من شهر إلى شهر محمد المخزنجي

من شهر إلى شهر

لمحات من جديد العالم

طب
كشف مبكر عن عته الشيخوخة المبكرة

الزهايمر "المرض الذي يضرب أمخاخ البشر مبكرا ويرمي بهم إلى هوة النسيان الأليم ، مرض رونالد ريغان وجاكلين كنيدي وملايين المنسيين في العالم ، هل صار بالإمكان كشفه مبكرا للحد من تفاقمهم قبل الأوان؟ آخر أنباء الطب تقول : نعم فثمة اختبارات جديدة تقدم للأطباء إمكانية للإطلال المبكر على المخ لكشف تدهوره المتسبب عن ذلك المرض ، الذي يعتبر مسئولا عن معظم حالات العته في العالم ، ويصيب عشر من يتجاوزن سن الخامسة والستين ، وقد كان تشخيصه غير ممكن إلا بظهور أعراضه وبفحص أنسجة أمخاخ المصابين به بعد وفاتهم.

الدكتور كيم جوبست من مستشفى "راد كليف" بإكسفورد قام بتطوير اختبار لكتشاف مرض "الزهايمر" بين المرضى الأحياء عن طريق تصوير المخ بالأشعة المقطعية الكمبيوترية (CT) وكشف انكماش أنسجة المخ. كما أن تصوير تدفق الدم عن طريق تقنية - كمبيوترية أيضا - تستخدم التصوير بأشعة جاما ، ويشار إليها اختصارا بـ (SPECT)، بعد حقن الدم بمادة مشعة ، يكشف عن قلة التدفق في مناطق المخ الخلفية لدى مرضى " الزهايمر " وهي التي يقول عنها الدكتور " جوبست " : " أنها المناطق التي تمكننا من الإحساس بالعالم خارج أجسامنا ".

الجديد حقا ، والأكثر بساطة ، في الكشف عن مرض العته المبكر ذلك ، جاء من كلية طب " هارفارد " ، إذ اكتشف العلماء بها أن حدقات المصابين بمرض " الزهايمر تتوسع بشكل غير طبيعي عند وضع قطرات " التروبيكاميد " في أعينهم. ولو اتبع هذا الكشف البسيط عن المرض بما سبق من وسائل أكثر تعقيدا كالتصوير بالأشعة الكمبيوترية ، لأمكن الإمساك بالمرض وهو في بداياته الأولى ، وهذا إنجاز كبير.

إن أعراض مرض الزهايمر والمتلخصة في الفقد المتسارع للذاكرة والإدراك ، غالبا ما تفاقمها عوامل كنقص الفيتامينات ، والاكتئاب ، ومرض الغدة الدرقية ، وهي جميعا عوامل سهلة العلاج والتعويض إن اكتشف الأطباء مبكرا إصابة المريض بالزهايمر ، إضافة إلى أن هذا الكشف المبكر سيساعد البعض على الاستفادة من الأدوية التجريبية التي ما زالت في أنابيب الاختبار ، ويساعد الكثيرين على اعادة ترتيب حياتهم قبل أن يفقدوا القدرة على تدبير الأمور . وليساعد الله الجميع .

إغماء مراهقات الروك.. ليس نفسيا

لماذا يغمى على بعض حضور حفلات موسيقي الروك؟ خاصة من الصبايا الصغيرات ؟ سؤال لم يكن يطرح بشكل علمي معمق ، على اعتبار أن الإجابة بديهية وتتلخص في أن المراهقات المهووسات تصيبهن نوبات إغماء هستيري من فرط الانفعال والتشبب والصخب. لكن مختصا بطب الأعصاب من مستشفى برلين الجامعي ، وهو الدكتور توماس ليمبرت أعاد طرح السؤال بجدية ، عازما على الإجابة عنه بجدية أيضا. وقام مع زميل له يدعى الدكتور مارتين بوير بفحص وتقصي حالات أربعين من المراهقات الصغيرات اختارهن عينة عشوائية من بين أربعمائة فتاة أصبن بالإغماء في آخر حفلة موسيقية شبابية أقيمت في إحدى ساحات برلين . وخلص الدكتور " ليمبرت " وزميله إلى أن هناك عدة عوامل تعتبر مسئولة عن حدوث هذه الإغماءات. فقد لاحظ أن 90 % من المصابات كن يقفن في الصفوف الأولى ، ولحجز الأماكن "الممتازة" تعين على البنات أن يقفن ساعات طويلة ومنذ وقت مبكر أمام بوابة الدخول ، ومعظمهن بتن دون نوم أو طعام في الليلة السابقة من فرط التوتر والترقب. وعندما يحمى وطيس الموسيقى ، فإن البنات المسكينات الواقفات في الصفوف الأولى يتحملن كل قوة الاندفاع التي تسببها صفوف الزحام من خلفهن ، ويتم اعتصارهن بين هذه القوة الغاشمة والحاجز الفاصل بين الجمهور والمنصة. وفي محاولة من الصدر لمقاومة هذا الضغط الخارجي ، يتقلص ، فيرتفع الضغط داخل القفص الصدري مما يعيق رجوع الدم إلى القلب ، ومع صرخات الافتتان التي يطلقنها فإن الضغط داخل الصدر يتضاعف مما يشكل مزيدا من التعويق لرجوع الدم إلى القلب. ومع قليل من الدم الراجع إلى القلب يقل الدم الذي يضخ ، ويهبط ضغط الدم. وعندما يصل ضغط الدم إلى درجة حرجة من الانخفاض ، يفقد المخ - بشكل مؤقت - إمداده من الدم ، ويحدث الإغماء.

ويعلق الدكتور ليمبرت على ذلك بإعطاء عدة نصائح لمعجبات الروك حتى يتفادين الإغماء وهي " نامي ، وكلي ، واجلسي ، وتابعي بهدوء ، وابتعدي عن الزحام ". لكن صاحب تلك النصائح يستدرك ضاحكا وهو يتساءل : " وهل تفعل معجبات الروك المراهقات ذلك ؟ ". والإجابة واضحة فما زالت موجات الإغماء بين مهووسات الروك الصغيرات.. مستمرة.

بيئـة
حتى البراكين تنتفخ أوداجها قبل أن تثور

بركان " مونت اتنا " هو قنبلة موقوتة . لكنها قنبلة من نوع استثنائي ، فهي طبيعية ، هائلة ، وقابلة للتجدد بمعنى أنها تتفجر وتعاود التفجر وكثيرا ما أدى تفجر هذا البركان إلى موت آلاف من أبناء جزيرة صقلية التي يوجد على أرضها. لهذا كان لا بد من البحث عن طريقة لإطلاق إنذار مبكر ، بناء على تنبؤ علمي ، بقرب ثوران البركان. وبمزاوجة تقنية التصوير الرداري بالأقمار الاصطناعية مع تقنيات الكمبيوتر المتقدمة ، جرى البحث الهادف إلى مراقبة البركان ، وكان الاكتشاف المفاجأة .

لقد عملت في مشروع البحث وكالة الفضاء الأوربية عبر ردار يحمله أحد أقمارها الاصطناعية ويرمز إليه بالحروف (SAR ) ، ومن خلاله راح القمر الاصطناعي يلتقط عديدا من الصور للبركان كلما مر فوقه ، ثم عولجت هذه الصور كمبيوتريا ، وكانت المفاجأة ماثلة في تفاصيل غير متوقعة ، فقد لوحظ في البداية نشوء إزاحة تقدر بعدة سنتيمترات ، في موقع البركان ، عندما حدثت زلازل كاليفورنيا عام 1992 م!. عندئذ التفت العلماء إلى أهمية مقارنة الصور التي أخذت للبركان قبل آخر ثوران له في شهر أكتوبر عام 1993 وأثناء ثورانه ، وبعد ذلك. وحدد العلماء الفرنسيون وجود " انتفاخ " في جسم المخروط المكون للبركان قدره 11 سنتيمترا قبيل ثورانه ، ثم بعد الانفجار تلاشى ذلك الانتفاخ. وقد علق على ذلك العلم الفرنسي ديدي ماسونيه بقوله :" إن هذا الانتفاخ الذي ثم تحديده بدقة لا ليس فيها راجع إلى امتلاء جوف البركان بالمادة المنصهرة المضغوطة ( magma ) قبل انطلاقها من الفوهة عند ثوران البركان ".

نتيجة مدهشة ، تذكرنا بانتفاخ أوداج البشر قبل أن يفرغوا شحنات غضبهم ، وكأن الطبيعة والمخلوقات ينطبق علها قانون واحد. وكما يكون انتفاخ الأوداج نذيرا بقرب انفجار ثورات الغضب البشري ، يكون انتفاخ البراكين إنذارا بقرب ثورانها وفرصة لإنقاذ حياة الآلاف من البشر.

إنهم يزرعون (البلاستيك) أيضا !

