القمة العربية الاقتصادية الأولى في الكويت.. التنمية أولا

خرج معظم العرب - إن لم يكن كلهم- رابحين من قمة الكويت الاقتصادية والاجتماعية والتنموية التي عقدت في 19 و20 يناير الماضي, لكن, وكما العادة, كان الربح الفلسطيني ممزوجا بمرارة مادامت إسرائيل وظهيرها العالمي لايعترفان بكامل الحقوق الفلسطينية والعربية إلا بشروطهما غير المنحازة إلالدولة الاحتلال الإسرائيلي وأمنها المقدس في نظرهما.

بداية, سجلت الكويت سبقا قل نظيره عربيا في السنوات الأخيرة عندما استطاعت تهيئة أجواء مصالحة عربية - عربية، كدنا نعتقد أنها باتت أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع في ظل تباينات اتسع بونها الشاسع على نحو مخيف منذ 4 سنوات على الأقل.

استطاعت قمة الكويت الاستثنائية ما لم تستطعه قمم عربية عادية منذ العام 2003.

في ذلك العام انفجر الملف العراقي لتصل شظاياه إلى كل عاصمة عربية أخذت على حين غرة بتداعيات لم تكن كلها محسوبة لديها.

وفي العام 2005 زادت الفجوة بعد اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري واغتيلت معه بعض أجواء التفاهم العربي الذي كان بدأ هشا أصلا.

وفي العام 2006 حصل عدوان إسرائيل على لبنان لتتسع الهوة حول الأسباب والنتائج. ثم كرت سبحة الخلافات، تارة على خلفية الخلاف الفلسطيني - الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس ونزاع السلطة بينهما , وطورا لأسباب متصلة بأدوار إقليمية لجمهورية إيران الإسلامية، انقسم العرب حول ماهيتها ومدى تأثيرها في اسقطابات المحاور.

خمس سنوات من الشحن والشحن المضاد, من الشد والجذب باستخدام أدوات عديدة منها السياسي والأمني, ومنها الإعلامي, بطبيعة الحال مع الأسف, كما في كل مرة تطفو على السطح خلافات عربية.

مبادرة الكويت

قمة الكويت, وبفضل صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، جمعت أضدادا على كلمة سواء. قد تكون كلمة «أضداد» غير مناسبة لتوصيف خلاف الأشقاء, لكن الكلمة تجسدت بلا مواربة في بعض خطب افتتاح القمة.

من كان متابعا للمجريات شعر كأنه في فيلم رعب اشتدت حبكته حتى وصلت ذروة التوتر، ليأتي خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بقوله «تجاوزنا الخلاف وفتحنا باب الوحدة». تلك الكلمات جسدت علنا المبادرة الكويتية التي كانت مكوكية في الكواليس للم الشمل استنادا إلى العلاقات الكويتية الجيدة مع كل الجهات العربية.

وكانت مصالحات أمام كاميرات العالم التي نقلت حدثا تاريخيا بكل المقاييس.

وجاء وقع قبول المصالحة أشبه بانهمار ماء بارد في قيظ صيف حار.

كل ذلك بالرغم من أنف الظروف المحيطة بانعقاد القمة والتي كانت نارية ومعقدة ومفصلية.

نارية, بفعل آلة التدمير الإسرائيلية التي ارتكبت مجازر ضد الإنسانية في غزة غير آبهة بأصوات منددة من كل أرجاء المعمورة. مجازر ذهب ضحيتها أكثر من 1300 شهيد و4000 جريح. علما بأن 90 في المائة من الضحايا أطفال ونساء وشيوخ ومدنيون عزل من أي سلاح.

معقدة, بفعل الانقسام العربي الذي تعمق بسبب المقاربات المختلفة لأحداث غزة. حتى خيل إلينا أن القضية ليست نفسها، وأن الشعب الفلسطيني شعوبا. وأن إسرائيل تنجح مرة جديدة في فرز العرب على سجيتها ووفقا لمصالحها.

مفصلية, بفعل انتهاء فترة حكم الرئيس جورج بوش ومجيء الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما. ولأسباب متصلة بالانتخابات الإسرائيلية المقبلة، وما لذلك من حسابات ضيقة لهذا الحزب أو ذاك في مزايدات أمنية لا حساب فيها للدم الفلسطيني المهدور متى شاء الهاجس الإسرائيلي أن يوظف في خدمة ساعين لحفنة أصوات على أشلاء الفلسطينيين.

بالمقابل ظهر الدور الأوربي لاهثا بلا جدوى تذكر في موازاة استمرار انشغال الروس والصينيين بما يؤمن ظهورهم بعيدا عن حمل هم عرب وفلسطينيين منقسمين على أنفسهم وعلى العالم.

تاريخية لأنها عدة قمم في واحدة فقط, فقد كانت مخصصة لهدف اقتصادي تنموي، فإذا بها سياسية بامتياز من دون إغفال هدفها الأول.

سياسية بمصالحاتها العربية وبفتح كوة في جدار الخلاف الفلسطيني المستحكم بدعوة لإعادة ربط الحوار المقطوع بين أهل القضية الواحدة.

ما سلف ذكره قل نظيره على مستوى كل القمم العربية منذ قيام الجامعة العربية.

يدا بيد, قاد سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز سفينة تتلاطمها الأمواج العاتية إلى بر علّه بر الأمان بانتظار الآتي من الأيام.

بانتظار القمة العربية الدورية العادية التي ستعقد في الدوحة بعد شهرين.

شهران سيكونان فترة اختبار حقيقية لنوايا المصالحة التي أعلنت.

في هذه الأثناء تلملم غزة جراحها ببلاسم عربية من وحي قمة الكويت, ويسعى الشارع الفلسطيني لتضميد ندوبه بمساعدة عربية ومبادرات ترمي لتوافق - ولو بالحد الأدنى - لمواجهة المرحلة المقبلة.

