طرائف عربية

طرائف عربية

صيد المنح
صائد دراهم الملوك

قال "الأصمعي": كنت عند "الرشيد" إذ دخل عليه "اسحق بن إبراهيم الموصلي" فأنشده:

وآمرة بالبُخل قلت لها أقصري

فليس إلى ما تأمرين سبيل

فعالي فعال المكثرين تجملا

ومالي كما تعلمين قليل

فكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى

ورأي أمير المؤمنين جميل

فقال له "الرشيد": لله در أبيات تأتينها بها! ما أحسن أصولها وأبين فصولها! يا غلام أعطه عشرين ألفا. قال: والله لا أخذت منها درهما واحداً. رد "الرشيد": ولم؟. قال "الموصلي" : لأن كلامك والله يا أمير المؤمنين خير من شعري. قال: أعطوه أربعين ألفا.

قال "الأصمعي": فعلمتُ والله أنه أصيد لدراهم الملوك مني.

وصفة

قال "العتابي": إذا طلبت حاجة من سلطان فأجمل في الطلب، وإياك والإلحاح عليه؛ فإن إلحاحك يقلل عرضك ويريق ماء وجهك، فلا تأخذ منه عوضا لما يأخذ منك، ولعل الإلحاح يجمع عليك أخلاف ماء الوجه، وحرمان النجاح، فإنه ربما ملّ المطلوب إليه حتى يستخف بالطالب.

أهلا براحلة الفصيح

قدم "عبدالعزيز بن زرارة الكلابي" على "معاوية" فقال: إني لم أزل أهز ذوائب الرحال إليك، فلا أجد معولا إلا عليك، أمتطي الليل بعد النهار، وأسم المجاهل بالآثار، يقودني إليك أمل، وتسوقني بلوى، والمجتهد يُعذر، وإذا بلغتك فأنت أهل للكرم.

فأجابه "معاوية":

أحطط عن راحلتك فديارنا ديارك.

الخبز والجرذان

وقفت امرأة على بيت "قيس بن سعد بن عبادة" فقالت:

- أشكو إليك قلة الجرذان.

فقال:

- ما أحسن هذه الكناية! املأوا لها بيتها خبزا ولحما وسمنا.

الخليفة يرفع الراية

كان "أبوجعفر المنصور" أيام حُكم "بني أمية" إذا ما دخل البصرة دخل مستترا فكان يجلس في حلقة "أزهر السمان" المحدث، فلما جاءت الخلافة إليه قدم عليه "أزهر" فرحب به وسأله عن حاجته فقال" داري متهدمة، وعليّ أربعة آلاف درهم، وأريد أن أبني بيتي. فوصله باثني عشر ألفا وقال: قضينا حاجتك يا أزهر؛ فلا تأتنا طالبا.

فلما كان بعد سنة عاد "أزهر" فقال له "أبو جعفر": ما جاء بك؟ قال: جئتك مُسلماً. قال له: ظننا أنك جئت طالبا، وأمر له باثني عشر ألفا، وقال له: اذهب فلا تأتنا طالبا ولا مسلما.

فلما كان بعد سنة عاد "أزهر"، فقال له: ما الذي جاء بك أجئت طالبا؟

فقال: لا، ولكنني جئت عائدا. قال أمرنا لك باثني عشر ألفا واذهب فلا تأتنا لا طالبا ولا مسلما ولا عائدا.

وبعد العام عاد فاغتاظ "أبو جعفر" غيظا ملك عليه نفسه وشعر أنه أمام رجل لا يفريه الحديد، وعاجله قائلاً: ما الذي جاء بك يا رجل؟. قال: دعاء كنت أسمعك تدعو به يا أمير المؤمنين، جئت لأكتبه.

ضحك "أبوجعفر" وقال: إنه دعاء غير مستجاب، وذلك أني دعوت الله به إلا أراك فلم يستجب لي، وها أنت تجئ، وقد أمرنا لك باثني عشر ألفا وتعال متى شئت وفي أي وقت، وفي المواسم، وفي الأعياد فقد أعيتني فيك الحيلة.

النثر يهزم الشعر

أقبل أعرابي على "داود بن المهلب" فقال له: إني مدحتك فاستمع. قال "داود": على رسلك!.

ثم دخل بيته وتقلد سيفه وخرج، فقال : قل، فإن أحسنت حكمناك وإن أسأت قتلناك!. أنشأ الأعرابي يقول:

آمنت بداود وجود يمينه
من الحدس المخشي والبؤس والفقر
فأصبحتُ لا أخشى بداود نبوة
من الحدثان إذ شددت به أزري
له حكم لقمان وصورة يوسف
وحكم سليمان وعدل أبي بكر
فتى تَفرَقُ الأموال من وجود كفه
كما يفرق الشيطان من ليلة القدر

قال الأمير: قد حكمناك فإن شئت على قدرك، وإن شئت على قدري.

قال "الأعرابي": بل على قدري. فأعطاه خمسين ألفا، فقال جلساؤه: هلا احتكمت على قدر الأمير؟، قال: لم يك في ماله ما يفي بقدره!. قال له "داود": أنت في هذه أشعر منك في شعرك. وأمر له بمثل ما أعطاه.

 



أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات