ملامح الفقر في قطاع غزة

ملامح الفقر في قطاع غزة

قبل أن تدمّر غزة على رءوس أهلها، كان الاحتلال الإسرائيلي قد فرض عليها حصاراً قاسياً ولاإنسانياً حتى أنهكها تماماً، وأسقطها في هوّة الفقر التي لا ترحم.

مازلت أتذكر قبل أربعة عقود مضت عندما كان أبو سليمان وأم سليمان يسكنان في إحدى المناطق الريفية في قطاع غزة، ليس لهما من الريف إلا مساحة صغيرة ورثها أبو سليمان عن جده، أنشأ عليها بيتا من غرفة واحدة من الطين والقش، باب الغرفة كان لوحا من الصفيح أنهكه الصدأ، يتكئ على الجدار بخشبة من خشب اللوز، لا قفل له. فتحة الشباك الصغيرة كانت مغطاة بقطعة كيس من الكتان مهترئة. أما محتويات البيت فيمكنك حصرها في نظرة واحدة ترسلها إلى داخل الغرفة، هي قليلة على الحياة وكثيرة على الموت. المنطقة من حولهما خالية من الكهرباء أو إمدادات المياه.

أم سليمان تستخدم «وابور الجاز» عندما يشتد الشتاء، وتشعل السراج عندما يغيب ضوء القمر. في فناء البيت شجرة جميز عتيقة، مربوط تحتها حصان، تلقي الشجرة عليه بعضا من أوراقها وثمارها. يلتهم الحصان بعضها، والباقي تجمعه أم سليمان، تجفف الثمار وتستخدمها فاكهة، أما الأوراق والأغصان الصغيرة فتستخدمها لتوقد النار لأبي سليمان، حيث يصنع قهوة المساء. وأمام البيت أيضا حديقة صغيرة فيها ما يمكن زراعته تروى بماء الوضوء. أبو سليمان يحرث الأرض في الريف مقابل نقود قليلة، أو غلال يأخذها مقابل الحرث، وأم سليمان تعمل في البيوت مقابل القليل وتسلي نفسها، فهي لا تنجب، وسميت بهذا الاسم عسى الله أن يمن عليها ولدا لأبي سليمان يساعدهما على شقاء الدنيا.

هذا المشهد كان يتكرر كثيرا في ريف قطاع غزة. غادرت إلى بلاد الله الواسعة للدراسة، وعندما عدت بعد عقد ونصف من الزمان، وجدت الريف قد تغير، تحولت الأراضي الزراعية إلى مبان سكنية، وهجر الشباب الريف إلى المدينة أو إلى خارج قطاع غزة. وترك أبناء الريف المدارس وأصبحوا عمالا في داخل فلسطين المحتلة 1948. مررت على بيت أبي سليمان للسلام، فكان باب البيت غارقا في الصدأ، أم سليمان لم تنجب واشتد بها المرض، وأبو سليمان لم يعد يحرث أراضي القرية، ولا يشعل نار المساء لصناعة القهوة. قمت بواجبي تجاههما لتخفيف الفقر عنهما. مات أبو سليمان، وبعد عدة أشهر ماتت أم سليمان. ودفع فاعل خير ثمن الكفن وتكاليف العزاء عنها، واكتشف الناس لاحقا أن أم سليمان كانت قد دفعت تكاليف كفنها لتكفن به أبا سليمان. هذه حكاية من حكايات الفقر في قطاع غزة وهناك مثلها ألف حكاية وحكاية.

مفهوم الفقر في قطاع غزة

ليس عيبا أن يكون المرء فقيرا، والفقر ليس بالضرورة ظاهرة تنتشر في قطاع غزة فقط، فالفقر موجود في كل أصقاع الأرض. والفقراء موجدون في كل مكان وفي كل زمان، لكن ما يدعو إلى القلق الشديد، أن يصبح الفقر سمة رئيسية يتسم بها المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة، فعدد الفقراء يزداد في كل يوم وفي كل شهر وفي كل سنة.

ومن أصعب الأمور أن تعرف أن ابنك أو ابنتك يولدون فقراء في قطاع غزة، وهذا ما يجعل الإنسان في هم دائم. مفاهيم الفقر متنوعة ومتعددة، وهي أيضا نسبية، فهي في قطاع غزة خليط بين عدة عناصر منها: عدم قدرة السكان على شراء السلع الأساسية التي تتكون من الغذاء، والملابس، والسكن، إضافة إلى توافر الحد الأدنى من الاحتياجات الأخرى مثل الرعاية الصحية، والتعليم، والمواصلات.

ويرى بعض الباحثين أن مفهوم الفقر هو أشكال مختلفة من الحرمان الناتج عن انخفاض الدخل، أو انعدامه، والسكن في أماكن مكتظة بالسكان، والبطالة، وعدم توافر البنية التحتية. ولكن أفضل تعريف لمفهوم الفقر يأتي من الفقراء أنفسهم، فهم يجملون الفقر على أنه نتيجة عدم القدرة على تلبية الاحتياجات الأساسية التي سبق ذكرها، إضافة إلى عدم القدرة على تسديد فواتير الماء والكهرباء، وتلبية الواجبات الاجتماعية. وتظهر هذه المفاهيم جلية من خلال الحراك اليومي في الحياة الغزية، فالفقراء لا يحصلون على خدمات طبية مناسبة في المستشفيات، والمرافق الصحية الأخرى، وعلى الرغم من أن التعليم شبه مجاني في قطاع غزة فإن الفقراء لا يستطيعون دفع مستلزمات التعليم مثل شراء الكتب والقرطاسية، مما يؤدي إلى تسرب أطفالهم من المدارس، وإلى ارتفاع نسبة عمالة الأطفال، كما أنهم لا يستطيعون دفع فواتير الكهرباء والماء، مما أوصل هذه المؤسسات إلى شفير الإفلاس.

خط الفقر في قطاع غزة

خط الفقر يعني من هو الفقير الذي وصل إلى حد يستحق فيه المساعدة. وقد حددت المؤسسات الخيرية، ولجان الزكاة، و العديد من المؤسسات غير الحكومية، والحكومية، والقطاع الخاص، وحتى المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي، خطا للفقر عليه نوع من الإجماع لدى تلك اللجان. فالفقير في قطاع غزة حسب خط الفقر المتفق عليه هو من يقع دخله السنوي بين 378 - 509 دولارات أمريكية، أو هو صاحب الأسرة التي يبلغ عددها 7 أشخاص، والذي لا يستطيع إنفاق 550 دولارا أمريكيا في الشهر على أسرته لأغراض الطعام وغير الطعام.وعند استخدام أي من هذه الخطوط لقياس الفقر في قطاع غزة فإن حوالي 81% من إجمالي عدد السكان يصنفون اليوم تحت مستوى خط الفقر.

جذور الفقر في قطاع غزة

بدأت جذور الفقر في قطاع غزة منذ العام 1948 حينما هجّر الاحتلال الناس قسرا من وطنهم فلسطين، وشردهم وأصبحوا لاجئين.. فقدوا أعزاءهم، وممتلكاتهم، وبيوتهم، وأعمالهم، وأرزاقهم، حتى استقر بهم المطاف في مخيمات الداخل، والشتات، يعيشون على الإغاثة، وعلى الأمل في العودة إلى وطنهم يوما ما. ومنذ ذلك الحين والاحتلال يطور أدواته ضد السكان إلى أن أتم السيطرة على قطاع غزة بالكامل، وربط اقتصاد الناس مع اقتصاده وأحكم السيطرة الفيزيائية، على رقاب الناس من خلال تقييد حركتهم والتحكم في التجارة الداخلية والخارجية، ومع مرور الوقت زاد الاحتلال ضراوة، حيث قسم قطاع غزة إلى عدة مناطق وأصبح يعزلها عن بعضها بعضا في الوقت الذي يريده، وتحكم في إدخال التقنية التي تؤدي إلى تطوير الإنسان والاقتصاد, وسمح بها بالقدر الذي يخدم مصالحه، وأمنه والحفاظ على ديمومته. وقد هدفت هذه الإجراءات إلى الوصول بالاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة إلى حافة الانهيار ومنع أكبر عدد ممكن من الناس من العمل وإغراقهم في الفقر.

أسباب الفقر في قطاع غزة

أسباب الفقر في قطاع غزة كثيرة ومعروفة ويعرفها حتى الفقراء أنفسهم، وقد أدت سياسات الاحتلال التي سبق ذكرها، إضافة إلى أسباب أخرى مثل الكثافة السكانية المرتفعة التي تصل إلى أكثر من 3650 نسمة / كم2 أما الكثافة الفسيولوجية فهي تصل إلى ذروتها في المخيمات الفلسطينية، حيث تصل في مخيم جباليا إلى 100 ألف نسمة في الكيلو متر المربع الواحد، هنا تشاهد البيوت ملتصقة البيت بجانب الآخر، يسير الناس في الأزقة والحارات الكتف على الكتف، يعانون من نقص في كل مناحي الحياة، خاصة مرافق البنية التحتية ومرافق العمل،حيث تفتقر المخيمات إلى المساحات اللازمة لإنشاء المرافق العامة ومرافق القطاع الخاص، مثل المحلات التجارية، المنشآت الصناعية التي توفر العمل والخدمات. وإن كانت الكثافة العالية في قطاع غزة تعد سببا من أسباب الفقر، فهي في بلدان أخرى مصدر مهم للرزق, ففي سنغافورة يعيش أكثر من 100 ألف نسمة على الكيلو متر المربع، ولكن وسط هذا الزحام يعيش الناس هناك حياة كريمة، من خلال اقتصاد قوي, وخدمات ممتازة، وحرية في الحركة والتنقل، والتجارة البينية، والدولية. ومن أسباب الفقر أيضا في قطاع غزة شح الموارد الطبيعية وانعدامها في كثير من الأحيان, فلا توجد أنهار ولا معادن، وهناك نقص مستمر في نوعية وكمية المياه الباطنية، وفي الأراضي، وهذا يعود إلى صغر مساحة قطاع غزة (365 كلم/2) وإلى استنزاف الموارد المتواضعة فيه كنتيجة للكثافة السكانية العالية. كما يفتقر قطاع غزة إلى منشآت البنية التحتية، والتي تعتبر قاعدة أساسية للنمو الاقتصادي، فهي إما غير موجودة، أو مهترئه، أو غير مكتملة، أو معطلة، فليس هناك مناطق صناعية أو ميناء بحري، وقد تم تدمير المطار وإغلاقه، كما تم إغلاق المعابر والحدود، ومنذ منتصف عام 2007 أصبح قطاع غزة محاصرا بشكل دائم، ولا يسمح الاحتلال إلا بمرور جزء بسيط من مواد الإغاثة الأساسية لإبقاء الناس في بحث دائم عن الطعام لإنقاذ حياتهم وحياة أسرهم.

ارتفاع نسبة البطالة

انعكست سياسة الحصار الشامل على المستوى المعيشي للأسر الفلسطينية، بحيث ارتفعت معدلات البطالة بصورة لم يسبق لها مثيل فوصلت في هذا العام إلى أكثر من 60% بين القوى العاملة التي تعيل، ويبلغ عدد العمال العاطلين عن العمل في قطاع غزة حوالي 140ألف عامل فقدوا عملهم في المنشآت الغزية وفي خارجها وتنعكس معدلات البطالة العالية على حركة الناس اليومية، فالمحلات مغلقة، والقليل منها يعمل بطاقة بشرية محدودة جدا، وهى خالية إلى حد كبير من المواد الغذائية، والملابس، ومواد البناء. فعلى سبيل المثال مدينة غزة التي يصل عدد سكانها إلى أكثر من نصف مليون نسمة، والتي تعتبر العاصمة الإقليمية لقطاع غزة، أصبحت مدينة شبه خالية من الخدمات والمواد الأساسية.

وفى نظرة سريعة إلى الإحصائيات المتعلقة بالقطاعات الاقتصادية التي وقعت تحت طائلة الحصار وأغلقت، والتي أفرزت عددا كبيرا من العاطلين عن العمل منذ مطلع العام الماضي: 3500 منشأة صناعية وحرفية،95% من الورش الهندسية، 80% من مصانع الأثاث، انهيار قطاع البناء بالكامل.

عمالة الأطفال

عمالة الأطفال في قطاع غزة قضية حديثة على المجتمع الغزي، إلا أنها مرتبطة بالفقر، فكلما زاد الفقر ارتفعت نسبة العاملين من الأطفال بين سن 5 - 11، ففي سنوات خلت قلما كنت تشاهد طفلا يعمل، أما اليوم فقد ترك أكثر من 25000 طفل مقاعد الدراسة وهبوا لمساعدة أسرهم في محاولة لإنقاذها من الفقر، فتراهم في الشوارع، بين الأزقة، وفي الحارات، وفي ورش البناء، وورش السيارات، وفي معامل الحدادة، تراهم يعملون في المقاهي، يقطعون مسافات طويلة ليبيعوا ما لديهم من بضائع، يرتاحون على أرصفة الطرقات ولو لدقائق من عناء الوقوف والجري المستمر وراء لقمة العيش الصعبة، فهم يحملون أشياء خطيرة وثقيلة، ويقودون العربات التي تجرها الحيوانات معرضين أنفسهم لخطر حوادث السيارات، ملابسهم متسخة ومهترئه، وجوههم شاحبة، تغيب عنها الابتسامة، وتختفي منها أحلام الطفولة، عيونهم محمرة كالجمر لقضائهم ساعات طويلة تحت أشعة الشمس. بعضهم أصبحت خطواته بطيئة وهمته ثقيلة، ولكن الفقر أدخلهم مرحلة المسئولية قبل نضجهم بكثير.

قصص الفقر متشابهة

يجتهد فقراء الأرض كل بطريقته وفكرته في التغلب على الفقر، ولا يلعب المكان ولا الزمان دورا في النظرة إليه، فأشكال الفقر تتشابه في حكايات، وخرافات الشعوب، وأسماؤه تتشابه أيضا، واستخدام الوسائل والطرق لتخفيفه أو القضاء عليه هي قريبة من بعضها بعضا في حضارات الشعوب، حتى أسبابه يمكن أن تكون متشابهة في المجتمعات المتنوعة، وإن اختلفت في قطاع غزة عن بقية الشعوب، إلا أن مظاهر الفقر في قطاع غزة هي نفسها في أماكن أخرى. فعندما كنت في زيارة عمل في مدينة مانيلا عاصمة الفلبين استوقفني في أحد أحياء المدينة شاب يحمل في يده ديكا، يحني الشاب رأسه للديك ويقوم الديك بالحركة نفسها، المشهد ظهر لي وكأن الرجل والديك شخصان يتبادلان التحية بالطريقة اليابانية المهذبة، أعجبني هذا، وألقيت بعضا من النقود المحلية في إناء خصصه لهذا الغرض، وقبل أن أغادر، تأملت الرجل صاحب الديك، فقد كان نحيلا تظهر عليه ملامح الجوع والإرهاق، وحتى الإناء الذي أمامه، كان به القليل من النقود، تحدثت مع مستضيفي إن كان هذا الشخص يستطيع العيش مما يجمعه، فقال لي بالتأكيد لا، فقلت له لماذا يفعل هذا؟ فأجاب: لأنه لا بديل لديه، هذا الرجل غارق في الفقر فهو يعيش في مناطق الأكواخ التي تقع على أطراف العاصمة، وهو أمي، وتعلم ترويض الديكة من المكان الذي يعيش فيه. هذا المشهد يتكرر في قطاع غزة للاسباب نفسها، ولكن هنا يستخدم الفقراء العربة التي تجرها الحيوانات كوسيلة للتغلب على الفقر، فعندما تسير في شوارع المدن والقرى والمخيمات، والتجمعات السكانية العشوائية الغزية، فإن ما يلفت الانتباه هو العدد المتنامي من هذه العربات، فهي ليست الحنطور المعروف في البلدان السياحية، إنها وسيلة نقل تزداد أهميتها يوما بعد يوم, ويستعين بها أطفال تسربوا من مدارسهم لمساعدة أسرهم في عدم الانزلاق إلى الفقر المدقع، كما يستعين بها شباب وشيوخ عاطلون عن العمل، هذه العربات تزاحمك، وتقطع عليك الطريق، وهى تزداد في علاقة طردية مع ازدياد الفقر، وأصبح الطلب عليها لقضاء حاجات الناس، مثل الطلب على سيارة الأجرة، ويحلم الكثير من الفقراء بشرائها لكسب الرزق من خلالها.

برامج وخطط مكافحة الفقر

هناك مجتمعات في الأرض استيقظت على زلزال أو بركان أخذ في طريقه كل شيء, أو مرت بمحن وكروب طالت مدتها أو قصرت، ثم لملم الباقون منهم جراحهم ونهضوا وساروا كما يسير الآخرون نحو المستقبل. الإنسان يستطيع التغلب على مشاكله إذا عرف أسبابها وعالجها، فأسباب الفقر في قطاع غزة معروفة كما أوردتها فيما سبق، وطرق معالجتها أيضا معروفة، ولكن الفقر في ازدياد، وهذا يذكرني بقصتي مع تعلم السباحة: فعندما كنت شابا ذهبت للدراسة، واقترح علي بعض أصدقائي أن أتعلم السباحة، حتى أشاركهم في قطع النهر إلى الضفة الأخرى، فوافقت، وذهبنا إلى المسبح، وأعطوني درسا نظريا، مفاده خطوات بسيطة لتعلم السباحة، وأتقنت تلك الخطوات نظريا، وعندما طلبوا مني أن أنزل إلى المسبح، فنزلت لكي أطبق تلك الخطوات النظرية، غطست تحت الماء، وبدأت أحرك يديّ وساقي, أرفع رأسي فوق الماء, لآخذ الهواء وأزفره - كما تعلمت - ظننت أنني قد وصلت إلى نهاية المسبح، وفجأة طلب مني أصدقائي أن أخرج من الماء فخرجت، فقالوا لي أمرك غريب، أجدت كل الحركات التي تؤدي إلى السباحة, ولكنك لم تتقدم ولا حتى سنتيمترا واحدا. وهكذا نعيش القصة مع الفقر في قطاع غزة، فلدينا برامج وخطط ووصفات دولية لإنعاش الاقتصاد والقضاء على الفقر, ولكن لم يحدث أي شيء، وكل ما هو موجود الآن مؤسسات مشكورة للإغاثة، وإلا ستكون الكارثة مؤكدة، يوجد في قطاع غزة العديد من المؤسسات الدولية والإقليمية، والعربية، والمحلية التي تقوم على رعاية الفقراء، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، ووكالة المساعدات الأمريكية، والبنك الدولي، والمنظمات العربية من الدول العربية الشقيقة، مثل الإمارات العربية المتحدة، والكويت، وقطر، والبحرين، والجزائر، وليبيا، والمغرب، والأردن، ودول عربية أخرى، بالإضافة إلى مؤسسات محلية غير حكومية، مثل لجان الزكاة. ومؤسسات حكومية مثل وزارة الشئون الاجتماعية. وتركز كل مؤسسة من هذه المؤسسات على فئة فقيرة معينة تمنحها، إما مساعدة عينية أو نقدية. وهناك من المؤسسات التي تقدم برامج تشغيل للعاطلين عن العمل من العمال وخريجي الجامعات.

نظرة إلى المستقبل

هناك العديد من الأقوام في هذا الكون الذين أبدعوا، وتفننوا في الإبداع. ففي محيطنا الذي نعيش فيه كان الأنباط، أصحاب حضارة، في الزراعة والتجارة، والبناء، فهم أصحاب مدينة البتراء، تلك المدينة العجيبة، فائقة الجمال، ولكنهم على ما يبدو لم يحافظوا على بقائهم، فذهبوا، وأخشى أن نصبح أثرا بعد عين في قطاع غزة، إذا لم نعالج الفقر بطريقة هادئة وموضوعية، ونزيل الأسباب التي أدت إلى انتشاره بهذه الطريقة المخيفة، نساعد الناس على خلق ظروف عمل معقولة ونسمح لهم بحرية الحركة ونرمم مؤسساتنا وبنيتنا التحتية.

 

 

كامل خالد الشامي 





الفقر في غزة طال الجميع حتى الأطفال هبطوا للشوارع يبحثون عن مصدر للرزق





الفقر والحصار والقصف المتواصل للطائرات الإسرائيلية دفع بآلاف الأسر إلى العراء





قبل الاجتياح الأخير في يناير 2009 لم تكف إسرائيل عن تدمير غزة بمناسبة ومن دون مناسبة





كثر الغائبون تحت الأنقاض، وفي المستشفيات وتركوا أسرهم ضحايا أحياء لفقرٍ شرس