إلى أن نلتقي

إلى أن نلتقي

أبريل وحماقاته

يقول الكاتب الأمريكي الساخر "مارك توين ": "في الأول من أبريل نكتشف الحقيقة التي حاولنا أن نخفيها طوال 364 يوما.. " إنه يوم الحماقات العالمية والأكاذيب التي يفترض أنها بيضاء والتي تتحول في أحايبن كثيرة إلى كوارث: والأهم من ذلك كما قال مارك توين أنه يوم نسقط فيه كل الخبرات التي اكتسبناها في حياتنا ونصدق أكاذيب تافهة لمجرد أنها ترضي بعض الأهواء في نفوسنا.

أبريل الذي يبدأ دائما بكذبة مشتق من كلمة "أبرلييس " وهي كلمة لاتينية تعني تفتح الأزهار. ولأنها قصيرة العمر فجمالها أكذوبة. ويقال إنه مشتق من اسم "أفروديت " إلهة الحب والجمال عند الإغريق. ولأن الحب شديد الندرة، والقبح أصبح سائداً فهو أيضاً أكذوبة. في الشمال تختفي الثلوج، وتهاجر الطيور، وتخرج الحيوانات من سباتها الشتوي، وتزدهر اللؤلؤية الصغرى، وهي أزهار تتفتح مثل العين نهاراً وتنغلق أثناء الليل. وهي رمز لشهر أبريل مثل عطر الجلبان وحجر الماس. أما في الجنوب فنعيش بداية فصول الخريف وننتظر الذي يأتي ولايأتي.

في البداية، ووفق التقاويم القديمة، كان هذا الشهر هو بداية العام. وكانت تقام في هذا اليوم احتفالات صاخبة مليئة بالرقص والغناء كما يحدث في ليلة رأس السنة الآن. ولكن في القرن السادس عشر عندما تم وضع التقويم الجريجوري وأصبح يناير هو النهر الأول وتراجع أبريل ليصبح الرابع. وكانت فرنسا هي أول دولة في العالم تأخذ بهذا التقويم في عام 1562 ولكن لم يسمع الجميع بهذا التغيير لذا فقد ظل البعض وعلى مدى سنوات يحتفلون ببداية العام في نفس الميعاد القديم وأطلق عليهم "حمقى أبريل ". وبرغم أن الجميع يعلمون هذه الحقيقة الآن فإن حماقات أبريل لم تنقطع. فالجميع قد تفننوا في تدبير المقالب في هذا اليوم. وفي فرنسا يطلقون على هذا اليوم "سمكة أبريل" لأنهم يلصقون على ظهر الشخص دون أن يدري أوراقاً على شكل سمكة مكتوبا عليها كلمات ساخرة. وانتقلت العدوى الفرنسية بطبيعة الحال إلى بقية العالم. وأصبح من المألوف أن تشير المدرسة الوقور إلى سقف الفصل وهي تصيح بالطلبة: انظروا.. سرب من الأوز الطائر. أو يهتف الموظف في زميله:

لقد خفضوا الراتب 50%. أو يقول التلميذ لرفيقه: المدارس معطلة اليوم. أو تهتف صديقة خفيفة الدم بإحدى الزوجات: أتعرفن من شاهدت اليوم. زوجك المحترم يجلس على شاطىء الخليج مع امرأة ترتدي ثوبا أحمر.

وهكذا لاتقف حماقات أبريل عند حد. فهي تبدأ من الجنس وتنتهي في السياسة. وتخلط الحقائق بالأكاذيب كما يتم خلط الملح بالسكر. ويقال إن أفضل أكاذيب أبريل هي التي يضحك منها الجميع خاصة ذلك الشخص الذي كان ضحية هذه الكذبة.

وفي مقابل هذا نجد حضارة من نوع آخر ففي مثل هذا اليوم يحتفل الصينيون بمهرجان الطهارة والإشراق حيث لايكذب أحد، حيث يبعث الأمل. وحيث يتبادل الناس زهور المودة الصفراء تفاؤلا بشهر جميل