ثورة الجونكور.. في رثاء الوطن المجنون

ثورة الجونكور.. في رثاء الوطن المجنون

يقول عتيق رحيمي السيناريست والروائي الأفغاني، الفائز أخيراً بالجونكور الفرنسية لسنه 2008: «لا يوجد بلد واحد في العالم عرف وجرب خلال أربعين سنة كل الأنظمة السياسية التي يمكن تخيلها كأفغانستان، أنظمة لا تخطر على البال دفعت بوطني إلى شفير الهاوية..»، هذا ما قاله للصحفيين معبراً عن ألمه وحزنه لما يحدث لوطنه المجنون - إن صح التعبير -عتيق رحيمي المولود سنة 1962 في عائلة محترمة، متعلمة وغربية الثقافة، درس في الثانوية الفرنسية في كابول، أما والده فكان حاكم مقاطعة البانشير، ملكي الانتماء والنزعة، أصبح فيما بعد قاضي تحقيق، وعندما جاء انقلاب 1973أرسله العسكر إلى السجن لثلاث سنوات، وبعد انقلاب الشيوعيين وفي سنة 1978 تحول أخوه إلى الشيوعية وحاول إقناع عتيق بالانضمام إلى الحزب الشيوعي لكنه رفض، ولما وجد عنده من ميول فنية (السينما)عرض عليه دراسة الفن السابع في موسكو، ودبر له منحة دراسية في معهد ايزنشتاين ذائع الصيت آنذاك لكن عتيق رفض العرض، وعندما وجد أن أفغانستان لا تسع أحلامه هاجر إلى فرنسا واستقر في (l'Eure) قرب مدينة روان وحصل على اللجوء السياسي عام 1984 أما أخوه فلقي مصرعه على أيدي رجال حكمتيار، أما والداه فيعيشان في أمريكا مع أخت له بينما بقيت أخته الأخرى في كابول، عتيق رحيمي الكاره لوطنه البيولوجي الذي يمارس بإسراف ثقافة الموت والانتحار الذاتي منذ سبعينيات القرن الماضي، رحيمي هو ابن هذا الوطن الأطلال منه جاء وله يكتب نعيه وتعازيه في شكل روايات وسيناريوهات أفلام تسرد قصص الحلم الشخصي الميت (رواية وسيناريو أرض ورماد)، هو ذاته الروائي المبدع وبامتياز لعوالم سردية تمتزج بين الأمل والأسى، الجنوح للتصوف والهروب من دوامة صراع دموي قال عنه إنه ليس قضاء وقدر شعب كان في ما مضى شعبا مسالما ومحبا للحياة ومذواقا للفن والجمال، تؤسس عوالمه المحكية حكايات لذيذة وآسرة مأخوذة على قدر من الإبداع الجميل من فضاء الحكايات الفارسية القديمة، تراث شعبي قديم زاخر بما هو رائع ومذهل ومثير، هي بالطبع سرد يجمع بين الحقيقة والخرافة المعبق بجاذبية الأمكنة والأزمنة وشاهد عيان على عذرية وطن قبل أن يغتصب، في السابق، ايام الزمن الجميل الذي يحن إليه عتيق رحيمي كانت بلاد الملوك المؤسسين والخانات الفاتحين والأميرات العذراوات الجميلات والفرسان الأرستقراطيين الأشاوس والقصور الفارسية.

