالعقاقير)

          حاجة مدمني المخدرات والمسكرات لرعاية طبية أمر معتاد، بخاصة من يتناول منهم جرعات زائدة في تعاطيه، ممن يستخدم الحقن ومن يعاني من إدمان طويل الأمد، إذ يجعلهم ذلك عرضة لأمراض مثل الإيدز، التهاب الكبد الوبائي، تليف الكبد والبنكرياس.. إلخ، لكن أكثر ملامح العلاج الطبي الفوري دائمًا ما تكون علاج المريض من التسمم، ومن الأعراض الانسحابية Symptomes de sevrage المرتبطة بالاعـــتماد العضوي التي يعاني منها المدمن لدى تـــوقـفـه عــن تعـــاطي الــكـحول، والمــخــدرات أو المهدئات والمنومات.

          ينبغي التنويه هنا إلى أن إزالة التسمم كانت في الماضي تعتبر أحيانًا بمنزلة علاج كاف للاعتماد (التبعية) على المخدرات، لكنها تعتبر اليوم بمنزلة مرحلة من برنامج علاجي أوسع. ينبغي التنويه، أيضًا، إلى أن العلاج داخل المستشفى يحقق نجاحًا مضاعفًا من آثار التسمم، أكثر منه خارجها (جوسوب، 2000). وعادة ما تتم إزالة التسمم أثناء الإقامة في المستشفى خلال أسابيع قليلة، وذلك بإعطاء جرعة متدرجة الانخفاض من مخدر الاعتماد (كما يحدث في حالة مشتقات الأفيون)، أو عقار بديل (كما في حالة الاعتماد الكحولي). أما إزالة آثار التسمم خارج المستشفى فعادة ما تتم خلال فترة أطول.

          هذا، وتجدر الإشارة إلى أن الميثادون هو أكثر العقارات الطبية استخدامًا (على مدى سنوات) في علاج إدمان مشتقات الأفيون، لكن مكاسبه العلاجية (انخفاض جوهري في تعاطي المخدرات المحظورة، وانخفاض أنماط السلوك الأخرى كسلوك الإجرام مثلاً..) غالبًا ما تُفقد عندما يترك المرضى البرنامج أو عندما يتوقف تزويدهم بعقار مواصلة الامتناع (Ball & Ross,1991). وبالنسبة للعلاج بالعقاقير ذات التأثير النفسي في علاج إدمان الكحول، هنا أيضًا لا ينصح التراث البحثي باستخدام هذه العقاقير حيث يستطيب المدمنون مذاقها بسرعة، وبخاصة البنزوديازيبينات التي ازداد سوء استخدامها بمعدلات ضخمة خلال السبعينيات والثمانينيات (Gossop ,1982).

العلاج النفسي

          استُخدم هذا المصطلح، في البداية، للإشارة إلى العلاج بالكلام الذي يعتمد مبادئ الديناميات النفسية أو التحليل النفسي، وقد استخلص ميلر وهيستر (Miller&Heaster,1980), من مراجعتهما الشاملة للاختيارات العلاجية، أن العلاج النفسي ذا التوجه التحليلي ليس من العلاجات المختارة للمدمنين، وأنه يتّسم بقدر أكثر انخفاضًا في الفعالية من الطرق العلاجية البديلة أو هو، في أحسن الأحوال، مساوٍ لها في الفعالية.

العلاج السلوكي المعرفي

          لهذه الطريقة مكانتها الخاصة في مجال علاج المدمنين، إذ تعدّدت التطبيقات، ضمن إطارها، وتنوّعت لتشمل كل ما تم اعتماده من مفاهيم وأساليب لعلاج الإدمان بمختلف أنواعه، القديم منه والجديد: من إدمان المخدرات والمسكرات إلى إدمان الإنترنت وغير ذلك من إدمانات حديثة الطابع.

          تعود أهمية هذا العلاج، في الحقيقة، إلى ميزات عدة تجعل منه واعدًا كعلاج للإدمان والتبعية للمواد السامة بشكل عام: إنه علاج قصير الأمد ويتلاءم جيدًا مع متطلبات معظم البرامج الإكلينيكية، يتم تقييم نتائجه العيادية بخصوص العلاج بشكل علمي ودقيق. وقد سجّل، بشكل خاص، نجاحًا واضحًا بخصوص مسألة استمرار النتائج، هو جيّد البناء Bien Structure، محدد الأهداف ويركّز بشكل مباشر على المشكلات التي يواجهها المدمنون ويضبط عملية استخدامهم له، يعتمد على تشخيص دقيق يتم عبر تحقيق التحليل الوظائفي Analyse Fonctionnelle الذي يتم استكمال معطياته في ضوء المعطيات الناتجة عن تطبيق قياس نفسي متخصص وملائم لكل اضطراب وفي ضوء المعطيات المقابلة والتاريخية، إنه علاج مرن، كما أنه التماس يمكن تكييفه مع مجموعة واسعة من المرضى في مختلف الوضعيات (داخل المستشفى وخارجه) والأشكال (جماعيًا وفرديًا وعائليًا..) هو علاج قابل للدمج مع علاجات أخرى كالعلاج العقاقيري وغيره.. إلخ.

برامج العلاج النفسي المكثّف

          وهي تلك التي تتضمن كلا من العلاج الجمعي، والتربية، والمساعدة الذاتية، والعلاج النفسي الفردي (Cook ،1988a ,1988b)، أول وأهم ممثل لهذه العلاجات هو تصور جامعة مينسوتا التي ركّزت على: ضرورة تحدّي عمليات الرفض والإنكار، ضرورة رفع دافعية المدمن ليدرك أن باستطاعته التحمل والتوقف عن الشرب بإرادته وأنه ليس ضعيفًا وضرورة الالتحاق بإحدى جماعات المدمن المجهول.

العلاج الفردي

          قد يتم تحقيقه بأشكال متعددة من الأطر العلاجية (داخل المستشفى، في العيادات الخارجية.. إلخ). وقد يختلف تبعًا للتوجهات (الالتماسات) العلاجية المتنوعة: تحليلي، سلوكي - معرفي، بينشخصي..إلخ، إنما هناك ميزات مشتركة بينها، من أهمّها تمحور العلاج، عمومًا، حول العمل لتنفيذ أهداف متنوعة، إعلامية، سلوكيّة، معرفية، مابينشخصية.. إلخ، كما يتم العمل على مجالات حياتية أخرى أصابها الاعتماد على المخدرات والمسكرات كمشكلات العمل والعلاقات مع الآخرين، والصحة الفيزيقية، نظرًا لأهمية كل ذلك، كما في أي مجال اضطرابي نفسي آخر.

          وغالبًا ما يحدث العلاج المعرفي - السلوكي، في المقابلة الفردية، بالتناوب مع العلاج الجمعي والعلاج العائلي (أو مع الشخص المهم بالنسبة للمدمن). ويستخدم العلاج الفردي وحده كعلاج في حال كان المدمن مترددًا تجاه أي التماس جمعي أو عائلي أو حين لا تتواجد العائلة أو حين لا تكون مستعدة أو متعاونة أيضًا.

العلاج الجمعي

          هو من التدخلات غير العقاقيرية الشائعة الاستخدام في مجال علاج التبعيّة (الاعتماد) للكحول والمخدرات، من أهم حسناته أنه اقتصادي ويسمح بلقاء عدد من المدمنين ضمن إطار جلسة معيّنة، إنه أكثر اقتصادًا في النفقات وأقل تكلفة بالمقارنة بالعلاج الفردي، وبالوقت نفسه يؤمن للمدمن لقاء أمثاله من الأفراد، الأمر الذي يساعده على تجاوز الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالإدمان..إلخ. لكن، مهما يكن من أمر، يمكن اعتباره بمنزلة مكمّل للعلاج الفردي.

العلاج الزواجي أو الثنائي

          بشكل عام، يعتبر العلاج الزواجي أكثر ملاءمة مع الأزواج الذين يتسمون باستقرار علاقاتهم الاجتماعية التي تسمح لهم بالمشاركة الإرادية في العلاج وبرضا كامل، ومع مَن بوسعهم الأداء بطريقة تتسم بالمساندة والمساعدة الفعّالة، بخاصّة في المراحل المبكرة من العلاج.

العلاج الأسري

          بالرغم من الاهتمام الشديد المعطى للعائلة في علاج الإدمان من جهة، والاهتمام بالظاهرة الإدمانية في مجال العلاج الأسري من جهة أخرى، فإن التصورات النظرية العلاجية الموجّهة للأسر الإدمانية نادرة، ولقد تم اشتقاق المعطيات والتصورات المتاحة من مختلف العلاجات الأسرية التي تم استخدامها في مجالات عيادية أخرى (Kaufman,1984).

          باختصار نقول: يتاح الآن أمام المعالج مدى واسعًا من الأساليب العلاجية، تضاف إلى ذلك حالات التوق الذاتي ودون أي نوع من التدخل العلاجي. ونود إنهاء حديثنا بالرأي الآتي: التبعيّة هي حالة نفسية مقبولة وطبيعية، ضمن حدود معينة طبعًا، إنها بحث دائم في داخلنا عن إحساس بأننا على ما يرام، بحث يستجيب لمبدأ اللذة الموجود بداخل كلّ منا. وبالتالي، يمكن القول إننا كلّنا تابعون نفسيًا للأشياء التي نحبّها (التلفزيون، الموسيقى، القصص.. وأحيانًا لبعض الأشخاص).
-------------------------------
* باحثة أكاديمية من لبنان.

--------------------------------------------
بين اثنين أسرُ أم أبـكي؟
                              قبس اليقين وجذوة الشك
في النفس حاجات وإن خفيت
                              فلعلها ضربُ من النوك
حبك القضاء شراكة ورمي
                              للعقل منه بضيق ضنك
وللعقل ينصب من حبائله
                              نصبًا معاقدها من الشوك
أنا من فوادح ما تجر يدي
                              أبـدًا قنيصة ذلك الحبك
مازلت أقطعه... ويعقدني
                              والمرء.. بين قلاقل ربك

التجاني يوسف بشير

 

كريستين نصار*