مياه البحر العذبة تسقي الكويت صادق يلي تصوير: فهد الكوح
بالاستخدام الأمثل للموارد، وباستيعاب وتطبيق التكنولوجيات الحديثة، وبإنشاء المشروعات الضخمة المتنوعة والمتكاملة، تحولت الكويت خلال عقدين من الزمان من مجتمع "ندرة" فيما يتعلق بالمياه العذبة إلى مجتمع "وفرة "، إلا أن الصور الحضارية لهذا الإنجاز الحضاري المتقدم إثر الغزو العراقي الغاشم، فقد امتدت يده إلى محطات تحلية المياه فأحرقت وأتلفت أجزاء كبيرة منها بدرجة مذهلة. كيف حدث كل ذلك؟ وماذا عن الوضع الآن بكل إنجازاته ومشكلاته؟
حتى مطلع عقد الخمسينيات كانت آبار المياه الحلو ضئيلة العدد ومياه الأمطار وشط العرب المنقولة "بالأبوام" هي المصادر المتاح الحصول على المياه العذبة منها في الكويت، وفي عام 1950 بدأت الكويت أولى تجاربها في تقطير مياه البحر في مدينة الأحمدي، ثم تلتها عام 1953 محطة تقطير بمنطقة الشويخ تنتج مليون جالون يوميا. وتوالت بعد ذلك التاريخ مشروعات تقطير مياه البحر باستخدام أحدث أساليب التكنولوجيا وأكثرها تعقيدا وتطورا، وبلغت الكويت في ذلك نجاحا أصبح نموذجا يحتذى من جانب العديد من البلدان.
من البحر إلى الصنبور
في الكويت ست محطات لتقطير المياه موزعة على مناطق متفرقة من الساحل وإنتاجها الإجمالي حوالي 336 مليون جالون إمبراطوري يوميا.
والطريقة المستخدمة في تقطير المياه العذبة في هذه المحطات هي طريقة التطاير الوميضي المتعدد المراحل، ويشرح رئيس مهندسي تشغيل وصيانة المحطات المهندس صادق بوحمد هذه الطريقة قائلا:
تعتمد طريقة التطاير الوميضي المتعدد المراحل على ظاهرة تبخر المياه تحت درجة الغليان المعروفة (100ْ م) والضغط الجوي العادي، وعندما توجد هذه المياه في ضغوط أقل من الضغط الجوي العادي فإنها تتبخر فجائيا عند درجات حرارة أقل من 100ْ م، ولكل ضغط منخفض درجة حرارة مناسبة له تتبخر عندها، وتوفر هذه الظاهرة الكثير من كميات الطاقة اللازمة لتبخير المياه عند الضغط الجوي العادي.
وفي هذه الطريقة تسير خطوات إنتاج المياه العذبة كما يلي: تسحب مياه البحر بواسطة مضخات بعد تصفيتها من أية شوائب عالقة، كما تتم معالجتها بنسبة قليلة من الكلورين لقتل أية أحياء مائية أو ميكروبية، ثم تضخ المياه إلى المقطرة أو وحدات إنتاج المياه العذبة، والتي تتكون من غرف متماثلة تتصل ببعضها، وتحتوي كل غرفة في أعلاها على مبادل حماري تمر فيه مياه باردة ليقوم بتكثيف البخار المتطاير الذي يمر من خلال مصفاة لحجز أي جزيئات مياه قد يحملها البخار إلى المبرد حتى لا تحمل هذه الجزيئات أي أملاح.
ثم تأتي المرحلة الثانية من عملية التحلية فعندما يتكثف البخار على سطح المبرد يتحول إلى نقاط من المياه العذبة التي تسقط بفعل ثقلها لتتلقاها صينية تؤدي إلى قناة داخل الغرفة فتتجمع فيها هذه المياه العذبة، وتتواصل هذه القنوات مع بعضها لكل الغرف لتصب في النهاية في مجمع تسحب منه المياه العذبة بواسطة مضخة ثم ترسل إلى محطات خلط وتخزين المياه ومنها إلى شبكة المياه العذبة.
حجم الدمار
يحدثنا المهندس صادق أحمد بوحمد الوكيل المساعد لتشغيل وصيانة محطات القوى وتقطير المياه بوزارة الكهرباء والماء عن حجم الأضرار التي أصابت محطات التقطير قائلا: الواقع أن الغزاة العراقيين ومنذ الأيام الأولى للغزو زرعوا الألغام والمتفجرات حول محطات التحلية في مواقعها المختلفة، فكانت هناك رقابة شديدة على المحطات من قبل العراقيين، لأن بعض شبابنا الكويتي الذي كان يعمل في هذه المحطات كان يحاول قطع أسلاك هذه المتفجرات.
وقد كانت محطة الزور أول محطة تعرضت للدمار حين قصفت وحدة الكلورين بها وذلك في بداية الضربة الجوية لعمليات عاصفة الصحراء، وقد أصابها خلل كبير، ومع ذلك بقي بعض شبابنا في محطة الزور يعملون بتشغيل غلاية واحدة لإنتاج الماء، حتى تبقى المحطة مستمرة في العمل، وحتى لا يترك الشباب المحطة ويقوم الغزاة بتدميرها. أما محطة الشويخ فهي من المحطات التي نالها جانب كبير من الضرر، فقد بدأ الغزاة تدميرها منذ يوم 21/ 2/ 1991 مع عمليات الهجوم البري لعمليات عاصفة الصحراء، إذ قاموا بإخلاء المحطة بالكامل من العمال، ثم قاموا بنسف معظم أجزاء المحطة، والذي لم يستطيعوا أن ينسفوه بالمتفجرات دمروه بالدبابات والبلدوزرات في عملية حقد وانتقام لا مثيل لها، وتعد محطة الشويخ أولى محطات التحلية في الكويت، حيث بدأت إنتاج الماء بطريقة التطاير الوميضي منذ عام 1953، ولذلك فلهذه المحطة مكانة تاريخية مهمة للكويت حيث إنها تعد. أما لمحطات التحلية ليس في الكويت فحسب وإنما في المنطقة عامة ثم تلا ذلك تخريب محطتي الدوحة الشرقية والغربية، فقد قام الغازي بحرق خزانات الوقود وبعض الغلايات في المحطة، كما أتلف ودمر مركز التحكم فيها، وكذلك نالت محطة الشعيبة الشمالية والجنوبية نصيبها من التخريب والحرق.
يقول المهندس صادق أحمد بوحمد عن خطة الإصلاح التي قام بها الفنيون والعمال في وزارة الكهرباء والماء إنه عمل كبير وجبار، حيث تفانى الشباب وعمل على مدار الساعة لإصلاح ما خربه الغازي الغاشم منذ اليوم الأول للتحرير، فقد بدأنا بإجراء الإصلاحات على المحطات الأقل ضررا، وكنا في الواقع نحتاج إلى الكهرباء لتشغيل المحطات والماء للاستهلاك، فركزنا في البداية على إصلاح التوربينات الغازية في الدوحة الشرقية لأنها كانت سليمة نسبيا، ثم تلتها الشعيبة بالإضافة إلى إصلاحات في بعض خطوط الوقود وخطوط التيار الكهربائي التي أصابها ضرر كبير، وقد قمنا بهذا العمل في الوقت نفسه بجهود الفنيين وبعض العمال الذين استعنا بهم، وأستطيع أن أقول إن 95% من الإصلاحات قد تمت بسواعد شبابنا العاملين في وزارة الكهرباء والماء، كما استعنا ببعض الفنيين الأجانب وخاصة من الأمريكان والإنجليز الموجودين مع جيوش التحالف في إصلاح خطوط الكهرباء والوقود. وقد استطعنا يوم 24/ 3/ 1991 تشغيل أول وحدة لإنتاج الكهرباء والمياه، ثم تلتها الوحدات الأخرى تباعا، ويضيف المهندس صادق بوحمد قائلا: إننا الآن ننتج من الماء ما يتراوح بين 96 و 105 ملايين جالون إمبراطوري - وهو حسب الاستهلاك اليومي للمياه - وقد وصلنا بإنتاجنا في الصيف الماضي إلى نحو 126 مليون جالون، ولدينا مخزون نطلق عليه المخزون الإستراتيجي الآمن نحو 157 مليون جالون إمبراطوري نحافظ عليه، وهناك وحدات تحتاج إلى صيانة لأننا لم نقم حتى الآن بصيانتها، كما أن لدينا وحدات احتياطية يمكن أن نستخدمها في حالة حدوث أي خلل في أي وحدة عاملة.
التحلية بطريقة التناضح العكسي
من المعروف أن هناك عدة طرق لتحلية المياه منها طريقة التقطير سالفة الذكر ثم الديلزة الكهربائية ثم طريقة التبادل الأيوني وطريقة التجميد وأخيرا، طريقة التناضح العكسي. يحدثنا المهندس عبد اللطيف عبد الملك الصالح ، مدير إدارة تحلية المياه بالتناضح العكسي بوزارة الكهرباء والماء عن طريقة "التناضح العكسي" فيقول : تتم تحلية الماء بطريقة التناضح العكسي دون تغيير الحالة الفيزيائية للماء، وذلك بضخ المياه المالحة خلال أغشية مصنعة شبه نفاذة تسمح بمرور المياه العذبة بواسطة الضغوط المسلطة على أسطح تلك الأغشية. وتمتاز طريقة التناضح العكسي بقلة استهلاكها للطاقة نسبيا، وتصلح لإزالة ملوحة جميع أنواع المياه، سواء كانت مياها قليلة الملوحة أو مياه البحر أو مياه الأنهار أو المياه الملوثة بيولوجيا أو كيميائيا أو نوويا، كما أنه يمكن تركيب وحدات تحلية صغيرة للمياه بواسطة التناضح العكسي في المناطق النائية أو المنتجعات والمواقع ذات الطبيعة الخاصة كالمعسكرات والمستشفيات الميدانية، علما بأن الطاقة المستخدمة بطريقة التحلية بالتناضح العكسي لا تتطلب ربطها بمحطات توليد القوى، مثل نظام التبخير الوميضي متعدد المراحل. ويضيف المهندس عبد اللطيف عبد الملك الصالح : ولا يخفى أن طريقة التناضح العكسي بجانب قدرتها على التخلص من الأملاح فإن لها فاعليتها في تنقية المياه من التلوث النووي والبيولوجي والكيميائي.
إن هذه الطريقة قادرة على نزع أكثر من 99% من الأملاح والبكتريا والجراثيم والعناصر الضارة من المياه. وتستخدم الآن طريقة تحلية المياه بالتناضح العكسي في أكثر من 70 بلدا في مختلف أنحاء العالم، فمثلا تستخدم المملكة العربية السعودية هذه التقنية لإنتاج 300 مليون جالون إمبراطوري يوميا. أما في الكويت فقد قامت وزارة الكهرباء والماء بتركيب 13 وحدة تناضح عكسي لتحلية المياه قليلة الملوحة بمواقع المستشفيات ومعسكرات الجيش، وبعض المواقع ذات الطبيعة الخاصة وتبلغ السعة الإجمالية لكل وحدة من هذه الوحدات 35 ألف جالون إمبراطوري يوميا.
تخريب وسرقة
ويحدثنا المهندس عبد اللطيف عبد الملك الصالح عن الأضرار التي لحقت بوحدات تحلية المياه بطريقة التناضح العكسي قائلا: لقد قام المعتدي الغاشم بفك محطة الدوحة التجريبية لتحلية المياه بطريقة التناضح العكسي ونقلها بجميع مكوناتها إلى العراق، كما قام بنهب الورش وقطع الغيار الخاصة بالمحطة، ثم تخريب مبانيها، علما بأن هذه المحطة خاصة بتحلية مياه البحر المالحة والتي يعتقد أنه لن يستفيد منها، ويضيف المهندس الصالح قائلا : والحمد لله أن العدو لم تتح له الفرصة الكافية لنقل 13 وحدة تحلية للمياه القليلة الملوحة والتي تبلغ سعتها نحو ربع مليون جالون والمستخدمة للحالات الطارئة في المستشفيات ومعسكرات الجيش على الرغم من أن هذه الوحدات بالإمكان استخدامها في تحلية مياه الأنهار وخاصة مياه شط العرب، حيث إن مياهه بها نسبة كبيرة من الملوحة.
ويقول المهندس الصالح: إنه كان من الممكن لوحدات تحلية المياه بطريقة التناضح العكسي أن تلبي جانبا من احتياجات المواطن من المياه العذبة في فترة ما بعد التحرير، حيث شحت المياه العذبة بسبب توقف محطات التقطير عن العمل وكادت المياه المخزونة تنفد، وتزود الكويت بنحو أربعة ملايين جالون إمبراطوري من المياه العذبة، إلا أن قيام العدو بتدمير وتخريب وإلحاق الضرر بمواقع آبار المياه قليلة الملوحة ومحطات الضخ أدى إلى توقف هذه الوحدات عن العمل بسبب انقطاع المياه المغذية لهذه الوحدات، ونرى مستقبلا أن يتم تركيب مثل هذه الوحدات في مناطق الآبار الجوفية أو بجوار خزانات المياه قليلة الملوحة والتي تتسع لنحو من عشرة ملايين جالون فأكثر، أو بحفر آبار بمواقع التركيب المقترحة للاستفادة القصوى منها في الظروف العادية والحالات الطارئة وتفادي اعتماد تغذيتها بالمياه قليلة الملوحة على مصدر واحد.
مركز تنمية مصادر المياه
يتوقع الخبراء أن تكون مشاكل المياه الصالحة للشرب أو حتى تلك المستخدمة في الأغراض الزراعية والصناعية من المشاكل التي سوف تواجه العديد من البلدان وبخاصة بلدان العالم الثالث، لذلك أولت الأمم المتحدة هذه المشكلة اهتماما خاصا، فأوعزت إلى هيئاتها المختلفة بضرورة التعاون مع الحكومات التي تشكو بلدانها ندرة المياه وتكثيف الجهود من أجل تطوير وتحسين طرق الحصول على المياه الصالحة للشرب، وكانت الكويت إحدى هذه الدول التي تعاونت مع برنامج الأمم المتحدة للتنمية لإقامة مركز تنمية مصادر المياه ليقوم بأعمال البحث والتطوير في المجالات المتعلقة بمصادر المياه، وتتضمن نشاطات المركز الأعمال الهندسية والتقنية والبيئية والاقتصادية لعمليات التحلية وتحليل المياه ومعالجتها، كما تشمل اختبار وتقييم طرق وعمليات التشغيل المتعلقة بهذه المجالات بالإضافة إلى تدريب الكوادر الوطنية ونقل المعرفة والخبرات العلمية في مجال تنمية مصادر المياه وتطويرها لتنمية هذه المصادر في الكويت، ومنذ أبريل عام 1977 ألحق المركز ضمن ميزانية وزارة الكهرباء والماء ليصبح أحد أجهزتها المتخصصة وتم تعيين الكوادر الكويتية ليكونوا نظراء للخبراء الأجانب العاملين في المركز، كما تم تأسيس قسم التدريب ليقوم لإعداد وتدريب الكوادر الفنية الوطنية للقيام بالأعمال المتعلقة بمشاريع تنمية مصادر المياه، وتشغيل وصيانة محطات توليد القوى الكهربائية وتقطير المياه والتي تعلق عليها الدولة آمالا بالغة.
أعمال المركز
وكان لنا لقاء مع الدكتورة فاطمة العوضي مديرة مركز تنمية مصادر المياه لتحدثنا عن أعمال المركز وفروعه المختلفة. تقول الدكتورة فاطمة العوضي: تنقسم أعمال المركز إلى قسمين رئيسيين فهناك قسم للبحث والتطوير، وقسم المختبرات المائية. في القسم الأول نقوم بتطوير مجالات التحلية والتقطير ومعاينة المحطات وطرق استغلال المياه الموجودة في الكويت سواء مياه البحر أو الآبار أو المياه الجوفية، وعمل مسح شامل للمناطق التي بها مياه الكويت، أما قسم المختبرات المائية فيشمل المختبر البكتريولوجي ويقوم بتحاليل يومية لعينات من المياه المقطرة من نقاط مختارة على شبكة المياه في مختلف مناطق الكويت، وذلك للتأكد من سلامتها ومطابقتها للمواصفات التي وضعتها منظمة الصحة العالمية، كما أن هناك مختبرا كيماويا يقوم بتحليل المياه من الناحية الكيماوية لمعرفة نسبة الأملاح والكلورين فيها بالإضافة إلى التحليلات الأخرى، وتضيف الدكتورة فاطمة العوضي : يقوم المركز كذلك بدراسة الأنواع المختلفة لتآكل المواد المستعملة في مختلف الأجهزة المستخدمة في صناعة تقطير المياه والمنشآت المائية، ومتابعة التطورات العلمية والتقنية العالمية المتعلقة بمختلف طرق تحلية مياه البحر ودراسة إمكانات استخدامها في الكويت، ومثال ذلك طريقة تحلية المياه بالتناضح العكسي سواء بالنسبة للمياه قليلة الملوحة التي ثبت نجاحها، أو مياه البحر حيث لاتزال الدراسات والتجارب مستمرة للوصول إلى أغشية حديثة تصلح لهذه المياه ودراسة جدواها الاقتصادية، ثم طريقة تحلية المياه عن طريق التحليل الكهروكيميائي، وكذلك استخدام الطاقة الشمسية والطاقة النووية لتوليد الطاقة في تحلية المياه، ويقيم المركز أيضا بدراسات وأبحاث في مجال المواد المعدنية وغير المعدنية مثل الأنابيب البلاستيكية ومواد الطلاء وخلافها وإمكان استخدامها في الكويت، كما يقوم المركز بتقديم الدراسات والأبحاث في مجالات المياه الجوفية بالتنسيق مع قسم الدراسات والتطوير في إدارة المياه الجوفية، ويقوم المركز أيضا بتمثيل وزارة الكهرباء والماء في المؤتمرات والندوات المحلية والدولية المختصة بأمور المياه، وبالإضافة إلى هذه المهام يقوم المركز بالتدريب الميداني لطلبة معهد التكنولوجيا التابعين للهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب وطلبة جامعة الكويت والمختصين في مجال المياه من مجلس التعاون لدول الخليج العربي. وأخيرا يقوم المركز الآن بتجهيز مختبر لفحص المواد غير المعدنية ميكانيكيا، وهي المواد البلاستيكية ومواد الطلاء المستخدمة في أعمال المياه لتحديد مدى ملاءمة هذه المواد لظروف التشغيل في أعمال المياه، وهناك دراسة للتآكل الخارجي والداخلي لأنابيب شبكة المياه، وتضيف الدكتورة فاطمة العوضي قائلة: وأريد أن أنوه هنا بأن مركز تنمية مصدر المياه قام منذ إنشائه حتى الآن بتقديم 40 تقريرا علميا في مجالات المياه المختلفة، مثل تحلية المياه وتحليلها ومعالجة المياه واقتصادياتها وغيرها، ثم الأوراق العلمية التي قدمت في المؤتمرات العالمية والمحلية وهي تقرب من ثلاثين ورقة.
جهود دولية
وحول الأضرار والتخريب الذي تعرض له مركز تنمية مصادر المياه تحدثنا الدكتورة فاطمة العوضي مديرة المركز قائلة:
لقد تعرض المركز مثل أمثاله من مرافق الكويت إلى التخريب والدمار من قبل الغزاة العراقيين، فقد اتخذوا المركز كقاعدة عسكرية للجيش، حيث تم احتلاله منذ الأسبوع الأول للغزو، كما اتخذه مهندسو منشآت المياه العراقية كسكن لهم، وبالتالي لا يمكننا أن نتصور مدى الدمار الذي أصاب المركز حيث سرقت بعض الأجهزة في المختبرات، وخاصة تلك التي كان يعمل عليها موظفو المركز العراقيون الذين كانوا يعملون عندنا، كما تم تدمير معظم أجهزة ومعدات المختبرات بحيث إننا وجدنا صعوبة بالغة في تشغيل المختبرات بعد التحرير مباشرة حيث يعد المركز أول جهاز من أجهزة الوزارة الذي كان من الضروري تشغيله لمعرفة مدى تلوث المياه العذبة المخزونة في خزانات المياه والتي قد يكون أصابها شيء من التلوث المتعمد من قبل الجيش العراقي الحاقد قبل انسحابه.
وتضيف الدكتورة فاطمة العوضي قائلة: إن ما يحزنني حقا هو أن الغزاة قاموا بسرقة نحو 1800 كتاب كانت موجودة بالمركز، وكلها تخص المياه وشئونها، بالإضافة إلى السرقات الفردية للمكتبة العلمية بالمركز، كما قام الغزاة بإتلاف ملفات المركز وأوراقه العلمية حيث فتحوا صنابير المياه عليها مما أدى إلى إتلافها تماما، أما قاعة المحاضرات والتي تتسع لنحو 250 شخصا وتحوي أجهزة سمعية وبصرية ومعدات ترجمة، فقد سلبت جميع أجهزتها بما فيها ميكروفونات المقاعد وأجهزة الترجمة والأجهزة المستخدمة للمحاضرات.
وقد قام الغزاة الجناة بسرقة الكبينة المحتوية على البحوث الخاصة والمحدودة التوزيع التي قام المركز بإصدارها خلال عشرين سنة من عمره، بالإضافة إلى الأثاث والمفروشات.
وتضيف الدكتورة فاطمة العوضي قائلة: وهنا يجب أن أذكر أن وزارة الكهرباء والماء قد تعاقدت مع خبير أمريكي لتجهيز مختبرات المركز بأجهزة ومعدات لتغطية متطلبات حالة الطوارئ مما ساعد المركز على القيام بمهامه التحليلية بعد التحرير مباشرة ، ولا أنسى أن أفكر المساعدة القيمة التي قامت بها المجموعة الطبية لتقييم المياه التابعة للجيش الأمريكي حيث ساعدت هذه المجموعة المركز على القيام بمهام التحليل في أول أيام التحرير مباشرة ، حيث تم فحص المياه وإثبات عدم تلوثها بالمواد الكيماوية والبكتريولوجية.
مياه الروضتين العذبة
لم تفقد الكويت الأمل في اكتشاف مياه جوفية عذبة في أراضيها لذلك قامت وزارة الكهرباء والماء بسلسلة من تجارب المسح المائي الشامل بالإضافة إلى دراسات علمية تحليلية بمشاركة خبراء متخصصين وكانت النتيجة هي اكتشاف كميات محدودة من المياه العذبة الجوفية في حقلي الروضتين وأم العيش.
يقدر الخبراء المخزون المائي لهذين الحقلين بنحو أربعين ألف مليون جالون وقد بدأت أولى عمليات الضخ في عام 1962. أما الطاقة الإنتاجية لآبار الروضتين فقدرت بحوالي مليون ونصف المليون جالون يوميا في الحالات الاعتيادية، ويقول الخبراء إنه بالإمكان زيادة الإنتاج إلى ثلاثة ملايين ونصف المليون جالون يوميا عند الحاجة.