المرأة في العالم العربي.. د. سليمان إبراهيم العسكري

المرأة في العالم العربي.. د. سليمان إبراهيم العسكري

يحتفل العالم هذا العام بمرور 60 عاماً على صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ومرت، أيضاً، في الشهر الماضي احتفالية الأمم المتحدة باليوم العالمي للمرأة، التي واكبتها حملة موسعة لبحث آليات وقف العنف ضد المرأة في أرجاء العالم، إضافة إلى العديد من الفعاليات التي تهتم بوضع المرأة، وكيفية تحسين ظروفها.

وموضوعنا المهم الذي نتساءل فيه ويفرض نفسه الآن هو: ما حقيقة أوضاع المرأة في العالم العربي بعد مرور ستين عاماً على اعتراف العالم بقضايا حقوق الإنسان؟ وهل يمكن لوضع المرأة العربية الراهن أن يعبّر عن تمتّعها بكامل حقوقها؟ أم أنها مازالت تعاني التمييز، والعديد من المشكلات التي تعرقل دورها الأساسي في المجتمع كطرف أصيل في تنمية المجتمع الذي تنتمي إليه؟

  • النساء يشكلن أغلبية العاملين في الوظائف المنخفضة الدخل والمناصب الدنيا والوظائف ذات الدوام الجزئي
  • الأمية والعنف والتمييز تقف بشراسة في وجه المرأة العربية
  • قدمت المجتمعات العربية في بداية نهضتها نماذج مضيئة لفتيات واعدات متسلحات بالعلم والمعرفة والطموح الذي أهلهن لبلوغ المناصب
  • يجب بذل جهد عربي مشترك لوضع قضايا النزاعات الأسرية على محور أولويات العمل التشريعي العربي

الحقيقة أن الإحصاءات التي تنشرها تقارير التنمية البشرية التابعة للأمم المتحدة، وغيرها من التقارير التي تنشرها مؤسسات العمل الاجتماعي والحقوقي العربية، تعطينا صورة بالغة السلبية عن أوضاع المرأة، خاصة فيما يتعلق بنسب الأمية التي تنتشر بقوة بين الإناث في الكثير من المجتمعات العربية، وكذلك فيما يتعلق بنسب العنف الذي تتعرض له المرأة في العالم العربي، بالإضافة إلى ظواهر عديدة مثل التمييز، والاستغلال الجنسي.

قبل الدخول في هذه الإحصاءات تجدر الإشارة إلى أن صفحات الحوادث في الصحف العربية، والعديد من البرامج التي تبثها الفضائيات العربية، تكشف بوضوح اتساع مظاهر العنف ضد المرأة، وبينها ظاهرة التحرش الجنسي المؤسفة التي تعبّر، بشكل أو بآخر، عن طبيعة ما تتعرض له صورة المرأة في المجتمعات العربية بشكل عام. بالإضافة إلى ظواهر الزواج من قاصرات أو إجبار الفتيات على الزواج من كبار السن، والزواج المبكر عموما، لأسباب اجتماعية واقتصادية عديدة، وظاهرة القتل الذي تتعرض له النساء في بعض بلادنا العربية تحت شعار «الشرف».

تعدد الزوجات

ولعل أبرز صور ما تتعرض له المرأة من تجاهل لحقوقها هو ظاهرة تعدد الزوجات، التي مازالت واحدة من مظاهر التمييز بين الجنسين في العالم العربي، خاصة أن موضوع تعدد الزوجات لم يعد يتم وفقاً لمبررات شرعية مما حددته الشريعة، وإنما تحول إلى ظاهرة يمارسها الكثيرون بلا تفكير أو تدبّر، بل وفي أحيان كثيرة تحول الأمر إلى ما يشبه وسيلة للقضاء على الملل. وفي ظل غياب التشريعات التي تحمي حقوق المرأة، ومع سيادة ثقافة تميز المرأة، فإن الظاهرة تتفاقم، بدلا من أن تنحسر، مع زيادة عدد الفتيات المتعلمات في العالم العربي، والمثقفات وغيرهن، والسبب يعود إلى أنه في مقابل أعداد النساء اللائي يتمتعن بالمناخ الملائم للمساواة، هناك ملايين من النساء اللائي لا يتمتعن حتى بنسب قليلة من هذه الحقوق وبينها حق التعليم.

تشير تقارير الأمم المتحدة (بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة عام 2008) إلى أن المرأة تشكل 64% من مجموع الـ 6763 مليون نسمة في العالم اليوم، الذين لا يستطيعون القراءة، حسب تقديرات البنك الدولي.‏‎ ‎وتشكل ‏الفتيات الأغلبية بين 113 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين سن 6 سنوات و11 سنة ممن لا يتلقون تعليماً.‏‎ ‎كما يشير أحد الأبحاث إلى أن ‏الفتيات يشكلن 60% من مجموع الشباب الذين لا يتلقون تعليماً.‏‎ ‎

كما أوضح التقرير الصادر العام الماضي بمناسبة اليوم العالمي للمرأة عدداً من البيانات المهمة في هذا الصدد من بينها أنه «من 2001 إلى 2005، خصصت 5 مليارات دولار فقط من أصل 20 مليار دولار من المساعدات الثنائية إلى قطاعات تدعم بوضوح مبدأ ‏المساواة بين الجنسين، بحسب ما أشارت إليه لجنة المساعدة الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي. ‏‎ ‎وخُصص ‏ثلثا ذلك التمويل للقطاعات الاجتماعية، خاصة قطاعي الصحة والتعليم، بينما لم يتم تخصيص إلا مبالغ محدودة لدعم وتشجيع المساواة بين ‏الجنسين في مجالات مثل الزراعة والهياكل الأساسية أو التمويل».

تنمية المرأة.. تنمية للمجتمع

يؤكد التقرير ذاته أن الدافع لتحسين أوضاع المرأة له علاقة وثيقة بقدرة أي مجتمع على التنمية على اعتبار أن الاستثمار في تنمية المرأة يضاعف من الإنتاجية والفعالية والتنمية الاقتصادية المستدامة. وتحصل المرأة المتعلمة على قسط أوفر من الفرص ‏الاقتصادية وتشارك بشمولية أكبر في الحياة الاجتماعية. «إذ إن دخول المرأة في مجال العمل والمشاركة فيه على قدر المساواة مع الرجل من شأنه الإسهام في القضاء على الفقر وتحقيق التنمية. وحصول المرأة على فرص التعليم، والوصول إلى الموارد، والمشاركة ‏في العملية السياسية لا تحسن نوعية حياتها فحسب، ولكن تقوي أيضاً اقتصادات مجتمعاتها».

وحسب تقديرات البنك الدولي، يؤدي أي ارتفاع بنسبة 1% في عدد النساء اللواتي يكملن تعليمهن الثانوي إلى ارتفاع بنسبة‎0.3% في ‏متوسط دخل الفرد.‏ كما تعتبر المرأة المتعلمة التي تتمتع بصحة جيدة أكثر قدرة على مباشرة نشاطات إنتاجية وكسب دخل أعلى. ويوفر الاستثمار في المرأة - وهي ‏الراعية الأساسية للأجيال القادمة - عائدات تدوم لعقود.‏‎ ‎ بالإضافة إلى أن للمرأة الأكثر تعلماً قدرة أكبر على الاستفادة من التكنولوجيات الجديدة والفرص، التي تتيحها التغيرات الاقتصادية.‏‎ ‎ويزيد إعطاء فرصة أكبر ‏للمرأة في الحصول على الأراضي والقروض وموارد أخرى، في زيادة رفاهها ورفاه أسرتها ومجتمعاتها ويحد من مخاطر الفقر وتفكك الأسر.

ومن بين ما يشير إليه التقرير ذاته أن المرأة «تشكل أغلبية العاملين في الوظائف المنخفضة الدخل والمناصب الدنيا والوظائف ذات الدوام الجزئي والأعمال التعاقدية التي توفر فرصاً ‏محدودة لتغطية متطلبات الضمان الاجتماعي.‏‎ ‎كما أنها تتقاضى عادة دخلاً يقل عما يتقاضاه الرجل بنسبة تتراوح من 20 % إلى 30% أقل مقابل القيام ‏بنفس النوع من العمل.‏‎ ‎ويعتبر خلق فرص العمل والتدريب والاستهداف الائتماني، خاصة بالنسبة للشركات الصغرى والمتوسطة التي تعتمد ‏كثيراً على العمل اليدوي، عوامل أساسية لتسهيل توظيف المرأة. وفي حين‎ ‎تساهم المرأة بثلثي عدد ساعات العمل في العالم، فهي لا تتقاضى إلا عُشر الدخل ولا تمتلك إلا قرابة 1% من الممتلكات على صعيد العالم».

هذه المؤشرات تكشف عن حقيقتين جوهريتين أولاهما أن المرأة، بوصفها نصف المجتمع تمثل عاملاً جوهرياً في تنمية المجتمع، وهي مساهم رئيسي في هذه العملية، ولذلك لا بد أن تتمتع بكامل الحقوق اللازمة لأي مواطن بغض النظر عن التمييز الجنسي، وأن تأخر حصولها على تلك الحقوق يتسبب في تحقيق خسائر لا يستهان بها في اقتصادات المجتمعات المختلفة، والنامية منها على نحو خاص.

العنف ضد المرأة

والمتتبع لأحوال المرأة في العالم العربي يمكن أن يلاحظ العديد من أوضاع القهر التي تتعرض لها المرأة داخل منزلها، سواء بالتعرض للعنف الذي يبلغ حداً كبيراً في الكثير من الدول العربية، من قبل الأب أو الأخ أو الابن، والقتل أحياناً، أو عبر حالات الزواج المبكر التي تعرض الفتيات للعديد من المخاطر الصحية، وتقلل فرص استكمالهن للتعليم والحصول على وضع اجتماعي مميز، كما تقلل فرص استقلالهن في هذا الصدد، بالإضافة إلى بعض الحالات التي تكشف تعرضهن للتحرش في الطرقات وفي بعض أماكن العمل.

والمشكلة في هذا الصدد أن هذه الانتهاكات في حق المرأة، حتى لو تم تجريمها من قبل التشريعات القانونية في الدول المختلفة فإنها تواجه صعوبات من قبيل عدم الإعلان عنها. وقد تبين من دراسة أجرتها منظمة الصحة ‏العالمية في عام 2005 استناداً إلى بيانات مستمدة من 24 ألف امرأة في عشرة بلدان أن نسبة تتراوح ‏بين 55 في المائة و95 في المائة من النساء اللائي تعرضن للاعتداء البدني على أيدي من يعايشنهم لم ‏يتصلن قط بالشرطة أو بالمنظمات غير الحكومية أو بالملاجئ طلباً للمساعدة، ذلك أن الوصم بالعار ‏والخوف يمنعان النساء من التماس المساعدة والانتصاف.

ومن الجلي أن هذه الأوضاع المؤسفة هي نتيجة لموروثات ثقافية عديدة في المجتمعات العربية، تعود لأسباب تاريخية، رسخت للتمييز بين الجنسين وحرمت المرأة من العديد من الحقوق مثل التعليم واختيار شريك الحياة والعمل وغيرها من الحقوق.

وبالتالي فإن هناك مسئولية كبيرة على الإعلام العربي في وضع هذه القيم تحت المجهر وبحث كيفية التعامل معها، بالإضافة الى مناهج التعليم العربية التي لا بد أن تهتم بترسيخ قيم المساواة بين الجنسين بكل ما يعنيه ذلك.

التزام الدولة والتشريع

من البديهي أن الحكومات العربية تلتزم أمام مواطنيها بالعمل على تحقيق هذه المساواة بين الجنسين، وذلك من خلال وضع برامج تعليمية وتثقيفية وإرشادية، خاصة بدعم أوضاع المرأة من جهة، وتوفير الحماية للمرأة من أي اعتداء على حقوقها عبر وضع التشريعات الكابحة لتلك الممارسات، من جهة أخرى، وتجريمها وفقا لمبادئ حقوق الإنسان التي تلتزم بها الدول العربية، وأن تقوم بتعديل دساتيرها بما يتلاءم مع ضمان تلك الحقوق إذا لم تتوافر، وتفعيل تنفيذها، إذا توافرت وعطلت لأي سبب من الأسباب.

فهناك العديد من القضايا المنظورة في المحاكم في العديد من الدول العربية التي تختص بالنزاعات الأسرية، أو حق حصول الابن على جنسية الأم، ولاتزال معلقة، وهو ما يحتاج إلى جهد عربي مشترك لوضع القضية على محور أولويات العمل التشريعي العربي، وبحث سبل دعمها.

فليس من المبالغة القول إن المجتمعات التي حققت نهضتها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وضعت بين أولوياتها تطور وضع المرأة، وبالرغم من أن التشريعات الغربية التفتت في وقت متأخر إلى أوضاع المرأة، فإنها قامت بتفعيل التشريعات، التي أعادت للمرأة كل حقوقها في زمن قياسي، كما أتاح المناخ الديمقراطي، الذي ساد في تلك المجتمعات، للجمعيات الحقوقية والنسائية من خلق حركة نسوية كان لها دور كبير في الضغط على الحكومات للحصول على المزيد من الحقوق السياسية والاجتماعية بالإضافة إلى التشريعات الخاصة بالأسرة والأمومة والطفولة وغيرها.

لكن ما يلفت الانتباه هنا هو الفارق في الوعي لدى المرأة نفسها، فقد استطاعت المرأة في الغرب أن تحصل على حقوقها وهي على يقين في حقها في المساواة كإنسان يتمتع بكل الحقوق لا فرق بين ذكر وانثى، بينما تسود لدينا في المنطقة العربية حالة مختلفة، ترى فيها العديد من النساء العرب أن عدم المساواة هو أمر طبيعي، وهو ما يؤدي إلى تفاقم الأزمة، وتصعيب سبل تغيير الذهنية العربية في صدد حقوق المرأة والمساواة.

إشكالية الحشمة

كما أن قضية الحجاب، التي أثارت ولا تزال، جدلاً واسعاً، أصبحت قضية تكشف هذا الميل لتحجيم المرأة، لدى الرجل، ولدى النساء ممن يهدرن حقوقهن في المساواة، واتخذت أشكالا مبالغا بها، تبدو كقضية شكلية، تعكس رغبة دفينة في تنحية نصف المجتمع وتعويقه عن أداء دوره، كما تكشف عن تناقض في مفهوم الحشمة في المجتمع العربي المعاصرومنحه طابعا شكلياً ظاهرياً بدلا من التأكيد على إن الاحتشام سلوك أولاً وأخيراً، وأن المرأة حين تفرض الاحترام على المجتمع لن ينظر إليها كأداة جنسية لا هم لها سوى إثارة الغرائز.

والحقيقة أن هذه الذهنية تلعب دورا كبيرا في سيادة مفاهيم متخلفة عن المرأة من جهة، كما تؤدي إلى تعطيل وصول المرأة إلى المناصب القيادية في المجتمعات العربية بسهولة.

وصحيح أن هناك الآن في العالم العربي العديد من النماذج القيادية البارزة في السياسة والتعليم والاقتصاد وإدارة الأعمال والعمل الاجتماعي والفن والرياضة والأدب والإعلام وغيرها، كما أن هناك ملايين السيدات والفتيات اللائي يتمتعن بحقوقهن، وبقدرتهن على الاستقلال، والتعامل بندية في مجال عملهن، وفي حياتهن الاجتماعية، لكن تلك النماذج تظل استثناء في ضوء نسب الأمية المخيفة للمرأة العربية.

وصحيح أيضا أن هناك العديد من السيدات اللائي وصلن لمناصب التوزير، والدراسة الأكاديمية والتعليمية وغيرها، لكن في الوقت نفسه يمكن ملاحظة أن هناك العديد من الظواهر، التي تعكس تراجعاً غير مفهوم في عدم وجود نواب من السيدات، أو تراجع عددهن في الكثير من البرلمانات العربية، كما أن هناك بعض المجتمعات التي مازالت تحظر على السيدات ممارسة أعمال بعينها، أو التوظف في مجالات معينة. بل إن هناك مجتمعات تحظر على السيدات حتى قيادة السيارة، وهو ما يجعل المرأة في مجتمعاتنا العربية، لا تخرج عن إطار نموذج من اثنين، فهي إما ضحية، أو ثائرة على الوضع الراهن.

لقد قدمت المجتمعات العربية في بداية نهضتها، نماذج مضيئة للفتيات الواعدات المتسلحات بالعلم والمعرفة والطموح الذي أهلهن لبلوغ المناصب واقتحام مجالات لم يكن معروفاً القدرة على اقتحامها سوى من قبل الرجال في ذلك الوقت، لكن المتأمل للوضع العام للمرأة العربية اليوم يشعر، بشكل أو بآخر، بتأخر أو تراجع تلك النهضة النسوية لمصلحة نعرات متطرفة تستخدم الفتاوى في تقييد المرأة ومحاولة إعادتها إلى أوضاع قديمة لا تتوازى مع قيم المدنية التي تفرضها الحداثة المبتغاة في المجتمعات العربية والعالم، كوسيلة أساسية وجوهرية لتحقق التقدم والتنمية. كأن المجتمعات العربية كلما تقدمت خطوة في هذا الصدد تراجعت خطوات من زوايا أخرى، بفعل القوى الظلامية والرجعية التي تنتشر بأفكارها، ضيقة الأفق، كالنار في الهشيم، مستعينة بانخفاض مستويات التعليم والوعي، وسيادة موروثات ثقافية واجتماعية ذات طابع تقليدي، وانتشاراليقين في الغيبيات والتواكل، في المجتمعات العربية بشكل عام.

هذا ما تؤكده إحصاءات موثقة تشير إلى أن (نسبة المرأة العربية المتعلمة في الأردن وفلسطين تصل إلى 85 في المئة، من عدد الإناث وفقا لتقريرالتنمية البشرية ولاتزيد عن 50 في المئة من عدد الإناث اللائي تزيد أعمارهن عن 15 عاما في ستة أقطار أخرى هي مصر والسودان والمغرب وموريتانيا واليمن).

وبالرغم من كل ذلك فهناك بعض الدول العربية التي تظهر بها مؤشرات مهمة عن زيادة قدرات التحصيل العلمي للفتيات في التعليم الإعدادي والثانوي مقارنة بالشباب في المرحلة الدراسية نفسها، وهو ما يشير إليه تقرير التنمية البشرية لعام 2005 في كل من الكويت والبحرين. وهو ما يوضح أنه إذا تحققت العدالة وحصلت الفتاة على حقوقها الكاملة في التعلم، وفي المعرفة عموما، فسوف تحقق ما تريده لمستقبلها ومجتمعها، ولو عُمِّم ذلك في المجتمعات العربية كلها لتحققت حالة من الازدهار غير المسبوق فيها جميعاً.

وفي النهاية، فإنه مما لا يمكن تجاهله الإشارة إلى أن أزمة المرأة في المجتمعات العربية، بالرغم من خصوصيتها، لايمكن النظر إليها بعيداً عن أزمة المجتمع ككل، فالرجل العربي نفسه ما زال يعاني عدم تمتعه بحقوق سياسية كثيرة، والتضييق في مجال حرية الرأي والتعبير، في إطار بطء حركة توجه المجتمعات العربية نحو الديمقراطية، بكل ما تعنيه من إنشاء مؤسسات مجتمع مدني تقوم على أساس المواطنة وما تقتضيه من العدل في أن يتمتع كل مواطن بكامل حقوقه، رجلاً كان أو امرأة، وبالتالي فالطريق الوحيد لتحقيق ذلك، وترسيخ الديمقراطية وتمكين المرأة العربية وهو ما لايمكن أن يتحقق من دون استعادة المجتمع العربي وعيه، بكل ما يعنيه ذلك، ولنا نماذج في تجارب النهضة القريبة من حولنا، فهي نماذج تبدو أحياناً تفوق الخيال.

 

 

سليمان إبراهيم العسكري