طرائف عربية

طرائف عربية

دعاء إلى الله مستجاب
توكل

قال: أبوعبدالله بن جعفر الشهير بالبرقي: رأيت امرأة بالبادية، وقد جاء البرد والمطر والريح فذهبوا بزرع كان لها والناس يعزونها، فرفعت طرفها إلى السماء، وقالت: اللهم أنت المأمول لأحسن الخلف، وبيدك التعويض عما تلف، فافعل بنا ما أنت أهله، فإن أرزاقنا عليك، وآمالنا مصروفة إليك.

قال: فلم أبرح، حتى الإجلاء لا نعرف من أين فحدثناه بما كان فوهب لها خمسمائة دينار.

دعوات ردت الأذى

بعث "معاوية" إلى "الحسن بن علي" يطلبه أوغر صدره عليه، واشتد غضبه، راغبا في إيذائه وأمر بأن يؤتي بمجموعة من السياط توضع بين يديه، فلما دخل "الحسن" رضوان الله عليه وعلى أبيه، أخذ السياط ورمى بها، وتمتم بكلمات لم يسمعها "معاوية" الذي انتفض واقفا وقد شمله الرعب ماذا يده قائلا: مرحبا بسيد شباب قريش. ودعا بعشرة آلاف دينار قائلا للحسن: استعن بها على زمانك. نظر "الحسن" في عين "معاوية" وخرج مثلما دخل. تبع "الحسن" خادم "معاوية" المخلص وقال له: يا ابن بنت رسول الله، إنا نخدم هذا السلطان ولا نأمل بادرته، وقد رأيتك تحرك شفيتك بشيء، فما هو؟. قال: نعم؟ إذا وقعت في شدة أو مكروه، أو خفت من سلطان فقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله الكبير المتعال، سبحان الله ، اللهم جل ثناؤك، وعز جارك، ولا إله غيرك، اللهم أنى أعوذ بك من شر فلان، وأتباعه وأشياعه من الجن والإنس أن يفرطوا علي أو يطغوا.

دعاء كشف الغمة

قال "أبوعبدالله أحمد الميمي": أمر "الرشيد" بعض خدمة فقال: إذا كان الليلة فاذهب إلى الحجرة الفلانية، فافتحها، وخذ من تجده فيها، واذهب به إلى موضع كذا فارمه في البئر واردم عليه بالتراب.

قال: فجاء الغلام ومن معه إلى باب الحجرة ففتحه فإذا فيها رجل على سيماه ورع وطيبة وبراءة الأبرار، فجذبوه جذبا عنيفا.

فقال الرجل: اتق الله فأنا من الصالحين أقرباء رسول الله ، وحرام عليك أن تلقى الله بدم. فلم يلتفت إلى قوله، وأخرجه إلى الموضع.

فلما أشرف الصالح على الموت، وعرف بدنو الأجل، وأنه مفارق لا محالة، وأن حياته إلى زوال، قال: إنك مأمور بما تفعل، دعني أصلي ركعتين ، وأمض لما أمرت به.

فقال له: شأنك وما تريد.

فقام وصلى ودعا الله قائلا: يا خفي اللطف، أغثني في وقتي هذا، والطف بي بلطفك الخفي. فلا والله ما استتم دعاءه حتى هبت ريح وغيرة فوقعوا على وجوههم، واشتغلوا بأنفسهم عن الرجل.

قال: حين سكنت الريح، ونامت الغبرة لم تجد له أثرا.

فقال الخادم لرفيقه: هلكنا، ولن يصدق أمير المؤمنين إن روينا عليه ما جرى. رد عليه الآخر: يقول الحكيم: إن كان الكذب ينجي، فالصدق أرجى وأنجى.

فلما دخلوا على "الرشيد" قال لهم: ما فعلتم؟. فقال له الحاجب: يا أمير المؤمنين، الصدق أولى ما اتبع، ومثلى لا يجترئ أن يكذب بحضرتك، وأنه كان من الخبر كيت وكيت.

دعـاء المحنـة

قال: محمد بن يوسف الفريابي ": لما أخذ "جعفر بن إسماعيل بن أمية"، وأمر به أن يحبس وبينما هو في طريقة إلى الحبس يسير في ممر شحيح الضوء، تسكنه المخاوف، ويشيع بجنباته الرعب أحس بقلبه ينتفض بين صدره وأدرك رهبة الحبس وعزلة الروح بين الجدران . عند ذلك تذكر فرج الله القادر وعوضه، وألقى بحموله. وحين كان يسير بهذا الممر رأى مكتوبا على حائطه: يا وليي في نعمتي، ويا صاحبي في وحدتي ، ويا عدتي في كربتي ، قال: فلم يزل يكررها بورع، وبأصدق القلب، والعشم في عفو الله حتى خلي سبيله فاجتاز عند الرجوع نفس الممر، ولكنه عندما تأمل الحائط لم يجد الدعوات مكتوبة عليه، فاقشعر بدنه، ووجف قلبه ، وقال في نفسه: سبحان الملهم، فاتح الطريق، وباعث الكلمات في القلوب.

دعاء العجوز يسقط المطر

ذكر "المدائني" عن "أبي سعيد الأصمعي". نزلت بحي من "كلب" مجدب، قفر كالصحراء وأشد، توالت عليه السنون القفراء، وعز عليه مطر السماء، واشتدت عليه الشمس بالنهار، وقسوة شظف العيش بالليل، حتى ماتت المواشي ، ونفقت قطعان الإبل والأغنام، والأرض أصابها التصحر، وأمسكت السماء قطرها، واستسلم الخلق للمجهول، وشاع في صدورهم الإحساس بالنهايات الفاجعة.

قال: وكنت أرى السحابة سوداء تقترب من الأرض فيستبشر الناس ويرفعون أصواتهم بالتكبير فيرفعها الله: فلما كثر على الناس ذلك خرجت عجوز ورفعت رأسها إلى السماء وقد أغبرت ، وتشققت شفتاها من العطش، واسودت جدائلها التي وخطها المشيب، ثم نادت وكأنها تصرخ مستغيثة بأعلى صوتها: ياذا العرش اصنع كيف شئت فإن أرزاقنا عليك. وما إن انتهت حتى تغيمت السماء وسرعان ما انهمر المطر حتى كاد يغرقهم.

 



أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات