من شهر إلى شهر

طرائف عربية

للنساء فقط
امرأة أحسن من القمر

كان أبوموسى بن محمد يحب زوجته حبا شديدا، فقال لها يوما: أنت طالق إن لم تكوني أحسن من القمر.فنهضت، واحتجبت عنه، وقالت: قد طلقتني. اغتم أبوموسى وبات ليلته في سواد من الأحزان، فلما أصبح ذهب إلى المنصور، وأخبره الخبر، وقال: يا أمير المؤمنين، إن تم طلاقها، تلفت نفسي غما، وكان الموت أحب إلى من الحياة.

جزع المنصور وأحضر الفقهاء، واستفتاهم فأفتوا بأنها قد طُلقت إلا رجلا من أصحاب أبي حنيفة فإنه قال: بسم الله الرحمن الرحيم والتين والزيتون. وطور سنين. وهذا البلد الأمين. لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم. فلا شيء أحسن من الإنسان. قال المنصور لأبي موسى: لقد فرج الله تعالى عنك، والأمر كما قال فأقم على زوجتك.

منحـة زوجيـة

قال أبوعبدالله محمد بن علي بن حمزة: كانت زوجتي جارية حسنة الوجه فأحببتها غصبا عني، وملكت علي قلبي حتى غرقت في بحر هواها، واشتد ما بي من الوجد، وقاسيت من فرط العشق.

فبينا أنا ذات ليلة نائم، ومولاتها زوجتي إلى جانبي، إذ رأيت في منامي كأن الجارية بجواري، وأنا أبكي بصوت أمرضه الحب، إذ لاح لي إنسان فأنشدني:

وقفت حيالك أذري الدموع

وأخلط بالدمع مني دما

وأشكو الذي بي إلى عاذلي

ولا خير في الحب أن يكتما

رضيت بنا ليس فيه رضا

بتسليم طرفك إن سلما

فتهت على وأقصيتني

وأعزز على بان أرغما

قال فانتبهت فزعا، مرعوبا، ودعوت بدواة وقرطاس، وجلست في فراشي وكتبت الشعر.

فقالت زوجتي: ماذا تصنع؟ فقصصت عليها القصة والرؤيا. فقالت: هذا كله من حب فلانة.

قد وهبتها لك.

عفريت البنت

للرشيد بن الزبير الكبرياء والفضل، ومنزلة العلم، النسب، والأصل العتيد، وله أيضا قبح الوجه، وسواد الجلد، والشفة الغليظة، والأنف المبسوط كخلقة الزنوج.

كان يمر يوما بمدينة القاهرة وإذا امرأة صبيحة الوجه، وضيئة المنظر تنظر إليه بحنان، ومودة خالصة وكأنها تطمع فيه.

يقول الرشيد:

وتوهمت أنني قد وقعت فيها بموقع، ونسيت نفسي، وأشارت إلى بطرفها، فتبعتها وهي تدخل في حارة، وتخرج منها إلى درب من دروب القاهرة حتى دخلت دارا، وأشارت إلي فدخلت وقلبي مهتاج بالعشق، والوعد والسرور.

رفعت القاهرية النقاب عن وجه كالقمر في ليلة تمامه، ثم صفقت بيديها منادية:

- ياست الدار! فنزلت إليها طفلة، فقالت لها تلك السيدة الجميلة؟ ذات الحسن والبهاء، والتي أعيش لحظة حلم وصالها.

- أن رجعت تبولين في الفراش تركت سيدنا القاضي يأكلك.

ثم التفتت إليه قائلة:

- لا أعدمني الله إحسانك. يقول الرشيد بن الزبير: خرجت وأنا خزيان خجلا، لا أهتدي إلى الطريق.

موت مؤجل شكا

رجل إلى طبيب عقم امرأته، وأنها لا تلد فجس الطبيب نبضها وقال: لا حاجة لك إلى دواء الولادة، فإنك ستموتين إلى أربعين يوما، وقد دل النبض على ذلك.

فزعت المرأة، واستشعرت بأنها إلى محالة، وعافت الزاد، وامتنعت عن الشراب، وركبها الكرب، واغتمت حتى انقضت المدة ولم تمت. عاد زوجها إلى الطبيب وقال له: زوجتي لم تمت .فقال الطبيب كنت أعرف ذلك، ولكنها ستلد بأذن الله. فقال الزوج: كيف ذاك؟ قال: رأيتها سمينة، وقد انعقد الشحم على فم رحمها، فعلمت أنها لا تهزل إلا بخوف الموت، فخوفتها بذلك حتى هزلت وزال المانع من الولادة.

 



أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات