معروف أن عفن الخبز به ما يساعد الجروح على الالتئـام، لأن العفن يحتوي على المضـاد الحيوي الشهير(البنسلين)، ولكـن الخطر يكمن في استخـدامـه المباشر الذي يمكن أن يسبب التحسـس. إلا أن هنـاك عنصرا آخر في العفن يساعـد على الالتئام وهـو خيوط فطر الميسيليـوم المحتـويـة على عنصري الكيتين والكيتوزان (chitin & chitosan) المحفزين على التئام الجروح. ولقد قام الدكتور "ريتشارد شميدت" من جامعة "كارديف" بتنمية خيوط الفطر (mycelia) في مفاعل حيوي لإنتاج ضمادات ناشطة من المنظور الكيميائي الحيوي، فعندمـا يتأكسد الكيتـوزان ينتـج بيروكسيـد الهيدروجين (ماء الأكسوجين) الذي تعمل كميـة قليلة منـه على مسـاعدة التئام الجروح بتنظيفها وتطهيرها بينما تعمل الخيوط الكتينية للفطر كجسور تنمو عليها ألياف ندبة الالتئام. ويقول الدكتور شميدت: "ربما كان الابتكار في حاجة إلى بعض الوقت حتى يتحول إلى التسويق التجاري، لكن المشكلة هي أن الأطباء يعارضون وضع ضمادات من هذا النوع مباشرة على الجرح لاعتقادهم أن الضمادات ينبغي أن تحمل مواد معالجة للجروح ذات طبيعة رطبة لا جافة. لكن التجربة ستكون كفيلة بجعلهم يغيرون رأيهم".

بنات الهوى السود يقهرن الإيدز

بنات الهوى السود الإفريقيات اللائي أبدية مقاومة لفيروس الإيدز (HIV) قد يكون لديهن مفتاح السر لقهر مرض العصر الرهيب هذا، ففي دراسة طبية كينية تبين أنه، على الرغم من أن تسعا من كل عشر من بنات الهوى في "بومواني" بنيروبي أصابتهن عدوي الإيدز إلا أن هناك ثلاثين امرأة منهن لم تصبهن العدوى برغـم تعرضهن لها مئات المرات.

كما اكتشف الباحثـون في دراسة أخـرى، بجامبيا، أن خمسـا من كل ست من بنـات الهوى اللائي أبدين مناعـة ضد الإيدز توجـد بدمائهن نسبـة عاليـة. من الخلايـا المناعية من النوع (T) ذات العلاقة بفيروس الإيدز، بينما لا توجـد لديهن أية أجسـام مضـادة لهذا الفيروس، ممـا يعني أن المرض نفذ إلى أجسامهن وتم قهـره داخل هذه الأجسام.

تقول الدكتورة سـاره برنارد جـونز (الطبيبة التي قامت بـالـدراسة في جمابيـا) أن الدراسة تفيد بأن رد الفعل الخلوي يمكن أن يكون واعدا أكثر مـن أدوية علاج الإيدز الموجودة حاليـا والمؤسسة على مبدأ المقاومة بـالأجسـام المضادة، فالأجسام المضادة تميز فيروس الإيدز حال وجوده في الـدم لكنه يمكن أن يمـر من خليـة إلى أخرى دون أن تميزه هذه الأجسام المضادة وهذا يفسر فعالية الخلايا المناعية من النوع (T) التي ظهرت في دماء بنات الهوى والمقـاومات للمـرض بـرغم حملهن للفيروس. ومن ثم يبشر هذا باتجاه جديد واعد.. نحو قهـر الإيدز.

بيئة
اتقاء شر النينو

النينو (EL - NINO) هـو تيار غريب من المياه السـاخنة يشق طريقه شرقا وسط مياه المحيط الهادي بدرجة حرارة ترتفع 12 درجة فهرنهيتية على الأقل عما حوله من مياه المحيط وعندما يضرب الساحل الأمريكي - من جنوب كاليفورنيا حتى أقصى جنـوب شيلي - يسبب مجموعة من الآثـار البيئية المدمرة، فهو يقتل الأسماك التي تعيش في مياه بـاردة نسبيا، ويرفع درجـة حرارة الهواء فوقه فينخفض الضغط الجوي مسببا هبوب عواصف مصحوبة بسيـول تعصف بالمدن والقرى الساحلية في هـذا الجانب من العـالم، ويـؤدى أيضا إلى تغير أنماط هطول الأمطار في رقعة أوسع فيضرب الجفاف بعض المناطق وتجتاح الفيضانات مناطق أخرى.

هـذا النينو أعيـا العلماء بحثا، وكان يعتقـد أنه نـاتج عن تمزقات جيولوجية قرب أديم الأرض بدليل كثرة ما استبقـه من زلازل أرضية وتفجرات بركانية، ولم تنجح التنبؤات بحدوثه بناء على هذه النظرية. وبعد أن سدد النينو ضربة مميتة لصناعة الأسماك في المنطقة بالقضاء على آخر أسماك الأنشوقة شمال ساحل بيرو وشيلي في منتصـف السبعينيات، تحفز العلماء، للسير في اتجاه جـديـد، واشتركت 17 منظمة علمية مدعومة بمنحة من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قدرها 200 ألف دولار، وتعمـل تحت إشراف لجنـة البسفيكي الجنوبي لـلأبحاث الأقيانوجرافية، من أجل تخصيص دراسة للنينو باسم (EREEN) ويبدو أن تضافر الجهود في هذا الشأن بدأ يؤتي ثماره. ولقد وظفت الدراسة للرصد المتطور للنينو 200 عوامة مزودة بمسابر للريح وأجهـزة إرسال للأقمار الصناعية وأدوات أتوماتيكية لقياس درجة الحرارة والملوحة في مياه المحيط. وبعمل بحثي دائب وصلت الدراسـة إلى نتيجة مؤداها أن النينو جزء من دورة طبيعية تحدث في مياه المحيط الهادئ الجنوبي وسمائه. وبمساعدة نماذج إلكترونية مطورة صار ممكنا التنبؤ بموعد اقتراب النينو بدقة، ومن ثم تحديد مواقع تأثيراته السلبية والعمل على مواجهتها. وهذا من شأنه إحداث انقلاب إيجابي لصالح التنمية البشرية في الأماكن التي يمكن أن يضربها.

ويقول "مجينا لوبيز" أحد العاملين في مشروع الدراسة: "بوسعنا أن نتعلم الآن كيف نجعل النينو بعمل لصالحنا. بإمكاننا بناء خزانات للمياه في المناطق الساحلية والصحراء الشمالية لزيادة المخزون عند الطوارئ. وبوسعنا تكييف أنماط الصيد بحيث نفيد من الرخويات التي تصاحب النينو.

وبوسع المزارعين زراعة محاصيل تفيد من غزارة الأمطار عند حدوثها وتحاشي مثل هذه المحاصيل في الحالة العكسية". وهذا يعني باختصار: ترويض النينو، واتقاء شره.

كتب
بنجوين 60 لـ 60

بمناسبة مرور ستين عاما على بدء نشاط دار النشر العالمية بنجوين، رأى القائمون عليها أن يكون الاحتفال بالمناسبة حاملا لطابع هذه الدار التي حولت الكتـاب الثقافي الـرصين، والأدبي منه خاصة، إلى سلعة شعبية عالمية.

وفي هذا الاتجاه قامت الدار بنشر ستين كتيبا، من حجم كتب الجيب الصغيرة، بعدد سنوات عمرها، ولستين من أشهر الكتاب الذين مثل إبداعهم علامات بارزة في مسيرة الثقافة المعاصرة.

ولقد تعددت أجيال هؤلاء الكتاب الستين، كـما تعددت أنماطهم الإبداعية وتعددت أصولهم.

فمن هيرمان ميلفيل إلى جابرييل جارسيا ماركيز. ومن سيجيموند فرويد إلى جبران خليـل جبران.

ومـن قصص هانـز كريستيـان أندرسون إلى أشعار روديـارد كيبلنج وبـالطبع لم يتح حجم الكتيب أكثر من إيراد نموذجا من عمل الكـاتب مع نبـذة مختصرة عن حياته الإبداعية وتأثيره الثقافي.

أيضا حلتعدد المشاركين في سلسلة الكتيبات الاحتفالية هذه، نـرصد بعضا من أسمائهم: ديـرك بوجـارد، ايتالو كاليفينو، ترومان كابوت، انطون تشيخوف، جراهام جرين، كاترين مانسفيلد، جورج أورويل، ادجـار آلان بـو، جورج سيمنون، جون ايـريك، أوسكـار وايلد، فـرجينيـا وولف.وغيرهم.

وللـوقوف على تعـدد المناحي الثقافية لهذه السلسلة نقرأ بعضا مما أوردته: الثوب الجديد للإمبراطور (قصة خيالية)، سيكـولوجية التأمل (علم نفس)، عشر حكايات إيطالية شعبية (أدب)، الراهب الأسود (روايـة صغيرة)، سباق الكلاسيكيات (نقد)، خمس محاضرات في التحليل النفسي (علـم نفـس)، النبـي (وجدانيات)، رحلة سعيدة يا سيدي الرئيس (قصة)، من أركان العـالم الأربعة (أدب رحلات).

من هذا يتضح أن هذه الكتيبات الستين تشكل مكتبة مصغرة للإحاطة بالإشعاعات الثقافية لعصرنا، وهي بحجمهـا المضغوط وأسعارها الميسرة نسبيا - أقل من دولار للكتيب الـواحد - تتيح القدرة لاقتناء مكتبة عصريـة قيمـة تفيـد تلك الأجيال التي لم يتح لها تتبع مسيرة للثقـافة الأوربيـة في عصرنا.

ومن الجدير بالذكر أن دار بنجوين التي نشأت بريطانية الولد وإنجليزية اللغة، مدت أطرافها لتزهر في ثلاثة عشر بلدا فروعا أخرى لبنجوين تنشر كتب الدار وكتبا خاصة بإبداع البلدان التي انتشرت فيهـا، وكلهـا بـاللغـة الإنجليزية. وهكذا نجد أن هناك - إضافة للدار الأم في إنجلترا - دورا أخرى تابعـة مثل بنجوين الهند، والولايات المتحدة، وكندا، وأستراليا، ونيوزلندا، وألمانيا، وأسبانيا، وإيطاليا وفرنسـا واليـابان واليـونان وجنوب إفريقيا.وعلى عكس الشـائع في عالم الكتب، تؤكد "بنجـوين" في احتفـاليتهـا الستينيـة، أن الكتاب لم يعد نسيا مهجورا في عالم تجتاحه وسائل الثقافة والإعلام المرئية والمسموعة، بل أن الكتاب ينتشر، ويواصل شق طريقه إلى عقول محبي القراءة برغم زحام العالم المعاصر وضجيجه.

فن
فن دالي في الهواء الطلق

في إطلالة عابرة على باريس، توقفت "العربي" أمام معرض مفتوح تتناثر قطعة المدهش في رحاب ميدان "فيندوم"، أو ملك الشمس، وهكذا صار الميدان الذي تحيطه عمارة القرن التاسع عشر الباريسية التي تسكنها أشهر الماركات الفرنسية "بوشيرون، كارتير، دنهيل، فإن كليف، ريزا" إضافة لوزارة العدل الفرنسية، صار الميدان خاضعاً لنفوذ ملك السريالية المعاصرة سلفادور دالي. فكأنه بغطساته الجنوبية في خباياب العقل الباطن للإنسان يعود بعد ستة أعوام من موته ليطلق سخرياته الغريبة المحلقة فوق ضوضاء الواقع وصخب الحياة المعاصرة ليرفع فوق الحقائق الدارجـة رايات الرؤى الفنية لما أسماه الكاتب اندريـه بريتون مـا فوق الحقيقة.

المعرض المفتوح للعابرين تحت سماء باريس، الذي أتيح مجانا للجميـع طوال فترة الصيف، ضـم ستـة عشر مجسماً نحتيـا من الخشب والجبس والبرونز، للوحدات التشكيلية التي أبدعتها ريشة سلفادور دالي الذي قد يكون أبلغ تعريف له هو قوله عن نفسـه: "الفـرق بيني وبين المجنـون أنني لست مجنـونا" وهو بالفعل كذلك، إذ إنه يعيد إنتاج صور الحياة بترتيب جديد يكاد يشبه هلوسات المجانين البصرية وهرطقات الأحلام المفلتة من كل كابح، ولكن ببراعة تقنية لفنان هائل وبصفـاء مخيلـة لطفل كبير عبقري.

القطـع السـت عشر المعروضة كـان من بينهـا: "فينوس الفضاء" حيث المرأة المقطوعة من وسطها والبيضة المستقرة على استواء النصف المقطوع وحشرة ضخمة تزحف على البطن بينما على كتفها تلك الساعـة المنصهرة التي توشك أن تتسـاقط. فكأنه يشير إلى الطبيعة المؤقتة لجمال اللحم برغم تقديره لجمال المرأة وكيانها ذي الطابع المستقبلي. وفي "المرأة الزرافـة" حيث يستطيل العنق ويتحـول الصدر والبطن إلى خزانة ذات أدراج يعبر دالي عن نـوع من الكوميـديا والوسـوسة تجاه المرأة. وفي قطعـة (بـروفيل للزمن "حيث تنصهر سـاعة دالي الشهـيرة على أغصـان شجيرة جافة، فكـأنه يقول إن الإنسان حتى يجني أفضل نتيجة من حياته عليه أن يعي أهمية موازنة الزمن والحياة. وهكذا تستمر استعارات دالي المتحولة إلى شبه هلوسـات بصرية تبدو ألعابا سريالية، لكنها عند التعمق في درسها تكـون خطابا ينبـذ السببية والميكانيكية ويفتح وعينا على أبواب تعدد الاحتمالات التي وإن كانت تخيف إلا أنها تثري رؤية ما يري ومالا يري.من بين القطع الست عشرة المفزعة بسرياليتها كان هناك استثناء بهيج ممثل في القطعة النحتية "أليس في بلاد العجائب" تصورها فتاة رقيقة العود تبدو طائرة نحو الأعالي وممسكة بقوس قزح لكن يديها كانتا زهرتين ووجهها ملامحه أوراق شجر ورأسها باقة زهر. فكانها عادت من عالم حكاياتها السحري جميلة ذلك الجمال المطلق الذي تمثله الزهرة، وصارت أنثي لكل الفصول.

رياضة
سباق ملوك البؤساء

ثمة رياضات يبدو فيها الإنسان وكانه يستشير نفسه في مواجهة الموت المحتمل.

نوع من اللذة الغريبة يستشعرها رياضيـو سباقات السيارات، وتسلق الجبال والدراجات النارية، وما شابه ذلك.

لكنها جميعا تتطلب إمكانات ماديـة لا يقوى عليها الفقراء، أمثال فقراء كولومبيا الذين ابتكروا نوعاً من السبـاقات القاتلة على طريق شديد الخطورة يرتفع ثلاثة آلاف متر ويتلوى مخترقا قمم الانديز ويسمى الطريق الخامس.

على هذا الطريق الخامس الذي يمتد مسافة 50 كيلو مترا تقع سنويا مئات حوادث السيارات التي يقضي فيها مئات الأشخاص نحبهم ويصاب بجروح بليغة عـدد لا محدود من البشر، ومـع ذلك فإن الفقراء دخلوا السباق على هذا الطريق بلا سيارات، بل بعربات بائسة صنعوها بأيديهم من لوح خشبي مثبت علي أربع عجلات من (رولمان البلي) يقتعدون الألواح عند القمة ويتركونها تنـدفع هابطة مع انحدار الطريق الخامس المميت، فتبلغ مع هبـوطها سرعات خارقة تسـابق السيارات واللوريات الثقيلـة التي لا ينقطع تدفقها على هذا الطريق. يسـابقون الموت، والمطر، والريـح بعرباتهم البائسـة تلك التي يطلقـون عليهـا اسم قوة الطيران الانتحـارية اليـابانية التي اشتهرت في الحرب العـالمية الثـانيـة "كـاميكـاز" وهي بـالمنـاسبـة تعني "الـريح المقدسة وإن لم تكن في عربات "كـاميكاز" الطريق الكولمبي الخامس أية قدسية.

أبطال هذا السباق المميت كلهم من الشبان الفقـراء، فقراً مدقعـا وكلهم مصابـون بـالالتهـاب الشعبي المزمن نتيجة لاندفاعهم في الريح والـبرد والمطـر، أشهرهم هـو روبين داريـو الملقب بـ "اللوكو" (ELLOCO) أي الرجل المجنون، وهـو جندي سابق فقـد أصبعه في حرب العصابات وكان يعمل منظفا للسيارات، ويليه "الأسود" (EL NEGRO ) وهو خريج سجن الأحداث، ثم "جـون الصغير "فهيكتـور" "أبوذراع" وهلم جرا، أما الجهة المنظمة لسباقات طـريق الموت الخامس فهي امـرأة تـدعى "مارثا هيلنا هيرنانديز" وهي بـائسـه تظـل تـردد: "كوني معنا أيتها العـذراء"، وتجمع نقـود المراهنات وتراقـب اندفاع للمتسابقين ومراوغاتهم للموت حتى ينال الفائز حفنـة من النقـود ويحصل على لقب "الملك". ويالهم مـن ملوك، ويالها من رياضة!