إلى أن نلتقي أنور الياسين

إلى أن نلتقي

صوت أو لا تصوت

ونحن على أبواب انتخابية نيابية جديدة في ديرتنا العامرة " الكويت "يثور هذا التساؤل القديم الجديد : متى تأخذ المرأة حقها في التصويت البعض يعلق ساخرا على هذا التساؤل.. إن النساء يرفعن علينا أصواتهن داخل المنزل ولم يبق إلا أن يرفعن أصواتهن داخل المجلس أيضا. والبعض الآخر يؤكد أن المرأة تنساق كثيرا وراء عواطفها أكثر من عقلها وبالتالي سوف تنظر أولا إلى وسامة المرشح قبل أن تنظر إلى برنامجه الانتخابي. وبما أن معظم مرشحينا - والحمد لله - يتمتعون بالوسامة ولا يملكون برامج انتخابية فسوف تكون الحيرة كبيرة . بعيدا عن التعليقات الساخرة التي هي ذات طابع ذكوري بحت والتي ترى أن السياسة هب بالأساس لعبة الرجل وبعيدا أيضا عن القول السائد إن التطور المادي في دول الخليج قد شهد طفرة كبيرة بينما بقيت العلاقات الاجتماعية على حالها من التحفظ يمكن القول إن دخول المرأة إلى ميدان السياسة كان ولا يزال مسألة غاية في الصعوبة في العالم كله. ففي بلادنا العربية العامرة بالديمقراطية لا تتجاوز نسبة تمثيل المرأة أكثر من 3.5 % أي أنها أقل من الدول الإفريقية التي تصل النسبة فيها إلى 9 % وهي طبعا أقل بكثير من النسبة الأوربية التي تبلغ من 16 إلى 20 %.

السياسة غابة موحشة - هكذا يعترف كل من مارسها 0 فهي مجال للتنافس في الظاهر وللضرب تحت الحزام في الباطن. وكل اللواتي مارسنها قد أخذن بعضا من قسوة الرجال بل كن أكثر منهن صرامة حين قمن بإعلان حروب لم يجرؤ الرجال على إعلانها - راجع أنديرا غاندي وجولدا مائير وتاتشر -لذلك تتفاوت النظرة إلى المرأة بين اللذين يرون حرمانها من التعليم لآن رحمها يمتد إلى عقلها وبين الذين يرون أن المرأة نصف البشرية لذا يجب أن تنص التشريعات على أن تكون نصف المرشحين من النساء أي أن تكونه لهن " كوتة " ثابتة لا تتغير. ولكن من يأخذ بهذا الاعتبار بعض الأحزاب الأوربية فعلت ذلك ولكن بنسبة أقل من النصف بكثير. وفي " نيوزيلندا " أنشئ أول حزب يهدف فقط إلى كسر احتكار الرجل للحكم ولكن المدهش أن هذا الحزب الذي بدا شرسا قد تحول عن أهدافه السياسية ليهتم بالأمومة ومشاكلها وبالتالي دعم وجهة النظر الذكورية التي ترى أن المرأة ستحول البرلمان إلى بيتها الخاص تناقش فيه مشاكل الطبخ وتربية الأولاد.

وبرغم ذلك فالمرأة الكويتية في حاجة إلى هذه الدفعة القوية في حاجة إلى النظر إليها ككيان مستقل. وهي في حاجة إلى التصويت بقدر ما نحن في حاجة إلى صوتها لأن وجودها في المجلس سواء في الكويت أو في بقية بلادنا العربية التي تفتقر إلى الوجود الديمقراطي والوجود الأنثوي سوف
يلفت أنظارنا جميعا إلى قضايا حيوية لم نكن نشعر بوجودها.

 

أنور الياسين

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات