مرثية الجرح العربي

حلم الصمت

شعر

هتفتْ يوماً فغدا الزمن الحجري
غدا عصفورا أزرقْ
وسعى العمر غزالاً
مد الأفق إلى الأعمق فالأعمقْ
وكأجنحة الطير توافت أشرعتي
مرسى الضوء ومجداف الشوق يدفُْ الزورقْ
وتحدرت الشمس تلملم ما ترك الليل علـى كتفي
شبح الظلمة ذاك الوثني الرابض خلف الخندقْ
وبضاحية الحلم, برابيتي
صوت دندن فانداح على الأزمنة الغرثى صحو
نصب الإيوان وأرسى التخت ونادى القيصرْ

* * *
لمياء, عمي لمياءُ صباحاً
هذا الوهج الفضي الساهر يروي ظـمـأ البحرِ
وتخفق أجنحة الأمواج بخاطرهِ
بحارك لمياء يعود لينثر بين يديك لآلئهُ
يملأ أسفاط العشق جواهر لاتحصى
ولطائف من جزر الفيروز ودنيا طاف بها
فتح الدهر له أبوابَ خزائنها
خطاف البحر يرفُْ يحـط علـى سـارية العودةِ
يخضب ريش الفجر بمنقار خمري اللمسةِ

* * *
هذي لمياءُ إرادة من يعشقْ
يا أيتها الغيمةُ
يا طللا يرقد في سُرر الماضي تعباً
من قال نجوم الواحة خلفَ ستار الليل تهاجرُ
من قال بصومعتي غربان سود تنعقُ
وستارتي الصفراء كوجه عجوز ثكلى ارتعدتْ
والريح على كتفيها تهوي
تسبح في ليل شتوي
من قال دخان يخدش وجه القمرِ الأسمر
كفَْ عن اللوم وغض الطرفَ
ثمالة هذا الكأس تراودني
دعني أحلم أني أحيا, أني طفل, ملك مدَْ جناحيهِ
فمرجانة قالت يوماً:
"خُبزُ الحلم مباح لك يا ولدي
عاقر كأسك في حجر الشهوةِ
نادي الليل, أذبْ عشقك في أضلع من تعشقْ)

* * *
رمم رقصتْ
ريحُ الصيف بداخلها صارتْ وتراً
دعني أحلم أني ألتهم الخبز القمريّ
وحضنُ الشهوة يفتنني
حول الواحة ما برحت تسمرُ أنجمنا!
تمرحُ في خيمتنا
تغسلُ أقدام الليلكة السمراء
تغازل عصفوراً أزرقْ
وبحيرتي احتضنتْ صيف العمرِ
انحدرت سكرى سحراً, عاريةً
تغسل في شط الضوء ضفائرها
تغمسُ في شفق التاريخ أصابعها
واللهو على مرفئها في خصبِ الفرحة يورقْ

* * *
في غلس الليل دروب مدينتنا تسهرْ
تعبر أنفاق الزمن الشتوي وجدران الصمتِ
وتحمل مسك غدي, ترقب أفراح البيدرْ
املأ كأسك, دعني أحلم أني أحيا
قربْ قيثارتك الولهى فثريات الحلم تغازلني
تهزج في وله العتمة, تمسح أجفان الزمن الهاربِ
تنسجُ من طيف الليل مناديل الوردِ
تُبرعم قنديلاً أخضرْ

 

أحمد محمد المعتوق