البدايات الأولى

لم يصدق نفسه عندما التقى بمارغريت ديراس في المعهد الفرنسي في كابول وهي بالمناسبة أحب الر وائيين الفرنسيين لديه، يعتبر روايتها «هيروشيما حبي» الرواية والفيلم الذي أخرجه (Alain Resnais) أحد أهم وأرفع الأفلام الفرنسية في السنوات السابقة، حيث قال: «جئت للسينما بفضل هذا الفيلم، لم أفهمه في بادئ الأمر لكنه صدمني وقلب روحي وجعلني أنظر للحياة بمنظور آخر، قلت في نفسي، بالطبع كابول هي هيروشيما حياتي..»، في إحدى المكتبات الكابولية المتواضعة عثر بالصدفة على نسخة من الرواية باللغة الفارسية.. «كانت نسخة مهلهلة، الصفحات تتمز ق بمجرد لمسها أو تقليبها، لكنها أصبحت بالنسبة لي كنزاً لا يمكن الاستغناء عنه..»، لهذا لم يكن مستغربا أن يصبح رحيمي مثقفا فرنكوفونيا إلى حد الإعجاب والانبهار، وعندما فكر في منفاه استقر في فرنسا دون غيرها، ويتذكر انه عند تسلمه أول مساعدة مالية كلاجئ اشترى رواية (العاشق) لمارغريت ديراس.. «بـ70 فرنكا اشتريت الرواية، مازلت لحد الآن محتفظاً بها..»، وفي سنة 2000، كان قد أنهى أحد أهم أعماله الر وائية وهي «أرض ورماد» التي قال بأن أجواءها تشبه أجواء «هيروشيما حياتي»، سلمها لمترجمته وصديقته صابرينا نوري التي بدورها أرسلت نسخا منها للعديد من دور النشر الفرنسية ، ولم يصدق عندما أخبرته أن الناشرPaul Otchakovsky-Lauren وافق على نشرها.. لكنه لم يكتب أول عمل روائي بالفرنسية إلا سنة 2008 وهو بالطبع «حجر الصبر» الرواية التي فتحت له باب النجومية على مصراعيه والأغرب من هذا انه وهو يشتغل على الرواية كان يعتمد أساسا لإثراء ثقافته الفرنسية على قاموس روبير بأجزائه الخمسة، مثله مثل الروائي اليوناني فاسيليس اليكساكيس.

«أرض ورماد»

أول أعماله كانت «أرض ورماد» صدر سنة 2000، وقد كتبه بالفارسية في إيران وحقق نجاحاً لم يتصوره، هو العمل ذاته الذي ستترجمه صديقته صابرينا نوري وسيقدمه للمشهد الأدبي الفرنسي وسيصنع شهرته قبل أن تأتي رواية «حجر الصبر» لتجعل منه نجما وظاهرة روائية مستقطبة للاهتمام، خاصة أنه حقق الجونكور عن عمله الروائي الخامس فقط بالمقارنة مع روائيين كبار «أرض ورماد» هي رواية إدانة للبربرية بشتى أشكالها، ففي أحد مشاهد الفيلم المقتبس من روايته بالعنوان نفسه، وكان هو مخرجه، نرى شيخاً أفغانياً تلفحه حرارة الشمس والغبار، ينتظر عبور سيارة لتقله إلى الجانب الآخر من الوادي الكبير حيث يوجد منجم الفحم الذ ي يعمل فيه ابنه، بجانبه يقطف حفيده قطف حبات التوت حينا وحينا آخر يجمع الحصى ويرميه، حفيده الذي فقد السمع بسبب قصف الر وس للقرية، لم يفهم لماذا الجميع من حوله فقدوا القدرة على الكلام، بالنسبة له اللعب هو أفضل شيء تقع عليه نفسه بعدما فقد كل ما يربطه بالعالم الخارجي، ثم يسأل..«جدي، هل قدم الروس لأخذ أصوات الآخرين؟، ماذا سيفعلون بكل الأصوات التي يسرقونها؟..»، العجوز يفكر، يتأمل ويتذكر اليوم المشئوم الذي قصف فيه الروس القرية، صراخ النساء والأطفال، النيران في كل مكان تلتهم كل شيء، الإنسان والمكان، زوجته التي مزقتها قذيفة قاتلة، جيرانه الذين هلكوا برصاص الجنود الروس العشوائي، إنه الجنون، الهمجية، البربرية، كل هذه المفاهيم بمصطلحاتها المعقدة والقذرة مطالب بشرحها لحفيده، أن الجميع مات، الجميع بمن فيهم زوجته وزوجة ابنه، إنهم لن يعودوا بعد اليوم، لكن كيف يقدر على شرح كل هذا له؟ بالنسبة لعتيق رحيمي فلقد وجد الطريقة والأسلوب والجمل والتراكيب والكلمات المناسبة للتعبير عن مرارة فقدان وطن فاللغة التي كتب بها رحيمي «أرض ورماد» تصدم القارئ، تشحنه بحزمة من الأحاسيس والمشاعر الغاضبة من القاتل والمتعاطفة مع الضحية، تخاطب العقل والقلب، مستعملا ضمير المخاطب أنت ومر ة أخرى ضمير المتكلم.

«المتاهة»

في سنة 2002، صدرت له رواية «الألف منزل للحلم والرعب»، بعض النقاد اختصروها في كلمة «المتاهة»، فالألف منزل أو قد تكون أيضا الألف غرفة وفي التراث الفارسي هي «المتاهة»، في هذا المنزل المخيف والغامض والواسع بأبوابه التي لاتعد ولا تحصى، حيث المداخل هي المخارج والمخارج خديعة، من يدخله لا يخرج، يتوه، يفقد عقله ويجن أو ربما ينتحر، في الرواية ذاتها نجد خمس شخصيات تتصارع وتناضل من أجل إنقاذ نفسها والهروب من امتداد المتاهة المفترس وهذا كلما تفسخت هزيمة الإنسان إلى هزيمة الأخلاق على إيقاع جنون بشري يأتي على الأخضر واليابس وكأن بكل شيء يتمسخ إلى وحش ميتافيزيقي يبتلع العباد والبلاد ، تقول الناقدة الفرنسية نتالي كروم (جريدة لاكروا-14 مارس 2002) عن الرواية: «في روايته الثانية برهن عتيق رحيمي بما لا يدعو للشك على موهبته كروائي متفرد في أصالة لغته التي تعبر عن الألم والمعاناة اللذين يلاحقانه حيثما ذهب وعاش، هذا العالم الشعري القوي والنفاذ صنيعة مخيلته التي تجمع بين الخيال والواقع، بين الحلم والحقيقة، بين الراهن والذاكرة، ذاكرته المعذبة والمريضة، في عوالمه هذه يتعايش الآني الأكثر مرارة وفظاعة، الحقيقة صعبة الشرح والفهم، مد وجزر الأحلام شبه الميتة، السرد الأسطوري والخيالي، قصص مليئة بالألغاز والأسرار من التراث المحلي»، أما الناقد ج .ب.بيرين من «ليبيراسيون» فيقول عن الرواية: «بالنسبة لعتيق رحيمي فتاريخ أفغانستان الحديث يحكمه رعبان، الأول أيدولوجي والثاني ديني»، تدور أحداث الرواية أثناء الحكم الشيوعي، قبل الاجتياح الروسي، عندما تعثر الشرطة على الطالب فرهاد بطل الحكاية، تعثر عليه مخمورا في إحدى أزقة كابول فتطارده، يفر ، تنقذه مزهاد الجميلة وتخبئه عندها، مزهاد هي ضحية النظام الذي أعدم زوجها، تعيش مع ولديها، الصغير يحيى الذي يرى في الضيف الجديد أبا له، ثم ينضم إليهم عبر أطوار السرد أخو يحيى الذي فقد عقله بسبب التعذيب، الفصول الأولى من الرواية هي لفرهاد واستيقاظه من غفوته المخمورة، إحساسه بتأنيب الضمير، مساءلته لنفسه، مساءلة دينية من هذا المنطلق تبرز للسطح الثقافة الدينية التي تسكن كيان الإنسان الأفغاني، ثقافة دينية سطحية، سطوة ثقافة الترهيب على العقل والإحساس الأفغاني. في الفصول الباقية من الرواية يولد الحب ، المعجزة بالنسبة لرحيمي، سقوط فرهاد في غرام مزهاد الأرملة، التخطيط للهروب الذي أصبح حتمية، الفراق الصعب والمر بين الحبيبين، ستكون نهاية الرواية كبدايتها ويضيع فرهاد من جديد، يضيع في المتاهة الأفغانية وكأن بالروائي يقول للقارئ بأن كل الدروب والمسالك في بلاده تؤدي كلها إلى نهاية واحدة وهي المتاهة، اللاخروج، التيه، لقد حققت الرواية نجاحا كبيرا بحيث صدرت في طبعات اسبانية ونرويجية وإيطالية، وجاءت أحداث 11 سبتمبر لتزيد من نجاح الر وائي وروايته التي صدرت بـ 11 لغة أخرى.

الفوتوغرافيا في خدمة الألم والذاكرة

عندما يشتاق رحيمي لبلاده التي يراها على شاشات التلفاز عبارة عن كومة من نار ورماد وجثث أطفال مزقتهم قنابل الغزاة الجدد، بالنسبة له كل من يقدم إلى أفغانستان حاملاً السلاح فهو غازٍ، روس البارحة وروس اليوم حتى ولو كان الأمريكي محرر البلاد من ديكتاتورية الطالبان، وعندما يشتاق لكابول أيام زمان، كابول السبعينيات، يرحل إليها، يصورها ويكتب خواطر ومذكرات عن مدينته التي لم تعد كما كانت عليه سابقاً، ما يحدث لها هو اغتيال النوساتالجيا، وأد الذاكرة القديمة بالأبيض والأسود، ومن هذا المنطلق جاء عمله الثاني بعنوان «العودة الخيالية» سنة 2005، والعمل يجمع بين الصور الفوتوغرافية الملتقطة لكابول ويوميات الكاتب فيها وخواطر ذاتية عن همس الأزمنة وصمت الأمكنة الحزينة، والنص يعبر عن حجم التراجيديا التي لا يستوعبها إلا شاعر أو روائي ابن الأرض المنهوبة عبر عصور التاريخ، الصور، ما عددها؟، خمسون صورة ملتقطة بتواطؤ مع حنين الذاكرة المريضة، آلة تصوير تقليدية كالتي تستعمل في ثمانينيات القرن الماضي، سيكتشف وللصدمة الكبيرة كم هو مأساوي أن تحب وطناً وتصوره مقبرة.

حجر الصبر، حجر المعجزة

يعتبر فوز رحيمي بالجونكور عودة تقليدية للاحتفاء بالكتابات المناضلة، كتابة الآخر، المختلف وهذا بعد حصاد السنوات السابقة والذي كان من نصيب الرواية التاريخية، ولم يكن مستبعدا خاصة أمام التوجه العالمي وخاصة الفرنسي منه للتعرف على الآخر والاهتمام بما يحدث في العالم العربي الإسلامي وهذا بعد أحداث 11 سبتمبر وتداعياتها المأساوية، وتأتي أفغانستان في المقام الأول بسبب ما يحدث فيها من حروب وآخرها الحرب على الإرهاب ومشاركة فرنسا فيها، وانشغال الرأي العام الفرنسي بما يحدث هناك خاصة وأن هناك جنوداً فرنسيين ومنهم من دفع ثمنا لهذا الوجود الذي مازال يطرح أسئلة حول جدوى حرب طويلة الأمد غير مضمونة النتائج، وفوز «حجر الصبر» (Syngué sabour) هو بمنزلة الإشادة بالإبداع والكتابة والدفاع عن حرية الفكر والرأي في بلد يعيش أجواء قرون أوسطية أو أنها جمهورية الخوف والجوع والملتحين المتشددين..«من المهم أن تستعيد الجونكور تقليدها القديم وهو التحدث إلى العالم عن العالم..»، والرواية الفائزة تأتي في هذا السياق، رواية المرأة المقهورة والمتمردة على وضعها البائس، هي ذاتها المرأة الأفغانية التي أنجبت ومازالت تنجب رجالا يشك لون ميليشيات وزمراً وعصابات متطرفة مشحونة بثقافة السلاح والقتل، تتقاتل فيما بينها من أجل سراب سلطة لامحل لها من الوجود، هو أيضا نضال المرأة الضعيفة في مواجهة الرجل الأفغاني القاسي، العنيف والمتشدد، وهذا ليس غريبا على غرب عودنا دائما على أحكامه المسبقة وضيق أفقه وعدم فهمه للآخر. في «حجر الصبر» كان على رحيمي أن يقول كل شيء، أن يعبر عن غضبه ونقمته وتمرده على ما يحدث في بلاده بلسان امرأة قررت في لحظة ما من الاستيقاظ من غيبوبة مكانية وزمنية ووعيية تصفية حسابها مع زوجها الغارق في جراح أخطائه وخطاياه. البعض يقول إن المرأة في الرواية قد تكون نفسها أفغانستان، أفغانستان الوطن الأنثى الموءودة التي لم تعد قادرة على السكوت والإذلال والخنوع، في الرواية نعثر على زوجة تسهر على راحة زوجها المصاب بجروح بليغة تعرض لها في حرب يقول عنها رحيمي إنها أكثر الحروب عبثية ولا جدوى، زوجة تنعي حزنها وألمها في صمت وعلى مرأى زوج قيد الموت البطيء سراب حياة زوجية قديمة كانت في أوج عطائها بدت لها الآن مرفوضة وغير مرغوب فيها، يطفو على وجهها قلة الصبر، انسداد سعة صدر زوجة تحملت كل شيء من أجله، ثم ، تتنصل من جسد المرأة الطائعة والمقهورة وتترك للكلمات المرة متنفسا على رأس لسانها، هي كلمات غاضبة، ناقمة، مدفونة منذ أمد طويل في أحشاء «جرح صبر» امرأة جالدت كثيرا لئلا تنهار، وهي اليوم تطلب التحرر من فكي كماشة كبت لا يرحم، تخرج هذه الكلمات، تندفع دفعة واحدة لتقول أشياء كثيرة، كل الأشياء، لاتعرف كيف والكلمات المحرمة في حضرة الرجال المتشددين تخرج من فمها، كلمات خطيرة، متمردة، مارقة، ليس من عادة نساء بلدها النطق بها وإلا حدث ما لا يحمد عقباه، متوعدة إياهم بالله وجحيمه الذي لا يخطئ أحدا، تشتم، تسب الرجال وحروبهم، تلعن زوجها. في «حجر الصبر» وضع رحيمي كل قدراته الكتابية التي تحمل بصمته الشعرية في الفصل الرابع من روايته، التي جاءت الرواية بالفرنسية، هي أول رواية يبدع فيها بلغة موليير، ربما قد وجد أن الوقت قد حان للتخلي عن لغته الأم الفارسية، أن يتلبس الفرنسية ظاهراً وباطناً ليدخل في جلد امرأة شجاعة، أن يعيد لها شيئاً من الكرامة المهدورة، أن يسل حها بكلمات تقتل عدوها خوفا، تربكه، نستشف منها كل الرغبات المعطوبة، المقيدة، كالحب الذي أصبح مستحيلا، الجنس الممنوع والمحرم، في يوم ما، من دون وعي منها، رغبة في الانتقام من زوجها المتسلط، ستثير غضب كل الرجال المسلحين، لكنها ورغم الحصار الذكوري المطبق عليها ستتسلح بقوتها وعزيمتها وشجاعتها المعنوية التي ستحميها لكنها لا تؤذي أحداً، ستفضح نفاق مجتمع.. من هذا الحجر الخرافي صنع رحيمي الحكاية ومن رحمها انشقت آلام وآمال الشهداء وكل النساء اللواتي خرجن من خلف العتمة، الظلال الباردة، وكأن به يهدي لهم جميعا ذاكرة جديدة، يقول لهم بأن نضالهم ليس نكرة بل اصطلاح مرادف للحقيقة والحرية، هذه المرأة التي حملها رحيمي أكثر من طاقتها، دور تراجيدي يجعلها في نظر القارئ الواعي رمزاً للتحرر والحرية..«هذا الصوت المتدفق من حنجرتي، إنه صوت مدفون منذ آلاف السنين..»، لذا تعتبر رواية «حجر الصبر» بالنسبة لقارئها نشيد الحرية والحب ، تملؤه كموسيقى دينية صافية، كتيمة ساحرة وآسرة تشبه تماما حجر الصبر.

 


عتيق رحيمي