الطفل... والإعاقة الانفعالية

الطفل... والإعاقة الانفعالية

يبدي الأطفال في بعض الأحيان بعض الأنماط السلوكية غير المرغوب فيها من قبل الآباء, وكثيراً ما تكون هذه الأنماط مزعجة لدرجة تدعو الآباء للبحث عن الطرق والأساليب الناجعة في مواجهتها وحلّها, وكذلك للوقاية منها لكي ينمو الطفل نموّاً نفسياً واجتماعياً سويّاً.

تمثل الإعاقة الانفعالية شكلاً من السلوك الانفعالي غير العادي, والذي يستدعي وبشكل ملح التربية الخاصة, فالنمو الانفعالي العادي يمر في عدد من المراحل تتناسب مع النمو أو التغير الزمني وخاصة في مرحلة الطفولة. ففي الطفولة الأولى, تتمركز الانفعالات حول الذات كالغضب والخوف, ولكن مع التقدم بالعمر تتمركز تلك الانفعالات حول الآخرين وترتبط بهم, وهذا يدل على أن الانفعال حالة من التغير المفاجئ يشمل الفرد كله ومن ثم تتمركز حول موضوع معين سواء كان سلبيا أم إيجابيا, وبالتالي لا يمكن لنا تجاهل أهمية المواقف الانفعالية والعاطفية في حياة الطفل لأنها ستعطي حياته طابعاً ومعنى خاصاً, مع الإشارة إلى أن هذه الانفعالات قد يصيبها نوع من الاضطراب فتصبح عبئاً ثقيلاً على كل من الطفل ووالديه وخاصة إذا ما استمر اضطرابها.

والطفل المضطرب انفعالياً هو الطفل الذي يظهر استجابة انفعالية غيـر متوقعـة منـه وبطريقة مزمنة بحيث يتطلب ذلك تعليمه أشكال السلوك الاجتماعي المناسب.

ويستطيع الآباء معرفة فيما إذا كان ابنهم يعاني من حالة انفعالية أم لا من خلال مظاهر عدة تصدر عن سلوك الطفل.

بسيطة وشديدة

ويمكننا أن نحدد نوعين من الاضطرابات الانفعالية. النوع الأول: بسيط ومتوسط يمكن معالجته بقليل من التعاون بين الوالدين مع المختصين, أما النوع الثاني: فهو شديد قد يستمر مع الطفل حتى سن الشباب والرشد.

ومن أهم مظاهر الاضطرابات الانفعالية البسيطة والمتوسطة العناد المستمر - عدم الطاعة - إيذاء الآخرين - سرعة الغضب - الغيرة المبالغ فيها, وهذه المظاهر البسيطة والمتوسطة تتميز بها الطبقات الفقيرة والمتوسطة وتزداد نسبتها لدى الذكور مقارنة مع الإناث وذلك بسبب الأوضاع الاجتماعية السائدة.

ومن أهم الاضطرابات الشديدة فصام الطفولة, ومن مظاهرها الانسحاب التام أو إثارة الذات باستمرار, القيام بحركات جسمية مستمرة, وهذه الحالة قريبة جداً من الإعاقة الحركية.

عوامل الإعاقة

كما تعتبر العوامل البيولوجية من أهم العوامل المؤدية إلى الاضطرابات الانفعالية الشديدة, ومن أسبابها العوامل الجينية, عوامل مرتبطة بما قبل الولادة, سوء التغذية, الأمراض التي تصاب بها الأم أثناء الحمل, وبالمقابل لا يمكن لنا تجاهل أثر العوامل البيئية المرتبطة بالأسرة والمدرسة بشكل عام. ويبرز دور العوامل البيئية في الاضطرابات الانفعالية البسيطة والمتوسطة, وطبيعة العلاقة ضمن إطار الأسرة من أهم تلك العوامل كطبيعة العلاقة القائمة بين الأم والطفل, وبين الأب والطفل, وكذلك نمط التربية الأسرية المتبع - الدلال الزائد أو الإهمال المفرط - وذلك يدفعنا إلى السؤال الآتي: هل يتميز الطفل المضطرب انفعالياً بأنماط سلوكية خاصة به?

سلوك المضطرب

نعم, هناك ما يميز سلوك الطفل المضطرب انفعالياً وخاصة إذا ما أدركنا أن الاضطراب الانفعالي يؤثر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على خصائص الشخصية, وما يمكن التركيز عليه هنا الخصائص الاجتماعية للطفل المضطرب انفعالياً, ومن أهم تلك الخصائص, -السلوك الانسحابي: من أهم المظاهر المميزة للاضطراب الانفعالي, ويعبر هذا السلوك عن فشل الطفل في التكيف مع المحيط, ومن مظاهره الانطواء على الذات, الخجل, الحركة الزائدة, الشكوى المرضية المستمرة.

- السلوك العدواني: يمكن لنا اعتبار السلوك العدواني أهم سمة تميز الطفل المضطرب انفعالياً, ومن مظاهره العدوان اللفظي, العدوان المادي, إيذاء الذات, مع الإشارة إلى أن السلوك العدواني سلوك متعلم ويحدث نتيجة لإحباط الطفل سواء في المنزل أم بالمدرسة.

- السلوك الفج: وهو سلوك غير ناضج انفعالياً, وكثيراً مالا يتزامن مثل هذاالسلوك لدى الطفل المضطرب انفعالياً مع عمره الزمني, ومن مظاهره مبالغة الطفل في التعبير الانفعالي, أو إظهاره تعبيراً انفعالياً مغايراً لطبيعة الموقف الانفعالي.

رعاية خاصة

تعتبر فئة المضطربين انفعالياً من الفئات الخاصة الشائعة والتي تحتاج وبشكل دائم إلى الرعاية التربوية, ومن الأساليب التربوية التي يمكن لنا أن نقدمها لهذه الفئة الخاصة ولذويهم والمهتمين بهم:

1 - لابد من توافر مراكز إقامة كاملة, تتوافر فيها كل المستلزمات وخاصة لذوي الحالات الشديدة كفصام الطفولة.

2 - ضرورة توافر مراكز تربية خاصة نهارية يُلحق بها الأطفال ذوي الاضطرابات الانفعالية المتوسطة تساهم في تدريبهم وتعليمهم لتجاوز محنتهم.

3 - دمج الطلبة ذوي الاضطرابات الانفعالية البسيطة في الصفوف الخاصة في المدارس الحكومية, مع تلقيهم البرامج التربوية المناسبة في الصفوف الخاصة.

4 - دمج الطلبة ذوي الاضطرابات الانفعالية البسيطة في الصف العادي في المدرسة العادية مع الأخذ بعين الاعتبار متطلباتهم ضمن إطار الصف العادي.

5 - توافر المختصين في الطب النفسي, و المرشدين النفسيين والتربويين من أجل تدريب معلمي الأطفال المضطربين انفعالياً للقيام بواجباتهم التربوية على أكمل وجه.

 

آذار عبداللطيف