كان الرد واضحاً

أحداث غزة الدامية لم تترك مجالا إلا لطلب وحدة الصف. فهمجية إسرائيل - التي صعق منها وبها العالم أجمع - استدعت من جميع حاضري القمة بلا استثناء تجاوز التباينات للالتقاء معا عند مفترق طرق، أرادته إسرائيل مزيدا من التشتت العربي فإذا بالبوصلة العربية لا تخطىء الاتجاه. وكان الرد واضحا على أكثر من محور:

- إدانة عدوان إسرائيل بلا تردد ولا هوادة

- تقديم كل الدعم المادي والمعنوي للأشقاء الفلسطينيين ودعوتهم لإطلاق حوار بين فصائلهم نحو حكومة وحدة - أو وفاق وطني.

- وقمة الكويت لم تنتظر مؤتمر دول مانحة لإعمار غزة ونجدة أهلها. لقد أعلنت المملكة العربية السعودية تخصيص مليار دولار ووعدت الكويت فورا بمد يد العون المطلوب أيضا لتعلن لاحقا عن المبالغ التي ستخصصها مع أشقائها العرب والأصدقاء من حول العالم.

- ولأن صاحب الحق أقوى دائما جددت القمة التمسك بمبادرة السلام العربية التي باتت مشروطة الآن أكثر من أي وقت مضى بدور حيادي ونزيه للولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي. فكما قال خادم الحرمين الشريفين «إن تلك المبادرة لن تبقى مطروحة على الطاولة إلى الأبد».

الهدف الأول

بالعودة إلى هدف القمة الأول الذي أطلق بالتعاون بين الكويت وجمهورية مصر العربية - منذ أكثر من عام - بالتركيز على التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ففي قراءة لأوراق القمة والمنتدى الذي سبقها يظهر أن التعاون الاقتصادي يكون أو لا يكون وفقا لدرجة اتصاله بالسياسة. فأي نجاح لأي مبادرة مشتركة مرهون بالإيمان العميق بالمصلحة المشتركة. تلك المصلحة لا تحكمها في بلداننا العربية - بعد - قواعد كالتي يطبقها الأوربيون بأحادهم في برلمان أوربي يتمثل فيه الجميع, وفي مفوضية هي أشبه بحكومة مشتركة. عربيا, تؤخذ معظم القرارات في أعلى الهرم وتنفذ نزولا. بمعنى آخر, للسياسة دور أول، وأخير أحيانا كثيرة.

وفي هذا المضمار, أخذت الكويت والسعودية على عاتقهما إطلاق مبادرتين مختلفتين في الشكل لكنهما تلتقيان في صميم هدف واحد.

أعلن الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إطلاق مبادرة تنموية تهدف إلى توفير الموارد المالية اللازمة لتمويل ودعم المشاريع العربية الصغيرة والمتوسطة عبر صندوق رأسماله نحو ملياري دولار تبرعت الكويت وحدها بـ 25% من رأسماله بداية (500 مليون دولار). على أن توكل إدارة هذه المبادرة التنموية إلى الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي. وأطلق الملك عبدالله حملة إعمار غزة ونجدة أهلها. ووعدت الكويت فورا بمد يد العون المطلوب.المبادرتان الكريمتان تلتقيان عند المواطن العربي في كرامته وعيشة الكريم.

فبالرغم من كل تلك الأحداث المتلاحقة لم يغفل المؤتمرون الهدف الاقتصادي والاجتماعي والتنموي. فقد سبق قمة الملوك والرؤساء والقادة منتدى جمع أكثر من 50 محاضرا بينهم رؤساء حكومات ووزراء ورؤساء مؤسسات مالية واقتصادية وخبراء عرب ودوليون بالإضافة إلى مؤسسة جامعة الدول العربية التي أبدعت في التنظيم والإعداد بالتعاون مع الحكومة الكويتية ممثلة بكل وزاراتها ودوائرها المختصة التي وفرت أفضل ظروف للانعقاد أقر بفاعليتها كل المؤتمرين.

الأزمة العالمية

تطرقت أوراق المنتدى إلى الأزمة المالية العالمية وتداعياتها لاسيما على الاقتصاد العربي، إلا أن ذلك كان في عجالات غير متخصصة، حيث إن الهدف أبعد من معالجات آنية لازمة طارئة. بل كان السعي حثيثا لوضع لبنة في مدماك بنيان اقتصاد عربي لم يبدأ مندمجا ومتكاملا بعد لتكون تداعيات الأزمة العالمية عليه من نوع واحد. فهنا أسواق مال تنهار وهناك عقارات تتداعى أسعارها, وبين الاثنين اقتصادات عربية غير مندمجة أصلا بالاقتصاد العالمي, بقيت بسبب ذلك بمنأى عن التداعيات. لكن انخفاض أسعار النفط كان محطة لا يمكن القفز فوقها، لأن ايرادات النفط مورد أساس للتنمية العربية, ليس على صعيد دول الخليج والدول العربية الأخرى المنتجة للنفط فقط، بل تلك الإيرادات تشكل رافعة أساسية من رافعات المشاريع الاستثمارية والتنمية العربية البينية. مع الأخذ بالعلم أن الصناديق الخليجية والعربية الممولة أساسا من الدول النفطية كانت محور اهتمام خاص لما لأدوارها من عضد محوري في إنجاح مبادرات كالتي أطلقها سمو أمير الكويت الخاصة بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

التنمية الاجتماعية

جعلت القمة من رفع مستوى معيشة المواطن العربي عنوانا من قبل أن تفرض أحداث غزة نفسها على رأس الأولويات. وهي لذلك دعت إلى برنامج عمل ينفذ بين 2009 و2015 بالتركيز على الدول العربية الأقل نموا للحد من الفقر فيها.كما دعت القمة لتعزيز دعم الشراكة بين القطاعين العام والخاص ومؤسسات التمويل للاستثمار العقاري في توفير السكن الاجتماعي منخفض التكاليف، فضلا عن تحقيق التوسع في مشروعات الرعاية الصحية الأساسية, وتفعيل دور المؤسسات الصحية العربية المشتركة لرفع مستوى الخدمات وتقديمها بصورة ملائمة للمواطن العربي, ومكافحة الأمراض المتعلقة بسوء التغذية ونقص المياه النظيفة, وغيرها من الظروف الاجتماعية غير اللائقة بحياة كريمة.

أجمع أصحاب القرار على أن الأهداف سالفة الذكر تتطلب سياسات حكومية رشيدة, ومالا وفيرا أيضاً إذا عرفنا أن متوسط العمر المتوقع عند الولادة لا يتجاوز 50 عاما في بلد مثل الصومال, وأن نسبة الإلمام بالقراءة والكتابة لدى البالغين (% من عمر 15 سنة وما فوق) تجاور الـ50% فقط في بلد مثل العراق والمغرب واليمن. وأن مجموع نسب الالتحاق الإجمالية بالتعليم بمختلف مراحله تحت الـ50% في دول عربية مثل السودان وجيبوتي.

لقد أظهر تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة قبل سنتين أن تلك التنمية مرتفعة لتقارب متوسط الدول المتقدمة في 5 دول عربية فقط هي دول خليجية. أي معظم الدول العربية تقع عند خط المتوسط والمنخفض من حيث التنمية البشرية.

وتلك المعدلات تتركز في الدول الأكثر فقرا والأقل موارد كما في بلدان ذات تقلبات أمنية وسياسية متواترة تقعد المجتمع عن سيره الطبيعي نحو التنمية بشكل مستدام. بالمقابل فإن الدول النفطية لاسيما الخليجية منها تتمتع بمعدلات تنمية بشرية مرتفعة بفضل سياسات الإنفاق السخي على الصحة والتعليم والاسكان. لذا شددت القمة على دور مؤسسات التمويل العربية مثل الصندوق العربي للإنماء الاجتماعي والاقتصادي, الذي أولته القمة مهمة إدارة صندوق تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى جانب أدوار لا تقل أهمية للصناديق الأخرى لأنها - وكما قال أمير الكويت - «تمثل إضاءة بارزة في العمل العربي المشترك».

لكن ذلك لا يعفي حكومات من القيام بواجباتها كاملة، لاسيما في إعادة هيكلة موازناتها وتوجيه الموارد ناحية التنمية البشرية. وفي هذا المجال أعطى متحدثون في المنتدى الذي سبق القمة أرقاما مقارنة عن الإنفاق على التسلح مقابل الصحة والتعليم, فضلا عن كل الدول العربية تقع في مراتب متأخرة نسبيا وراء 35 دولة حول العالم من حيث مكافحة الفساد والهدر، الآفتين الناهشتين من موارد يفترض تعبئتها بالإنفاق الرشيد المركز على تنمية المواطن أولا.

من هذا المنطلق أتت الكويت لإطلاق صندوق لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة.تلك المبادرة تكتسب أهمية لا تضاهى على صعيد كل المقررات الباقية على أهميتها. فهي متصلة مباشرة بتوفير فرص عمل إنتاجية. فالإحصاءات العالمية تشير إلى أن قطاعات الإنتاج الحيوي في عدد كبير من الدول الصناعية ترتكز أساسا إلى المشاريع والصناعات الصغيرة والمتوسطة وبنسبة تصل إلى 70% في عدد كبير من الدول المتطورة. فالاقتصاد العربي غير المنوع كفاية والمعتمد أساسا على قطاعات تسيطر الحكومات على معظمها لا يترك المجال واسعا أمام المبادرات الفردية غير المسلحة بالتمويل الكافي. وهذا يخص تحديدا عنصر الشباب المتعلم المتوجه أساسا للوظيفة العامة أو إلى الهجرة بفعل ضعف القطاع الخاص.

فمبادرة الكويت تستجيب في حال نجاحها لحل معضلة متفاقمة على صعيد البطالة. فمعدل العاطلين عن العمل 22% ويزيد 1.5% سنويا, علما أن 54% من أولئك المتعطلين من عنصر الشباب. ومع مجيئ الأزمة المالية العالمية وصل الإجمالي إلى نحو 20 مليون عربي بلا عمل حاليا, ما يسبب شتى أنواع الإرباك على عدة صعد لاسيما الاجتماعية منها. لذا فإن مبادرة الكويت تحتاج إلى دفع إيمان جماعي بضرورة إنجاحها,لأنها تحاكي صميم مشاكل العرب في نقص الموارد المخصصة لعنصر الشباب الراغب في توظيف أفكاره وقدرته على الإنتاج في بلدانه التي تعاني من البطالة.

القطاع الخاص

وكان بين التوصيات ما تعلق بتعزيز دور القطاع الخاص. فهذا القطاع يعاني من هيمنة الحكومات على مقدرات الاقتصاد وناتجه. فالفرص الاستثمارية المتاحة ضئيلة في ظل استمرار تملك القطاع العام لمعظم روافد الناتج. فعلى الصعيد الخليجي - للمثال وليس الحصر, حيث النفط أول مورد, مازال القطاع الخاص وعلى ضفاف الاستثمار البترولي غير مسموح له بالانخراط في عمليات التنقيب والتكرير والتسويق الا في أضيق الحدود. وعلى المستوى العربي العام تقل إلى الحدود الدنيا الاستثمارات الخاصة في قطاعات مثل التعليم والصحة. حتى أن بعض الحكومات تنافس القطاع الخاص في الاستثمارات العقارية والصناعية والسياحية. فعلى الرغم من حركة الخصخصة التي نمت بشكل كبير خلال الـ 20 سنة الماضية فإن أكثر من 60% من الناتج العربي عبارة عن قطاع عام بشكل مباشر أو غير مباشر. وأتت الأزمة المالية العالمية لتزيد هذا الطين بلة وتجعل الحكومات أكثر حضورا في الاقتصاد لأسباب متصلة ببنية القطاع الخاص غير المكتملة أي غير القادرة على مواجهة أزمة الائتمان التي عصفت بالأسواق المالية والعقارية وصولا إلى الاقتصاد الحقيقي.

ولأن الحكومات لم تنوع اقتصاداتها كفاية, انتفخت الاستثمارات المالية والعقارية لتشكل فقاعة سرعان ما انفجرت في عدد من البلدان مسببة خسائر فاقت الترليون دولار في هبوط قيم الأصول. فالاقتصاد العربي غير الحكومي يسيطر عليه الريع لا الإنتاج. فسواء كان الريع من قطاع الخدمات المالية والمتاجرة بالأصول مثل الأسهم أو من الاستثمارات العقارية, فإن الأزمة كشفت مدى عمق الحاجة لقطاعات إنتاج تتأزم، لكن لاتقع, تعاني، لكن لا تموت. لذا شددت القمة على تعبير تعزيز «الاقتصاد الحقيقي» أي إنتاج السلع والخدمات ذات القيمة المضافة لاسيما تلك التي تخفف من نزف الأموال في الاستيراد.

مناخات الاستثمار

شددت القمة على المضي قدما وبسرعة أكبر لاستكمال البنى التشريعية اللازمة لتحسين مناخات الاستثمار لما لذلك من أثر مباشر في توظيف جزء أكبر من المال العربي في الوطن العربي, إذ لا تزال الاستثمارات العربية البينية لا تمثل اكثر من10 في المائة من الاستثمارات العربية المهاجرة. فالتشريعات المتخلفة عن اللحاق بركب العولمة, والبيروقراطية المستفحلة, والفساد المستشري, والحواجز الجمركية والضريبية, وقلة الحوافز.. كلها عوامل إعاقة تحول أحيانا وفي حالات عربية عديدة دون توطين رأس المال العربي.

الاتحاد الجمركي

لعل أبرز محور وضعت له القمة تاريخا محددا لإنجازه هو الاتحاد الجمركي, إذ حددت 5 أعوام بين 2010 و2015 لتحقيق هذا الهدف الذي تكمن أهميته الاستراتيجية في إزالة كل العوائق الباقية، لا، بل المتجذرة أمام تدفق السلع والخدمات بين الدول العربية. فتلك الحواجز تزيد الحمائية وتقلل التنافسية من جهة, وتحجب فرص تسويق هائلة عن المنتج العربي على أنواعه من جهة ثانية. فمازالت التجارة العربية البينية لاتشكل أكثر من 12 في المائة من إجمالي التبادل التجاري بين العالم العربي والعالم الخارجي. فعلى الرغم من قطع أشواط في مشروع السوق العربية المشتركة تبقى الحواجز الجمركية والموانع الأخرى، مثل رخص الاستيراد وشروط الترانزيت وغيرها مثل المقاييس والمعايير المختلفة بين ضفة وأخرى تشكل سدا منيعا أمام التجارة العربية البينية. فالاتحاد الجمركي بما يعني من توحيد للتعرفات والمقاييس سيمضي بالعرب قدما نحو تشكيل قوى اقتصادية عالمية، في عصر القوة فيه للتكتلات لا للدول التي تؤخذ فرادى، مهما كان حجمها وثقلها السياسي والاقتصادي. إنه مشروع طموح لكنه ممكن التنفيذ بفوائد لا عد لها ولا حصر على الإنتاج العربي الصناعي منه والزراعي وخلافه.

إن مشروعا كهذا سيجعل المنتجين العرب في دائرة واحدة نحو تكامل يتحقق لأول مرة وتنافس يكون البقاء فيه للأجود لا للمحمي, والأكثر انتشارا للمنتج بقدرة تسويق ذاتية لا تفضيلية لأسباب غير اقتصادية.

النقل

اتصالا بالاتحاد الجمركي, وتعزيزا لفرص نجاح ذلك الاتحاد بانسياب السلع والخدمات عربيا, شددت القمة على تطوير النقل على أنواعه. فاختصار الطرق الجوية وفتح الأجواء أمام شركات الطيران العربية، وخفض أو إلغاء رسوم الضرائب يخفض كلفة السفر جوا حتى 15% على الأقل مع العلم أن نحو 90 مليون عربي يسافرون جوا سنويا.

بريا, المطلوب مضاعفة شبكات الطرق، لاسيما الواصلة بين الدول العربية فالنقل البري الميسر بخدمات لوجستية متطورة يخفض عملية الإنتاج حتى 40% (أكثر من 100 مليار دولار) ولذلك مطلوب أولا زيادة طول تلك الشبكة من 31 ألف كيلومتر إلى نحو 60 ألفا في غضون 15 سنة. إلى ذلك ثمة حاجة ملحة لتطوير الموانىء حيث هناك 95 ميناء عربيا ثلثها فقط قادر على استقبال البواخر الحاملة للحاويات الكبيرة. أما شبكة السكك الحديدية العربية فتكاد تكون الشبكة الأكثر تخلفا في العالم إلى جانب الشبكة الإفريقية.

الطاقة

طلبت القمة التعجيل بالربط الكهربائي العربي وصولا إلى بورصة كهرباء تتغذى منها الدول المحتاجة للطاقة، علما أن الطاقات الانتاجية الحالية أو ما يسمى بالاستطاعة المركبة تساوي 160 ألف ميجاوات, المتاح منها للتبادل فقط 1430 ميجاوات أي أقل من 1% لذا فالجهود المطلوبة لذلك كثيفة جدا. كما شجعت القمة خطوات السعي نحو طاقة نووية سلمية أغراضها إنتاج الكهرباء. وعلى صعيد الغاز, فإن العالم العربي يستحوذ على 40% من احتياطيات العالم وناشدت القمة الدول المعنية بتعزيز شبكات الغاز وتوسيعها مع زيادة استثمارات القطاع الخاص في تلك الاستثمارات وإدارتها.

البحث العلمي

أمام العرب تحديات في هذا المجال الحيوي. إذ عليهم رفع الإنفاق على البحث العلمي من 0.2% من إجمالي الناتج الاقتصادي العربي إلى 1.4% هو المتوسط العالمي أي مضاعفته 7 مرات. وهذه المقارنة تكفي لمعرفة التأخر الحاصل على هذا الصعيد.

كما أن على جامعاتنا العربية أن تتوسع نوعا وتزداد كما (عددها حاليا 1700 جامعة ومعهد) لتستطيع استيعاب ولو جزء من ملايين الكفاءات المهاجرة، حيث إن 40% من المهاجرين العرب جامعيون وباحثون, و74% من الطلاب العرب المهاجرين طلبا للعلم يستقرون في الدول التي يحصلون فيها علومهم، لاسيما الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية. وتلك إحصاءات تكفي للدلالة على كم بات العالم العربي طاردا لكفاءاته.

خلاصة

لقد أصبحت القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية مؤسسة بكل ما للكلمة من معنى. حيث قال وزير خارجية الكويت الشيخ د.محمد الصباح: «بعد عامين يحل موعد حساب نتائج القمة». فكل عامين ستعقد هذه القمة لتكون دوريتها شاهدا حيا على مقدار التقدم في مضمار التعاون الاقتصادي والتنموي.

ففي الخمسينيات من القرن الماضي تلاقت دول أوربية قليلة لبحث التعاون في قطاعات الصناعة عموما بالتركيز على صناعة الحديد والصلب المأزومة. فإذا بذلك الاجتماع يتحول مع مر السنين الى مشروع الاتحاد الأوربي الذي بات حقيقة اقتصادية عالمية. وفي تلك الفترة من القرن الماضي التقت عدة دول عربية لإطلاق الجامعة العربية التي أخفقت حينا ونجحت حينا آخر، لكنها كانت دوما تحت رحمة السياسة. وهكذا بقي مجلس الوحدة الاقتصادية والاجتماعية التابع للجامعة دون القيام بدوره الفاعل. إلى أن أتت قمة الكويت لتحيي مشروعا تأخر 50 سنة على الأقل، قطعت خلالها الدول الأوربية شوطا مرموقا عزز لها مقعدا بين الأمم المتطورة اقتصاديا. فهل تصلح المصالح العربية المشتركة ما كادت أن تفسده السياسة؟! هذا رهن بما ينجز خلال عامين وصولاً إلى القمة الاقتصادية الثانية في 2011.

و بانتظار ذلك الموعد نسجل من قمة الكويت التاريخية الآتي:

دعوة الدول العربية الى وضع السياسات والإجراءات اللازمة لتنفيذ برنامج عمل بالتعاون مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية, والمجالس الوزارية والمنظمات العربية المتخصصة ومؤسسات التمويل العربية، وبمشاركة القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني. ويكلف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والأمانة العامة لجامعة الدول العربية بمتابعة التنفيذ. وطلب من الأمين العام لجامعة الدول العربية وضع الآلية الملائمة, في إطار الأمانة العامة للجامعة لمتابعة تنفيذ الإعلان وبرنامج العمل وقرارات القمة وتقييم تقارير متابعة حول التقدم المحرز في التنفيذ بشكل دوري إلى القمم العربية. إن غدا لناظره قريب.

البيان الختامي لقمة الكويت

أكد إعلان الكويت في القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية على الصلات الوثيقة والأهداف المشتركة، التي تربط الوطن العربي والعمل على توطيدها وتدعيمها وتوجيهها إلى ما فيه تنمية المجتمعات العربية قاطبة، وإصلاح أحوالها وتأمين مستقبلها.

وقال الإعلان الذي تلاه الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى إن قادة الدول العربية المجتمعين في مؤتمر القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية بدولة الكويت ملتزمون بقرارات القمة: «من منطلق فكر اقتصادي تنموي عربي عصري وجديد، والتزاما بما ورد في ميثاق جامعة الدول العربية، وما أبرم في إطار الجامعة من اتفاقات ومواثيق وما اعتمد من استراتيجيات».

وأشاد الإعلان بالمبادرة الكويتية - المصرية التي أكدت على العلاقة بين الامن والسلم الاجتماعي العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتي تم تفعيلها بصدور قراري قمة الرياض 2007 وقمة دمشق 2008 بعد قمة تخصص لدفع عجلة التنمية في العالم العربي.

وبين الإعلان أنه تم اتخاذ القرارات اللازمة التي تضمن الارتقاء بمستوى معيشة المواطن العربي وإعطاء الأولوية للاستثمارات العربية المشتركة وإفساح المجال للقطاع الخاص والمجتمع المدني للمشاركة في عملية النمو - التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وأكد الإعلان ضرورة تدعيم مشروعات البنية الأساسية وتنمية قطاعات الإنتاج والتجارة والخدمات والمشروعات الاجتماعية وحماية البيئة بالإضافة إلى مشروعات الربط الكهربائي ومخطط الربط البري العربي وبرامج الأمن المائي والغذائي بهدف تحقيق التكامل الاقتصادي العربي.

وشدد الإعلان على اعتبار التنمية الاجتماعية بجميع عناصرها وعلى رأسها التعليم والتنمية البشرية عاملين أساسيين في تحقيق أهداف التنمية الشاملة.

وأضاف: «وإذ نراقب التقدم الذي حققه العديد من الدول العربية في معدلات التنمية البشرية وعلى الأخص في مجال التعليم وتحسين الخدمات الصحية ومكافحة الفقر والأمية، وإذ نتابع التقدم في التنمية الاقتصادية، وخاصة في إنجاز منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وما حققته التجمعات الاقتصادية والإقليمية العربية والتقدم في جهود التعاون الدولي والتجمعات الدولية.

ونظرا لما للأزمة المالية العالمية من تداعيات وتشعبات فقد تداعى العديد من الدول والتكتلات الاقتصادية والمؤسسات المالية والدولية لإيجاد الحلول المناسبة لها والحد من تفاقم أضرارها مما يوجب علينا سياسات نقدية ومالية تعزز قدرة الدول العربية على مواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية والمشاركة الفعالة في الجهود الدولية لضمان الاستقرار المالي العالمي، وتفعيل دور المؤسسات المالية العربية لزيادة الاستثمارات العربية البينية ودعم الاقتصاد الحقيقي للدول العربية.

وأشاد القادة بالمبادرة التنموية الرائدة والتي أعلن عنها حضرة صاحب السمو أمير البلاد والتي أعلن عنها في القمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية والتي تهدف إلى توفير الموارد المالية اللازمة لدعم الأعمال الصغيرة والمتوسطة برأسمال قدره مليارا دولار.

كما أشاد القادة بمساهمة دولة الكويت برأسمال هذه المبادرة والبالغ 500 مليون دولار.

كما تقرر انتظام عقد اجتماعات القمة الاقتصادية بشكل دوري كل عامين.

وتحقيقا لآلية المتابعة في تنفيذ قرارات القمة وبرنامج العمل وما ورد في الإعلان كلف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والأمانة العامة لجامعة الدول العربية لمتابعة ذلك، وتقديم تقارير متابعة حول التقدم المحرز في التنفيذ بشكل دوري إلى القمم العربية.

وذكر الإعلان أنه على الرغم من الإنجازات المحققة، فلا يزال الوطن العربي يواجه تحديات محلية ودولية تمس أمن وسلامة واستقلال دوله وسلمه الاجتماعي ومنها على المستوى المحلي الفقر والبطالة وتواضع مستوى المعيشة وتدني معدلات التجارة والاستثمارات البينية وهجرة الأموال والكفاءات العربية إلى الخارج، وضعف البنية التحتية ومستوى التعليم وعدم مواكبة المخرجات التعليمية لمتطلبات التنمية والمنافسة العالمية.

وقال الإعلان إن من التحديات كذلك هي مشكلات الأمن الغذائي والمائي والتغير المناخي والطاقة وعدم الاستخدام الأمثل للموارد.

وعلى المستوى الدولي قال الإعلان إنه نظرا لضخامة حجم الأزمة المالية العالمية وتشعباتها واضطراب الأسواق المالية العالمية وخطر الركود والانكماش الاقتصادي وتأثيراته السلبية على عملية التنمية، فقد تداعى العديد من الدول والتكتلات الاقتصادية والمؤسسات المالية الدولية لإيجاد الحلول المناسبة لها والحد من تفاقم أضرارها بما في ذلك الجهود التي بذلت من جانب الدول العربية. واتفق القادة على مضاعفة الجهود لتحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي العربي باعتباره هدفا أساسيا تسعى لتحقيقه كل الدول العربية وركيزة أساسية لدفع العمل الاقتصادي والاجتماعي العربي المشترك لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول العربية، بما يحقق تطلعات الشعوب العربية ويجعلها أكثر قدرة على الاندماج في الاقتصاد العالمي، والتعامل مع التجمعات السياسية والاقتصادية الدولية.

وفيما يخص الأزمة المالية العالمية نوه الإعلان باتفاق القادة على اتباع سياسات نقدية ومالية تعزز قدرة الدول العربية على مواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية والمشاركة الفاعلة في الجهود الدولية لضمان الاستقرار المالي العالمي وتفعيل دور المؤسسات المالية العربية لزيادة الاستثمارات العربية البينية ودعم الاقتصاد الحقيقي للدول العربية.

وأكد الإعلان ضرورة التوجيه لتشجيع الاستثمارات العربية البينية وتوفير المناخ الملائم والحماية اللازمة لها، وتسهيل حركة رءوس الأموال العربية بين أقطار الوطن العربي وتوسيع نطاق وآليات تنفيذ الاتفاقية الموحدة لاستثمار رءوس الأموال العربية في الدول العربية.

كما أكد الإعلان كذلك ضرورة التوجيه بتعزيز دور الصناديق والمؤسسات المالية العربية المشتركة والوطنية وتطوير مواردها وتسهيل شروط منح قروضها وتطوير آلياتها ونوافذها لتمويل مشروعات البنية الأساسية لتتمكن من المساهمة في تمويل مشاريع التكامل الاقتصادي العربي بالاشتراك مع القطاع الخاص وتوفير التسهيلات الائتمانية للمشاريع.

وفيما يتعلق بالإحصاء أكد الاعلان ضرورة توفير البيانات والمؤشرات الاحصائية الدقيقة والضرورية لعمليات التخطيط ورسم السياسات واتخاذ القرارات المناسبة في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطوير وتعزيز قدرات أجهزتها الإحصائية.

وحول القطاع الخاص شدد الإعلان على توفير المقومات الاقتصادية والبيئة القانونية الملائمة لعمل القطاع الخاص وإزالة العقبات التي تحد من ممارسة دوره الفاعل في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية وتعزيز دوره في بناء التكامل الاقتصادي والاجتماعي العربي وتسهيل انتقال الأفراد، لاسيما رجال الأعمال وإزالة أي عقبات تعترض انتقال رأس المال العربي بين الدول العربية.

وأكد الإعلان العمل على رفع القدرات البشرية للمواطن العربي ضمن جهود بلوغ الأهداف التنموية للألفية عام 2015 ومجموعة الأهداف المتفق عليها دوليا للحد من الفقر وتوسيع نطاق تمكين المرأة والشباب وتوسيع فرص العمل أمامهم، والنهوض بالصحة والتعليم وزيادة الدخول الحقيقية.

وأما فيما يتعلق بالتعليم والبحث العلمي فنوه الإعلان بتطوير التربية والتعليم لمواكبة التطورات المتسارعة في العلم والتقنية والارتقاء بالمؤسسات التعليمية، وتأهيلها بما يكفل أداء رسالتها بكفاءة وفاعلية واقتدار ودعم تنفيذ خطوة تطوير التعليم والبحث العلمي المعتمدة من قمتي الخرطوم 2006 ودمشق 2008.

وأضاف الإعلان ضرورة الاهتمام بالبحث العلمي ودعم ميزانيته وتيسير الوصول إلى المعرفة وتوثيق الصلة بين مراكز البحوث العربية وتوطين التقنية الحديثة وتشجيع ورعاية الباحثين والعلماء والاستفادة منهم.

ويرى الإعلان في الخدمات الصحية ضرورة تحقيق التوسع في مشروعات الرعاية الصحية الأساسية في الدول العربية وتفعيل دور المؤسسات الصحية العربية المشتركة لرفع مستوى الخدمات الصحية وتقديمها بصورة ملائمة للمواطن العربي، وإيلاء العناية بالأمراض غير المعدية - وعلى نحو خاص مكافحة داء السكري - والاهتمام بإنتاج الدواء والمواد الفعالة وتيسير إجراءات تسجيلها بما يحقق الأمن الدوائي العربي.

وأكد الإعلان أهمية رفع العنصر البشري باعتباره الثروة الأساسية ورفع مستوى التعليم وربطه باحتياجات التنمية، ودعم برامج التأهيل والتدريب والتشغيل للعمالة بما يحد من البطالة في الاقتصادات العربية، ورفع كفاءة وإنتاجية القوى العاملة العربية لتفي بمتطلبات أسواق العلم العربية وتوفير مزيد من فرص العمل في القطاعات الاقتصادية المختلفة.

وحول قضايا المرأة أكد الإعلان أهمية تمكين المرأة والارتقاء بأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والقانونية وتعزيز دروها في الحياة العامة تحقيقا لمبدأ المساواة وتأكيدا لمباديء العدل والإنصاف في المجتمع.

وأضاف الإعلان ضرورة التوجيه بوضع الإمكانات اللازمة للنهوض بالشباب العربي وتمكينه وتثقيفه ليصبح مؤهلا لاستكمال مسيرة التنمية وتفعيل مشاركته في مشاريع التنمية.

وأكد الإعلان ضمان حقوق المهاجرين والاهتمام بالكفاءات العربية المهاجرة خارج الوطن العربي وتقوية صلتها بالوطن الأم والعمل على توفير بيئة مناسبة لتوطين وإنتاج المعرفة، بما يعزز الاستفادة من هذه الكفاءات في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالدول العربية.

وأكد الإعلان ضرورة الاهتمام بالإسكان في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول العربية وتعزيز ودعم الشراكة بين الحكومات والقطاع الخاص ومؤسسات التمويل في إطار برنامج شامل للاستثمار العقاري في المنطقة العربية، ومن ذلك توفير السكن الاجتماعي منخفض التكاليف لذوي الدخل المحدود.

وفي مجال التنمية الزراعية والأمن الغذائي دعا الإعلان إلى العمل على زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين معدلاته وتشجيع الاستثمار في التنمية الزراعية واتخاذ الإجراءات اللازمة لتوفير المناخ الاستثماري الملائم لذلك، وسرعة تنفيذ إستراتيجية التنمية الزراعية التي أقرتها قمة الرياض 2007 للمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي باعتبارهما من أولويات الأمن القومي العربي..

وحول التنمية الصناعية أكد الإعلان ضرورة تحقيق التكامل والتنسيق وتنويع الإنتاج الصناعي وتدعيم قاعدته الإنتاجية والإسراع في تنفيذ إستراتيجية التنمية الصناعية التي تم إقرارها بقمة الجزائر عام 2005.

ودعا الاعلان إلى التوجيه الفوري لإزالة العقبات التي مازالت تعترض التطبيق الكامل لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى قبل نهاية 2010 تمهيدا لإقامة الاتحاد الجمركي العربي في موعد مستهدف عام 2015 كخطوة أساسية للوصول إلى تحقيق السوق العربية المشتركة في أفق زمني مستهدف عام 2020 إلى جانب تسريع تحرير تجارة الخدمات بين الدول العربية، نظرا للدور المهم الذي يلعبه هذا القطاع في التنمية الاقتصادية.

وأكد الإعلان تحرير قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات تعزيزا للقدرة التنافسية لشركات الاتصالات وتقنية المعلومات العربية، وتنمية الأطر التشريعية التي تغطي جوانب هذا القطاع، وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار فيه.

وأضاف وضع استراتيجيات وطنية لحماية الملكية الفكرية وتطوير تشريعاتها وبما يتوافق أيضا مع الالتزامات الدولية وتعزيز نظم حماية الملكية الفكرية لضمان التقدم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للمجتمع.

وركز الإعلان على سياسات التنمية السياحية العربية على الاستثمار الأمثل لما يمتلكه الوطن العربي من مقومات سياحية، ومنها الثروات الطبيعية والثقافية والتاريخية، وذلك من خلال توفير البنية الأساسية اللازمة المشجعة على السياحة والاستثمار مع مراعاة معايير التنمية السياحية المستدامة وتطوير المشروعات السياحية باعتبارها إحدى وسائل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية.

وأكد تعزيز التعاون العربي في مجال الطاقة لاسيما تحسين كفاءتها وترشيد استخدامها كوسيلة لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز شبكات الربط الكهربائي العربي القائمة وتقويتها وإنشاء سوق عربية للطاقة الكهربائية وكذلك تعزيز شبكات الغاز الطبيعي وتوسيعها وزيادة مشاركة القطاع الخاص في استثماراتها وإدارتها وتوسيع استخدام تقنيات الطاقة المتجددة والطاقة النووية للأغراض السلمية في عمليات الإنتاج.

وفيما يتعلق بالنقل أكد إعلان الكويت السعي إلى تحقيق ربط شبكات النقل البري والبحري والجوي فيما بين الدول العربية باعتبارها شرايين أساسية لحركة التجارة والسياحة والاستثمار والعمالة داخل المنطقة العربية، مع ربطها مع محيطها الإقليمي والسعي لرفع مستوى تنافسية مرافق النقل العربية من خلال التوجه إلى سياسات تحرير خدمات النقل فيما بين الدول العربية وعلى الأخص في تنفيذ برنامج فتح الأجواء بينها وكذلك من خلال تطوير الأطر التنظيمية بهدف جذب حصة أكبر من حركة النقل العالمية مستفيدين من الموقع الجغرافي المتميز للمنطقة العربية.

ووجه الإعلان باتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على البيئة والموارد الطبيعية والاستخدام الأمثل لها لتحقيق التنمية المستدامة واعتبار ذلك ركنا أساسيا في جميع المجالات التنموية الاقتصادية والاجتماعية لتحسين نوعية حياة المواطن والعمل على الحد من أثر التغيرات المناخية وتداعياتها على المجتمعات العربية.

وطالب الإعلان بوضع استراتيجية عربية لتحقيق الأمن المائي العربي والتحرك على المستويين الوطني والعربي لمواجهة العجز المائي باعتبار ندرة المياه أحد التحديات الكبرى.

وأكد الإعلان أهمية دور المجتمع المدني في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوفير التسهيلات لتشجيع قيام مؤسسات المجتمع المدني بهذا الدور وتعزيز التعاون بين الحكومات ومنظمات المجتمع المدني. ودعا الإعلان إلى تعزيز التعاون العربي الدولي وتعزيز دور الدول العربية في المؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية وتعزيز وتدعيم جامعة الدول العربية ومؤسساتها من أجل القيام بالمهام المنوطة بها، لتحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي العربي وتمكينها من متابعة تنفيذ القرارات التي تصدر عن القمم العربية والمجالس الوزارية للجامعة.

وتوجه القادة بالشكر إلى دولة الكويت حكومة وشعبا وإلى صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، على استضافة المؤتمر وإدارته الحكيمة لجلساته.

وأعربوا عن اعتزازهم بالجهود المتصلة والمشاورات المكثفة، التي قامت بها جامعة الدول العربية وأجهزتها للتحضير وتوفير عوامل نجاح هذه القمة.





صورة الغلاف





القادة والرؤساء العرب في طريقهم إلى القاعة التي شهدت قمة الكويت





 





صورة تذكارية للقادة العرب في القمة العربية الاقتصادية في الكويت





صورة تذكارية للقادة العرب في القمة العربية الاقتصادية في الكويت





سمو الشيخ صباح الأحمد أمير الكويت يستقبل الرئيس السوري بشار الأسد





أمير الكويت يستقبل الملك عبدالله ملك الأردن





الشيخ ناصر صباح الأحمد وحوار مع الأمين العام لجامعة الدول العربية





الرؤساء السوداني عمر البشير والجزائري عبد العزيز بوتفليقة واللبناني العماد ميشال سليمان





أمير الكويت يستقبل الرئيس العراقي





سمو أمير الكويت في استقبال رئيس جزر القمر





الأمين العام لجامعة الدول العربية خلال الأعمال التحضيرية للقمة





سمو الشيخ نواف الأحمد الصباح ولي العهد خلال الجلسة الختامية للقمة وإلى يمينه سمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد





الخرافي والشيخ جابر العبدالله الجابر والشيخ فيصل السعود والشيخ مشعل الأحمد والعتيقي في مقدمة الحضور





موضي الحمود ونورية الصبيح والحريتي وجانب من الحضور





عبد اللطيف الحمد رئيس مجلس الادارة- المدير العام للصندوق العربي للإنماء الاقتصادي خلال إحدى جلسات المنتدى





سمو أمير الكويت قبل إعلان البيان الختامي للقمة





الوفود العربية الرسمية استغلت وقت العشاء لاستكمال المناقشات





امتدت مناقشات حضور المنتدى الاقتصادي إلى كل مكان





جانب من أحد الاجتماعات التحضيرية للقمة





الشيخ صباح الأحمد والملوك والرؤساء العرب خلال جلسة المصالحة العربية





المركز الصحفي للقمة شهد إقبالا مستمرا من الإعلاميين العرب والأجانب





سمو أمير البلاد مع الرئيس السوداني





المستشار عدلي حسين محافظ القليوبية (مصر) ود. أحمد الجويلي أمين عام مجلس الوحدة الاقتصادية العربية في لقطة مع الإعلاميين والمشاركين في ضيافة اتحاد مصارف الكويت





إحدى المشاركات في جلسات المنتدى