الطفل العدواني واضطراب السلوك ليلى دمعة يعقوب

الطفل العدواني واضطراب السلوك

هل العدوانية صفة ملازمة لسلوك الطفل؟ وهل هي دافع طبيعي تعبيراً عن فيضان الطاقة والحاجة إلى تأكيد الذات؟ أو أن الطفل العدواني يعتبر مريضا من الناحية النفسية؟

يعتقد علماء التحليل النفسي أن انفعالات الغضب عند الطفل ما هي إلا ردات فعل عدوانية ترمي إلى إزالة الإحباط وتحقيق الإشباع. وهذه الأمور تترافق عادة بالصراع بين مشاعر الحب والكراهية إزاء الشخص الآخر الذي يمثل هنا صورة الأم (ميلاني كلاين). وعندما تلبي الأم نداء الطفل فإن هذا الأخير يشعر بأن أمه شخص طيب. أما عندما تتأخر عن تلبية حاجته أو تهدده وتصرخ في وجهه، فإن صورتها تصبح سيئة. لذا، فإن هناك منذ الطفولة صراعاً بين الحب والكراهية باتجاه شخص الأم. وكلما ترسخت صورة الأم الطيبة في ذهن الطفل، أصبح واثقا من نفسه وقادرا على احتمال الإحباط لأنه يصبح على يقين من أن أمه سوف تأتي إليه دون شك لمساعدته ورعايته. إن مسألة العدوانية عند الطفل مرتبطة إذن بعلاقة الطفل مع أمه وما يطرأ على هذه العلاقة من إحباط وإشكالات تثير لديه الغضب والعدوانية. إن الأم الطيبة تجسد هنا الشعور بالطمأنينة والثقة وتعطي الدعم اللازم لوجود الطفل وتساعده على التكيف مع البيئة. وعندما تضطرب هذه العلاقة فإن الطفل يرد على الإحباط بالغضب والعدوانية وتنمو لديه تهويمات أو أفكار خيالية ( Phantasms) تتخللها صور عدوانية مختلفة حسب ما تعتقد ميلاني كلاين. على سبيل المثال يذكر Segel من خلال تحليله النفسي لحالة طفل صغير أن تخيلاته العدوانية كانت تقضي بعض ثدي الأم وتمزيقه، (الأم السيئة والإحباط).

إن مسألة الإحباط أثارت اهتمام علماء النفس منذ سنوات عديدة وقد ذهبوا إلى القول بأن الإحباط يؤدي إلى العدوانية (دولارد وميلر). فالشخص يريد أن يثأر لنفسه ويعبر عن ألمه النفسي. ومن جهة أخرى، يعتقد فرويد أن العدوانية تلازم السلوك البشري وهي ترتبط بغريزة التدمير والموت، وهذه الغريزة تؤدي في النهاية إلى تدمير الذات والعالم وترى انتصارها في الحروب وأعمال العنف والقتل والموت.

بعد هذا العرض السريع لا بد لنا من توضيح بعض الأفكار.

إن العدوانية عند الطفل دافع طبيعي وإيجابي وهي ترمي إلى الدفاع عن الذات والسيطرة على القلق والثأر من إهمال الآخرين، فتظهر العدوانية بين أفراد الجنس نفسه ومن خلال الرغبة في السيطرة والتنافس والتسلط، وهنا يظهر تفوق الذكر على الأنثى (التفوق البيولوجي والاجتماعي) من حيث السلوك العدواني والسيطرة.

وإذا كانت العدوانية صفة طبيعية في سلوك الطفل، فإن هذه المسألة لا تزال غامضة حتى الآن في عقول العديد من الأهل والمربين الذين يحاولون بشتى الوسائل قمع الدوافع العدوانية عند الطفل باعتبارها ظاهرة سلبية. ويقول Winnicott " إن مسألة العدوانية تبدو كبيرة وخطيرة في المجتمعات المعاصرة ليس لأن هناك أناسا عدوانيين بل لأن المجتمع لا يسمح للأفراد بالتعبير عن عدوانيتهم بشكل طبيعي وسليم" إذ يلاحظ أن نسبة الاكتئاب ترتفع أكثر عند الأشخاص الذين لا يستطيعون أن يعبروا عن انفعالاتهم ومشاعرهم العدوانية إزاء وضعية من الإحباط والهوان. العديد من مرضى الاكتئاب يشعرون بالذنب ولوم النفس والانهزامية وبعدم القدرة على رد الظلم والعدوان "وهنا يرتد العدوان إلى الداخل ويصبح سجنا للذات".

إن التعبير عن العدوانية شيء ضروري وطبيعي في حياة الطفل وهو يعبر عن عدوانيته بطرق مختلفة: المبارزة مع الآخرين، العراك، الغيرة بين الأخوة، الصراخ، والهجوم، الألعاب الحربية، تحطيم بعض الأشياء، الغيرة، لعبة الحرامي والبوليس.. إلخ. ومن خلال اللعب الرمزي يحاول الطفل أن يتغلب على شعوره بالعجز والخوف وأن يسيطر على الواقع والعالم الخارجي. هذا النوع من اللعب ضروري جدا لتنمية الثقة بالنفس والقدرة على المواجهة وغالبا ما نستعمل العلاج الرمزي لمساعدة الطفل على التخلص من أزماته النفسية. لقد لاحظنا بوضوح أثناء الحرب في لبنان كيف كان الأطفال يلعبون لعبة الحرب ويتبارزون بالأسلحة والرشاشات التي يشترونها من محلات الألعاب أو التي يصنعونها من الخشب. نشير هنا إلى أن الألعاب الحربية ظاهرة إيجابية وصحية ووسيلة لتفريغ العدوانية عند الطفل بعكس ما يعتقد الأهل والمربون. نشير هنا أيضا إلى أن بعض الأهل كانوا يبعدون أطفالهم عن حقيقة الواقع ويرفضون أن يشتروا لهم الأسلحة (اللعب) كما أنهم كانوا يقولون لهم إن القصف هو رعد.. كل هذه المواقف تبدو خاطئة لأنها تبعد الطفل عن حقيقة الخطر القائم في العالم الخارجي وبالتالي لا تمكنه من التعامل مع هذا الواقع والتكيف معه.

إن الطفل الذي يشعر بالحب والطمأنينة داخل المنزل يستطيع أن يتحمل الإحباط ويسيطر على الخوف لأنه يستمد قوته من ثبات المواقف والقيم ووضوح الرسالة التي يرسلها له الأبوان. لقد دلت التجارب على أن الأهل الذين اعتمدوا على مبدأ التراخي والتردد والتسامح الدائم والإهمال لم يحصوا إلا على النتائج السلبية (أطفال مضطرين، عدوانيين، غير مبالين، ضائعين.. ) بعكس الأهل الذين يعتمدون الحزم والحوار ووضوح الرسالة والمواقف.

إن التناقض في مواقف الأهل وردات فعلهم يخلق حالة من البلبلة والضياع عند الطفل بحيث لا يعود يعرف كيف يميز بين الخير والشر والحسن والسيئ.. والجميع يذكر قصة ليلى والذئب، هذه القصة التي ترمز إلى صورة الأهل المتناقضة. هناك الصورة الإيجابية (الحماية والحب) التي تحولت إلى كابوس وخوف (الذئب حل مكان الجدة أو الأم).

إن العدوانية عند الطفل هي إذن ظاهرة طبيعية قد تخدم في بعض الأحيان متطلبات النمو وتساعد على التخلص من مشاعر الخوف والسيطرة على الواقع. حتى العدوانية بين الأخوة ظاهرة طبيعية تظهر في بعض مراحل النمو، وغالبا ما يلاحظ الأهل كيف أصبح طفلهم عدوانيا بعد أن أنجبت أمه أخا أو أختا له. فالطفل يعتقد هنا أنه يستطيع أن يتحكم بالظروف ويسيطر عليها، فيلجأ إلى العدوانية لتغيير الظروف باتجاه مصلحته وبخاصة عندما يشعر بأنه لم يعد الشخص المحوري داخل المنزل بل هناك شخص آخر قد انتزع منه الحب والاهتمام. العدوانية هنا وسيلة لإزالة الشخص المنافس من الوجود. وهذه الوسيلة يستعملها أيضا الراشدون ولكن بأشكال مختلفة: المنافسة في العمل والتجارة والسياسية، المؤامرة والخداع.

إن العدوانية عند الطفل وبالأخص قبل السابعة من العمر هي ظاهرة طبيعية، غير أن استمرارها بعد السابعة وبشكل ثابت وبارز ينذر باضطراب المسلك والجنوح كما سنرى.

العدوانية ظاهرة مرضية

عندما تتخطى العدوانية حدودها المعقولة عندئذ تصبح انحرافا سلوكيا أو ظاهرة مرضية تستدعي العلاج. وهنا يتحدث أطباء النفس عن اضطراب السلوك عند الطفل والجنوح عند المراهق. ويبدو أن هذا الاضطراب شائع عند عدد من الأولاد الذين يترددون بصحبة أهليهم إلى العيادات النفسية أو إلى مستشفيات الطب النفسي، وقد بينت على سبيل المثال (تقارير الشرطة الأمريكية)، أن من بين الأشخاص الموقوفين والمتهمين بأعمال السرقة والعنف والإجرام، هناك 50% منهم ممن تقل أعمارهم عن الخامسة عشرة مقابل 40% ممن تتراوح أعمارهم ما بين 15 و 18 سنة.

إذن العدوانية المرضية أو كما نسميها "اضطراب السلوك" تعني أن الطفل يلجأ إلى اعتماد الكذب والسرقة ويعتدي على الآخرين ويشعل الحرائق ويشترك في أعمال العنف ويحطم مقتنيات الغير ويعذب الحيوان ويدخن السجائر في سن مبكرة ولا يكترث بمشاعر الآخرين.

ان اضطراب السلوك تختلف نسبته حسب الجنس والمجتمع، هناك 9% للذكور مقابل 2% للإناث.

العوارض

تشير العوارض التالية إلى اضطراب السلوك حسب ما جاءت به جمعية الطب النفسي الأمريكية ويجب أن تدوم هذه العوارض ستة أشهر على الأقل وأن يكون هناك على الأقل ثلاثة عوارض بارزة من العوارض الآتية:

1 - أن يكون الطفل قد ارتكب السرقة أكثر من مرة.

2 - أن يكون قد فر من المنزل أثناء الليل مرتين على الأقل (أو مرة دون أن يعود).

3 - أن يكذب باستمرار (ليس فقط لكي يتجنب عقابا جسديا أو اعتداء).

4 - أن يشترك في إشعال الحرائق.

5 - أن يتغيب عن المدرسة دون سبب.

6 - اعتماد الخلع لسرقة سيارة أو منزل.

7 - أن يحطم مقتنيات الغير.

8 - أن يؤذي الحيوان ويعذبه.

9 - أن يفرض بالقوة على شخص ما ممارسة نشاط جنسي معه.

10 - أن يستعمل سلاحا أكثر من مرة في عراك مع أحد.

11 - غالبا ما يكون البادئ في العراك الجسدي.

12 - أن يسرق وأن يواجه الضحية (تسليح أو تهديد بالسلاح).

13 - أن يكون قاسيا مع الآخرين ويؤذيهم جسديا.

وهنا لا بد من الإشارة إلى وجود نمطين من اضطراب السلوك: النمط الجماعي والنمط الفردي. في النمط الأول ينضم الولد إلى رفاقه ويلتزم بمعايير الجماعة (العصابات)، وفي هذه الحالة قد يكون السلوك عدوانيا ومؤذيا وقد لا يكون كذلك. ويبدو أن النوع الثاني هو الأكثر خطراً لأن الولد هنا لا يلتزم بمعايير الفريق وإنما يتبع غزائره وأهواءه المنحرفة.

باختصار إن السمات البارزة في اضطراب السلوك هي : العدوانية والمعارضة والسلوك ضد الاجتماعي، بينما يختلف الأمر عند الطفل قليل الانتباه وكثير الحركة (راجع د. غسان يعقوب - العربي، يناير 1955).

لقد دلت الأبحاث (فازنجتون 1990 ولوبر 1991) على أن الطفل الذي تظهر لديه العدوانية بشكل بارز ومستمر وفي مراحل النمو المختلفة سوف يكون في عداد الأشخاص المضطربين والعدوانيين والمضادين للمجتمع. أما العدوانية المؤقتة والعابرة والمعقولة التي تظهر قبل السابعة من العمر فهي تختلف تماما عن العدوانية المنحرفة أو المرضية.

إن اضطراب السلوك الذي يبدأ مبكرا وبالأخص ما بين 7 - 10 سنوات يؤدي غاليا إلى الجنوح في المراهقة وبالتحديد في الثالثة عشرة من العمر (فارغاسون 1992).

الأسباب

الأسباب متعددة ويمكن تلخيصها كما يلي:

1 - الجنس: تدل الدراسات والملاحظات العامة على أن الذكر هو أكثر عدوانية وانحرافا من الأنثى، ويرد العلماء ذلك إلى الفروقات البيولوجية والهرمونية والاجتماعية، فالقوة العضلية والهرمون الذكري يعتبران من العوامل التي تدفع إلى السيطرة والتفوق، تضاف إلى ذلك العوامل الاجتماعية التي تولي الذكر قدراً أكبر من المرأة في مختلف شئون الحياة والميادين.

أما بالنسبة للأطفال العدوانيين فقد تبين أن هؤلاء يمتلكون نسبة مرتفعة من الهرمونات الذكرية بالمقارنة مع أترابهم من الأطفال الأسوياء.

2 - العائلة: مما لا شك فيه أن الأسرة تلعب دوراً بارزاً في تشكيل شخصية الطفل وتحديد مستقبله. إن معظم الأطفال العدوانيين (اضطراب السلوك) يعيشون، كما تبين، في عائلات يسودها الشجار والاضطراب. فالأب مدمن على الكحول وله تاريخ منحرف مثل أعمال العنف والانحراف، وهناك صورة الأم السيئة والأب الظالم، وهناك العائلة الكبيرة والفقر وعدم وجود السلطة والرعاية ووضوح القيم.

3 - دور التلفزيون: كثيراً ما يعتقد الناس أن أفلام العنف التي يشاهدها الطفل باستمرار على شاشة التلفزيون سوف تدفع به إلى تقليد ما يرى وبذلك قد يصبح عدوانيا. هذه الفرضية تمت دراستها عن طريق الأبحاث الميدانية، وقد توصل العلماء إلى القول إن أفلام العنف تؤثر سلبا في سلوك الطفل (التقليد والتوحد). ويبدو أن التلفزيون قد أفسد أجيالا في مختلف المجتمعات مع العلم بأن الأهل يتركون طفلهم يشاهد ما يريد من أفلام حتى يتخلصوا من ضغوطه وطلباته.

لقد تبين أن الأطفال الذين يشاهدون أكثر من سواهم أفلام العنف يصبحون أكثر عدوانية، وهذه العدوانية تستمر في السلوك حتى المراهقة وسن الرشد (إيرون وسواه 1972) . هذا يعني أن الطفل يقلد النماذج السلوكية التي يراها باستمرار. فإذا كانت هذه النماذج عدوانية وسلبية، فإن السلوك يصبح عدوانيا. هنا تدخل نظرية التعلم عن طريق الملاحظة والتقليد وهي نظرية مهمة في علم النفس والتربية لأنها تفسر الكثير من سلوكيات الصغار والكبار. لقد وجدت الشرطة الأمريكية أن عددا من الجرائم العنيفة ارتكبها أشخاص بنفس الطريقة التي شاهدوها في الأفلام.

4 - العامل البيولوجي: لم يلاحظ الباحثون أن هناك فروقات بارزة من حيث التكوين البدني بين الأطفال العدوانيين والأطفال العاديين. أما الفرق فكان بارزا في مستوى الاندفاعية والسرعة وفي ردات الفعل والبطء في ضربات القلب والانخفاض الخفيف في مستوى الذكاء ويعتقد بعض العلماء بوجود عامل وراثي وذلك من خلال دراستهم للسلوك الإجرامي عند الراشدين (جلونجر وسواه 1987). غير أن الدراسات عن هذه المسألة عند الأطفال لا تزال محدودة وغير كافية. ويخلص العلماء إلى أن العامل الوراثي والعامل الاجتماعي (الأسرة، الرفاق، الفقر..) يتفاعلان باستمرار ويؤديان إلى الاضطراب المذكور.

5 - العامل الاجتماعي: تبين أن الحروب تؤدي إلى ارتفاع في نسبة العدوانية وأعمال العنف عند العسكريين والمدنيين بمن فيهم الأطفال، على سبيل المثال، تبين أن 30% من المسجونين في الولايات المتحدة كانوا من المقاتلين في فيتنام وقد تمت إدانتهم نتيجة لأعمال السرقة والعنف والإجرام التي قاموا بها. من جهة أخرى، تبين أن الأطفال اللبنانيين الذين تعرضوا للصدمة والتهجير قد ارتفعت لديهم نسبة العدوانية والرسوب الدراسي وسوء التكيف والجنوح (غسان يعقوب وليلى دمعة يعقوب 1991). أما في الكويت فقد أظهرت الإحصاءات الأولية (مؤسسة رعاية الشباب) أن نسبة العنف والجريمة قد ارتفعت في صفوف الشبان بعد الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت. قبل الغزو كان يشكل الكويتيون نسبة 47% من مجمل أعمال العنف إذ كان معظم أعمال الجرائم يرتكبها أشخاص غير كويتيين قد ارتفعت بشكل ملحوظ وهي تتراوح ما بين 70 - 80% من مجمل الحالات، وهنا تظهر الآثار النفسية السيئة للعدوان العراقي بالإضافة إلى ضحايا التعذيب والأطفال الذين تعرضوا لقلق ما بعد الصدمة.

العلاج

إن علاج اضطراب السلوك عند الأطفال لا يزال محدودا وهو يقتصر إجمالا في العديد من البلدان على العقاقير بما فيها المهدئات العصبية والأدوية المضادة للعدوانية. وهذه هي الحال في دول العالم الثالث حيث لا توجد برامج علاجية متكاملة. أما في الدول المتقدمة وبالأخص في الولايات المتحدة، فهناك محاولات علمية وبرامج علاجية لا تعتمد فقط على العقاقير بل أيضا على العلاج النفسي وعلى دور الأهل والمدرسة وتدريب الأطفال أنفسهم.

إن وضع الأطفال المذكورين معقد من حيث تشابك العوامل والضغوط، فهم يشعرون بالنبذ من جانب الأهل والمدرسين والرفاق، الأمر الذي يدفع بهم إلى المزيد من العدوانية والعنف، إذن هناك حاجة ماسة إلى توفير الخدمات النفسية والتربوية لهؤلاء الأطفال حتى يتسنى لهم تعلم المهارات الاجتماعية والأكاديمية التي سوف تساعدهم على ضبط انفعالاتهم والتعامل مع الآخرين. وعلى هذا الأساس، قام علماء النفس بوضع برامج تدريبية بعضها مخصص للأهل والبعض الآخر للأطفال، وترمي برامج الأطفال إلى تحقيق بعض الأهداف:

* اكتساب المهارات المعرفية والقدرة على حل المشكلات المطروحة وكيفية مواجهة الصعاب. الحديث الداخلي أو حديث الذات للذات مع اتباع بعض التعليمات الأساسية التي تساعد على ضبط الغضب والانفعال (كامب وباشي 1985).

وبما أن أهل الأطفال المذكورين يمثلون إجمالا النماذج السلوكية السيئة، لذا وجد علماء النفس أن البرامج العلاجية يجب أن ترمي أولا إلى تدريب الأهل على التصرفات السليمة بحيث يتعلمون كيف يعدلون سلوكهم ويتعاملون مع أبنائهم (تعزيز السلوك الإيجابي). والحوار معهم.

يبدأ البرنامج بأن يقرأ الأهل كراسا خاصا يؤهلهم لتعلم المهارات الاجتماعية وكيفية التعامل مع الطفل. في المرحلة الثانية، يتم تدريب الأهل على استعمال تقنيات التعزيز (مثل المدح والتشجيع ونظام المكافأة). وفي المرحلة الثالثة يتبع الأهل الطرق التربوية المناسبة للتعامل مع الطفل (مثلا إذا قام الطفل بسلوك خاطئ)، يتم تسجيل ذلك وتنخفض نسبة المكافأة بحيث تقول له: أصبح الآن معك ساعة أقل للنزهة أو لركوب الدراجة.. وفي المرحلة الأخيرة، يتم تعلم بعض التقنيات لمراقبة سلوك الطفل. إذ على الأهل أن يعرفوا متى ترك أبنهم البيت ومتى رجع ومع من كان يلعب أو ماذا فعل وأن يستعملوا بذلك أسلوب التفاوض والحوار وليس طريقة الاستجواب والتأنيب والعقاب.

تشير النتائج إلى نجاح هذه البرامج بحيث انخفض السلوك العدواني عند الأطفال بنسبة تتراوح ما بين 20 و 60% وذلك حسب تجاوب الأهل وتعاونهم مع المعالج النفسي (باترسون 1982) ونشير أخيراً إلى وجود برامج مماثلة تطبق داخل المدرسة وبالتعاون مع المدرسين.

 

ليلى دمعة يعقوب

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات