محمد علي شمس الدين «إلى محمود درويش»
-1-
قمر الجليلِ على حدود صيفٍ غامضٍ يمشي وتتبعه الحقولُ
وطيورُهُ البيضاءُ ما عادت من السفرِ الطويلِ لعلها ضاعَتْ وغادرها الدليلُ
قمرُ الجليل يلمّ طيوره البيضاءَ من أعشاشِها
ويعيدها للوعر ثانيةً فتبتهج الوعولُ
ماذا يدور هناكَ؟ يولد أم يموتُ فتى الجليلِ ويضحكُ الكروانُ أم يبكي فتضطربُ الفصول؟
ولعلّني أبصرتُ شيئاً مّا.. رأيت الشمسَ تحمل نعشَهُ
وتسير خطوتها الأكيدةَ من حدودِ الغربِ
حتّى تستريح على أريحا
ولعلّني أبصرتهم حفروا له قبراً هناكَ وأفرغوا
كلماتهم فوق الترابِ أسًى وناموا
لكنّهم وجدوهُ غادر قبرَه ومشى
فبكوا وهاموا
...
....
قمرٌ يحفّ به الظلامْ
وجدوهُ يمشي في الحقول وخلفه تمشي الخيامُ
ولطالما قتلوهُ ثم تقاسموا دمّه المعلّقَ في ذبائحهم
وقاموا
قمرٌ سلامُ
دمُهُ على وَجَناتِهِ ويداهُ تنزفُ والعظامُ
قمرٌ تكسَّرَ في المرايا لا يلومُ ولا يُلام
وأردت أن أحكي حكايته فعاندني الكلامُ
قمرٌ حطامُ
ق
م
ر
حـ ط
ا
مُ
قمري حُطامُ
- 2-
أخذته دالية من الأشجار والأشجار من ألق النجومِ أخذته مني بغتةً
ورمته يخبط في ظلام الليلِ كالولدِ اليتيمِ
عيني على عينيهِ هل جَرَت الجداول منهما
والخمر سالَ من الكرومِ؟
قمر الجليل يعود مجلّداً على خشبٍ ومحمولاً على كتف الغيومِ
ووددتُ لو رافقته يوماً على «جغرافيا البركانِ» في النبأ العظيمِ.
-3-
أبصرتُه والثلجُ قُبّعةُ الجبالِ
أبصرتُه والثلجُ أجملُ ما يكونُ إذا تلألأ في الأعالي
لم ينتبهْ أنّي سأشربُ نخبَهُ في الصيفِ
أكتبُ ما يخطّ النسر من نسب الحقيقة في الخيالِ
تموزُ عادَ وصيفُنا شَرَكُ الليالي
تموز عادَ يقضّ مضاجع الموتى فتحتشد الجبالُ على الجبالِ
فَلْيَبْق في السهل الجوادُ كما ترى
إني سأختصر المجازَ إلى السؤالِ
لا لن يخونَ الدمُّ صاحبَهُ
فلم يُقتَلْ من المقتولِ إلاّ قاتلوهُ
ورأيتُ رؤيا ثُمَّ فسّرها الظلاميّون وهما..
....
....
- من أين يا عمّ الطريق إلى القصيدة؟
- من ها هنا...
(وأشرتُ نحو السما)
قالَ: فهمَتني خطأ
فأنا أريد طريق حيفا
فأجبتُ تختلف القصيدة بيننا
وأنا كذلك أريد حيفا
...
.....
....
دار الكلامُ بعقربيني
على بساطٍ شاسعٍ
يمتدّ جمعا
«لو يعرف الزيتونُ غارسه
لسال الزيتُ دمعاً.