من يصدق أنه في أيامنا هذه توصل العلماء إلى زراعة شجيرات تثمر البلاستيك ؟. . الأمر جد ، فالبروفسور كريس سومرفيل بمعهد كارنيجي بكاليفورنيا كرس ست سنوات كاملة من عمره لاستنباط نباتات ، معالجة وراثيا ، لإنتاج نوع من البلاستيك يدعى " بولي هيدروكسي بيوتيرات " ويرمز إليه بالأحرف اللاتينية ( PHB ) وهو يشبه كثيرا البلاستيك المستخدم في الأدوات المنزلية من نوع " البوليثين " المرموز غليه بالأحرف (PVC) ولكن بفارق مهم يتمثل في أنه - أي البلاستيك النباتي - قابل للتحلل عضويا خلال ستة أسابيع فقط من التعرض للهواء مما يجعله مناسبا لصناعة المغافات قصيرة الأجل ، على عكس البلاستيك المعتاد والمصنع من البوليمرات المخلقة كيماويا فهو يحتاج إلى سنوات عديدة حتى يتحلل.

من الجدير بالذكر أن البلاستيك النباتي ( PHB ) تنتجه طبيعيا بعض بكتيريا التربة ، وما فعله البروفسور سومرفيل هو أنه عزل المورث المسئول عن إنتاج البلاستيك في هذه البكتيريا وزرعه في الطاقم الوراثي للنباتات التي أخذ يطورها وأسماها باسمه.

وكانت النتائج الأولى محبطة إذ لم تنتج هذه النباتات غير واحد بالمائة من وزنها من البلاستيك. لمن مع استمرار برنامج الاستنبات وصل مستوى إنتاج 14 % من وزنها (بلا ستيكيا ). وهي نسبة مقاربة لما تعطيه ثمار البنجر من السكر .ويعتبر هذا نجاحا كبيرا جدا.

أمام هذا النجاح. فإن شركة " مونسانتو " الزراعية العملاقة بالولايات المتحدة سارعت إلى شراء حقوق الاحتكار التجارية لزراعة وبيع هذا النبات ، ومن المتوقع أن تطرح في الأسواق أوعية بلاستيكية نباتية مأخوذة من " أعشاب كريس "هذه في أقل من خمس سنوات قادمة.

رياضة
تمارين غربية.. على القتل !

صرعة " رياضية " غريبة تجتاح الغرب الآن وتحديدا بريطانيا والولايات المتحدة ، ويسمونها لعبة " كرة التلوين " (Paint Ball ) ففي كل عطلة نهاية أسبوع " ويك إند " يتحرك آلاف من الرجال وبعض من النساء في اتجاه أماكن معينة داخل الغابات ، ويكونون في ألبسة عسكرية مموهة ومدرعة ، بينما رءوسهم مخبأة في خوذات لا تظهر إلا عيونهم البارقة وراء نوافذ من الزجاج المصفح ، وبين أياديهم تتهيأ للإطلاق بنادق غريبة تسمى " الأسلحة فائقة القوة " ، وهي تطلق كرات لا تكاد تصيب هدفها حتى تتهشم تاركة على الهدف لطخة من الدهان الملون بألوان مختلفة. إنها إحدى " ألعاب الحرب " كما يميها البعض. وإن كان هناك من يطلق عليها " لعبة القتل ". لكن هناك من يعتقد أنها ليست مجرد لعبة ، بل هي تجارة كبيرة تلعب على أوتار خفية داخل غابات النفوس ، ثم أنها لعبة لا يمارسها الصغار بل الكبار !

الفريق "الأحمر" يهجم ببنادق "البانت بول"
فهل يكون ذلك تمرينا للهجوم بالرصاص من أجل إسالة الدماء فيما بعد؟

الغريب أن مولد هذه اللعبة في عالم البشر ، جاء إليها من دنيا البقر ! ففي الثمانينات كان الرعاة الكنديون والأمريكيون يطلقون على قطعانهم طلقات من الأصباغ لتميزها عن قطعان الآخرين. وفي عام 1984 التقط عالم " البيزنس " هذه اللمحة وحولها إلى الاستثمار وسط البشر وكانت الشركة الرائدة في ذلك تحمل اسم " اسكيرميش " ( أي المناوشة ) ثم توالت الشركات وتطورت أصباغ الكرات من الدهانات الزيتية إلى المائية ، ووضعت قواعد الاحتراب وتقمص القتل بدقة.

وسرت نار اللعبة سريان النار في الهشيم ، من أقصى الغرب إلى أدناه ، ويقال إنها وصلت حتى أستراليا وجنوب إفريقيا والشرق الأقصى ، بل بيروت أيضا ، بها أن " البانت بول " صارت أكثر الرياضات نموا في المملكة المتحدة ، وتقدر استثماراتها بالبلايين ، والطلب على بنادقها الخارقة يصل إلى عشرات الآلاف كل يوم. وصارت للعبة اتحادات ومجلات ، ومسابقات ، كان آخرها مسابقة ( دولية ) جرت في " هيلنجلي بسوسيكس " الإنجليزية ، وتبارى فيها 60 فريقا على جائزة قيمتها 70 ألف جنيه أسترليني ، وفاز بها الأمريكيون ! .

هذه اللعبة تتلخص في تكوين فريقين تفصل بينهما وتخفيهما الأحراش ، ويتنافسان على احتلال منطقة معينة يكون الوصول إليها خطرا ، ويتبادل الفريقان قنص أحدهما الآخر ، وكل من يصاب وبقذيفة تلطخه يخرج حتى يبقى آخر القتلة. فهل هي عملية قتل صورية ؟.

السؤال يجتهد في الإجابة عنه عديدون. ف " بيير أدلر " مساعد رئيس تحرير إحدى المجلات العلمية يكتب تحت عنوان " بالفطرة ولدت قاتلا " : " قبل أن أجرب لعبة البانت بول لم أكن أتصور نفسي عدوانيا ، ولكن ما أن ارتديت الكاكي والقناع والدروع وأمسكت بالبندقية وتهيأت لضغط الزناد حتى بدأت العدوانية تعمل. وفي عربة القطار أثناء رجوعي من حرب البانت بول كنت في القمة ، أشعر بأن طولي قد زاد وكان أمامي رجل أحمر الوجه يتكلم بصوت مرتفع فتخليته هدفا رحت أصوب عليه وكأنه ظهر كرسي ، وكنت أستعيد إحساس الضغط على الزناد وأشتهي صوت الطلقة ". أما المحرز الصحفي " مات باكون " فإنه يقول ، بعد أن جرب اللعبة : " أنني لا أظن أن البانت بول تمجد الحرب بل أنها تجسد لك مأساوية أن شخصا ما لم تره من قبل ولم يرك يريد أن يقتلك ".

وبعيدا عن اختلاف الآراء الشخصية يقول عالم النفس الشاب الدكتور جورج سيك تحت عنوان " البانت بول على منضدة التحليل النفسي " : " الجسد الإنساني مهيأ لإطلاق شحنات الإدرينالين عند الخطر لتمكن قلبه من العمل بقوة لتغطية احتياجات المواجهة أو الهرب. لكن بعد هبوط وحافز الإثارة يصبح الإنسان في حالة من التوتر والشعور بعدم الراحة. وهذه الحالة خطر لدى من يعانون ضعف قوة لدى من يعانون ضعف قوة الأنا العليا. أي الرقيب الأخلاقي. وبكلام ( اكلينيكي ) لا شك أن البانت بول تناسب هؤلاء الذين يعانون حيودا نفسيا وعدم قدرة على التأقلم ".

على أية حال ، إنها لعبة ، وكما طبعت أفلام وعروض العنف الأمريكية خصوصا والغربية عموما لعب الأطفال التي ملأت غرف البراءة بترسانات من المدافع والمجنزرات ووحوش ما قبل التاريخ وما بعده ، فلا غرابة أن يتسلل العنف إلى ألعاب الكبار أيضا ، خاصة في عالم يكثر فيه العنف العرقي والطائفي البشع ، ليس على مستوى اللعب أو الخيال فقط ، بل في الواقع أيضا. واسألوا البوسنة.. والهرسك !! .

 

محمد المخزنجي

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




تتوسع حدقة المصاب بالزهايمر أكثر من المعتاد عند معالجتها بقطرة "تروبيكاميدا"





قناص (البانت بول) هل هو شبح يتخفى وراء اللعب ليتمرن على القتل؟





صورة الاشعة المقطعية تنبئ بانكماش انسجة المخ





بين الحاجز وضغط الزحام تصاب مراهقات "الروك" بالاغماء لأسباب عضوية





صورة بالكمبيوتر تظهر انتفاخ وانكماش مخروط بركان مونت إتنا





حبيبات البلاستيك (النقاط الصفراء) تنمو داخل خلايا النبات (باللون الأخضر)