فضاء الموسيقى الإلكتروني والمغالطات العربية!

فضاء الموسيقى الإلكتروني والمغالطات العربية!

لعل البحث عن كلمة موسيقى هو واحد من أكثر ألوان البحث على فضاء الإنترنت اتساعا، ولكي نقرب الصورة فإن عدد نتائج البحث عن الكلمة ربما يعد من أكثر النتائج اتساعا على الشاشة وهو ما يعكس الاهتمام منقطع النظير بفنون الموسيقى المنوعة في أرجاء العالم.

وبالرغم من أن البحث باللغة العربية أيضا يعكس الاهتمام بالموسيقى فإن المقارنة بين البحث عن كلمة موسيقى باللغة العربية ونظيرتها الإنجليزية يكشف عن مفارقة لافتة. فبينما تصل في العربية إلى 20 مليونا و600 ألف نتيجة، فإنها تصل في الإنجليزية إلى مليارين و130 مليون نتيجة!!

وليس هذا هو الفارق «الهائل» الوحيد، فبين ملايين المواقع العربية التي تهتم بالموسيقى لن نجد موقعا احترافيا بالمعنى الحقيقي، كما هو شأن ملايين المواقع الأجنبية، فأغلب النتائج العربية هي منتديات غير متخصصة لهواة سماع الأغاني، أو مواقع تحوي وصلات لتحميل بعض المقاطع الموسيقية أو الأغنيات للمطربين الشباب. وهناك آلاف الصفحات الإلكترونية التي تظهر في نتائج البحث بالعربية بينما تحيل على روابط موسيقية غربية. لكن ما يزعج حقا هو البحث على موسوعة «ويكيبيديا» الإلكترونية عن كلمة موسيقى باللغتين العربية والإنجليزية، فبينما يأتي المضمون العربي فقيرا، ومريبا، كما سنشير بالتفصيل لاحقا، فإن الصفحة المخصصة لموضوع الموسيقى باللغة الإنجليزية، على النقيض تماما، تتضمن مادة وافية تعريفية علمية بمفهوم الموسيقى، بدءا من تعريفها بوصفها فناً وسيطه الصوت المقسم عبر الزمن، وأن عناصره الأساسية هي النغم والإيقاع، ثم الإشارة إلى التطور الذي شهدته منذ عرف الإنسان أصوات الطبيعة مثل الرياح والرعد، وغيرهما، وحاول أن يقلدها، مرورا بمسيرة اختراع الآلات الموسيقية في ثقافات العالم البدائية وتطورات هذه الآلات في العصر الحديث. كما يشير التعريف بتاريخ تناول فلاسفة الحضارتين اليونانية والهندية القديمة لتعريفات الموسيقى.

جذور الموسيقى الأوربية

تشير الموسوعة في هذه الصفحة إلى جذور الموسيقى في أوربا، والتي تعود تقريبا للعام 500 ميلادية، حيث بدأت في تراتيل الكنائس، ثم تطور الموسيقى الكنسية الى ما عرف بموسيقى عصر «الريناسنس» منذ مطلع عام 1400، والتي امتدت لقرنين من الزمان قبل أن تشهد تطورا لاحقا منذ العام 1750 تقريبا مع نشأة ما عرف بموسيقى «الباروك»، والتي ارتبطت بانتشار المؤلفين الموسيقيين وبدء تاليف الأوبرا. ومنذ عام 1750 وحتى عام 1800 انتشرت الموسيقى التي تعرف بالكلاسيكية، والتي اتسمت بظهور السيمفونيات الموسيقية على أيدي عدد من الموسيقيين البارزين مثل هايدن وموتزارت، قبل أن تظهر موجة جديدة هي الفترة الرومانسية منذ العام 1800 مع ظهور أقطاب الموسيقى العالمية أمثال بيتهوفن وفرانز شوبرت، ومن تلاهما.

ثم يتم الإشارة لألوان الموسيقات الجديدة المعاصرة وبينها موسيقى الجاز Jazz، التي رافقت هجرات الأفارقة إلى أمريكا واوربا، ثم الموسيقات الأحدث مثل موسيقى البوب، والروك آند رول، وموسيقى الريف وغيرها.

أما خارج أوربا فيتناول التعريف موسيقى الحضارة الهندية، وتاريخها، ثم الموسيقى الآسيوية، وتتضمن موسيقى منطقة الخليج العربي، وموسيقات منطقة أفغانستان وباكستان، ثم موسيقى الصين وفنونها، مروراً بالموسيقى الفارسية وتقاليدها، وصولاً لمنطقة الحضارات الإسلامية في آسيا الوسطى، بإشارات مبتسرة، لكن هناك روابط تحيل على تفاصيل كل منها.

وتتدفق المعلومات عن تاريخ الموسيقى في الغرب وفنون التأليف، والتوزيع الموسيقي، وأهم الآلات الموسيقية، وغيرها، ولمن يرغب في الاطلاع أن يقرأها على هذا الموقع الإلكتروني:

www.en.wikipedia.org/wiki/music

الموسيقى عند المسلمين

لكن ما يثير الانزعاج حقا هو كيفية تناول المرجع الغربي لموسيقانا العربية، وكيفية تناول المرجع العربي على الموسوعة نفسها، ففي اللغة العربية تم تناول كلمة موسيقى على هذا النحو:

الموسيقى (أو «الموسيقا»)، هي فن مألفة الأصوات والسكوت عبر فترة زمنية. خصائص الصوت التي تصف الموسيقى هي طبقة الصوت (pitch-تشمل اللحن والتجانس الهارموني)، الإيقاع (بما فيه الميزان)، الجودة الصوتية لكل من جرس النغمة (timbre)، الزخرفة (articulation)، الحيوية (dynamics)، والعذوبة (texture).

تأليف الموسيقى وطريقة أدائها و حتى تعريفها بالأصل تختلف تبعًا للسياق الحضاري والاجتماعي. وهي تعزف بواسطة مختلف الآلات: العضوية (صوت الإنسان، التصفيق) وآلات النفخ (الناي، الصفارة) والوترية (مثل: العود و القيثارة و الكمان)، والإلكترونية (الأورج). تتفاوت الأداءات الموسيقية بين موسيقى منظمة بشدة في أحيان، إلى موسيقى حرة غير مقيدة بأنظمة في أحيان أخرى.

وتحت عنوان «الموسيقى عند المسلمين» لن نجد سوى هذه الفقرة:

«تسمى بالمعازف وهي محرمة شرعاً».

هذا هو التعريف العربي للموسيقى العربية، فماذا عن الغرب، وكيف تناولوا موسيقانا العربية؟

تشير الموسوعة نفسها في نسختها الإنجليزية إلى أن الموسيقى العربية تتضمن ألوانا من الأنواع والأساليب الموسيقية التي تمتد بين الموسيقى الكلاسيكية وصولاً إلى الموسيقى المعاصرة الحديثة، وبين الإنشاد الديني والموسيقى ذات الطابع المدني.

وبينما تعرف الموسيقى العربية بتفردها وحيويتها فإن لها تاريخاً طويلاً من التأثر والتأثير من وفي موسيقات الحضارات المجاورة مثل الحضارة المصرية القديمة، والإغريقية، والفارسية والكردية والآشورية والتركية والهندية، وموسيقى شمال إفريقيا، والموسيقى الإفريقية (السواحيلية)، والموسيقى الأوربية (الفلامنكو)، ويشير موقع موسوعة «يوكيبيديا» إلى أن تطور الموسيقى العربية تعود جذوره الأولى لمرحلة الشعر العربي القديم الذي ساد في عصور ما قبل الإسلام، وأن ظهور الموسيقى في تلك الفترة ارتبط ببعض الطقوس الشعائرية التي ارتبطت بالسحر، كما شاع لاحقا بدء ظهور آلات موسيقية مثل الربابة والعود وعرفت النساء بالصوت الجميل.

يشير التعريف الى الكندي (801- 873) بوصفه أول من قدم تنظيرا موسيقيا في اللغة العربية، وله الفضل في إضافة الوتر الخامس لآلة العود، وألف 15 مؤلفا عن الموسيقى لم ينج منها سوى خمسة مؤلفات، وساهم في التأثير في الموسيقيين الغربيين والاتراك والفرس وغيرهم من معاصري تلك الفترة وما تلاها.

أما الموسيقي الثاني فهو الفارابي (872- 950)، الذي ألف «كتاب الموسيقى الكبير» والذي تضمن الأسس والقواعد الموسيقية التي يسير على نهجها الموسيقيون العرب حتى يومنا هذا.

ويشير الموقع إلى المقامات الموسيقية بوصفها الأساس اللحني والنغمي للموسيقى العربية، وهو يمكن أن يميز بالطبقات الصوتية أو أدوات العزف ولا يتضمن الإيقاع.

كما يتناول تعريفا بمراحل تطور الموسيقى العربية في العصر الأندلسي، ويشير الى تأثير الموسيقى العربية في الغرب، وكيف ساهمت الآلات الموسيقية العربية في تطوير الآلات الغربية، موضحا أن الجيتار تطور من القيثارة، وأن الكمان تطور من الربابة، والطنبور من العود، وآلات الإيقاع من الطبل، وغيرها من التأثيرات.

ثم يصل الموقع إلى الموسيقى العربية المعاصرة مشيرا إلى بعض نجوم الغناء العربي مثل أم كلثوم وفيروز، بوصفهما امتداداً للتقاليد الموسيقية التي تأسست بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية. ثم يشير الى منتصف القرن الماضي بوصفه الشاهد على الموسيقى العربية المعاصرة التي تأثرت بالغرب متوقفاً عند بعض النماذج المهمة مثل عبد الحليم حافظ. ثم يشير لفترة التسعينيات بوصفها فترة التأثر بالموسيقى الغربية في ألحان مزجت بين الشرقي والغربي، مشيرا إلى أبرز أسماء النجوم الشباب العرب.

هذا هو المرجع الغربي حين يؤصل لظاهرة أو معلومة، بموضوعية وبلا تحيز، وببحث عن المعلومات من مصادرها العديدة والمتنوعة. أما الموقع العربي الذي يفترض أن يكون أكثر تخصصا في تأصيل الظواهر التي تخص الثقافة التي ينتمي إليها، فبدا فقيراً، منغلقاً، متكاسلاً، ومريباً.

إن الموسيقيين العرب والمختصين في توثيق التراث الموسيقي العربي مدعوون للإسهام في تصحيح ودعم المعلومات على هذه الموسوعة الشعبية الإلكترونية، بالمعلومات الأساسية عن تطور مسيرة فن الموسيقي العربي على مدى تاريخه الطويل.

طرب سيد درويش

هناك العديد من المواقع الإلكترونية التي اهتمت بالفنان الرائد سيد درويش، سواء بالتعريف بتاريخه، أو من خلال إذاعة أغنياته الشهيرة التي شكلت وجدان أجيال عديدة، ليس في مصر وحدها ولكن في أرجاء الوطن العربي. من بين هذه المواقع موقع يعرف باسم «سواري» يتضمن تعريفا صوتيا بسيد درويش، وبسيرة حياته، تتخللها مقاطع من أغنيات عديدة له مثل بلادي، وسالمة يا سلامه، وانا هويت وانتهيت، وانا عشقت، وشد الحزام، وغيرها.مؤسس الموقع فيما يبدو هو أحد المعجبين بفن الراحل سيد درويش، أي أنه ليس موقعا رسميا موثقا بالمعلومات التاريخية الكاملة، وهو موقع طربي أكثر من كونه موقعاً ثقافياً، بمعنى أنه يهتم بالأغنيات والطرب الذي ميز مسيرة سيد درويش، دون الاهتمام بالمادة التاريخية.

وهو ما يجعلنا نطالب الجهات المهتمة بتوثيق التراث الغنائي العربي بالالتفات الى شبكة الإنترنت وإنشاء موسوعة لرموز الغناء العربي بشكل عام، تتضمن تاريخ كل منهم وأهم إنجازاتهم الفنية وما أضافوه لمسيرة الموسيقى والغناء في العالم العربي.

عنوان الموقع هو:

http://www.sawari.com/index-files/darweesh.htm

كنز عربي موسيقي على الإنترنت

قام أحد الأمريكيين من أصل عربي بوضع قرابة 4000 أسطوانة فينيل (جرامافون - بيك أب) بعد تحويلها رقمياً على موقعه على الإنترنت لتتاح مجانا لمن يريد. ويقدم الموقع مجموعة نادرة جدا من الأغاني العربية تعود لما قبل العام 1950 لفنانين مثل سهام رفقي ومحمد عبد الوهاب وأم كلثوم ونجاح سلام مع محمد عبد النبي وأوديت كعدو (شحرورة الأرز) وغيرهم الكثير من كبار الفنانين والمغنين العرب.

وقد يثير الموقع لغطاً كبيراً حول حماية الحقوق الفكرية لكن هذه الأغاني أصبحت قديمة جداً وقد لا تشملها الحماية، خاصة أن معظمها من سنوات يعود إلى ما قبل عام 1950 وهو العام الذي بدأت فيه حماية الموسيقى وحقوق الملكية الفكرية.

تحمل غالبية الأقراص اسماً لعله صاحب المكتبة الموسيقية التي جاءت الأقراص منها والاسم هو روبير بيطار وعنوانه بورتلاند ولاية أوريغون.

هذه المعلومة والتعليق عليها ورداً في مدونة «مدونة سورية» التي تهتم بالعلوم بشكل أساسي، لكنها تبث أخباراً بين الآن والآخر. والعهدة على محررها.

عنوان المدونة السورية هو:

www.Syrianissues.com

مدونة الموسيقى الحية

هذه المدونة المحررة بالإنجليزية تقدم نموذجا رفيع المستوى للمدونات المهتمة بالموسيقى، حيث يقوم محررها «جوستين وارد» بكتابة متابعات خبرية، وكتابات نقدية للعديد من عروض الموسيقى الحية في أمريكا وأوربا، تكشف عن ثقافة ومعرفة كبيرتين بأنواع الموسيقى المعاصرة، كما يتابع الحفلات الحية للفرق الغنائية المختلفة، وكذلك بعض أهم المهرجانات الموسيقية.

أيضا تهتم هذه المدونة بالعازفين الذين يعزفون بطريقة مختلفة أو متميزة، حتى لو قدموا عروضهم في أحد المطاعم، وأياً كانت الالة الموسيقية التي يقومون بالعزف عليها.

تتسم المدونة بأنها تقدم تعريفا بالعديد من الفرق التي لا نعرف عنها كثيراً في العالم العربي، وتتوزع على الموسيقى المعاصرة مثل الروك والديسكو، الموسيقى السيمفونية، والتكنو وغيرها.

عنوان المدونة

www.livemusicblog.com

موسوعة الموسيقى الإفريقية

هذا الموقع يقدم تعريفاً بأهم الموسيقيين الأفارقة في أرجاء القارة الإفريقية، ويوجد به عدد من التقسيمات منها التقسيم حسب الدول، بحيث يمكن للقارئ التعرف على تاريخ الموسيقى في الكاميرون مثلا، ثم أهم الموسيقيين من أمثال فرانسيس بيباي، ومانو ديبانجو، وهما من رواد الموسيقى الشعبية في الكاميرون، ومن نجوم الجاز الكبار هناك، حيث يقدم الموقع تعريفاً وافياً بهؤلاء الموسيقيين وتاريخهم الموسيقي. أو أنجولا حيث يلقي الضوء على بونجا كويندا، الذي بدا كلاعب كرة، ثم أبدى ميلا للموسيقى، واسس موسيقى متاثرة بموسيقى السامبا البرازيلية، وغيرهم الكثير.

وهكذا، تتوالى القائمة، زائير، تشاد، إثيوبيا، ومصر، وغيرها من الدول الإفريقية. لكن ما يعيب الموقع أنه ليس كاملا، فبين عشرات الأسماء من المطربين والموسيقيين الذين تتضمنهم قوائم الفنانين في الدول المختلفة يقتصر التعريف الوافي على عدد محدود جدا من هؤلاء. وفي مصر على سبيل المثال يكتفي الموقع بذكر أسماء بعض الفنانين مثل أم كلثوم وعبد الوهاب، وعبد الحليم، ومحمد منير،ثم أحمد عدوية وخالد عجاج وعلي أحمد كوبانا، بنوع من العشوائية التي تكشف عدم دراية كاملة.

بالرغم من ذلك فإن الموقع يعطي فكرة ما عن الموسيقى الإفريقية المجهولة في العالم العربي.

وعنوانه هو:

http://africanmusic.org

الموسيقى الآسيوية إلكترونيا

محيط الموسيقى الآسيوية عنوان هذا الموقع الذي يقدم أخبارا عن أهم الجولات الموسيقية التي يقوم بها نجوم الموسيقى في آسيا، ويلقي الضوء على عدد كبير من الموسيقيين من الهند والصين واليابان وباكستان وطاجكستان، وغيرها من دول آسيا، سواء كانوا عازفين للموسيقى التقليدية، باستخدام آلات عزف مثل الساتور (كارنيبال سينج)، او السارود (بريج ناريان، وبارديت بوداديف) وغيرهما، أو عازفي السيتار أمثال محبوب ناديم، أو مطربين أمثال آرون بادوري، أو ديريجا دافي، بالإضافة لبعض الفرق الغنائية الكلاسيكية، والحفلات الموسيقية الراقصة.

يطلعنا الموقع على ألوان من الموسيقى غير التجارية، والتي تعتبر استمرارا لتراث الموسيقى التقليدية والغناء الشعبي، والكلاسيكي في أرجاء واسعة من آسيا.

أنشئ الموقع عن طريق مؤسسة تحمل الاسم نفسه، وانشأها مجلس الفنون البريطاني لدعم الموسيقى المحلية والتقليدية في آسيا.

عنوان الموقع هو:

www.amc.org.uk

 

 

 

إبراهيم فرغلي