عزيزي القارئ

وقت للمراجعة

  • .. عزيزي القارئ

ليست المراجعة تقهقرا في كل الأحوال، بل هي محاولة للاستبصار، حتى نعرف مواقع أقدامنا، ونمد البصر إلى بعيد..

روح المراجعة الخيرة هذه، ليست فقط من طبائع الأمور، ومقتضيات الواجب تجاه الحاضر والمستقبل، بل هي جوهر محتويات هذا العدد.

ففي "حديث الشهر" يكشف رئيس التحرير عن لب التباين بين مؤتمر قمة البيئة الأخير، الذي عقد في ريودي جانيرو منذ قرابة أسبوعين، وبين مؤتمر ستوكهولم البيئي الرائد الذي عقد منذ عشرين عاما. كيف روجعت الرؤية البيئية لتنتقل من المحلية إلى العالمية، وكيف تكشف الأفق عن رعب جديد، بدلا من الرعب النووي الذي تراجع مع انحسار الحرب الباردة. رعب يتتبعه، ويرده إلى أصوله حديث الشهر: "عالم واحد".

عالم واحد، نعم، والتليفزيون إحدى سمات وحدته. هذا الجهاز الصغير الذي ينقل بالصورة والصوت أحداثا وأفكار،، يبدو العالم معها، بلا مبالغة، قرية تليفزيونية صغيرة. هذا العنصر الجامع - التليفزيون - صار في حاجة بلى مراجعة، خاصة بعد ما لحق به من تطورات في الاستقبال عبر قنوات البث الفضائي، وصارت المادة الإعلامية عابرة للقارات ومخترقة لجدران البيوت. أليس التليفزيون في حاجة إلى ترشيد؟ ألا يمثل خطرا على أطفالنا؟ أسئلة يعتني بها "البيت العربي" ويفرد لها ملفا تحت عنوان "التليفزيون ومفترق الطرق". وتتوالى في هذا العدد.. المراجعات...

يراجع الدكتور هيثم الكيلاني مفهم استخدام القوة وتقنينها في المواثيق الدولية في مقاله: منزلة القوة في النظام العالمي الجديد".

ويراجع الدكتور رشدي سعيد توقعات تبدل مناخ كوكب الأرض في مقالته "كوكبنا يبرد أم يسخن؟".

ويراجع الدكتور محمد المخزنجي، مفهوما شائعا في حقل الطب البديل، تحت عنوان: "نقاط صينية.. لا إبر صينية".

ويراجع سيف السيف بعضا من الفكر السياسي الإسلامي، في جانبه النظري، ضمن مداخلته: "فلسفة الشورى".

ويراجع الأستاذ عبد الرزاق البصير في مقال "مطارحات لغوية" آلية نشأة اللغة التي مازالت تثير العديد من الأسئلة، وهو يحاول أن يقدم رأيا يخرج عن المعنى الصارم لبعض العلماء.

ويقدم الشاعر خليفة الوقيان قصيدته الحارة عن تلك الأيام التي لا تنسى في تاريخ الكويت.. فهي ليست إشارات عابرة بقدر ما تركت من آثار غائرة في الوجدان العربي. ثم تأتي خاتمة المراجعات في عرض كتاب طارق البشري "الديمقراطية ونظام 23 يوليو"، فتقيم ذكرى أشهر الثورات العربية، ولكن بمنطق العدل الذي يفتح عينيه على الإيجابيات والسلبيات، فلا يغمض عينيه عن كامل الصورة، ولا يغمض عينا ويفتح أخرى فيرى نصف الحقيقة.

وعندما تكون الحقيقة، عزيزي القارئ، هدفا أسمى. فإن روح المراجعة تغدو ضرورة، وواجبا يسعدنا أن نقوم به.

 

المحرر