جابر الأحمد.. السياسي الإنسان

جابر الأحمد.. السياسي الإنسان

يملك المرحوم الشيخ جابر الأحمد الصباح فلسفة ورؤية تتمحور في بناء الإنسان أينما كان. وبناء الإنسان يتطلب إعداد سياسات تنموية شاملة, سواء في الداخل أو الخارج. ورؤية جابر الأحمد مبنية على أساس أن بناء الإنسان الكويتي والخليجي والعربي, يتطلب جهودًا جماعية من الجميع. وعلى الكويت كدولة ثرية حباها الله بالثروات الطبيعية, مسئولية دينية وإنسانية في رفع الغبن عن الآخرين, ومشاركتهم في رفع مستوى حياتهم.. والتنمية في حقيقة الأمر تتطلب توافر البيئة المسالمة الآمنة المستقرة حتى يتمكن الفرد من العطاء والبذل والتضحية.

لذلك, أخذت السياسة الداخلية والخارجية الكويتية على عاتقها مسئولية تشكيل وتوفير الأمن الإقليمي حتى تتمكن شعوب المنطقة من تنمية وتطوير حياتها وبناء الإنسان (الجديد).

فخلق البيئة الآمنة يعني فض النزاعات والتوترات والخلافات, لذلك, سعت الكويت وبنجاح في القيام بدور الوسيط في النزاعات العربية - العربية, وكانت للكويت مصداقية وديناميكية جعلتها عنصر جذب وثقة من جميع الأطراف العربية, القريبة والبعيدة.. فلا توجد أزمة أو خلاف عربي - عربي أو غيره, لم يكن للكويت بصمات في السعي لاحتواء هذا الخلاف أو تلك الأزمة وحلهما من لبنان إلى اليمن, مرورًا بالسودان.

وتزامن هذا المنهج مع سياسات التمويل والدعم المالي لبناء الإنسان, فأصبحت الكويت دولة مانحة تقدم العون للجميع من عرب ومسلمين وغيرهم لبناء البنية التحتية, لتنمية وتطوير حياة الشعوب في قطاعات الكهرباء, التعليم, الصحة, الإسكان وغيره.. وكان الشيخ جابر الأحمد مهندس هذه السياسات التنموية, فأنشأ الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية, الذي أصبح ذراع الكويت الخارجية في نهاية عام 1961, أثناء توليه رئاسة دائرة (وزارة) المالية, وقدم الصندوق ما يزيد على (600) قرض لأكثر من (100) دولة في قارات العالم المختلفة, تتجاوز الـ (12) مليار دولار أمريكي, ودعم فكرة قيام الجمعيات الخيرية الكويتية ببناء مشروعات تنموية في الخارج كجزء من واجبها الديني والإنساني.

وفي نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات, انتهج الأمير الراحل دعم سياسات التكامل الاقتصادي والتحالفات السياسية, فنادى بتشكيل كيان خليجي مشترك أثمر تشكيل مجلس التعاون الخليجي, ويعتبر هذا باكورة جهوده الإقليمية.

وفي عهد المرحوم الشيخ جابر الأحمد استمرت الكويت في اتباع الخطاب السياسي الذي يتمحور حول التوازن الإقليمي والتعاون العربي, وعدم التدخل في سياسات الدول الأخرى والابتعاد عن سياسات المحاور والتحالفات العسكرية ونهج الديمقراطية الداخلية. وتمكنت الدولة من خلال هذه السياسات الواقعية من خلق قوة أدبية ميّزت الكويت عن مثيلاتها في المنطقة, وأصبحت رصيدًا يضاف إلى إنجازات الكويت تحت حكم الشيخ جابر الأحمد.

وخيار الكويت المقبل, هو الاستمرار في العطاء الإنساني والتوازن الإقليمي, والعمل الجماعي لدعم ديمقراطيتها المتجددة والرائدة في المنطقة.

د. عبدالرضا أسيري
أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية
جامعة الكويت





صورة تجمع بين سمو الشيخ عبدالله السالم الصباح وسمو الأمير جابر الأحمد الصباح رحمهما الله





صورة من ذكريات الشباب تجمع بين الأمير الراحل وشقيقه سمو الشيخ صباح الأحمد رئيس مجلس الوزراء